علاقة قانون العمل بعالم الشغل وبفئة العمال جعلت منه قانون متميز وخاص وله امتداد اجتماعي واقتصادي وسياسي، ولئن كان للمذهب الحر دور في العالم المهني بتكريسه لقواعد التعاقد الحر فسرعان ما تدخلت الدولة بقواعد أمرة لحماية فئة العمال من أي تعسف وأصبحت وفي الجزائر ومن خلال المراحل التي مر بها تشريع العمل يتبين أنه وقبل سنة 1990 كانت الدولة (السلطة العامة) متدخلة في كل صغيرة وكبيرة ذات صلة لكن ومع التحولات الحاصلة في كافة المجالات ودخول الاقتصاد التحولات الحاصلة ليصبح تشريع العمل يرتكز على التفاوض والتعاقد والمتاجرة وما يعني ذلك من دور حساس لآلية التفاوض الجماعي والمشاركة العمالية . لكن واعتبارا لحساسية هذا المجال بقى المشرع متدخلا بقواعد قانونية آمرة لحماية فئة العمال وبذلك أستحدثت آليات جديدة لها دور في عالم الشغل كالتفاوض الجماعي وأعتمدت المشاركة في كافة مظاهر العلاقة المهنية من إنعقاد العلاقة إلى إنتهائها وحتى عند حدوث منازعة فردية أو منازعة جماعية ، كرس الصبغة الاجتماعية على هذا القانون. وما برر وجوب بقاء تدخل الدولة هو الوضع المهني الناجم عن حل وتصفية المؤسسات العمومية وحتمية حماية العمال بواسطة آليات جديدة تضمنتها المراسيم التشريعة المصنفة ضمن الملف الإجتماعي وإستحداث نظام التأمين على البطالة والتقاعد المسبق حركية عالم الشغل لم تتوقف عند حماية العمال إجتماعيا بل كذلك بمراجعة القوانين ذات الصلة كقوانين الضمان الاجتماعي والتقاعد والمنازعات المرتبطة بها وكذا وضع اطار قانوني متميز لضبط علاقات عمل مسيري المؤسسات باستصدار المرسوم التنفيذي 290/90 المؤرخ في 1990/09/26 المتضمن النظام القانوني الخاص بعلاقات عمل مسيري المؤسسات كما تم التنازل عن أصول المؤسسات العمومية لفائدة العمال الأجراء الذين اكتسبوا صفة الشريك المساهم إضافة إلى صفتهم الأصلية - عمال أجراء وما نجم عن ذلك من تداخل في القوانين وقد أسفر على هذه التحولات العميقة في العالم الإقتصادي نزاعات فالمشرع نظم إجراءات تسوية المنازعات الفردية و أفردها بالقانون 04/90 المؤرخ في : 1990/02/06 المتضمن تسوية المنازعات الفردية في العمل وهذا القانون بمثابة قانون إجراءات في مجال المنازعات الفردية في العمل . الترابط بين تشريع العمل والحماية الإجتماعية هو ماجعل من المشرع الجزائري يطلق عليه وعلى الجهة المختصة بالبث في المنازعات الناشئة عن تطبيق وتفسير النصوص ذات الصلة بالقضاء الاجتماعي. إن هذه الحركية الدائمة في العالم المهني والتطورات الحاصلة استوجبت مسايرة تشريع وأنظمة العمل لهاته التحولات السريعة كون قواعده تتميز بالواقعية والمرونة والتطور السريع وما شهدته و استكمال البنية القانونية يتطلب عدم إغفال أي جانب من جوانب القانون الاجتماعي ، لأنه ينظم علاقات أكبر شريحة اجتماعية. ومن خلال تشريح التطورات الحاصلة على المستوى التشريعي والتنظيمي والقضائي يتبين جليا ان موضوع المنازعة الفردية في العمل ما زال يثير إشكالات كثيرة على مستوى التعاطي الداخلي وحدود تدخل مفتشية العمل ودور مكتب المصالحة وكذا فاعلية القضاء الاجتماعي القسم الاجتماعي) في مجال تسوية المنازعات الفردية في العمل ، القاعدة العمالية وولاية الجهة القضائية المختصة إقليميا ونوعيا، سیما: أولا : على المستوى التشريعي ثانيا: على مستوى التنظيمي ثالثا: على مستوى المؤسسة والإجراءات الداخية المصالحة خامسا : على مستوى المحكمة الاجتماعية (القسم الاجتماعي) 1- على مستوى المحكمة الابتدائية 2- على مستوى المجلس القضائي