الانفعالات وعلاقتها بالدوافع التغييرات الفسيولوجية المصاحبة للانفعال • الانفعالات وعلاقتها بالأمراض النفسية • الانفعالات وعلاقتها بالأمراض الجسمية الانفعالات والعواطف أولا : الانفعالات Emotion پری " فؤاد أبو حطب و آمال صادق ، ۱۹۹۰ ) أن الانفعال هو حالة نفسية ذات صبغة وجدانية قوية مصحوبة بتغيرات فسيولوجية سريعة وبحركات تعبيرية كثيرا ما تكون واضحة أو عنيفة احمد عبد الخالق (۱۹۹۱ ) أن الانفعال حالة تنبيه داخل الكائن ويري العضوي لها مكونات فسيولوجية ومعرفية وموقفية ، ويري والمعرفة . ويمكن التعرف على خصائص الانفعال من ملاحظة الاستجابات الانفعالية سواء كانت استجاباتنا أو استجابات غيرنا، وأهم هذه الخصائص حالة الإثارة والتغير وعدم الاستقرار . وهناك عوامل داخلية وأخري خارجية من شأنها استثارة الانفعال والمثال على الأولى تذكر الشخص أنه ترك موقد الغاز مشتعلا وأغلق باب منزله وخرج ومن أمثلة الثانية تعرض شخص لاعتداء آخر عليه فهذه العوامل مع اختلافها ما إلا منبهات تثير الانفعال لدى الكائن الحي هي والانفعال له أثرة في إبراز الدوافع فاحيانا يقويه و أحيانا أخري يضعفه ، فالغضب الذي يصحب دافع العدوان يعمل على تقوية هذا الدافع وينشطه ، وقد يكون الانفعال الناتج عن موقف معين سببا في ضعف الدوافع كالجائع الذي يري ذبابة في الطعام فيشمئز فتقل حدة دافع الجوع وتقل شهيته للطعام ويري (فؤاد أبو حطب و آمال صادق ١- أنه حالة تغير مفاجئ " تشمل الفرد كله دون أن يختص بها جزء معين من جسمه. لا يكفي ما يطرأ على الجسم من تغيرات عضوية داخلية لإحداثها ، فقد يوجد تغير داخلي في الجسم نتيجة الحقن بمادة ( الأدرينالين ) أو غيرها من العقاقير ، ٣- أن لكل انفعال مظهرا خارجيا تعبيريا بواسطة التأمل الباطني ه في بعض الحالات يكون للانفعال مظهر داخلي عضوي تصنيف الانفعالات : الضيق ، الكدر الخ السواد، عدم السعادة وانخفاض الروح المعنوية اليأس ، کمترادفات ولم يتفق السيكولوجيون على عدد الانفعالات ، وإنما وصفوا الانفعالات تبعا لثلاثة أبعاد هي : فانفعال الغضب الشديد مثلا - تبعا لهذا التصنيف يمكن أن يكون له شدة مرتفعة ، سلبي ، ويمكن تصنيف أكثر الانفعالات بوجه عام إلى نوعين : ۱) انفعالات سارة كالفرح والحب. ۲) انفعالات غير سارة كالغضب والخوف. مكونات الانفعال : ١- السلوك الظاهر : مثل تعبيرات الوجه وتغيير الصوت من حيث الشدة والطبقة والنشاط كالجري والهجوم والإيماءات والإشارات وارتفاع ضغط الدم ، وزيادة توتر العضلات ، واتساع حدقة العين والقشعريرة. المشاعر والإدركات الداخلية : حكم الشحص على مشاعره من حيث النوع والشدة. علاقة الانفعالات بالدوافع : تتصل الانفعالات بالدوافع اتصالا وثيقا ، ففي معظم الدوافع : تستطيع أن تحدد انفعالا مصاحبا لها مثل دافع العدوان يصحبه انفعال الغضب ، ودافع الأمومة يلازمه انفعال الحنان ٦٨ وما يزال تعريف الانفعال والعلاقة بينة وبين الدوافع لم تحسم بعد إلا أن " فؤاد أبو حطب وآمال صادق ، (۱۹۹۰) ذكرا أن الانفعال تعد استجابة وجدانية أو غير معرفية بينما الدافع يعد من فئة المثيرات التي تؤثر في هذه الاستجابات ومعنى ذلك أن الدافع قد يؤدي إلى حدوث استجابات معرفية أو وجدانية وفي حالة الاستجابات الوجدانية تسمى " انفعالات ". والمعروف والشائع أن الانفعالات تثيرها منبهات خارجية ويتجه التعبير الانفعالي نحو المنبهات التي تثيره ، بينما تثار الدوافع دائما بمنبهات داخلية وتوجه بطريقة طبيعية نحو موضوعات و أشياء معينة كالطعام والشراب، ولكن في بعض الحالات الشديدة المستوى نتيجة نقص الخاجة تثار انفعالات الفرد مثل حالة الجوع الشديد أو العطش والاستجابات الانفعالية تنتج عن ظروف أهمها : أ. عندما يكون الدافع قويا ، تصحب الاستجابة دائما حالة انفعالية ، والدافع الضعيف قد لا يثير الانفعال ، فدافع الجوع الشديد قد يثير انفعال الغضب والقلق ، والثورة عند تأخر الطعام إما إذا كان الجوع محتملا أو هناك ظروف تخفف من حدته كاللوم مثلا أو وجود الشخص في حالة امتحان أو منشغلا في عمل هام الحالة تقل حدة الدوافع ثم لا يصحبه الانفعال . ففي هذه 79 ب العقبات التي تقف في طريق إشباع الدوافع تثير الانفعالات فإذا ما اعترضت عقبات طريق الرغبة في التملك لشيء ما يثار الانفعال الذي يعمل على مضاعفة الفرد لجهوده للحصول على هذا الشيء إما إذا كان الحصول عليه سهلا وميسورا ، مثل سرعة دقات القلب ، التنفس السريع، العرق ، اضطراب المعدة V. وتنتج أكثر التغيرات الفسيولوجية التي تحدث أثناء الإثارة الانفعالية من طارئ، ويعد هذا القسم مسئولا عن التغيرات الأولية : الجلد. ووظيفة الجهاز العصبي السيمبثاوي في هذه الحالة هو تجهيز الكائن العضوي الإصدار الطاقة وعندما يخمد الانفعال ينشط الجهاز العصبي الباراسيمبثاوي الذي يحافظ على الطاقة ويعيد الكائن العضوي إلي حالته الطبيعية وتحدث هذه الإثارة الفسيولوجية في الفترة التي يستعد فيها الكائن العضوي الإصدار السلوك وهما حالتان : الحرب أو الهرب ، ولكن خلال انفعالات أخري مثل الحزن أو الأسي فإن بعض العمليات الجمعية يمكن أن تهبط أو تبطئ . أننا نكون في أغلب الأوقات واعين لانفعالات ونستطيع تحديدها سواء إذا كانت خوفا أو غضبا أو مجرد استثارة إلا أن المظاهر الفسيولوجية تكاد تكون ۷۱ متشابهة في هذه الانفعالات ، وزيادة معدل التنفس قد تصحب كل من هذه الانفعالات وقد فشلت البحوث حتى الآن في الكشف عن التغيرات الفسيولوجية التى تميز مختلف الانفعالات . وكشف الأسنان كتعبير عن الغضب ، وعند العرب يشير اتساع العين واستدارتها إلى الدهشة وإخراج اللسان إلى الازدراء بينما عند الصينيين يشير إلى الدهشة ويشير اتساع العين إلي الغضب " فإن بعضها الآخر يمكن أن يكون متعلما من ثقافات معينة ". ۷۲ نظريات الانفعال : هناك عدد من النظريات وضعها أصحابها لتفسير الاستجابات الانفعالية وإلقاء الضوء على كيفية شعور الإنسان بالانفعالات كالفزع أو الخوف ، الحزن أو الحب ومن هذه النظريات ما يلي: 1 - نظرية جيمس – لانج: ويري أصحاب هذه النظرية إن إدراك الفرد لمصدر الانفعال يؤدي إلى اضطرابات معني ذلك إن الإحساس الحشوي الجسمي يسبق الإحساس الانفعالي أو بمعني آخر فالانفعالات استجابة لإحداث ، فنحن نستجيب أولا ثم تنفعل ولي العكس ، فرويتنا لحيوان مفترس تجعلنا نرتعش ثم نشعر بالخوف. إلا أن بعض السيكولوجيين رأي إن نظرية "جيمس لانج" نظرية خاطئة أو على الأقل قاصرة ، وكان الدليل القاطع من تجارب تشريحية على الحيوانات ومن بعض الحالات المرضية في الإنسان من أولئك الذين لا يدركون الإحساسات الجلدية والإحساسات العميقة نتيجة تلف أو مرض في مسارات الإحساس ، فإنهم رغم ذلك يشعرون بشدة الانفعال مما يشير إلى أن السبب الرئيسي في الشعور بالانفعال ليست الاضطرابات الفسيولوجية الحشوية . ۷۳ منبه خارجي تنبية وفعل يمر الفرد بخبرة انفعاليه معينة شائعة مؤداها أنه عن طريق القيام بفعل ما بطريقة معينة فإننا سوف ننفعل بهذه الطريقة فقد نتغلب على انفعال الخوف بالاقتراب من الموضوعات المخيفة أكثر من الهروب منها ونتغلب على مشاعر الاكتئاب بالانشغال في أنشطة ترفيهية VE ٢ - نظرية كانون – بارد : وتفترض هذه النظرية إن المنبهات البيئية تثير كلا من الاستجابات الجسمية ( التنبه والفعل ( وخبرة الانفعال في وقت واحد، سابقا . وتفصيل ذلك إن إدراك الحادثة يجعل المخ ينبه النشاط الأتونومي والعضلي ) التنبيه والفعل ) والنشاط المعرفي ) خبره الانفعال ( ومن ثم تتزامن وتتصاحب التغيرات الفسيولوجية والمشاعر الانفعالية عمليات يقوم يفترض كل من " شاكتر" و "سنجر" إن الانفعالات تتشابه بصفة عامة من الناحية الفسيولوجية ، ولكنها تختلف بعضها عن البعض في بعد ( الضعف مقابل القوة ) والذي يحدده مستوي التنبيه ، ويريان أن أسم الانفعال الذي تلحقه نحن به يعتمد على التقدير المعرفي للموقف الذي يتواجد فيه ، ويشمل التعرف على الأحداث الخارجية والطرق التي يبدو أن الآخرين الذين يوجدون في الموقف ذاته Yo يستجيبون له، وتسمية لهذا التنبيه على أنه انفعال معين ، وقد جرت عديد من التجارب للتأكد من صحة هذه النظرية لكن أدت إلى نتائج مختلفة . التنبيه تفسير التنبيه تبعا للموقف خبرة الانفعال الفسيولوجي شكل (٤) تخطيط نظرية شاكتر – سنجر الانفعال وعلاقته بالأمراض النفسية : ومن الأعراض التي تلاحظها خاصة من الاضطراب الهستيري ما يلي: ١- زيادة قابلية المريض للاستهواء والإيحاء سواء كان الإيحاء ذاتيا أو صادر عن شخص أخر ۲- ازدیاد نشاط المخ وبالتالي تزداد المقدرة على التغيرات الدعائية التصنيعية - انكماش المجال الشعوري أو تفككه وبالتالي تسلط بعض الأفكار والأوهام ٧٦ وهناك بعض الأمور التي تستطيع عن طريقها التفريق بين المظاهر الانفعالية في حالة الصحة أو المرض يمكن تلخيصها فيما يأتي إن هذه المظاهر الانفعالية في حالة الشخص السليم لا تستمر طويلا ، ولا ترجع إليه بطريقة تلقائية جبرية، ويمكنه منعها أو تخفيف أثارها - أما في حاله الشخص المريض النفسي فتتصف هذه المظاهر بأنها أكثر عنفا وأثارها أطول بقاء و أسهل استحداثا و أصعب ردعا وطبيعة الانفعالات في كلتا الحالتين السوية والشاذة هي لا تختلف ، فالسبب العضوي للانفعالات لا يخرج عن كونه اختلالا في توزيع القوي العصبية واتزانها، ودرجات التفاوت الموجودة بين الشخص السليم والشخص الشاذ يرجع في نهاية الأمر إلى التفاوت في سرعة حدوث هذا الاختلال ودرجة انتشاره وسهوله زواله أو إزالته ويتميز المزاج المرضي بسرعة الانفعالية وشذوذها وله دلائل يمكن الكشف عنها طبيا بإحداث بعض الأفعال المنعكسة وخاصة مالها صله مباشرة بعمل الجهاز العصبي السيمبثاوي . ولا يخلو مرض من الأمراض النفسية والعقلية من الأعراض الانفعالية سواء كانت مرتفعة أو منخفضة، الانفعال والامراض الجسمية : أصبح من المؤكد الآن إن هناك بعض الأمراض العضوية وخاصة الأمراض المزمنة التي تصيب الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والدورة الدموية، تنشأ عن أسباب نفسية ، وشفاء هذه الأمراض لا يمكن إن يتم أو تخفيف حدتها إلا إذا تمت معالجة المريض معالجة نفسية حتى يمكن أن تجدي معه وسائل العلاج الطبى ، وهذا ما اتجهت إليه الحركة الطبيعية أخيرا حيث هدفت إلى توجيه عناية الطبيب إلى المريض من حيث كونه إنسان وليس مجموعة أعضاء وسميت هذه الحركة بالطب السيكوسوماتي أو الطب النفسي وقد أكدت التجارب أن هناك أثرا كبيرا تحدثه الصدمات الانفعالية في الجسم وخاصة عند تكرارها ، وظهر أيضا أن أساليب التكيف المشكلات الحياة وضغوطها ذات علاقة قوية بإصابة الإنسان بأمراض دون غيرها، وعندما يتعرض بعض الناس لضغوط معيته يتعرضون للمرض شيء من الغضب أو القلق أو الحرمان تزداد حركة المعدة وإفراز السوائل الحمضية واحتقان النسيج المعدي وظهور بقع من النزيف والتقرح، والحقيقة أن الأمراض العضوية التي تتأثر بكل من الانفعال وضغوط الحياة وتغيراتها وتسمي بالاضطرابات النفسجسمية في شدتها من صداع خفيف إلى الشلل والعجز التام تبعا للمثير المسبب للانفعال. VA والجهاز التناسلي والإسهال وارتفاع ضغط الدم ۷۹ تمهيد : ثانيا : العواطف عادة ما يعيش الإنسان في مجتمع أو بيئة اجتماعية ، وهذه البيئة تمثل المجال السلوكي الذي يتفاعل معه فيؤثر فيه ويتأثر به، ومن ثم فلابد له من إن يقوم بعملية التكيف الاجتماعي مع هذا المجتمع وهذه البيئة والتي من شأنها أن تعدل فالمجتمع لا يقبل إن يعبر كل فرد من أفراده عن دوافعه بطريقته التي يريدها واحتكاك الإنسان بموضوعات البيئة الخارجية دائما يصاحبه بعض المشاعر التي لا تكون واضحة في بداية الأمر إلا إن التكرار يظهر هذه المشاعر ويجعلها جليه مما يدعو إلى تنظيم الدوافع الأولية للإنسان الذي هو واقع الأمر تنظيم العلاقة الإنسان بموضوعات وإفراد العالم الخارجي ، فتكرار موقف ما يبلور مشاعر الفرد حول هذا الموقف فيتخذ منه موقفا معينا معتمدا على نوع الخبرة الناتجة من هذا الاحتكاك فإذا كانت خبرات سارة في مجموعها اقبل على الموقف ومال إليه ، أما إذا كانت خبرات مؤلمة في مجموعها أو غير سارة ابتعد عن الموقف وتجنبه. وهكذا تنظيم الدوافع حول أمور معينه في مجالنا السلوكي وتتجمع الدوافع الانفعالية البسيطة حول موضوعات معينة في العالم الخارجي تبعا لنوعية الخبرات التي تعرض لها الفرد في احتكاكه بهذه الموضوعات ونتيجة هذا التنظيم الانفعالي ما هي العاطفة ؟ تعريفها : في تنظيم مركب من عده انفعالات ركزت حول موضوع معين مصحوب بنوع معين من الخبرات ( سارة أو غير سارة). وعلى ذلك فالعاطفة صفه مزاجية مكتسبة خاصة : فهي صفة مزاجية لأنها تتكون عن طريق تنظيم الدوافع الأولية حول موضوع معين ، وهي مكتسبة لأنها نتاج تفاعل الإنسان مع البيئة الخارجية أو انتاج سلوكه ، وهي خاصة لأنها لا تدخل في جميع أساليب النشاط الانفعالي ، بل في جزء منه وهو ذلك الذي يتعلق بموضوع العاطفة. والفرق الجوهري بين العاطفة والانفعال يتمثل في إن الانفعال تجربة عابرة إما العاطفة نزعه مكتسبة تكونت بالتدريج من خلال ما مر به الفرد من تجارب وجدانية وإعمال عديدة وعناصر العاطفة ليست أمورا مستحدثه ، بل هي موجود أصلا في نفس الفرد دائما تنتظم فيما بينها، ثم تدخل في تركيب لم يكن موجودا من قبل ، وهذه التراكيب الجديدة تضفي على الحياة الانفعالية المتقلبة قدرا من الانسجام ، وهي تتجمع من جديد في تراكيب أشمل وأكبر وهذه بدورها تتجمع مرة ثانية في نظام ۸۱ واحد عامل تتناسق تكون ما يطلق عليه الشخصية ، فتبات العواطف يعطي الحياة الوجدانية نظاما واتساقا نحو أهداف بالذات ، وان عاطفة قوية ، لهي كافية لتجديد نشاط الفرد واتجاهه في حياته تكوين العواطف : طبيعة حياة الإنسان تفرض عليه نوعا من التنظيم لحياته الوجدانية ، فالإنسان يعيش مع عائلته ، وهذه العائلة لها تقاليدها الخاصة وعلاقاتها الخاصة بإفرادها ولها ظروفها المادية والمعنوية الخاصة بها ، وهذه العائلة بدورها تمثل وحدة في المجتمع الذي تعيش فيه ولها اتصال بهذا المجتمع حيث تتداخل وتتفاعل معه ، ونتيجة هذا التنظيم الاجتماعي يميل الإنسان إلى تنظيم حياته الوجدانية ، بمعنى أنه لا يتأثر بموقف خاص ولا يترك نفسه لتتكيف حسب كل موقف على حدة بل تنتظم الاستجابات الانفعالية في نظام وثيق معين ، معني ذلك إن الانفعالات ترتبط بعضها ببعض حتى تنمو وتتطور العاطفة من مرحلة إلي أخري أكثر تعقيدا ولتوضيح ذلك إليك المثال التالي : هب انك قابلت شخصا لأول مرة، وعرض عليك خدمتك ومعاونتك وإدخال السرور في نفسك والعطف عليك ، بالطبع فإن ذلك مجالا طيبا لإرضاء غرائزك وحاجاتك وإذا تكرر ذلك ووجدت هذا الشخص في مجال حياتك فإن ذلك يبعث في نفسك ۸۲ انفعالات تكون في مجموعها سارة ، ولذلك تجد نفسك في ضوء تكرار هذه الخبرة تشعر بالارتياح كلما قابلته ، وتشعر بالاستكانة إذا سمعت بفشله في مشروع قام به من هنا تستطيع أن تقول إن عاطفة الحب قد تكونت نتاج تكرار خبرات حول موضوع معين وهذه الخبرات صحبتها انفعالات في مجموعة سارة هذه الحالة عمل انك قد كونت عاطفة نحو هذا الشخص. وهكذا يتبين لنا إلي أي حد تكون العاطفة في شكلها المعقد ليست مصحوبة بانفعال رضا لغرائزك وإنما يدخل في تركيبها انفعالات تثير الظروف المحيطة بالفرد موضوع الانفعال ، وكلما تعقدت عاطفة زاد اتساع الانفعالات الناتجة عنها، وتعقدت مظاهر النشط الصادر عنها. وهكذا يتضح أن عاطفة الحب تكون نتاج تجمع وتركز انفعالات نحو موضوع معين ، كذلك الأمر في كيفية تكوين عاطفة الكراهية. ولنفرض أن هذه العاطفة كونها طالب حول أحد أساتذته ، فتبدأ أولا بانفعال الخوف عندما يجد الطالب هذا الأستاذ صارما حادا في معاملاته ، ثم ينضم إلى هذا الانفعال انفعال أخر هو الغضب عندما يقوم الأستاذ بطرد الطالب من محاضرته وتكرار ذلك فنجد أن هذا الطالب يفرح إذا أصاب هذا الأستاذ مكروه ۸۳ لما ثم أنه يشمئز عند رؤيته أو سماع صوته ، أو في أبسط الأمور يكون مستريحا يسمع ، ولا يميل للدفاع عنه ، وإذا سمع شخص يعدد حسناته فإن ذلك يثير فيه الغضب ، وقد يدفعه إلى نقض ما يسمع أو الاعتداء على مصدره ، فالموقف الذي أثار الغضب في عاطفة الحب آثار السرور في هذه العاطفة ، والموقف الذي يثير التألم في عاطفة الحب يثير الشعور بالارتياح والرضا في عاطفة الكراهية . ومن هنا نجد أنه وبنفس الطريقة التي تكونت بها عاطفة المحبة تتكون عاطفة الكراهية ، غير أن أنواع الخبرات تختلف من عاطفة لأخرى . فالخبرات التي يتكرر فيها موضوع المحبة تكون في مجموعها سارة ، حتى في حالة العواطف المتشابهة ، فحبك لصديق يختلف عن حبك لصديق آخر ، فلكل منهما تركيب فردي ووظيفته الخاصة في حياة الفرد النفسية وذلك لاختلاف الخبرات التي تكررت حول موضوع العاطفة لكل منهما ولاختلاف نسبة الانفعالات السيارة والمؤلمة عند تكون هذه العواطف ، وتبعا لاختلاف عواطف الحب تختلف الانفعالات المستثارة في المواقف المتشابهة – فإنك قد تحدب شخصين ( أمير ، محمد ) لكن إذا تعرض محمد لمكروه فإنك لا تتألم بنفس الدرجة التي تتألم بها إذا تعرض أمير لنفس الظروف. وكما أنه لا توجد عاطفة حب مطلقة فى حياة أي إنسان ، وهكذا . فشكل كل عاطفة من هذه العواطف لها تركيب خاص بها، ومن ثم هناك اختلاف كمي ونوعي حتى بين العواطف المتشابهة ويجب أن نشير إلى أنه يمكن أن تكون العادات الانفعالية حول موضوعات عامة كحب شخص معين للأطفال بصفة عامة مثلا، أو عاطفة نحو أمور مجردة لحب الخير وكره الغش والخداع. بعض العوامل التي تصاحب تكون العاطفة إذا كانت العاطفة هي عبارة عن تجع عدة انفعالات حول موضوع معين فإنه يمكن القول أن مجرد وجود هذه الانفعالات لا يكفي لتكون العاطفة وإنما لابد من توار بعض العوامل التي تساعد على تنظيم هذه الانفعالات في تكوينات جديدة شكل في مجموعها العاطفة وهي: ۱ - التكرار : تكرار أي انفعال عدة مرات حول موضوع معين من شأنه أن يربط هذا الانفعال بالموضوع والتكيف حوله ومن شأنه أيضا توليد عديد من الانفعالات الأخرى التي تدخل في تركيب العاطفة ، فالانفعال لا يتحول إلى عاطفة بمجرد حدوثه مرة واحدة ، بل لابد أن يتكرر مرات عديدة حول الموضوع ذاته ليتحول إلى عاطفة ، ففي حالة بغض الطالب لأستاذه فلابد أن يتكرر انفعال الخوف وانفعال الغضب مرات عديدة حتى يكون النواة التى تتركز حولها الانفعالات الأخرى المكونة لعاطفة الكراهية ۲) الإيحاء والتقليد : فالفرد ينشا في جماعة تسيطر عليها عاطفة دينية معينة فينساق في تيارها ، ويدين بدينهم وتقاليدهم ، ثم لا يلبث أن يصدر عنه هذه المظاهر تحت تأثير عاطفة خاصة لا تقل في صداها ورقتها عن عواطف قوية ۳) الاقتران : إذا تكونت لدى شخص عاطفة حول موضوع معين فإنه قد يكون نفس العاطفة نحو موضوع آخر له صلة أو شبه بالموضوع الأصلي. فالشخص الذي يفقد والده وكان يكن له الاحترام و العطف ، وإذا كان هذا الشخص كون عاطفة الكراهية للفقر أو التدهور الاجتماعي فإن نفس العاطفة تتكون لديه لمن يحرمون الفقراء حقوقهم أو يكونون سببا في هذا التدهور ٨٦ العواطف وأثرها في سلوك الفرد والجماعة : وذلك لأن العاطفة تطبع سلوك الإنسان بنوع من الثبات والاستقرار فالإنسان ذو العاطفة يكون مدفوعا إلى أن يسلك سلوكا بعينه تبعا لما يحيط موضوع عاطفته من خبرات ومواقف وتظل هذه العاطفة فترة طويلة ، وقد لا يعبر عنها وذلك لبعض الاعتبارات الاجتماعية وليس لضعف أصاب العاطفة أو يعشق اللغة العربية مثلا لا لشيء إلا لعلاقة معلمها بالطالب ، فمنطق العاطفة يهدف إلى تحقيق أكبر ما يمكن الموضوع العاطفة عن طريق العطاء والمنح . ولا ينتظر عطاء أو منحا او استقبالا حتى ولو خالف ذلك منطق العقل وقواعده ، أما منطق العقل فيهدف إلى تحقيق الأمور بطريقة هادفة هي مزيج بين الأخذ والعطاء المتساوين وتخضع غالبا لإحكام القيم المادية ، ومن هنا صعب على الإنسان أن يعيش كل ۸۷ ما في حياته بمنطق العقل لأن ذلك مستحيل تطبيقه على كل سلوك في حياتنا لأن العواطف تلعب دورا كبيرا في سلوكياتنا والتحكم فيها ، فكثير من الناس يندفعون وراء عواطفهم محاولين تحقيقها بمختلف الطرق المشروع منها وغير المشروع . وللعاطفة أثر كبير في السلوك الشخصي الاجتماعي وخاصة عند الأطفال ، فكثيرا ما تقف عواطفنا في وجه تحقيق رغبة داخلية جامحة ، فالعاطفة التي تتكون بطريقة سليمة تمثل ميلا سائدا عند الطفل يرشده في أساليب سلوكه الشخصي والاجتماعي فعاطفة الطفل القوية نحو أمه تجعله يلتمس رضاها في كل حركة أو سلوك يملكه، ويحاول تقليدها أو إصدار ما لا يغضبها أو ينفرها عنه ، ومن هنا نجد أن عاطفة. موضوع عاطفته إما إذا كان هذا الطفل أو ميول سائدة ضعيفة غالبا ما يكون سهل الانقياد لدوافعه الخاصة أو لما يعرفه فينجذب لها ويظهر فيه ما يشير إلى عدم توافقه الاجتماعي وذلك لعدم وجود ميول عاطفيه سائدة تحول بينه وبين تحقيق رغباته التي يعتبرها المجتمع أساليب سوء توافق . ۸۸ العاطفة السائدة : من المعرف أن لدى أي شخص بالغ عديد من العواطف ، فهي التي توجهه سلوكه.