تركيا بالأمس كانت الدولة على حافة الإفلاس حيث أعلن 22 بنكا إفلاسهم، حالة تركيا اليوم أصبح الاقتصاد التركي يحتل الرتبة 16 عالميا و6 على الصعيد الأوروبي. تطور الاقتصاد التركي وأصبح يتمتع بقدرة تنافسية كبيرة جعلته يتوسع عالميا. ماذا حدث بين تركيا الأمس وتركيا اليوم بين المرحلتين، نجد نموذجا تنمويا أبدعه العقل التركي لم ينهج أسلوب القطيعة مع ماضيه، جعل الإنسان محور نموذجه التنموي وعرف كيف يستفيد من العولمة يقول عنه داوود أوغلو وزير الخارجية السابق: «تقع تركيا في موقع مركزي من مناطق العبور ولساحات صراع النفوذ للقوى البرية والبحرية وتتقاطع في تركيا النقاط التي تربط الكتلة البرية الأورو - آسيوية المركزية مع البحار الساخنة وإفريقيا». وأراضيها تتوزع بين القارتين بنسبة 97% في الأولى والباقي في الثانية، يطل غرب تركيا على بحر إيجي وجنوبها على البحر المتوسط وشمالها على البحر الأسود. حيث تحتل تركيا الرتبة 17 من حيث تعداد السكان. سكان تركيا يتمتعون بتنوع عرقي يشكل فيه الأتراك النسبة الغالبة ب 66% يليهم الأكراد %30% ثم أقليات من الزازا والعرب والشركس والجورجيون، نماذج تنموية انطلقت في ستينيات القرن الماضي. محاولات التنمية في تركيا تمتد جذورها إلى ستينيات القرن الماضي. إضافة لتحديث الخدمات المصرفية وتحسين خدمات الاتصالات والمواصلات -3- إصدار تشريع قانوني في 1994 لحماية المنافسة. - المشاركة في المناطق الحرة والمعارض الدولية لدمج الصناعة التركية في الأسواق العالمية ---- منذ 1985 شرعت تركيا في سياسة الخوصصة وانسحاب الدولة من العديد من القطاعات العمومية كالغابات والعلف والاسمنت وقطاع السياحة والنقل البحري وتربية الحيوانات والبترول لكن هذه الإجراءات لم تكن ناجحة ولم تحقق الأهداف المتوخاة منها بحكم العديد من الأسباب نذكر منها على الخصوص: - غياب الاستقرار السياسي حيث كانت تركيا في يد المؤسسة العسكرية وعرفت العديد من الانقلابات - غياب الديمقراطية - انتشار الفساد الذي جعل من تلك المخططات تفتقر للحكامة الجيدة والآليات الناجعة لتطبيقها بشكل سليم في أرض الواقع. وارتفعت معدلات البطالة لتصل لمستوى خطير فاق %60 كما ارتفع سعر الفائدة وانخفض سعر العملة المحلية التي فقدت %40% من قيمتها قياسا بالدولار الأمريكي جعلت 50% من الشعب التركي تحت خط الفقر. كما ارتفعت المديونية الداخلية والخارجية مما أدى إلى انتشار الفساد ونهب المال العام وتهريب الأموال إلى الخارج. النموذج التنموي الجديد تركيا في مصاف الدول المتقدمة ارتبط النموذج التنموي الجديد في تركيا بحزب العدالة والتنمية وزعيمه طيب رجب أردوغان الذي تسلم السلطة بعد انتخابات ديمقراطية في ظل واقع اقتصادي متأزم اسواق والدولة على حافة الإفلاس ديد من البحري العديد ركيا في انتشار ناجعة عدل آخر . 60 ية L شكل صعود حزب العدالة والتنمية بقوة في الانتخابات عاملا مهما في ضمان الاستقرار السياسي الذي يشكل دعامة أساسية في نجاح أي نموذج تنموي نهج الحزب نموذجا تنمويا قائما على ثلاثة مبادئ - الديمقراطية: وهي صمام أمان الاستقرار السياسي الذي يعتبر عاملا أساسيا في نجاح أي نموذج تنموي. فاعتبر هذه الأخيرة دعوة إلى العلم وتحرير العقل الإنساني وفكره لكيلا يلغي حرية الآخر في الاختيار هي كذلك دعوة لاكتشاف الحياة وتسخيرها لخدمة الانسان. - المبادئ الإسلامية باعتماد نظرية قائمة بالأساس على المواءمة بين المبادئ الإسلامية ومقومات الدولة الحديثة عمل الحزب التركي على توفير مناخ مناسب للاستثمار من خلال دعم إنشاء المناطق الاقتصادية في مجال الزراعة والصناعة ووفرة المواد الخام واليد العاملة وإمكانيات النقل. تم على القروض بأسعار تفضيلية. ووفرت الحكومة كذلك العديد من الإنجازات في مجال - سجل الاقتصاد التركي في الفصل الأول سنة 2001 نموا قدرب %11. - خلال 78 عاما لم تتمكن تركيا من إنشاء سوى 5. 000 شركة أجنبية في غضون 11 سنة فقط. - بغية تشجيع الاستثمار من أجل التصدير وزيادة الإنتاج وتسريع دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة أقامت تركيا 20 منطقة حرة. 9 وفي قرار لافت قررت تركيا في 2012 بعد نجاح نموذجها التنموي، وكان ذلك خلال أعمال قمة مجموعة 20 قرار من شأنه جعل تركيا دولة كبرى تساهم في ترسيم معالم الاقتصاد العالمي وفي المؤسسات المالية الدولية عوامل نجاح النموذج التنموي الجديد لتركيا -1- المواءمة بين المرجعية الإسلامية والدولة الحديثة مرت التجربة التنموية التركية من مرحلتين: مرحلة التنمية القائمة على التصنيع التي انطلقت في ستينيات القرن الماضي وباءت بالفشل حيث أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس في مطلع . بل أكثر من ذلك اعتمد نظاما علمانيا متطرفا صنع بين الشعب التركي وتاريخه ، وهويته، مما جعل المواطن التركي بعيدا عن الدولة والحكومات المتعاقبة والأحزاب السياسية طوال القرن الماضي، «فلم يتحرك مع مشروع الدولة جمهور الشعب، القطيعة وعلى نقيض المنهجية التي سار عليها هذا النموذج التنموي الفاشل، قام النموذج التنموي الجديد لتركيا بتعبئة جميع الطاقات المجتمعية لتحقيق النهضة التركية الحديثة بعد تسلم حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002 عبر انتخابات ديمقراطية، باعتماد منهجية جديدة مغايرة أعادت التوازن للعقل التركي وجعلته متوافقا . مع نفسه، كما راهن الحزب الحاكم بقيادة رجب طيب أردوغان على تحقيق المصالحة بين الدولة والدين ونهج سياسة تهتم بالتعليمين الديني والدنيوي دون تكريس غلبة أحدهما على الآخر. ومن بين نقاط القوة في النموذج التنموي الجديد هو عدم القطيعة مع النموذج الأول وإن باء بالفشل. فقد استفادة تركيا من أسباب فشل نموذجها التنموي الأول الذي قام على أساس القطيعة مع الماضي، خاصة الحقبة العثمانية، لهذا السبب لم يشأ الساسة الجدد لتركيا في نهج نموذج تنموي جديد يسير في مسار القطيعة مع النموذج التنموي الأول، وإنما ارتأوا مسار الاستمرار والتقويم للنموذج التنموي الأول بتطوير مفاهيم جديدة وتصورات مبتكرة من شأنها المصالحة مع التاريخ والذات والاستفادة من مبادئ الدولة الحديثة المنخرطة في العولمة والاقتصاد الدولي. الحزب الحاكم لم يعارض العلمانية ولم يدعو لإقامة دولة إسلامية رغم مرجعيته الدينية وإنما تشبث بالدولة الحديثة ولم يجعل من العلمانية الأوروبية مرجعا قطعيا كما في السابق، وتتجلى المفاهيم الجديدة للحزب الحاكم التي تُوَقِّقُ بين الهوية والتاريخ، وبين الحاضر والعولمة والحداثة ما تطرق له محمد زاهد جول حيث يقول بهذا الصدد: «فقد جعل بعد تسلم حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002 عبر انتخابات ديمقراطية، باعتماد منهجية جديدة مغايرة أعادت التوازن للعقل التركي وجعلته متوافقا . مع نفسه، كما راهن الحزب الحاكم بقيادة رجب طيب أردوغان على تحقيق المصالحة بين الدولة والدين ونهج سياسة تهتم بالتعليمين الديني والدنيوي دون تكريس غلبة أحدهما على الآخر. ومن بين نقاط القوة في النموذج التنموي الجديد هو عدم القطيعة مع النموذج الأول وإن باء بالفشل. فقد استفادة تركيا من أسباب فشل نموذجها التنموي الأول الذي قام على أساس القطيعة مع الماضي، خاصة الحقبة العثمانية، لهذا السبب لم يشأ الساسة الجدد لتركيا في نهج نموذج تنموي جديد يسير في مسار القطيعة مع النموذج التنموي الأول، وإنما ارتأوا مسار الاستمرار والتقويم للنموذج التنموي الأول بتطوير مفاهيم جديدة وتصورات مبتكرة من شأنها المصالحة مع التاريخ والذات والاستفادة من مبادئ الدولة الحديثة المنخرطة في العولمة والاقتصاد الدولي. وتتجلى المفاهيم الجديدة للحزب الحاكم التي تُوَقِّقُ بين الهوية والتاريخ، وبين الحاضر والعولمة والحداثة ما تطرق له محمد زاهد جول حيث يقول بهذا الصدد: «فقد جعل ساهم في تدعيم الاستقرار السياسي الذي مكن الحزب من تطبيق نموذجه التنموي في ظروف طبيعية بقيادة زعيمه طيب أردوغان وقد عمل الحزب الحاكم على تعزيز المسار الديمقراطي بتحصينه بترسانة من القوانين المرتبطة بالأقليات والحريات الشخصية والدينية والنظام الانتخابي. هكذا أصبح التعليم بلغات ولهجات غير تركية خاصة الكردية مسموح به في تركيا بعد أن كان جرما يعاقب عليه القانون. ثم كذلك إلغاء حظر الحجاب في الجامعات ومؤسسات القطاع العام. - اكتساب الثقة بالنفس مع قدوم حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، - الإصلاحات الاقتصادية : أبرز ما قام به الحزب في هذا المجال هو اتباع أنظمة مالية ناجحة مكنت البلاد من تسديد ديونها العامة سواء الداخلية أو الخارجية لتصبح مساهما في المؤسسات الدولية المانحة للقروض كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.