لقد قسم الباحثون الأدب التركي القديم إلى قسمين: أدب ما قبل الإسلام، وقد تشكل الأدب التركي ما قبل الإسلام كغيره من الآداب القديمة بما تداولته الشعوب من أساطير. والأسطورة هي أول وأهم مصدر للمحاكاة الأدبية تناولتها الألسن عند الأتراك القدامى. التي تروي أن قوم غوك تورك نشأوا من أنثى ذئب، التي تروي خروج أتراك غوك تورك من أرغنوكون بصهرهم جبلاً من الحديد. أمّا أول مصدر مدون ومعروف في الأدب التركي فيتمثل في مسلات «أورخون» المكتوبة بأبجدية غورك تورك في القرن الثامن الميلادي. وأبرز هذه المسلات هي المسلات المنصوبة باسم طونيوكوك وكول تغين وبيلغة قاغان. وتكمن أهمية هذه المسلات في توثيقها وجود لغة كتابة تركية حية وغنية في التعبير وقتذاك. ثم امتدت لتشمل كذلك جونجاريا وشمال قفقاسيا وثمة قبر يقع في الجهة العليا لمنطقة تالاس ينسب إلى هذا البطل، وقد تشكلت هذه الملحمة قبل عصر جنكيز وبالتالي قد ظهرت بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر ميلاديين، وقد اضطلع العالم "رادلوف Radlof أول الأمر بجمعها ونشرها ثم قام بضبط وتخريج روايتها بعد ذلك، ويشار في هذه الملحمة للقائد أرماناس الذي كان بطلا يخدم في دولة "القره خانيين" وقد قاد صراعات كثيرة باسم الإسلام مع قبائل أتراك قالمون الكافرة ، كذلك نجد ملحمة "أوغوز" في إقليم التاي يني سي، ونجد أيضاً ملحمة" ألب أرتونجه" Alp Ertunga والذي قدمها وأماط اللثام عنها لأول مرة الأستاذ زي وليدي دوغان، أما ملحمة "الأوغوز" فتتحدث عن هيمنة الترك وبسط نفوذهم على مختلف الشعوب والأقوام وعن فتوحات الحاكم الأسطوري التي شملت الصين وإيران وقفقاسيا حتى طوف ببحر الخزر وتعود هذه الملحمة للفترة ما بين 226-209 ق. م. وكانت معظمها طويلة مرتبة بأوزان بسيطة، يذكر فيها الشاعر مناقب الميت. كما تبوأت الأشعار التعليمية مكانة واسعة بين الأشعار التركية القديمة، وهي عبارة عن مقطوعات أخلاقية بمثابة دليل مرشد في الحياة، وأحياناً يحوي قسم من هذه المقطوعات بين ثناياه صفة (ضرب المثل) وخصائصه، ومما يجذب النظر في هذه المقطوعات أنها تبرز الأسس والمبادئ التي تعتمد عليها الأخلاق التركية. كما نجد في التراث الأدبي القديم للأتراك ما يسمى بالتمثيليات الدينية، فقد وجدت طائفة من نماذج الطقوس والشعائر عند الأتراك الأقدمين مثلما كان موجوداً في العصور البدائية لسائر الأمم الأخرى، فمثلاً كانت هناك طقوس وشعائر دينية تقام من أجل الاحتفال بذكرى منقبة "أرجنه قون" وهذه التمثيلية عبارة عن صراع يدور بين طائفة من الفرسان لينقذوا جدياً مذبوحاً من بين مخالب الذئاب. ولم يعرف الأتراك الإسلام إلاّ في القرن الثامن ميلادي، وقد صادف عصر هيمنة السامانيين وبسط نفوذهم. وفي سنة1921م قدم سفراء بلغاريا إلى الخليفة العباسي المقتدر طالبين إليه طائفة من علماء الدين في معية خبراء عسكريين لتشييد القلاع والحصون، ثم تشكلت الطرق الصوفية، وقد تنوعت الآداب بين المرثية والملحمة وأغاني الصيد وأشعار العشق والخمر والحكم. ومن المناقب الإسلامية عند الأتراك مناقب "صاتوق بغراخان" وتتحدث هذه المجموعة عن المناقب المنثورة في كرامات صاتوق بغراخان أول حاكم مسلم من سلالة "القره خانيين" وكيف قبل هذا الحاكم وقومه الإسلام بواسطة الشيخ "أبي نصر الساماني" وتعرضت أيضاً لأحوال بغراخان وأولاده، وتفصل هذه المنقبة القول في كثير من الأحداث التاريخية وتؤكد على الأماكن الجغرافية لهذه الأحداث. ومن أبرز المؤلفات التركية في ذاك العصر كتاب"قوتا دغو بيلك"وقد وضعه يوسف البلاساغوني في سنة 462ه/1069م وكتب هذا الأثر باسم"تافجاج بغراخان" وقد تبوأ يوسف بهذا الكتاب رتبة الحاجب الخاص في قصر كشغر، ومعنى الكتاب" العلم الذي يهب السعادة أو العلم اللائق بالسلاطين" ويحتوي هذا الكتاب على ثلاثة وسبعين فصلاً تضم ستة آلاف وخمسمائة بيتاً من الشعر أما في العصر السلجوقي فثمة زمرة من الشعراء نذكر منهم: برهاني وأمير معِزِي ورشيدي سمرقندي، وظهر كذلك عالم الرياضيات المشهور عمر الخيام صاحب الرباعيات، وأنوري الشاعر النظام والشاعر أرزاقي وعبد الواسع جبلي، ثم جاء من بعدهم كل من قطراني وتبريزي وخاقاني وشيرواني وإمام فخر الدين مسعودي وأبو حنيفة اسكافي وجميعهم من الأساتذة العظام ذوي القيمة العظمى في مضمار الشعر. أما الشعر الصوفي فبرز الشاعر الكبير أبو سعيد أبو خير والشاعر حكيم سنائي والشاعر فريد الدين العطار، وهو يتضمن مدائح تتحدث عن فضائل الدراويش والزهد، وتوجد في آخره مناقب إسلامية مشهورة مستخلصة من نتائج دينية أخلاقية أما في عصر المغول فثمة سبعة عشر مؤلفاً بالمغولية ترجع إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ومن هذه المؤلفات كتاب" يوان جاميشي" أي التاريخ السري للمغول. ولا يمكن الحديث عن الأدب التركي دون أن نشير إلى الشاعر الكبير ناظم حكمت الذي يعتبر واحدا ًمن أبرز شعراء العالم الذين ناضلوا من أجل حرية الإنسان وكرامته. في سبيل ما آمن به. في السادسة والثلاثين من عمره، ومن أجل العدالة والديمقراطية، يُنادي بتحرّر جميع الشعوب المضطهدة،