أخيراً، قالت زوجة الطبيب. بوسعك أنت وزوجك أن تناما في سرير والدي. أنا في بيتي الآن، أنت محقة، قالت زوجة الطبيب لك ما تشائين، يثرثرون بانفعال، ومن حين لآخر يتعثرون بالدرجات رغم أن مرشدتهم قد أخبرتهم أن هناك عشر درجات في كل شاحط بدا الأمر وكأنهم قد حضروا إلى هنا في زيارة. وكأنه يكرر فعلاً يومياً. لنعرفه إن كان غريباً، وفي هذه الحالة، فلا حاجة للعينين المعرفة القادمين ادخلوا ، ادخلوا واستريحوا خرجت عجوز الطابق الأول إلى الباب لتحدق بفضول، ولم تكن مخطئة. من هناك سألت ردت عليها الفتاة من الأعلى، إنها مجموعتي اندهشت العجوز كيف استطاعت الفتاة أن تصل المصطبة بعدئذ اكتشفت التفسير بنفسها وانزعجت لأنها نسيت أن تنزع المفاتيح من قفل الباب الأمامي، منذ عدة أشهر. لم تجد أي تعويض عن إحباطها المفاجئ أفضل من أن تفتح الباب وتقول، لا تنسي وعدك. لم تردا عليها ، لقد أخطأت لأن كلب الدموع كان يمر من أمامها في تلك اللحظة تماماً، كان مطبقاً ، سأل الكهل ذو العين المعصوبة، هذه أشياء نتفوه بها عندما لا نعرف كيف ننظر إلى أنفسنا جيداً. سيسرنا أن نرى لو عاش كما عاشت إن كان سلوكه الحضاري سيدوم طويلاً. لم يكن في البيت سوى الطعام الذي جلبوه معهم في الأكياس سيضطرون إلى التقتير فيه حتى آخر لقمة. أما بالنسبة إلى الإضاءة، شمعتين في خزانة المطبخ، وضعتا هناك للاستخدام عندما تنقطع الكهرباء، فأشعلتهما زوجة الطبيب لنفسها. فأضواؤهم داخل رؤوسهم، وقوية لدرجة أنها أعمتهم. واحدة من تلك الولائم النادرة التي يتشارك فيها الجميع كل شيء، وقبل أن يتناولوا طعامهم، نزلت زوجة الطبيب والفتاة إلى الطابق الأول، استقبلتهما العجوز مولولة، مكفهرة الوجه أنها نجت بمعجزة ولم يمزقها ذلك الكلب اللعين. لمحت لهما ، إحداهما للأخرى، الحيوان الأخرس الفضلات. لم تعد المرأتان لجلب المزيد من الطعام، فما حملتاه لها كان حصة كريمةً جداً، إذا ما أخذنا في الحسبان صعوبة ظروف الحياة الحالية، ففي نهاية المطاف، إنها أقل لؤما مما بدت عليه. وكأن هذا ليس كافياً، صعدتا الأدراج وهما مذهولتان، لم تكن شخصاً سيئاً. قالت الفتاة، لم تعلق زوجة الطبيب، قررت أن ترجئ المناقشة إلى وقت لاحق. وبعضهم نائم، فجلست المرأتان في المطبخ كأم وابنتها تحاولان استجماع قواهما من أجل انجاز الأعمال المنزلية الأخرى. يجب أن أتقبلها ، فالعجوز في الطابق الأول تعيش بمفردها أيضاً. ما داما متوفرين، وتكره إحداكما الأخرى خشية أن ينفد الطعام، فكل عرق أخضر ستقطفه إحداكما سيكون بمنزلة انتزاع اللقمة من فم الأخرى، إنما شممت رائحة النتن المنبعثة من شقتها ، ستنتهي إننا لا نزال أحياء الآن. لكن برأيي أننا أموات الآن، إننا أموات لأننا عميان، زوجك محظوظ، وأنا والآخرون، غير أنك لا تعرفين كم سيدوم ذلك، وإذا ما عميت فستكونين مثلنا جميعاً، لنعش اليوم لأن ما يخبئه لنا الغد سنراه غداً. لا الغد وإذا ما كنت سأعمى غداً. ماذا تقصدين بقول مسؤوليتي. سأفعل ما بوسعي. ولا أريدك أن تموتي الآن. إذا عادا ، وليس لدينا وسيلة لنعرف إذا ما كانا لا يزالان والديك. لا أفهمك. لقد قلت إن الجارة في الأسفل طيبة القلب امرأة مسكينة. أعيناً عمياء، ومشاعر عمياء، أحبه كحبي لنفسي، إن أصبحت بعد العمى شخصاً مختلفاً عما كنته، فكيف عندما كنا لانزال مبصرين، إنهم قلة بالمقارنة مع الوضع، الآن، والمشاعر التي استخدمت كانت مشاعر من يستطيع أن يرى، والآن ما ينشأ ، بالتأكيد، هو في الواقع مشاعر العميان ونحن لانزال في بداية الطريق فقط، فأنت لا تحتاجين إلى أعين لتعرفي ما غدت عليه الحياة اليوم فلو قال لي شخص ما فيما مضى أني سأقتل، وماذا عن الآخرين. لماذا. سألت نفسي هذا السؤال، ربما لأنك أصبحت كأختي تقريباً، ليست تلك جريمة تستدعي الاعتذار عنها . لكننا سنمص دمك كالطفيليات. ودعينا ننام الآن فأمامنا يوم جديد غداً. في اليوم التالي، أو في اليوم الذي استيقظتـا فـيه كان الطفل الأحول بحاجة إلى دخول المرحاض، فقد أصيب بإسهال، وذلك شيء لم يوافق ضعف جسمه، لكن سرعان ما تبيّن أنه من المحال دخول المرحاض فالمرأة العجوز في الطابق الأول قد استخدمت كل المراحيض في البناية حتى غدت غير قابلة للاستخدام. كانت ضربة حظ غير عادية أن لا أحداً من السبعة اضطر مساء أمس إلى تفريغ أمعائه، وإلا كانوا عرفوا حالة المراحيض المقرفة تلك الآن، جميعهم يشعرون في الواقع، مهما ترددنا في الاعتراف بذلك، يناقش، مثلاً، إن كانت هناك علاقة مباشرة بين الأعين والمشاعر، وكانت محقة، كما فعلنا حتى الآن دون احترام، كما قلنا ، كنا سنراها في الحديقة مقعية يحيط بها الدجاج، والشخص الذي قد يسأل عن السبب فهو على الأغلب لا يعرف ما هو الدجاج. هبط الطفل الأحول درج الطوارئ وهو يقبض على بطنه في حالة من الألم المبرح، تقوده وتحميه زوجة الطبيب الأسوأ في الأمر أنه عندما بلغ الدرجات الأخيرة، كان الخمسة الآخرون، أثناء ذلك، ينزلون درج الطوارئ بأقصى حذر ممكن، والتعبير الأكثر ملاءمة هو إن كان لا يزال لديهم بعض المحظورات التي اكتسبوها خلال عيشهم في المحجر، فهذه هي اللحظة المناسبة للتحرر منها تفرقوا في الحديقة الخلفية، فعلوا ما كان ينبغي عليهم فعله حتى زوجة الطبيب التي بكت وهي تنظر إليهم، البكاء بعد، عن الأعمى الأول وزوجته الفتاة ذات النظارة السوداء، الكهل ذي العين المعصوبة، وكلب الدموع قد هبط ليفعلها ثانية. بعض الأعشاب، الأمر سوءاً. لم تظهر الجارة في الطابق الأول لتسأل من هناك، إلى أين يذهبون، لابد أنها لا تزال نائمة بعد عشائها. وحاروا فيما يقولون بعد أن دخلوا الشقة، بعدئذ أوضحت الفتاة ذات النظارة السوداء أنهم لا يمكن أن يبقوا في تلك الحالة، هذا صحيح لا سيما مع عدم وجود الماء للاغتسال، وإلا لخرجوا إلى الحديقة الخلفية ثانية، لكن هذه المرة عراة تماماً ودون خجل، يتلقون المطر على رؤوسهم وأكتافهم، وأرجلهم، بعد أن أصبح نقياً في نهاية المطاف ويقدمونه لشخص ما ليطفئ ظمأه به، لا يهم من هو ذلك الشخص، ربما ستلامس شفاههم البشرة الحساسة بلطف قبل أن تلغ الماء وترشفه، مثيرة بذلك، كما رأينا في مناسبات سابقة، فما الذي ستذكره في حالة كهذه، مأساوية غريبة ومحبطة. ثم خزانة جمعت الشراشف والمناشف وقالت لننظف أنفسنا بهذه الأشياء، إنها أفضل من لاشيء. وكانت تلك فكرة جيدة بلا شك، فقد شعروا بفرق واضح عندما جلسوا بعدها ليأكلوا. حان الوقت لنقرر ماذا سنفعل، لا طعام من أي نوع، قال الأعمى الأول. إنه عَدَم يحاول تنظيم العدم. لا مستقبل أمامنا إذاً، قال الكهل ذو العين المعصوبة. لا أستطيع أن أجزم إذا ما سيكون هناك مستقبل، فما يهمني الآن هو أن أرى كيف سنعيش الحاضر. لا معنى للحاضر دون مستقبل، بيد أنها ستكف عن إنسانيتها عندئذ، نعم، طعنته في حنجرته بالمقص. لقد قتلته لتنتقمي لنا ، العادل، لن يكون هناك عدل. أضافت زوجة الأعمى الأول - لنعد إلى الموضوع الذي كنا نناقشه، قيد الحياة، إن تفرقنا، لقد ذكرت أن هناك مجموعات عميان منظمة، وهذا يعني أنه قد تم استنباط طرائق جديدة للحياة وليس هناك مسوغ لأن تنتهي إلى أشلاء أو أثر، كما تنبأت، كل ما رأيته أنهم يخرجون في مجموعات للبحث عن الطعام وعن مأوى، إننا نرتد إلى جماعات بدائية، مع فارق أننا لم نعد بضعة آلاف رجل وامرأة كحد أعظمي، وأعمى، أضافت زوجة الطبيب. عندما تتزايد الصعوبة في إيجاد الماء والطعام، ستتبعثر هذه المجموعات بالتأكيد، وسوف يفكر كل شخص أنه سيجد فرصة شخصية أفضل في البقاء حياً بمفرده، إذ أنه لن يتشارك أي شيء مع أي مخلوق وأي شيء يستطيع الحصول عليه هو ملكه وليس ملك أي شخص آخر. ذكرهم الأعمى الأول. أنت لست عمياء، وهذا هو السبب في أنك الشخص الذي يعطي الأوامر وينظمنا. أنا لا أعطي أوامر، أنا ببساطة الأعين التي تفتقدونها جميعاً. قال الكهل. إذا كان الأمر كذلك، قالت الفتاة. إذا افترضنا أنه أو نذهب لنرى بيتك، أضافت مشيرة إلى الكهل. كلا. ما رأيك سألت زوجة الطبيب، أنا قادمة معك، قالت الفتاة ذات النظارة السوداء، هل ستتركين المفاتيح عند الجارة في الطابق الأول. لا خيار أمامي، مع أننا نود، أن نمر ببيتنا لنرى ما حدث له. ما هو ذلك الشرط، وإذا امتنعتم عن إخباري بذلك، بدافع الصداقة أو الشفقة، أنخلع، أختفي، كما تعودت الفيلة أن تفعل. وأنت لست فيلاً، على وجه الدقة. وأنا لست رجلاً على وجه الدقة. خاصة إن بدأت تجيب إجابات صبيانية، ردت عليه الفتاة بالمثل، إن الأكياس البلاستيكية أخف الآن منها عندما جاؤوا إلى هنا ، فحتى الجارة في الطابق الأول قد أكلت من محتوياتها ، مرتين، وأوصوها بالاعتناء بالبيت ريثما يعود أصحابه الحقيقيون طلب أريد منه طمأنة الفتاة، إن قلباً قد من حجر ، إنه ليس هنا، ولم يخرج من باب الشقة، في الواقع، إنه في الحديقة يمزق دجاجة. فمن يستطيع أن يعرف، أي قدر كان سينزل بالمفاتيح ما بين إدراكه للجريمة التي اقترفها وإدراكه أن الكائن البشري الذي كان يحميه، تردد كلب الدموع لحظة واحدة، وقبل أن تخرج عجوز الطابق الأول إلى المصطبة أمام درج الطوارئ لترى ما هي تلك الأصوات التي تصلها إلى واحتفظ بالندم المناسبة أخرى. انسل الكلب صاعداً الدرج، ومر كنسمة هواء ملامساً تنورة العجوز التي لم تكن لديها أي فكرة عن الخطر الذي واجهته للتو، حيث اعترف للسماء بالعمل الفذ الذي أنجزه خافت عجوز الطابق الأول عندما سمعته ينبح بعنف، لكن، كما نعرف بعد فوات الأوان. رفعت رأسها عالياً وقالت يجب أن يبقى هذا الكلب تحت السيطرة قبل أن يقتل إحدى دجاجاتي. ثم إننا مغادرون الآن الآن، قالت العجوز، فقط كلمة، الآن التي كانت سؤالاً من غير جواب. إن أصحاب القلوب القاسية لهم أحزانهم أيضاً. سمعتهم يهبطون الأدراج، ضع يديك على كتفي. بيد أنها أكثر تداولاً في عالم العميان هذا ، وأكثر ما أذهلها أنها سمعت إحدى النساء تقول، إن عمى هذه المرأة ليس أبيض وهذا بحد ذاته، أمر مدهش، تقول لنفسها ، لابد أني سمعت خطأ ، يجب أن أنتبه إلى كلامها،