تُعدّ أمثال الجاهلية معلماً تاريخياً هاماً لفهم ثقافة تلك الحقبة، حيث تُمثل أبسط أشكال التعبير الشفهي عن حياة الناس اليومية. فهي تجمع بين التعبير المكثّف عن حادثة جزئية وتحويلها إلى رمز عام، مما يُبرز جوانب الحياة الاجتماعية، والوعي الاجتماعي، ونظرة الجاهليين للأشياء والحياة والمعاني والقضايا البشرية. وتُظهر الأمثال تفاصيل عن شؤون الحياة والموت والحرب والسلم، والسلوك الاجتماعي، والعلاقات بين الناس، وموازينهم الأخلاقية وحالاتهم العاطفية. أهمية هذه الأمثال تكمن في نقلها نوعية معارف الجاهليين عن الطبيعة والمجتمع والفكر، مع مراعاة قيمتها المعرفية ضمن إطارها التاريخي ومستوى تطور مجتمع شبه الجزيرة آنذاك. وتشمل هذه الأمثال نماذج ذات دلالات ثقافية رفيعة، تُعبّر عن مدلولاتها بطريقة مجازية فنية، مثل "ركب جناحي نعامة" للتعبير عن السرعة، أو "جاء بقرني حمار" للدلالة على ادعاء المستحيل.