النزعة الإنسانية هي النزعه التي يلجأ إلى كتفها المُجْتَمَعُ الْإِنْسَانِي كُلَّمَا أَزمته ازمه، وهي المطلع الذي تشرق منه شمس الرحمة الأَلَهِيَّةِ عَلَى هَذَا الْكَوْنَ إِشراقا، فتنير ضلماه وتكشِفُ عغمَاءَهُ كشف، السرعة الإنسانية فِي سَيْرِهَا وَتَسْتَظل بظلها وَ تَهْندي بهذيها ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ وَطَنِ مِنَ الْأَوْطَانِ ، أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَسْكُنُ وَطَنَا غَيْرَ وطنه، أَوْ يَدين بدين غير دينه : «أنا غيرك ، فيرد أَكُونَ عَدُوكَ ، لأَنَّ الْإِنْسَابَة وَحْدَةً لَا إِفْصَاءَ وَلَا أَنانية فِيهَا ، وَلأَنَّ هَذِهِ الْفُرُوقَ الَّتِي تُوجَدُ بَيْنَ النَّاسِ فِي ال3 وَمَذَاهِهِمْ ، إِنَّمَا هِيَ اعْتِبَارَاتُ أَوْ مُصادفات من الجوهر الإنسانِيَّةِ بَعْدَ تَكوينه وَاسْتَمَامِ خَلْقَه وَإِذَا جَازَ لِكُلِّ إقليم أن يسكر لغيره من الأقاليم ، جاز لكل بلد أَنْ يَنكَّرَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْبَلادِ ، بَلْ جَازي أن يَنظُرَ تِلْكَ النظرة الشَّوْرَاءَ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُجَاوِرُهُ ، بَلْ جَاز للأبِ أَنْ يَقُولُ لِوَلَدِهِ ، وَالْوَلَدِ أَنْ يَقُولَ لأي يكَ عَنِّي ، لَا تَمُدَّ عَيْنيكَ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِي ، وَلا تَطْمَع أن أوترَكَ عَلَى نَفْسِي بِشَيْءٍ مِمَّا أَمْتَلِكُهُ ، فيجب أن أكون عدوك المُحارب لـ لك إذا . إذا جاز كل إنسان لأخيه بين أضلاعه من لواعج البعض والمَقْتِ مَا يُطِيلُ شَهَادَهُ ، وَآنَذَاكَ يُصْبِحُ الْإِنْسَانُ أَشْبَهُ بِذلِكَ الْإِنْسَانِ الْأَوَّلِ فِي وَحْشَتِهِ وَالْفِرَادِهِ ، يُقَلِّبُ وَجْهَهُ فِي سماء ، وينبش بيديه طبقات الأرْضِ فلا يجد له في الوَحْشَةِ مُؤْتِسًا وَلَا عَلَى الْهُمُومِ مُعينًا. ولا بأس بالحمية الدينية، ولا بأس بالعصِيَّةِ لَهُمَا وَالدَّوْدِ عَنْهُمَا ، وَلَكِنْ يَحِبُ أَنْ في سَبِيلِ الإنسانية وتحت ظلالها، لأن النزعة الإنسانية هِيَ أَقْرَبُ إِلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ ،