يقول المولى عزَّ وجلَّ: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، وبالتدبر في مخلوقات الله دروس عظيمة تجسِّد التنظيم والترتيب الدقيق والمحكم لتدبير الله لشؤون خلقه وللكون بأكمله، فرأينا كيف خلق الله الكون والحياة بشكل منظم ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ﴾، وعن أهمية التنظيم يقول الشهيد القائد -رضوان الله عليه-: «الله هنا يقول: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ يعلم أن كل فرد بمفرده لا يستطيع أن يعمل شيئاً، أحياناً يحتاج الإنسان هو في تربية أسرته في الداخل في تربية أولاده إلى من يعينه من الآخرين قد تحتاج إلى هذا داخل أسرتك يحتاج إلى من يعينه من الآخرين على تربية أولاده، وتحديد الوسائل المناسبة لتنفيذها وتحديد المتطلبات والإمكانيات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف) ووضوح الرؤية والأهداف ووسائل تنفيذها ونطاق العمل يقوم التنظيم بشكل رئيسي بإعداد وتصميم البناء والهيكل التنظيمي بالشكل المضمون الذي يفي باحتياجات العمل، وهو ضرورة لابد منها لترتيب ونظم الجهود البشرية وتوزيع الأدوار فيما بينها وتصنيفها من أجل الوصول إلى الغايات التي تسعى الدولة إلى تحقيقها أو أنشئت من أجلها المؤسسة الإدارية أيا كان حجمها أو طبيعة عملها (دولة/مؤسسة عامة أو خاصة). ولمسؤولية التنظيم أهمية بالغة فهي ضرورة أساسية في تحقيق الغايات والأهداف ونظم شؤون الحياة وفق المنهج الإلهي، حيث يؤكد الشهيد القائد -رضوان الله عليه- أن الدِّين هو نظام لكل شيء فيقول: «الدِّين هو نظام لكل شيء، ومن اهم أسس التنظيم: •  التركيز على المهام والمسؤوليات وليس الأشخاص: يجب أن يتم التنظيم الإداري لأية مؤسسة (حكومية أو خاصة) على اساس الوظائف (نوع الأعمال والمسؤوليات المطلوب القيام بها. وهي عبارة عن منصب أو عمل معين يتضمن واجبات ومسؤوليات محددة. وقد تكون الوظيفة مشغولة أو شاغرة ولا تتأثر الوظيفة بمن يشغلها من العاملين، ويتضح مفهوم التسلسل الإداري من قمة الهرم الإداري وحتى مستوياته الدنيا في الإدارة الإسلامية بما قاله الإمام علي -عليه السلام- في وثيقة العهد (فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَوَالِي الأمر عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَاللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ) ويتبين هنا أنَّ التسلسل يأتي ضمن عملية توزيع الصلاحيات بين المكونات والوحدات الإدارية والأفراد في إطار المنظومة الواحدة والعمل الجماعي، تقسيم العمل إلى وحدات وأقسام وفق التخصص عن طريق تقسيم أنشطة المؤسسة إلى أقسام تخصصية رئيسة ومن ثم تقسيم هذه الأنشطة الرئيسة إلى أقسام فرعية، وكذلك يساعد على سير الجماعة بصورة منظمة وبعيدا ًعن الفوضى وانعدام المسؤولية أو ضياعها. • الرشد في البناء التنظيمي: إنَّ التركيز في عملية البناء التنظيمي أو تصميم الهيكل التنظيمي للدولة/المؤسسة بما يفي باحتياجات العمل وفق الأهداف والمسؤوليات الرئيسة للدولة/للمؤسسة، إذ يتعيَّن عند تصميم البناء التنظيمي ورسم الهيكل أو الخارطة التنظيمية مراعاة المبادئ والأسس الدينية امتثالاً لقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، هناك عدة اعتبارات اقتبسناها من كلام السيد القائد "يحفظه الله في موجهات للعمل التنظيمي والاشرافي يحث على ما يلي: لا يعني التنظيم أن نتأطر بأطر تنظيمية تفصلنا عن المسؤوليات الأساسية؛ ألا تزداد الحالة التنظيمية لدرجة تحوّل واقعنا من الواقع المطبوع بالطابع العام إلى الطابع المفصول عن تذكر الإيمان والدين والجهاد. ألا تفصِل الحالة التنظيمية الناسَ عن مهامهم الأساسية، التنظيم يودي إلى أن يعمل جميع الأفراد في المجموعة بشكل منسجم وبمثابة تشكيلة واحدة بحيث أن عمل كل واحد منهم يكمّل عمل الآخر. وثيقة الأسس للعمل التنظيمي والاشرافي في المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الطبعة الأولى 15شعبان 1438هـ • عدم فهم الأولويات : لابد ان يكون هناك فهم بالأولويات والاشياء الأساسية والاشياء الضرورية يكون عند الناس ثوابت لا تمس والله سبحانه وتعالى ييسر الأمور لا تصل مثلا الأمور الى انه يحصل انقطاع نحن قد جربنا رعاية الله والله أكرم الاكرمين وارحم الراحمين لكن أحيانا هذه الأولويات والحسابات والاعتبارات وضعف الوعي عند العاملين وعند المشرفين يؤثر حتى في عدم فهم الأولويات ومراعاتها بشكل مستمر ويحصل أحيانا خلل في هذا. ظهر جليا في العمل المؤسسي وخاصة الحكومي قضية التكيف مع الروتين وتفشي الحالة الروتينية لدي الكثير من العاملين. • يقول السيد القائد "يحفظه الله "{إنَّ المشكلة هي إغلاق ساحة العمل في حدود نشاطات المشرف وأشخاص قلائل طاقتهم محدودة ومؤهلاتهم محدودة، بينما يبقى الآخرون في حالة التجميد بدون تفعيل ولا استيعاب ولا فتح مجال أمامهم بطريقة منظمة وميسرة، أولا ً: الأسس والمنطلقات للإدارة الإسلامية: 2- إقامة العلاقات الإدارية على أساس العبودية المخلصة لله وتحرير الإنسان من أشكال العلاقات الإدارية التي تمثل الوان الاستغلال والجهل والطاغوت. 3- تجسيد روح الأخوة العامة في كل العلاقات الإدارية بعد محو ألوان الاستغلال والتسلط فما دام الله سبحانه وتعالى واحد أو لا سيادة إلا له والناس جميعا عباده وهم مربوبون له فمن الطبيعي أن يكونوا متكافئين في الكرامة الإنسانية والحقوق ﴿فإَمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فإن لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾، 5- مبدأ الولاية والتسليم لله والثقة به والتوكل عليه. ثانياً: مبادئ الإدارة الإسلامية: 1- استشعار المسؤولية والإخلاص واتقان العمل 2- التخصص وتقسيم العمل «وَاجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ». 3- التوازن بين الصلاحيات والمسؤوليات وتدرجها 4- تغليب المصلحة العامة فوق كل اعتبار 5- الإعداد والجهوزية الدائمة لمواجهة الأعداء 6- وحدة الاتجاه والعمل الجماعي والأخوة الإيمانية واستيعاب السنن الإلهية أهمية امتلاك القدرة الإدارية في ظل الصراع والتنافس الدولي: للإدارة والتدبير أهمية كبرى وبُعدٌ آخر يتعلق بطبيعة الصراع مع العدو والقدرة على الحضور الفاعل في الساحة الإقليمية والدولية في ظل الصراع والتنافس الدولي، وفي ذلك يقول السيد القائد: «نحن- أيها الأعزاء- في عصرٍ اسمه عصر العولمة، والمؤثرات والعوامل السلبية فيه بأكثر من أيِّ زمنٍ مضى». ولهذا فإن تحقيق رؤية الأمة أو الدولة أو حتى المؤسسة وأهدافها في ظل بيئة دولية تتسم بالصراع والتعقيد والتباين فضلًا عن التطورات المتسارعة والمخططات الاستراتيجية التي تموج بها الكرة الأرضية، وتحديد واجباتهم ومسؤولياتهم وصلاحياتهم ونطاق إشرافهم وتنسيق مجهوداتهم وتحديد خطوط الاتصال فيما بينهم يقول الله تعالى (أفمن يمشي مكبا على وجه أهدى أمن يمشي سوياً ) يتحدث الشهيد القائد أن هذه الآية مهمة تتعلق بالجانب الإداري وهي توكد على أهمية اكتساب المهارات الإدارية وتنظيم الاعمال افضل من العشوائية والقصور في المعرفة. من أهم المبادئ التي يرتكز عليها التخطيط الحكيم والتي تعد قضية محورية العمل الجماعي والتشاركي في بناء الخطط وتنفيذها ومتابعتها وتقييمها وذلك لأسباب أهمها : • التأييد والحماس المتبادل بين المسؤول والعاملين لتنفيذ الخطط والإحساس بالمسؤولية المشتركة عنها. • تحقيق جماعية الإدارة والإحساس بروح الفريق وبجماعية النجاح والفشل. أهم أسباب عدم التخطيط ومعوقاته: • غياب الأهداف والتطلعات الكبيرة • عدم الشعور بالمسؤولية • عدم الوعي بالمتغيرات • المفاهيم الخاطئة والثقافات المغلوطة