وبذلك تقوم بينه وبينهم علاقات تتعارض في شأنها مصلحته ومصالحهم، ومن تم كان لزاما أن تنظم تلك العلاقات حتى لا تعم الفوضى إذا ما ترك لكل إنسان مطلق الحرية في تحقيق رغباته وفقا لمشيئته وتنظيم تلك العلاقات يكون بوضع قواعد يقصد بها الحد من حريات الأفراد ورغباتهم المطلقة، كما يقصد بها التوفيق بين مصالحهم حتى يزول التعارض والتضارب بينها. لذلك يعتبر وجود القانون نتيجة حتمية وضرورية لحياة الإنسان في الجماعة وليقام هذا المجتمع على أساس النظام والاستقرار يستلزم وضع قواعد عامة يأتمر بها الأفراد، وأمام عدم قدرة الإنسان على تمويل أنشطته والقيام بمشاريعه، فقد عمل على تلبية حاجياته من خلال اعتماد نظام المقاولة كإطار لإيجاد مصادر تمويل حاجياته، هذه المقاولة التي تعد رهان القرن الواحد والعشرين، كما أن مستقبل القوانين المنظمة المجال الأعمال تسير نحو مسعى تكريس وتعميم هذه المقاولة داخل النسيج الاقتصادي للبلاد، والتي قد تكون مقاولة فردية أو جماعية تتخذ شكل شركة، كالية يستطيع من خلالها الأفراد بلوغ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لكل مجتمع وبذلك تعتبر المقاولة النموذج الأمثل للقيام بالمشاريع وتحقيق الربح، خاصة وأن غالبية الدول يقوم اقتصادها على نشاط المقاولات التي تمارس التجارة. وإذا كانت المقاولة ركيزة أساسية لقيام الاقتصاد الوطني، فإن المشرع عمل على حمايتها من خلال التنصيص على مجموعة من القواعد التي تؤطر وتنظم عملها بصفة عامة، وتخليق الحياة الاقتصادية وجعلها وسيلة لتهذيب العلاقات وتصحيح الاختلالات المضرة بدوام النظام الاقتصادي والتجاري بحيث تنص العديد من التشريعات على عقوبات مالية وزجرية واقتصادية وتجارية للحد من الخروقات والتلاعبات في أموال الشركات والشركاء، وترسيخ الثقة بين المتعاملين في المجال التجاري، وجميع الفاعلين الاقتصاديين داخل النسيج الاقتصادي الوطني، والقانون الجنائي للشركات في المغرب نشأ في ظل الحماية، والظهير الصادر في فاتح دجنبر 1926 المتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة هاذان القانونان اللذان أسسا للقانون الجنائي للشركات في المغرب وذلك أخذا من القانون الفرنسي ل24 يوليوز 1867 الذي كان معمولا به في المغرب مع التعديلات التي طالته بمقتضى ظهائر متلاحقة. وقام ظهير 26 يناير 1962 بالمصادقة على مجموعة القانون المغربي المعمول به حاليا مع التعديلات التي طالته في الأونة الأخيرة. إلا أن هذا التنظيم في القانون الجنائي وقوانين الشركات لم يكن يساير تطور مناخ الأعمال في المغرب، مما دفع المشرع المغربي مع مطلع التسعينات من القرن الماضي إلى سن قوانين جديدة للشركات تستجيب لمتطلبات السوق التجارية، وتساير االنتعاش الذي تفرضه المقاوالت بالمغرب. ونتيجة انفتاح االقتصاد المغربي على محيطه الدولي ستعرف منظومة األعمال تغيرات همت إصدار مجموعة من النصوص القانونية شملت في جانب منها نصوصا تدخل في إطار القانون الجنائي لألعمال؛ 95 لفاتح غشت 1996 التي عملت على نسخ المقتضيات المتعلقة بالتفالس في القانون الجنائي وعوضتها بالمواد من 721 إلى . ثم تاله القانون 5. الذي يحيل في كثير من مقتضياته على القانون 17. وقد تميز هذا القانون بكونه قانونا جنائيا متكامال موجها وحمائيا، وأخرى تتعلق برأسمال الشركة ثم حلها، 96 المخالفات الخاصة بالشركات ذات المسؤولية المحدودة، وتعزى هذه الكثافة بالخصوص إلى التدخل التشريعي المتزايد للمشرع المغربي وخاصة في شركات المساهمة بنصوص جنائية ومؤيدات جزائية يتوخى منها تخليق حياة المال واألعمال. لم تعد شأنا خاصا كما كان الأمر في السابق، بل أصبحت شأنا عاما، وخاصة أنه أصبح يراهن على شركات المساهمة في ظل سياسة اقتصادية قائمة على إنجاز المشاريع التنموية الكبرى للدولة، من أجل تجميع الرساميل الوطنية والأجنبية وتعبئة االدخار العام. وال يمكن تحقيق هذا سوى بالثقة والأمن 96 بمقتضى قانون 520. وقانون 23. 212 المتعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها أو سنداتها، وقانون 24. 12 لسنة 2015 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 17. أن المسؤولية الجنائية التي يتحملها المسيرون وأعضاء مجلس الإدارة والتدبير تعتبر ثقيلة وأن الخطر الجنائي الذي يحدق بهم حاضر في كل وقت وحين وأنه يشل حرية المبادرة التي يجب أن يتحلى بها رجال الأعمال. 95 المتعلق بشركات المساهمة والذي تميز بالتخفيف من الطابع الزجري من خلال حذف تجريم بعض الأعمال، حيث تم إلغاء العقوبات الحبسية وعوض بعضها الآخر بغرامات أو التقليص من مبالغها. وبغض النظر عن الظروف والملابسات التي رافقت صدور هذه القوانين، والطريقة التي تم بها تبنيها، يمكن القول أنها تشكل تحولا جذريا وطفرة نوعية بالمقارنة مع القوانين السابقة التي أصبحت عاجزة عن مسايرتها وتنظيمها، منها ما هو متعلق بتوجهات المغرب الاقتصادية الرامية إلى جلب وتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية،