عرف النظام المصرفي الجزائري عدة إصلاحات هامة في السنوات الأخيرة، وذلك تماشياً مع التوجهات السياسية والاقتصادية للبلاد. هذه الإصلاحات جاءت استجابةً للتحديات الاقتصادية التي تواجهها الجزائر، خصوصاً في ظل تقلبات أسعار النفط والغاز، بالإضافة إلى الحاجة لتطوير القطاع المالي وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني. يمكن تحليل ومناقشة أبرز الإصلاحات المصرفية الجزائرية كما يلي:1- إصلاحات القطاع البنكي بعد الأزمة المالية العالمية: بعد الأزمة المالية العالمية 2008، ظهرت ضرورة إصلاح القطاع المصرفي في الجزائر لمواجهة التحديات التي أفرزتها الأزمة، في هذا السياق، عملت الحكومة على تحسين إدارة القطاع المالي وزيادة كفاءة البنوك.2- التوجه نحو الشمول المالي وتعزيز دور البنوك: خاصةً الشرائح ذات الدخل المحدود. في هذا الإطار، قامت الحكومة الجزائرية بتطوير البنية التحتية البنكية وتسهيل الوصول إلى الحسابات المصرفية والتعاملات البنكية عبر الإنترنت، وهو ما يعكس التوجه نحو دمج الاقتصاد غير الرسمي في النظام المالي.3- الإصلاحات المصرفية المتعلقة بالقانون البنكي: تم تعديل العديد من القوانين البنكية في الجزائر في السنوات الأخيرة لتواكب تطورات النظام المالي العالمي. من أبرز هذه الإصلاحات هو تحديث القانون البنكي الذي يعزز استقلالية البنك المركزي ويحدد دور البنوك التجارية بشكل أكثر دقة. كما تم فرض قوانين جديدة لتنظيم النشاطات المصرفية وضمان الشفافية وحماية حقوق العملاء، الأمر الذي يسهم في تحسين الثقة في النظام المصرفي.4- إصلاحات في سياسة القروض والمشاريع الصغيرة والمتوسطة:في إطار دعم التنمية الاقتصادية وتحفيز القطاع الخاص، بدأت الجزائر في تبني سياسات مصرفية تشجع على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. حيث تسعى البنوك الجزائرية إلى توجيه جزء كبير من قروضها إلى هذا القطاع الحيوي الذي يشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد غير النفطي. كما تم إنشاء مؤسسات تمويلية لدعم ريادة الأعمال، وهو ما يساهم في خلق فرص العمل وتقليل الاعتماد على القطاع النفطي.5- تطوير النظام المصرفي الإسلامي: من بين الإصلاحات التي برزت في النظام المصرفي الجزائري هو الاهتمام المتزايد بالنظام المصرفي الإسلامي. بدأت الجزائر في السنوات الأخيرة السماح بإنشاء بنوك إسلامية ومؤسسات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية. تم تأسيس عدة بنوك إسلامية مثل بنك البركة وبنك السلام، بالإضافة إلى تطوير منتجات مصرفية إسلامية مثل التمويلات والودائع المتوافقة مع أحكام الشريعة.6- توجهات السياسة النقدية: تأثرت السياسة النقدية في الجزائر بتقلبات أسعار النفط، وقد شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة زيادة في حجم الإنفاق العام نتيجة انخفاض عائدات النفط، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير أكثر حزماً في السياسة النقدية مثل زيادة الرقابة على سوق الصرف وضبط سوق القروض.7- الرقابة والشفافية في النظام المصرفي: إصلاحات الرقابة في القطاع المصرفي كانت ضرورية لتفادي الأزمة المالية المحتملة، حيث تم تعزيز دور البنك المركزي الجزائري في مراقبة البنوك وضمان الشفافية في العمليات المصرفية. علاوة على ذلك، تم تفعيل الأدوات المالية الحديثة لتقييم المخاطر المتعلقة بالقروض وضمان استدامة البنوك.8- التحديات المستقبلية للنظام المصرفي الجزائري:رغم الإصلاحات التي شهدها النظام المصرفي، إلا أن هناك تحديات ما زالت قائمة: خاصة في ظل اعتماد الاقتصاد على القطاع العام.