الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، فتبارك الله أحسن الخالقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد المرسلين وإمام المتقين، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم أجمعين، اتقوا الله تعالى، واذكروا ما تفضل به عليكم من العقل الذي تميزتم به على كثير من المخلوقات، واحذروا أن تضيعوه أو تهملوه في وضعه في الأمور الضارة أو الأمور غير النافعة، فما أنعم الله على عبد نعمة فاستعملها فيما خلقت له إلا حفظها الله ونماها، ولا أهملها ووضعها في غير موضعها إلا سلبها وبقي عليه شقاها، فهذا العقل الذي منحكم الله إياه من أفضل العطايا، فما بالكم تستعملونه في ركوب الدنايا، خلق الله لكم العقول لتعقلوا بها ما ينفعكم من المعارف والعلوم النافعة، وترتقوا بها إلى مدارج الفلاح بهمم قوية وقلوب واعية، فقاوموا بها ما يضركم من الأخلاق الرذيلة، فلا خير فيمن غلبت شهوته عقله فألقته في المهالك الوبيلة، فكروا في المصالح والمنافع فإذا توضحت فاسلكوها، وزاحموا بها النفوس العالية المقبلة على الخير ونافسوها، وإياكم أن تكون هممكم في تحصيل الأغراض الدنيئة فتخسروا عقولكم وتضيعوها، طوبى لمن كانت أفكاره تدور حول ما يحبه الله،