النسخ : قد يأتي بمعنى الإزالة ، ومنه قوله تعالى ﴿ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّيُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [سورة الحج ٥٢] ، وقد يأتي بمعنى نقل صورةالكتابة من موضع إلى آخر ، والنظر في القرآن باعتبار أن آية من آياته مبينة لانتهاءأمد حكم تضمنته أية أخرى ، وانقضاء أجله ورفعه ، ودعوى من لا يرى وقوع النسخ ، وحجه على ما يقول ،في الآيات الأحكام إلا عند قيام دليل شرعي لرفع حكم شرعي ثابت.فالنسخ هو رفع تشريع سابق كان يقتضي الدوام حسب ظاهره – بتشريع لاحق ،بحيث لا يمكن اجتماعهما معاً ،من إجماع أو نص صريح. إذن فرفع الحكم عن بعض أفراد الموضوع العام ليسنسخاً – في الاصطلاح –- إذ لم يرتفع التشريع السابق نهائياً ، ومن ثم فهو تخصيص في العام ،الحكم محدوداً صريحاً من أول الأمر فارتفاعه بانتهاء أمده لا يكون نسخاً في وإنما النسخ رفع حكم يكون بطبعه ظاهراً في البقاء والاستمرار لولامجيء الناسخ ببيان جديد وهكذا إذا ارتفع تكليف عند مصادفة حرج أو اضطرار أوضرر شخصي أو لمصلحة وقتية - على ما يفصلها الفقهاء - لا يكون من النسخ في إذ جميع ذلك لم يكن من حقيقة النسخ ، فالنسخ في حقيقته الأولية – بمعنىنشأة رأي جديد - مستحيل عليه تعالى . إذ هو بذاك المعنى يستدعي تبدل رأي بظهور خطأ أو نقص في تشريعه السابق ، عثر عليه متأخراً فأبدل رأيه إلى ويكون هذا الأخير هو الكامل الصحيح في نظره حالياًويجوز تبدل رأيه ثانياً وثالثاً إلى تشريع ثالث ورابع ، ما دام يحتمل خطأه فيكل تشريع. هذا المعنى إنما يخص أولئك المتشرعين غير المحيطين بالمصالحوالمفاسد الكامنة وراء الأمور تلك الإحاطة الشاملةأما العالم بالخفايا المحيط بجوامع الواقعيات في طول الزمان وعرضه على حدسواء فيمتنع عليه خطأ في إصابة الواقع أو يفوته نقص كان غافلاً عنه ثم وجده ،إذن فالنسخ المنسوب إليه تعالى نسخ في ظاهره ، أما الواقع فلا نسخ أصلاً،وإنما هو حكم موقت و تشريع محدود من أول الأمر ، وإنما المصلحة الواقعية اقتضت هذا التشريع وقد شرعه الله تعالى وفق تلك المصلحة المحدودة من أول الأمر.لمصلحة في التكليف أخفى تعالى بيان الأمد، وأجله إلى وقته المحدود .الأمد جاء البيان إلى الناس : إنَّ هذا التشريع قد انتهى بهذا الأجل.الدينية ليس سوى تأخير بيان الأمد المضروب من الأول، منها الاختبار بتوطينهم على الطاعة فيما كان التكليف السابق شاقاً وغير ذلك من مصالح يراها المولى الحكيم.وأهمية هذا العلم كبيرة في معرفة استمرار ثبوت حكم الآية أو ارتفاعه ،في القرآن ليس من قبيل التناقض في القول او الاختلاف فيه ،الاختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه الحكم حيناً تحقيقاً لمصلحة ،