يعتبر الفرد أدلر (1) Alfred Adler من المعالجين النفسين الأوائل الذين طبقوا العلاج الأسري في العصر الحديث. فبعد الحرب العالمية الأولى أسس أدار أكثر من ثلاثين عيادة إرشادية للأطفال في فينا بالنمسا، حيث كان يمارس فيها جلسات العلاج بأسلوب النقاش المفتوح" وذلك قبل أن ينطلق ليمارس ذلك الأسلوب مع الآباء والمدرسين، بواسطة حزب القائد السياسي النازي أدولف هتلر قبل عام 1934م (1993 . وبعد الاستقرار الذي ساد العالم بعد الحرب العالمية الأولى ، قام رودولف دريكورس بنقل التجربة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث كان "رودولف يستفيد ويطور الأعمال المبكرة التي قدمها أدلر في الإرشاد الأسري، في العلاج الأسري الأداري من المتوقع أن يكون هناك جمود أو فتور متكرر من قبل أعضاء الأسرة، كما يتوقع أن يحدث تفاعلات سلبية نتيجة خطأ في فهم الأهداف الموضوعة سلفاً لتحفيز أعضاء الأسرة على المشاركة والتفاعل الإيجابي الموجه. إضافة إلى ذلك ربما تحدث التفاعلات السلبية نتيجة الخلط بين الجائز وغير الجائز والخلط بين الصراحة والوقاحة في القول والتعبير. وفي الغالب أيضاً تعكس مشكلة كل أسرة - وإن انفردت في طبيعتها - طبيعة وأشكال المشكلات الموجودة في المجتمع. وتشير تجارب ممارسة العلاج الأسري الأداري إلى استخداماته الشائعة في عيادات وجلسات خاصة، بالإضافة إلى استخدام النموذج التربوي والتوعوي لتوجيه وإرشاد الأسر بواسطة "النقاش المفتوح) Sherman and Dinkmeyer, المفاهيم الأساسية التي قدمها العلاج الأسري الادلري: ينظر العلاج الأسري الأداري إلى الكائن البشري على أنه: - 3 - ذاتي وليس موضوعي في تفسيره المعاني الحياة. ويذهب العلاج الادلري إلى أن هذه الصفات لم تتكون بمحض الصدفة، وإنما هي متطلبات ولو بشكل جزئي أو نسبي ومنذ اللحظة الأولى من الولادة فبدون التنشئة الاجتماعية والجسمية والعاطفية لن يستطيع الطفل البقاء على قيد الحياة وفي المقابل وفي رحاب الأسرة ينمو الأطفال وبشكل سريع فيصبحوا أعضاء في أسرهم ويشعروا بالانتماء للأسرة مدركين نظام الأسرة فيتصرفون في شكل متسق مع صفة الذاتية التي تشربوها من تجاربهم الخاصة في الحياة والتي تقودهم في كثير من الأحيان إلى التفسير الخاطئ لمعاني الحياة (Sherman and Dinkmeyer 1987) وهم بالتالي أوفر خبرة من غيرهما، سواء التأثير في كيان الأسرة وتفاعلها، أو حتى أبعد من ذلك كالتأثير في سلوك الكبار، بما في ذلك الوالدين، والذي ربما يعود إلى ضعف استعداد الوالدين لمهام وأدوار ووظائف الأبوية. أ) الجو الأسري: ذلك أن الأسرة تمثل نظاماً متكاملاً يلعب كل عضو فيه دوراً فاعلاً من خلال التأثير في عضو أو أكثر من أعضاء الأسرة، وهو ما يجسد الكيفية التي يتعامل بها كل عضو مع الآخر، ثم يتمخض عن ذلك الجو الأسري مستوى التفاعل وأسلوبه، وبالتالي يكون لكل أسرة جوها الخاص الذي رسمته التفاعلات بين أعضائها، وخصوصاً التفاعل بين الوالدين الذين يكونان بمثابة المشرعين لطريقة وأسلوب التفاعل بين الأعضاء. 1987( سواء كانت نماذج إيجابية كالاستمتاع والحب والتسامح، أو نماذج سلبية كالعداء والتحدي والتخويف. ويقدم العلاج الأسري الأداري مفهوم "القيمة الأسرية التي تلعب دورا مهما في تربية الأطفال وتنشئتهم على الحياة الأسرية بشكل لا يمكن إغفاله أو الاستهانة به، بحيث يتقيد به كل طفل على أنه نظام أسري مفروض، وقيم الأسرة عادة تتمحور حول موضوعات رئيسة في حياة الأسرة كالتربية والتعليم والدين والمال والانجاز والصواب والخطأ) Christensen, 1993( بالإضافة إلى أشياء أخرى ذات علاقة بالحياة العامة خارج النظام الأسري. كما قدم أدلر" خمس رتب أسرية مبنية على العمر أو الكبر ووضعها في شكل متدرج هي: (1) الأكبر سناً (2) التالي للأكبر سناً (3) المتوسط (4) الأصغر من المتوسط (5) الأصغر سناً. وعلى ذلك يعتبر التاريخ الميلادي لكل عضو من أعضاء الأسرة شيئاً فريداً، كما أن من مهام المعالج وصف كيفية تواصل الأبناء، وكيفية تحديد الابن - كعضو - لذاته فيما يتعلق بالأبناء الآخرين كاعضاء. وهذه المهام تنطوي عليها معرفة من هو الأكثر اختلافاً عن الآخر؟ ومن هم الأبناء الأكثر انحيازاً لبعضهم؟ وضد من؟ وأي الأبوين أكثر انحيازاً للأبناء؟ وأي الأبناء أقل حضوه من قبل الأبوين؟ وكيف كل ابن يظهر قيم الأسرة، سواء في المحاورة والنقاش في نطاق الجو الأسري، وللكشف عن التآلف الأسري يبدأ المعالج بطرح سؤال نحو الوالدين يتطلب شرح كل طفل وكل عضو من أعضاء الأسرة على حده. وكذلك الطرق الخاصة التي يتكيف معها الطفل، أو في رفض ومقاومة ذلك. يقوم المعالج بتكليف أعضاء الأسرة بتقديم ثلاث صفات خلقية - لا خلقية - لكل عضو ورد اسمه في الخارطة. وتعد هذه المهمة ضرورية خصوصاً للعضو الذي يعاني من متاعب أو صعوبات، (Sherman and Dinkmeyer, 1987) ج) الأهداف الخاطئة من المنظور الدينامي: وبين الأهداف المباشرة ذات العلاقة بالسلوكيات اليومية . حيث تعمل هذه الغايات كمحفزات للسلوك اليومي عند الأطفال ، والاتجاه الجديد في العلاج الأسري الأداري يكشف عن ثلاثة جوانب أساسية حول السلوكيات الخاطئة لدى الأطفال هي : (أ) وصف السلوكيات الأطفال الخاطئة . (ب) ردود أفعال الوالدين تجاه السلوكيات الخاطئة ، ثم الإقرار المبرهن أو العاكس لتلك الأهداف - سواء انعكس ذلك في شكل ابتسامة أو تعابير الوجه أو العينين أو غيرها من قبل الأطفال أنفسهم سيشير إلى أي من الغايات الأربع يمكن تصنيف الغاية التي من أجلها نهج الطفل سلوكه (1998 , وردود أفعال الوالدين تجاه السلوكيات الخاطئة، ردود أفعال الأطفال إزاء محاولات الوالدين ضبط السلوكيات يفترض أن تؤخذ من قبل المعالج على أنها سيناريو متداخل هدفه معرفة وإدراك سلوكيات الأطفال من جانب، وتعد معرفة كيفية عمل هذا السيناريو وكشفه من ركائز العلاج الأسري الأداري. ومن ثم استبداله بنمط سلوكي آخر أكثر فاعلية من منظور التفاعل الأسريين وأكثر إيجابية وقابلية من المنظور الوظيفي للتألف الأسري بين الأعضاء (1998). في العلاج الأسري الأداري يسعى المعالج إلى إشراك الوالدين لاكتساب خبرة التعلم وتحقيق التعاون في عملية التقدير، التي تعبر هي الأخرى عن خبرة تتضمن الكشف عن الطرق المتعددة والمتنوعة لوظيفة الوالدين كقائدين للأسرة، كما يقوم المعالج بتحقيق الاستخدام الأمثل للمعلومات التي جمعت خلال التقدير للكشف عن الآتي: وذلك بشرح الموقع والوظيفة المتوقعة من كل فرد من أفراد الأسرة والتي تتكرر وبشكل يومي في حياة الأسرة. وعلى هذا يلعب المعالج دور المحفز لأعضاء الأسرة لفهم النظام الأسري، وخصوصاً النماذج المنتمية للمدرسة السلوكية، (Sherman and Dinkmeyer, 1987) حيث يركز المعالج في هذا الجانب على البحث والتعليم المنظمين، حيث يقوم البحث المنظم على: أ) التآلف الأسري. (ج) تعاملات الأسرة خلال الحياة اليومية المعتادة، ويمكن للمعالج أن يستخدم ما ينتج عن ذلك البحث المنظم لاستخلاص توصيات، وفي هذا النوع من جلسات العلاج العلني يكون هناك عميلان: الأول هو الأسرة التي هي محور أو مركز الاهتمام. وعلى هذا يستطيع المعالج أن يوعي ويثقف ويعلم أكثر من أسرة خلال جلسة واحدة، إلا أن خبرات ممارسة الجلسات العلنية تؤكد على أن النصيب الأكبر من الوعي والتثقيف والتعليم يكون من نصيب العميل الأول الأسرة مركز الاهتمام. (Bitter et al. 1998) التقنيات العلاجية ويبدو ذلك واضحاً حينما تمارس التقنية كجزء من العلاج الموجز brief therapy . ففي هذه التقنية تتم - بداية - مقابلة الوالدين بدون الأطفال، ويعتبر تبادل خبرات العلاقة بين الوالدين والأطفال من ركائز الاستفادة من التقنية التي يساهم في تداولها وعرضها الحضور والأسرة التي هي مركز الاهتمام، حيث يكون هناك تأثير وتأثر علاجي إيجابي في الجميع من خلال تبادل الخبرات (1998) . Bitter et al) . يقوم المعالج في هذه التقنية بتحديد وانتقاء أمثلة توضح القلق الذي يبديه الوالدين، ومن خلال إنصات المعالج لشرح الوالدين للمشكلة يقوم المعالج بعد ذلك بسؤال الوالدان ما يلي: ما الذي عملته إزاء المشكلة؟ وهذا السؤال يهدف إلى إظهار وكشف صورة التفاعل السلبي التي يكون عليها الوالدان خلال حياتهما اليومية المعتادة. كما يقوم المعالج بسؤال الوالدين عن ردود فعلهما إزاء أحداث محددة ينتقيها المعالج من طرح وعرض الوالدين للمشكلة. )Bitter et al. 1998( الكبار على المعالج أن يقوم بتقدير وضع الأسرة وأشكال التفاعل لديها، وطرق تحقيق الأطفال لغاياتهم وأهدافهم بواسطة اتجاهاتهما الشخصية نحو بعضهما، ويعد تقييم اليوم الأسري المعتاد من قبل المعالج موضوعاً مهماً، ج) مقابلة الطفل: تمنح مقابلة الوالدين في العلاج الأسري الأدلري رؤية حول الأهداف المحتملة السلوكيات الأطفال الخاطئة، عوضاً عن إجراء نقاش عام؛ حيث تشير تجارب تطبيق العلاج الأسري الادلري إلى أن مناقشة وتوضيح حدث معين، فتغيب الطفل عن المدرسة بدون عذر مقبول مثلاً من المرجح أن يكون هدفه واحد من أربع غايات تقدم إلى الطفل في الصورة التالية: