الدكتور فتحي التريكي إننا نعيش اليوم أحداثاً أليمة متسارعة وعنفاً شديداً متصاعداً، وانحلالاً كبيراً في العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الشمال مذابح ويبررها بشتى الوسائل تأسيسية لما يسمى بالعولمة، الحداثة وما بعد الحداثة وتعويضها بمنطق الربح والهيمنة وفوضى السوق التي تسود الآن في عصر ما بعد الحداثة. لا محالة لا نستطيع بأي حال تبرير أحداث ١١ سبتمبر ۲۰۰۱ م عندما حطمت عمليات انتحارية بواسطة طائرات مدنية البنتغون في واشنطن. تكن من أجل الإرهاب، المستهدف في العالم، ومهما كانت أهدافهم المعلنة وغير المعلنة. ولا صدام للحضارات. هي حسب رأينا- ردة فعل قويـة ضـد هو العدل الإنساني الوحيد الممكن. لوجدنا أنهـا صـورة لقد بين الفيلسوف الفرنسي العقل، تقوم الجيوش الإنكليزية والغربية بصفة عامة بتقتيل الهنود دويلات تتكون منها أمريكا حالياً. التاريخ العنيف، ولكننا وددنا أن من أن العقلانية الغربية لم تصنع العلوم والتكنولوجيا فقط، الإقصاء والاستبعاد والتقتيل، بحيث ستؤدي هذه العقلانية إلىدويلات تتكون منها أمريكا حالياً. التاريخ العنيف، ولكننا وددنا أن نبين أن العقلانية الغربية لم تصنع العلوم والتكنولوجيا فقط، الإقصاء والاستبعاد والتقتيل، ذات قطبين، يمكننا في أحسن الأحوال - تركها جانباً، إبادتها إن اقتضت ضرورة ما لذلك. بعض الأمثلة القريبة : ألم يكن دور العقل في تمظهره الغربي كبيراً في تقتيل الشعب العراقي في حرب الخليج (بواسطة أسلحة الدمار المتطورة وبواسطة الحصار (المتواصل ؟ ألم تكن أمريكا مثلاً هي المسؤولة الأولى عن خنق الشعب العراقي بواسطة الحظر الاقتصادي الذي العقل، قوى الظلام في الإسلام بما في ذلك نظام طالبان وأسامة بن لادن نفسه لكي يحطموا النظم العربية التقدمية التي كان يمكن لها أن تلعب أدواراً استراتيجية هامة كمصر والجزائر؟ ألم يقم هذا الحداثة وما بعد الحداثة أراضيهم، إسرائيل التي هي عمرها تنفذ إرادة التصفية ضد الشعب الفلسطيني ؟ ألا يتفنر نقل في تحقير الإسلام ومحاولة الحداثة وما بعد الحداثة أراضيهم، إسرائيل التي هي بدورها تنفذ إرادة التصفية ضـد الشعب الفلسطيني ؟ ألا يتفنن هذا العقل في تحقير الإسلام ومحاولة إبعاده دينياً وسياسياً واجتماعياً عن مجتمعاته ؟ أليس الإسلام هو ألم يقف هذا مثل مجازر روندا، والبوسنة وغيرها أمريكا مثلا قد اعتبرت مجازر روندا "أزمات إنسانية" ولم يبك هذه المجازر أحد. إلى جزأين مختلفين. هناك إنسانية تستحق الدفاع عنها وحفظها وتطويرها واحترامها وهي تلك التي تنتمي بصفة مباشرة أو غير وإنسانية ثانية غيريـة وهي تستحق "العواطف الإنسانية" في أفضل الأحوال. معنى ذلك أن العالم اليوم عالمان عالم العولمة والهيمنة المطلقة وعالم (الرحمة) و العناية أي عالم تُرك إلى المنظمات الإنسانية الأخيرة (أم الأحداث ۱۸۳ الدكتور فتحي التريكي الأخيرة أم الأحداث حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي جـان وأنه يلعب دوراً مهماً في الحياة. لقد شعرت (الإنسانية الغربية أنها مهددة في كيانها ومنطقها مهددة في قابليتها للهيمنة الغربية يقطن خارج هذا الجزء الأول من الإنسانية)، جاءت كلها ظهرت الآن لاندثار العولمة من داخلها وبآلياتها وبواسطة تقنياتها لا نتحدث هنا عن العلاقة اللامتساوية بين الحياة والموت في العالمين المختلفين، الأفضل العمليات الانتحارية في العالم الثاني عالم القيمة الأفضل وهي الغاية القصوى. المطلقة التي وصلت إلى حد لا يطاق جبروت مارد يقرر مـا هـو يسطر لك حدود عيشك وتفكيرك بالقوة والعنف، ١٨٤ الحداثة وما بعد الحداثة كما لا نتحدث هنا عر لة رمز العولمة التي منذ 185/371 ١٨٤ نهاية التاريخ) حسب فوكوياما. لقد بين الفيلسوف الفرنسي وهنه الداخلي - يد المعونة للإرهابيين في تحطيم رموزه. لأنه كلما ازداد هذا النسق توحيداً على الصعيد العالمي ليصبح نهجاً واحداً، كل هذه الأمور حيوية في نمط فهمنا للحدث، ولكنها تبقى غير كافية إذا لم ننتبه إلى طبيعة النظام العالمي الجديد الذي تريد فطبيعته التكوينية الأساسية هي العنف في صبغته الرمزية المعنوية والمادية الجسدية. المتواجدة في قوة واحدة عالمية ضاربة اقتصاداً وسياسية، كما يحاول أيضاً تجميع كل الوظائف الاجتماعية والحياتية في آلية وهو بذلك يولد بؤراً لصمود فينتج عن العنف الشديد الذي تكوّن به وعمل لقوانينه وقواعده وتوجهاته، وقد أكد على هذه الفكرة الفيلسوف الفرنسي جان بودريار 110 كما يذهب إلى ذلك المثقف كل السياسة، نفسها التي ولدت بعنفها الشديد وبفرضها على نمط الحياة، ||| كما يذهب إلى ذلك المثقفون وأهل السياسة، عنفاً ودون أن نذهب إلى أقصى أعماق هذه الفكرة نقول فقط إن الإرهاب عملية اللا أخلاقية يجب التنديد بها، ولكنها جاءت أيضاً ضد عملية اللاأخلاقية وهي فليست القضية إذن هي قضية تصادم الحضارات. الحرب القائمة اليوم هي حرب بين أمريكا والإسلام، فليس بالإرهاب مما نجده في المسيحية أو اليهودية. ولكن الحرب الآن داخلية عنيفة يحاول العقل في صبغته الغربية تحويل وجهتها نحو خارجه، ظلت صامدة ضد كل مقومات ما بعد الحداثة ومن بينها العولمة وأعني بها الحضارة الإسلامية. بالحرب دون أن تأخذ المواجهة دائماً صبغة عنيفة (الحرب فقد كانت الحرب عموماً (حرب الجزائر أو حرب الفيتنام إقليمية وتحررية لا تتطلب تدخل تحالفات وجيوش ١٨٦ آخر، مناطق ليم العالم حسب التحالفات الجديدة، مصغرة يكون الهدف منها إعادة تقسيم خيرات منطقة من مناطق وحسب معطيات جغراسياسية معينة. هكذا إذن كما بينا في كتابنا العقل والحرية) تكون الحرب سمة تأسيسية للعولمة، بحيث لا يمكن لهذا النظام العالمي الجديد الذي تتزعمه أمريكا أن يستمر وينتعش إلا بالحرب والعنف، والعنف يغذي العنف وينتج حتماً الإرهاب. لذلك فإن قناعتنا أن ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية في ١٠ أيلول (سبتمبر) وما أنتجه من مواقف وصراعات وقتال وتعميم المذابح في فلسطين وقبله بأفغانستان وتوجيه حرب إعلامية ضرسة ضد الإسلام والمسلمين والعرب والآسيويين لا يمكن أن يفسر بنظرية صدام الحضارات على الرغم من أنه في الظاهر على الأقل قد يضع الحضارتين وجها لوجه في حقيقة الأمر لا يمكن بأية حال أن نعد أن منفذي العملية الذين يبدو حسب أمريكا ودون أن تقدم الأدلة > 188/371 الدكتور فتحي التريكي ۱۸۷ المسلمين. هؤلاء يضربون المجتمعات الإسلامية في كل مكان الدكتور فتحي التريكي ۱۸۷ ويحاولون - باسم تصورات خاصة بهم لتعاليم الإسلام - بث الجهل والتخلف العلمي والتقني في ربوع العالم الإسلامي الذي - حركة التحديث الهائلة المتواصلة الآن في كل حضارات العالم. لا محالة يوجد أيضاً متطرفون في الحضارة الغربية يريدون توجيه الأحداث إلى صدام مع الإسلام والمسلمين، ويدخل ضمن هؤلاء، اليمينيون والصهيونيون والعنصريون وكل الذين يريدون وقد قرأنا لهم مقالاتهم في الصحف الغربية وشاهدناهم يشتمون الإسلام والمسلمين في كثير من الشاشات التلفزية الغربية بل كثر الخبراء المهتمون بالإسلام ولسنا ندري من أين جاءتهم هذه الخبرة، وما يقوم به النظام الإسرائيلي اليوم من تقتيل يومي للأطفال والعُزَّل من الشعب الفلسطيني هو نتيجة مباشرة لتدخل هؤلاء الخبراء وتأثيرهم على الرأي العالمي الذي أصبح يرى حتى في الطفل العربي أصل الإرهاب، أو المفكر الفرنسي بارنار هنري لوفي. لكن كل ذلك لا يمكن أن 188/371 يكون سبباً لاصطدام حضار ليمتين مثل الحضارة الغربية والحضارة العربية والإسلامية على أننا لو تعمقنا نظرياً في الحداثة وما بعد الحداثة يكون سبباً لاصطدام حضارتين عظيمتين مثل الحضارة الغربية أطروحة صدام الحضارات، لوجدنا أنها قد أخطأت في تناول هذه فخطأها يتمثل في كونها لم تنتبه إلى أن الحضارات تتكون وتتغير وتتبدل من خلال جدلية الأخذ والعطاء وجدلية فمن لا يعرف أن ما يسمى اليوم بالحضارة الغربية هو نتيجة مباشرة لتطور العلوم والتكنولوجيا، وأن هذا تكوينية للحداثة. ولا سيما في متصلة تتكامل أحياناً وتتصارع أحياناً أخرى، تكتمل بعض عناصرهـا فهي على كل حال متشابكة ومعقدة وتنتج > وهي قاعدة أكـد عليها المنظر الألماني كلاوزفيتز وهو جنرال حارب نابليون >الدكتور فتحي التريكي سياسية أي امتداد للسياسية داخلياً وخارجياً، وهـي قـاعدة أكـد بونابرت وترك لنا كتاباً في نظرية الحرب حللت هذه الظاهرة سنبين في فصل لاحق (الحداثة) وما بعد الحداثة) أن فلسفة ما بعد الحداثة قد قامت على انقراض القيم التي أسستها الحداثة كفكرة التقدم والحقوق مما أدى إلى فراغ حاولت المعقولية الغربية أن تملأه بقيم (مركنتيلية)، تجارية دنيوية وبرغماتية. وهي إيطيقا جديدة تعتمد مقياس قيمة التبادل أنموذجاً أوحد للتواصل مستقلة لا تربطها إلا علاقة الحاجة والمصلحة فكأن هناك انتصارا الذي تمتد ضمنه جميع الأفعال والقيم من أبسطها إلى أعقدها. فلا شك أن للفردانية دوراً شديد الأهمية لاسترجاع الحرية ولا شك أيضاً أن الحريات والحقوق تقوم ضمنياً على أولية هذه الفردانية. 191/371 وهي التي تعطي المعاني التي العدل والإنسانية والحقوق ۱۹۰ وهي التي تعطي المعاني التي تريد إلى العدل والإنسانية والحقوق والصمود والقيم الأخرى. وفي حقيقة الأمر، الأمريكية هي التي تقرر المعايير الخاصة بالحقوق وكيفية الدفاع كما تقرر الحرب والسلم في العالم مما دعا مثلاً بعض المثقفين والسياسيين في فرنسا للبحث عن الاستثناء الثقافي. فلنا نحن في البلدان العربية المختلفة مسؤولية كبيرة في ذلك، شاملة وكونية، فليس للمثقف العربي الآن الحرية الكافية للنقد والتحليل والمشاركة في النقاشات العامة واتخاذ المواقف الجريئة، وهي التي تقدم لهذه الخيارات معاني تتسع لتشمل الحضارة فالمثقف العربي - لأنها هي بدورها قد استسلمت إلى العولمة وإلى قطبها الأمريكي، باعتبار طبيعتها وباعتبار بحيث هاجر الفكر من ربوعها، الدكتور فتحي التريكي ۱۹۰ وهي التي تعطي المعاني التي تريد إلى العدل والإنسانية والحقوق والصمود والقيم الأخرى. وفي حقيقة الأمر، الأمريكية هي التي تقرر المعايير الخاصة بالحقوق وكيفية الدفاع كما تقرر الحرب والسلم في العالم مما دعا مثلاً بعض المثقفين والسياسيين في فرنسا للبحث عن الاستثناء الثقافي. فلنا نحن في البلدان العربية المختلفة مسؤولية كبيرة في ذلك، شاملة وكونية، فليس للمثقف العربي الآن الحرية الكافية للنقد والتحليل والمشاركة في النقاشات العامة واتخاذ المواقف الجريئة، وهي التي تقدم لهذه الخيارات معاني تتسع لتشمل الحضارة فالمثقف العربي - لأنها هي بدورها قد استسلمت إلى العولمة وإلى قطبها الأمريكي، باعتبار طبيعتها وباعتبار بحيث هاجر الفكر من ربوعها، فتقوقع في الماضي أو التحق بالحاضر الغربي، كلتا الحالتين ترك فراغاً أدا تمعات العربية إلى التقهقر فأصبحت مستهلكة غير قادر على الابتكار والخلق وإنتاجمن ربوعها، وفي ۱۹۱ فأصبحت مستهلكة غير قادرة على الابتكار والخلق وإنتاج الجديد. ولو تمعنا قليلاً في ظاهرة علاقتنا بالغرب، ضمن توحد الغرب في تدبير شؤون العالم. هذا التوحد الذي نتج كما بينا سابقاً عن إرادة الهيمنة المطلقة أصبح اليوم أكثر تصلبـاً بحيث إنه قد استبعد الآخر والغير والمختلف، وبنى تصوراً ذا بعد فقد كتب مثلاً المفكر القاضي الإسباني بلتزار كرزون "إن الغرب وهياكله السياسية والعسكرية و الاجتماعية والاقتصادية قد اهتمت أساساً بالتقدم المزري والفادح للإنتاج والأرباح المعولمة، ولم تهتم بتوزيع الأرباح توزيعاً عادلاً بين الناس والشعوب. المهاجرين اهتمت بإبقاء الديون الخارجية وتطويرها أكثر من اهتمامها بغرس حركية إنتاجية في هذه البلدان (غير الغربية) التي 192/371 193/371 ۱۹۲ تواصلها مع الآخرين. أو بتر لم تستطع هذه المعقولية أو بتعبير آخر لم تستطع هذه المعقولية استضافة المعقوليات الأخرى لإحداث كوينية عادلة ومشتركة بين إخفاق العولمة وانقراض عصر ما بعد الحداثة. وفي حقيقة الأمر، وكاد التفاهم لأنه لا تواصل ممكن بين المجموعة يخضع إلا لمعايير منطقية مقبولة من الجميع. القوة القاهرة الجبارة، القبول العمومي للعقل، حكماً ووازعاً بين المعقوليات، نفعية وشكلاً جغراسياسياً معيناً يبرر غلبة العولمة ويجعلها نهاية التاريخ. وتمييز نواته الأساسية من غاياته النفعية. الأول لإمكانية توحيد التنوع والاختلاف. وعلى الرغم من أهمية 194/371 الدكتور فتحي التريكي هذا النقد، فإن هذا العقل التواصلي في صبغته الكونية والاجتماعية قد لا يكفي أيضاً ليكون هناك حقيقة تحاور بين الثقافات واتصال متواصل يصل إلى مستوى الكم المهم على كل الحال هو الا بالكثرة والتنوع في الثقافة فإن هذا العقل التواصلي في صبغته الكونية والاجتماعية قد لا يكفي أيضاً ليكون هناك حقيقة تحاور بين الثقافات واتصال متواصل يصل إلى مستوى الكوني. المهم على كل الحال هو الاعتراف بالكثرة والتنوع في الثقافة ففي معقولية الحوار ولكنه لا يكفي لأن حق الكثرة وحق الاختلاف قد يتحولا هما أيضاً إلى نوع من الاستبداد، بحيث لن يكون هناك فباسم الاختلاف يمكن اقتراف أبشع الجرائم البشرية. لذلك فلا بد أن يؤدي الاعتراف بالكثرة الشخصية للأفراد والمجتمعات والشعوب ويبني بينها نقط التقاء ليصبح العيش سوياً بينها ممكناً. فالمعقولية الغربية تحاول عكس ذلك تجاوز الهويات لإقرار قد نهجوا نهج هذا التوجه السياسي للمعقولية الغربية. فمن ناحية تحاول العولمة ضم الهويات بعضها إلى بعض من خلال تقنيات الاتصال 195/371 الحداثة وما بعد الحداثة للقضاء عليها باعتبار أنها يمكن أن تكون عائقاً لتطورها إن لم نقطة انطلاق للصمود ومن ناحية أخرى، تنمي بعضها (كهوية الأقليات دون مناطق مؤزمة في العالم -- انااء الا أنالحتير من بعد ذلك التوجه وحاول ربط الجسور بعددا مع الا. وعد أن الهوية في صبغتها الانفتاحية ضرورة للتعايش. العولمة ضم الهويات بعضها إلى بعض من خلال تقنيات الاتصال 195/371 الحداثة وما بعد الحداثة تصبح نقطة انطلاق للصمود ضدها. ومن ناحية أخرى، فهـي قـد تنمي بعضها (كهوية (الأقليات لتكون مناطق مؤزمة في العالم إلا أن الهوية في كنهها و في نمط تطورها يمكن أن تلعب دور الصمود ضد العولمة، وسيأخذ هذا الصمود شكلاً تراجعياً ورجعياً