وكلاهما رزئ ببلاغته، لأن عدد للمتطفلين عليه أكثر من عدد المتطفلين على الشعر، وكانت النكبة في إنشاء المترسلين أشد منها في إنشاء المصنفين. فقه اصطبغ إنشاء المترسلين بألوان الشعر، فلم يكن ينقصه غير الأوزان، فما يصلح إلا للأشياء التي يطفو عليها الخيال الشعري كالوصف والرسائل ومقدمات الكتب والمقامات وما أشبه ذلك، فاحتضرت البلاغة بين يديه، وحاول كتابه أن يحاروا من تقدمهم في الصناعة من التزام التورية والسجع والجناس، لأن في صناعة الألفاظ ستراً لعجزهم عن توليد المعاني واختراعها ، وأما إنشاء المصنفين فلم تعمه الصناعة اللفظية كما عمت فن الترسل ولكنه لم يخلص من التعقيد والتطويل، ثم دب الفساد في لغتهم كما دب في لغة المترسلين، فكاد أن يكون النثر عاميا كما يبدو في قصص بني هلال وتاريخ ابن إياس وما شاكل ذلك. وكانت حركة التأليف في العلوم والآداب في دولة المماليك محمودة لكثرة المدارس عندهم، وانصرافهم إلى التأليف بأكناف السلاطين، فمن الدين اشتغلوا بالنحو ابن مالك الطائي، والفيته المشهورة والكافية الشافية، ومنهم ابن هشام الأنصاري وله « قطر الندى وبل الصدى ، ومن الذين اشتغلوا بتصنيف المعاجم اللغوية ابن منظور صاحب « لسان العرب »، وغيرهما كثير وكان حظ التاريخ والنشاط له شما اظهرت فيه كتب جليلة يمسح الركون إليها، وهو مصنف تاريخ الإسلام . فإن أصحابها ما الفكوا يعانون الرحلات في سبيلها، وأشهرهم القزويني وله و عجائب المخلوقات، تحفة النظار»، ويعرف برحلة ابن بطوطة. والمقريزي وله لخططه التي بين فيها أقاليم مصر وأحوال سكانها، وأودعها من الأخبار والحوادث التاريخية الالفة حسنة. وكان للعلم الطبيعي دور هام في كتاب «حياة الحيوان الكبرى للدميري. واشتغل مساعة من العلماء بوضع الكتب الجامعة لشتى العلوم والآداب، كالنويري وله كتاب ناس مع اما به ا نهاية الأرب في فنون الأدب »، والانشيهي وله و المستطرف في كل فن مستظرف ، ولما أقال الله العثمانيين ضعفت الحركة العلمية، لم بتواري شعاعها في الحجب الكثيفة، فيستبد الظلام. فمن هذه الشهب عبد القادر المعدادي صاحب وخزانة الأدب ولب لباب لسان العرب ،