من المسلم به منذ العصور القديمة أن الفينيقيين ليسوا من أهل البلاد الأصليين ، وأنهم نزحوا مهاجرين إلى البلاد التي نزلوها . مبتدئاً بأولاد نوح الثلاثة سام وحام ويافث ، يمثل فينيقية كلها فى شخص رجل واحد ، ونحن نسلم اليوم أن الفينيقي يدخل في مجموعة الكنعانيين ، أما التوراة فتوصل الفينيقيين بالمجموعة الحامية التي ينتمى إليها المصريون أيضاً ، فلا يجب أن ننسى أن محرر السفر يوجز القول عن كل شعب في عبارة أخاذة أو في اسم واحد دون أن يدخل في حسابه العناصر المختلفة المكونة له ، ويؤكد سفر التكوين فى الإصحاح العاشر وجود علاقة بين كنعان ومصر ، وكذلك كان هيرودوت يعتقد أن الفينيقيين ليسوا من أهل البلاد الأصليين وإنما يجعلهم نازحين من البحر الإرتيرى . وأن المعابد عندهم تشبه معابد الفينيقيين ، ويصف لنا جوستان هجرة الفينيقيين ) ويقول : إن الأمة السورية مكونة من الفينيقيين الذين نزحوا من بلادهم الأصلية حين أفزعتهم الزلازل ونزلوا أولا على ضفاف البحيرة الأشورية ثم على شواطىء البحر لأبيض، وهنا بنوا مدينة سموها صيدا بسبب وفرة الصيد من السمك ، والفينيقيون يسمون السمك صيدا ، فإن العبارة جديرة بأن تناقش . ويرى البعض الآخر إنها بحيرة بامبيس أو بحيرة أنطاكية أو البحر الميت ؛ وتختلط هذه النظرية الأخيرة بالنظرية التي تجعل مهد الساميين جميعاً وأول حركتهم من بلاد العرب، فما هي أكبر حجة يمكن التمسك بها لتأييد هذه النظرية ؟ ولدينا مثل يؤيد المهد العربي ، وهو تحرك الساميين من بلاد العرب على يد الإسلام، وهو أمر لا يقبل جدلا . وقد افترض المؤرخون على أساس هذه الهجرات المعلومة أن بلاد العرب تزدحم بالسكان في كل دورة زمنية فتخرج منها هجرات سامية تفتح آسيا الغربية ، وقبل هجرة الأنباط كانت هجرة الآراميين والغارة التي انتهت بقيام مملكة حمورابي ( حول عام ۲۰۰۰ ق.