المؤرخون الجدد والرواية الفلسطينية مجموعة من الباحثين الإسرائيليين، تُعرف مجتمعةً باسم "المؤرخين الجدد"، تتحدى الروايات الصهيونية التقليدية المحيطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. من خلال التعمق في الأرشيفات الإسرائيلية التي رُفعت عنها السرية حديثًا، قدّم هؤلاء المؤرخون تفسيراتٍ غالبًا ما كانت أقرب إلى الروايات الفلسطينية للتاريخ، وخاصةً فيما يتعلق بأحداث عام 1948. ابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي، إلى إعادة دراسة تاريخ إسرائيل باستخدام المواد الأرشيفية المُتاحة حديثًا. هذه الحركة البحثية تمثّل تحولًا في المقاربة التاريخية، 1. بيني موريس: يُعتبر غالبًا رائد هذه المجموعة. اشتهر بتحقيقاته حول تهجير الفلسطينيين خلال حرب 1948، حيث استند إلى أرشيفات إسرائيلية ليثبت أن عملية التهجير لم تكن عشوائية بل كانت جزءًا من خطة منظمة. 2. إيلان بابيه: عُرف بموقفه النقدي من الصهيونية وبمساهماته في نقد الرواية الصهيونية حول تأسيس إسرائيل. اهتم بشكل خاص بتوثيق ما يُسمى بـ"النكبة" الفلسطينية عام 1948 وأثرها على الشعب الفلسطيني. 3. آفي شلايم: ركّز على السياسة الخارجية لإسرائيل وعلاقاتها مع الدول العربية المجاورة، وخصوصًا تلك التي نشأت بعد حرب 1948 وحرب 1967. قاد دراسات بحثية انتقدت سياسة إسرائيل تجاه العرب خاصة في علاقاتها مع مصر والأردن. 4. توم سيغيف: صحفي ومؤرخ استكشف التطور المجتمعي لإسرائيل، حيث ركز على الأبعاد الاجتماعية والثقافية للظاهرة الإسرائيلية وتأثير الأحداث التاريخية الكبرى على المجتمع الإسرائيلي. 5. سيمحا فلابان: من أوائل من طعنوا في الأساطير الصهيونية المتعلقة بتأسيس دولة إسرائيل، وركز على كشف الاختلافات بين الروايات التاريخية الرسمية والوقائع كما تظهرها الوثائق التاريخية الحديثة. قدمت هذه المجموعة من المؤرخين إعادة تقييم جذرية للتاريخ الإسرائيلي، 2.2 المنهجية 1. البحث الأرشيفي: o أعطى المؤرخون الجدد الأولوية لاستخدام المصادر الأولية المتاحة حديثًا من أرشيفات الحكومة والجيش الإسرائيلي. هذا البحث الأرشيفي مكنهم من الوصول إلى وثائق رسمية كانت قد فُتحت عنها السرية، o قدموا نهجًا تنقيحيًا للتاريخ، حيث طعنوا في الروايات الراسخة التي كانت تُدرس في المناهج التاريخية التقليدية. على سبيل المثال، ناقشوا دور الصهيونية في تهجير الفلسطينيين خلال حرب 1948 واعتبروا أن هذا جزء أساسي من سياسة مدروسة، 3. التحليل النقدي: o قاموا باستخدام التحليل النقدي للعديد من الأساطير الوطنية الإسرائيلية التي تمثل تاريخ إسرائيل الرسمي. عملوا على تسليط الضوء على التعقيدات والتناقضات في الأحداث التاريخية، مما أعطى صورة أكثر دقة وواقعية حول تشكيل الدولة الإسرائيلية وممارساتها خلال السنوات الأولى من تأسيسها. هذا التحليل النقدي أشار إلى وجود فجوات بين الأساطير الشعبية والوقائع التاريخية، لا سيما في ما يتعلق بتفسير أحداث مثل النكبة الفلسطينية وحرب 1948. أدى هذا النهج المنهجي إلى تقديم فهم أكثر دقة وشمولية لتاريخ إسرائيل، والذي غالبًا ما يتناقض مع الروايات الرسمية المهيمنة، مما ساهم في إثراء النقاش الأكاديمي حول الهوية الإسرائيلية والصراع الفلسطيني. 3. المواضيع الأساسية في أعمال المؤرخين الجدد 3.1 حرب 1948 والنزوح الفلسطيني ركز المؤرخون الجدد بشكل أساسي على أحداث عام 1948، خاصةً التهجير الجماعي للفلسطينيين الذي يُعرف بالنكبة. وفقًا للمؤرخين الجدد، فإن الأدلة تشير إلى ما يلي: • التهجير القسري: يشير المؤرخون الجدد إلى أن القوات الإسرائيلية قد قامت بطرد العديد من الفلسطينيين من ديارهم أثناء العمليات العسكرية. هذه الأحداث كانت جزءًا من سياسة ممنهجة تهدف إلى خلق دولة ذات أغلبية يهودية. • تدمير القرى: يوضح المؤرخون الجدد أن أكثر من 500 قرية فلسطينية قد دُمّرت بشكل ممنهج لمنع الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم بعد نزوحهم. مما ساعد في تعزيز سياسة "التهجير الدائم". ومن أبرز هذه الحوادث مذبحة دير ياسين. هذه الحادثة تمثل مثالًا على الممارسات الوحشية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد السكان الفلسطينيين. وثق بيني موريس في كتابه الرائد "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" العديد من الحالات التي شهدت طرد الفلسطينيين من مناطقهم وارتكاب القوات الإسرائيلية لأعمال وحشية. بينما ذهب إيلان بابيه إلى أبعد من ذلك، واصفًا هذه الأفعال بأنها جزء من خطة تطهير عرقي متعمدة تهدف إلى إقامة دولة يهودية خالية من العرب. 3.2 العلاقات الإسرائيلية العربية وجهود السلام حيث انتقدوا سياسة إسرائيل في هذا السياق: وفقًا لشلايم، أدى هذا التوجه إلى تفويت العديد من فرص السلام، حيث كانت القيادة الإسرائيلية في ذلك الوقت تفضل التوسع الإقليمي على المصالحة الحقيقية مع جيرانها. • المؤرخون الجدد أشاروا إلى أن السياسة الإسرائيلية كانت تُركّز بشكل كبير على تعزيز الأمن العسكري عبر القوة والهيمنة الإقليمية، بذلك، قدم المؤرخون الجدد فهمًا نقديًا للعلاقات الإسرائيلية العربية، 3.3 المجتمع والسياسات الإسرائيلية الداخلية استكشف توم سيغيف الديناميكيات المجتمعية داخل إسرائيل في إطار دراساته التاريخية، في عمله، 1. معاملة الناجين من الهولوكوست: وقد تناول سيغيف كيف تم معاملة هؤلاء الناجين، موضحًا الصعوبات النفسية والاجتماعية التي واجهوها في محاولاتهم للاندماج في المجتمع الإسرائيلي الجديد. أشار إلى أن الدولة لم تُقدّر تمامًا معاناتهم في البداية، وكان يتم تجاهل أو التقليل من أهمية تجاربهم. هذا الإهمال كان مرتبطًا بشعور دولة إسرائيل بأنها تحتاج إلى إرساء هوية قوية ترتكز على مبادئ الصهيونية، 2. دمج اليهود الشرقيين: o تناول سيغيف أيضًا قضية دمج اليهود الشرقيين في المجتمع الإسرائيلي. حيث تم تهميشهم لصالح اليهود الغربيين (الأشكناز). وتم تجميع العديد من اليهود الشرقيين في معسكرات ترحيل وسياسات إقامة منخفضة، مما عكس الفجوات العميقة في المجتمع الإسرائيلي بين الفئات المختلفة من اليهود. 3. عسكرة المجتمع الإسرائيلي: o قام سيغيف بتحليل ظاهرة عسكرة المجتمع الإسرائيلي، مما جعل الجيش جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمجتمع. بما في ذلك السياسة والتعليم والثقافة. من خلال هذه الدراسات، ساهم توم سيغيف في فهم أعمق لكيفية تطور المجتمع الإسرائيلي داخليًا، وتحديدًا في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت بعد تأسيس الدولة. 4. المواقف تجاه الرواية الفلسطينية 4.1 إيلان بابيه: التوافق مع وجهات النظر الفلسطينية يُعد إيلان بابيه من أبرز المؤرخين الذين يتوافقون مع الرواية الفلسطينية، حيث قدم دعمًا كبيرًا لفهم معاناة الفلسطينيين خلال النزاع مع إسرائيل. في كتابه الشهير "التطهير العرقي لفلسطين"، جادل بأن طرد الفلسطينيين في عام 1948 كان جزءًا من خطة تطهير عرقي متعمدة من قبل القادة الصهاينة. • دفاعه عن النكبة: دافع بابيه عن الاعتراف الكامل بالنكبة الفلسطينية، مشيرًا إلى أنها لم تكن مجرد "حرب دفاعية" كما تُصوّر في الرواية الإسرائيلية الرسمية. وهو الموقف الذي جعل بابيه في صراع مع الرواية الصهيونية السائدة. في النهاية، 4.2 بيني موريس: موقف معقد قدم بيني موريس موقفًا أكثر تعقيدًا فيما يتعلق بالرواية الفلسطينية، • الاعتراف بالطرد والفظائع: في بداية أبحاثه، أشار موريس إلى وجود عمليات طرد فلسطينيين، فضلاً عن ارتكاب فظائع من قبل القوات الإسرائيلية خلال حرب 1948. تغيرت تفسيراته للأحداث. في سياقها التاريخي، كانت ضرورية لبناء الدولة الإسرائيلية. • موقفه من حق العودة: رغم اعترافه بمعاناة الفلسطينيين، رفض موريس دعم حق العودة للاجئين الفلسطينيين، حيث اعتبر أنه سيقوض الهوية اليهودية للدولة الإسرائيلية. هذا الموقف جعله في مواجهة مع الرأي العام الفلسطيني والداعم لقضيتهم. 4.3 آفي شلايم: نقد دبلوماسي وخاصة مع الأردن، وتساءل عن تأثير سياسات إسرائيل الدبلوماسية في الشرق الأوسط: • الفرص الضائعة للسلام: في كتابه "الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي"، انتقد شلايم السياسة الإسرائيلية التي اعتمدت بشكل كبير على القوة العسكرية بدلاً من استغلال الفرص الدبلوماسية لتحقيق السلام مع جيرانها. • عدم التعمق في الرواية الفلسطينية: رغم أن شلايم لم يتناول بشكل معمق الرواية الفلسطينية الخاصة بالتهجير والطرد، فإن نقده للسياسات الإسرائيلية العدوانية قدم دعمًا غير مباشر للمواقف الفلسطينية التي ترى أن إسرائيل كانت متعنّتة في مفاوضات السلام. 4.4 توم سيغيف وسمحا فلابان: نقدان مجتمعيان وأسطوريان ساهم كل من توم سيغيف وسمحا فلابان في تفكيك الأساطير الإسرائيلية حول تأسيس الدولة وتحدي السياسات المجتمعية السائدة: • سمحا فلابان: في كتابه "ولادة إسرائيل: الأساطير والحقائق"، تحدى فلابان العديد من الأساطير الصهيونية حول تأسيس إسرائيل، مؤكدًا أن القادة الصهاينة كانوا أكثر عدوانية وأقل استعدادًا للتنازلات مما يُصوَّر تقليديًا في التاريخ الرسمي. • توم سيغيف: ركز سيغيف على تحليل المجتمع الإسرائيلي من خلال تسليط الضوء على التناقضات والتعقيدات الداخلية، مشيرًا إلى كيفية تأثير السياسات الإسرائيلية على الفلسطينيين والمجتمع الإسرائيلي بشكل عام. نهج سيغيف الصحفي كان نقديًا، من خلال هذه الدراسات والمواقف، يسهم المؤرخون الجدد في تقديم صورة أكثر تنوعًا وتعقيدًا للأحداث التاريخية، 5.1 الاستقبال في إسرائيل واجه المؤرخون الجدد ردود فعل سلبية واسعة النطاق داخل إسرائيل، في سياق هذا الجدل، واعتبروا أعمالهم بمثابة تأجيج للمشاعر المعادية لإسرائيل في الداخل والخارج. • انقسام داخل المؤسسة الأكاديمية: انقسمت المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية بين من دافع عن أهمية البحث النقدي وأكد على ضرورة دراسة الماضي بشكل شامل وغير منحاز، ومن اعتبر أن هذه الأعمال تضر بمكانة إسرائيل الدولية وتساهم في إضعاف موقفها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على الصعيد الدولي، قوبلت أعمال المؤرخين الجدد بتفاعل متباين. • الإشادة من المدافعين عن حقوق الفلسطينيين: في الأوساط الأكاديمية والمنظمات الحقوقية التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين، قوبل عمل المؤرخين الجدد بالترحيب والإشادة. وقد وجد هؤلاء في نتائج أبحاثهم ما يبرر العديد من المطالب الفلسطينية، • رفض من المؤيدين لإسرائيل: من ناحية أخرى، غالبًا ما رفضت الجماعات المؤيدة لإسرائيل أعمال المؤرخين الجدد باعتبارها متحيزة وغير عادلة تجاه الرواية الإسرائيلية. وقد اعتبروا أن هذه الأعمال لا تأخذ في الحسبان السياق الأوسع للنزاع، أو أنها تركز على أفعال إسرائيل بطريقة غير موضوعية. • الاعتراف الأكاديمي العالمي: رغم هذه الانتقادات، أقر المجتمع الأكاديمي العالمي بأهمية أعمال المؤرخين الجدد، مشيدًا بإسهاماتهم في تقديم بحث دقيق ودراسات أرشيفية توفر فهمًا أكثر تعقيدًا ودقة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. 5.3 التأثير على التأريخ الفلسطيني كان لأعمال المؤرخين الجدد تأثير كبير على التأريخ الفلسطيني، حيث قدموا أدلة أرشيفية تدعم السرديات الفلسطينية التاريخية. • دعم المطالب الفلسطينية: من خلال استخدام الوثائق الأرشيفية والمصادر الأولية، ساهم المؤرخون الجدد في تأكيد رواية الفلسطينيين حول الطرد والتهجير والتطهير العرقي، وهو ما زاد من قوة المطالب الفلسطينية في المجتمع الدولي. • تقارب بين السرديات: عزز هذا النهج التقارب بين الروايتين الفلسطينية والإسرائيلية من خلال توفير قاعدة بيانات تاريخية أكثر شمولًا، وقد ساهم ذلك في إنشاء خطاب تاريخي أكثر توازنًا بين الجانبين، رغم التوترات المستمرة حول تفسير الماضي. 6. الأطر النظرية والمعايير الدولية وتشمل: 1. نظرية ما بعد الاستعمار: o من خلال تحدي السرديات السائدة التي تروج لها القوى الاستعمارية السابقة (إسرائيل في هذا السياق)، ساهم المؤرخون الجدد في إعادة النظر في التاريخ من منظور ما بعد الاستعمار. ذلك أن هذه النظرية تتعامل مع كيفية تأثير الاستعمار والاستيطان على المجتمعات الأصلية، 2. دمج التاريخ الشفوي: o إحدى أبرز سمات منهجيات المؤرخين الجدد هي دمج التاريخ الشفوي الفلسطيني، حيث يعطون أهمية للشهادات الشفوية التي يرويها الفلسطينيون الذين عايشوا الأحداث. حيث توفر سردًا شخصيًا يساهم في إثراء الفهم التاريخي ويساهم في بناء صورة أكاديمية أكثر تكاملًا وواقعية. 3. المعايير الدولية لحقوق الإنسان: والإقرار بحق الشعوب في تقرير مصيرها. يدعم المؤرخون الجدد المطالبة بالحقيقة والمصالحة، من خلال هذه الأطر النظرية، 1. الدقة التجريبية o اعتمد المؤرخون الجدد بشكل كبير على الأرشيفات الإسرائيلية التي رفعت عنها السرية، مما أتاح لهم الوصول إلى مواد أرشيفية كانت مغلقة في السابق. هذا المنهج البحثي جعل ادعاءاتهم تتمتع بأساس تجريبي قوي، وهو ما عزز مصداقية نتائجهم. 2. تحدي الأساطير القومية كان الأكثر شهرة الادعاء القائل بـ "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، o عبر تحليل دقيق للأحداث، 3. فتح الحوار o من خلال الاعتراف بمعاناة الفلسطينيين وحقوقهم، مهّد المؤرخون الجدد الطريق لفتح حوار أكثر صدقًا وشمولًا، سواء في الداخل الإسرائيلي أو على الساحة الدولية. o هذه المقاربة شجعت على إعادة النظر في السرديات التقليدية، 4. التكامل الأكاديمي الدولي وروايات الضحايا، وإعادة تفسير تشكيل الدولة في حقبة ما بعد الاستعمار. o تمّ دمج هذه الأبحاث ضمن السياق الأكاديمي العالمي، 1. قاعدة المصادر الانتقائية o رغم استخدام المؤرخين الجدد للأرشيفات الإسرائيلية بشكل واسع، أو الأمم المتحدة. o هذا الانتقاء للمصادر قد يكون قد أثر على شمولية تحليلاتهم. كان من الممكن أن تضيف هذه المصادر مزيدًا من التعقيد والتوازن إلى الصورة التي رسموها للصراع، مواقفهم بمرور الوقت، في بداية أبحاثه، بدا موريس متعاطفًا مع الرواية الفلسطينية حول الطرد والتهجير، إلا أنه برر لاحقًا بعض عمليات الطرد باعتبارها ضرورية من الناحية العسكرية لبناء الدولة. 3. إهمال الوكالة الفلسطينية o بالرغم من أن المؤرخين الجدد ركزوا على معاناة الفلسطينيين وأثر الحروب عليهم، إلا أن بعض النقاد أشاروا إلى أن أعمالهم لم تتناول بشكل كافٍ الديناميكيات السياسية الفلسطينية، أو إخفاقات القيادة الفلسطينية خلال تلك الفترة. o كما أن بعض الدراسات كانت تفتقر إلى الاهتمام بالتحولات الداخلية في المجتمع الفلسطيني وكيفية تأثير هذه التحولات على الأحداث التاريخية. الإرث والأهمية المستمرة 8.1 التأثير على الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية • غيّر المؤرخون الجدد بشكل جذري مشهد الدراسات التاريخية الإسرائيلية، حيث دفعوا باتجاه إعادة النظر في سرديات تأسيس إسرائيل. و1973، بالإضافة إلى دراسة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة. • تجدر الإشارة إلى أن تأثيرهم امتد إلى ما هو أبعد من أقسام التاريخ، والدراسات القانونية، سواء في إسرائيل أو في العالم. 8.2 التأثير على خطاب السلام • ساهم المؤرخون الجدد في دفع خطاب السلام الفلسطيني من خلال تقديم تبرير تاريخي للمظالم الفلسطينية. • استُشهدت أعمالهم في تقارير حقوق الإنسان الدولية وأطر العدالة الانتقالية، حيث دعموا مطالب الفلسطينيين بالاعتراف بحقوقهم والتعويضات. • في السنوات الأخيرة، • ومع ذلك، فإن النقاشات العالمية حول الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، • على سبيل المثال، 9.1 التباين مع التأريخ الصهيوني التقليدي • يصوّر التأريخ الصهيوني التقليدي قيام إسرائيل على أنه ولادة جديدة معجزية للشعب اليهودي في وطنه الأصلي، حيث تم تصوير حرب 1948 على أنها حرب دفاعية ضد تهديد وجودي، مع تصوير الفلسطينيين كفاعلين سلبيين أو معادين. • قام المؤرخون الجدد بتحدي هذا النموذج من خلال التركيز على: o التعقيد والفروق الدقيقة في التاريخ الدبلوماسي العربي الإسرائيلي. o التشكيك في الثنائيات الأخلاقية التي صورت إسرائيل على أنها "الخير" والعرب على أنهم "الشر". 9.2 التقاطع مع المؤرخين الفلسطينيين طعن العديد من المؤرخين الفلسطينيين مثل وليد الخالدي، • كان كتاب وليد الخالدي "كل ما تبقى" (1992) من أوائل الكتب التي وثقت القرى الفلسطينية المدمرة باستخدام الخرائط والصور والشهادات، رغم أن بعض النقاد مثل بيني موريس اختلفوا حول كيفية تطبيق هذا المفهوم بشكل منهجي. • هذا التقارب بين المؤرخين الجدد والمفكرين الفلسطينيين حفز مبادرات تاريخية تعاونية، وشجع الأكاديميين الإسرائيليين على معالجة المصادر الفلسطينية بجدية أكبر. • لاقت أعمال المؤرخين الجدد إشادة واسعة في الأوساط الأكاديمية الدولية، حيث تم استشهاد بها في مجالات: o دراسات ما بعد الاستعمار. o العدالة الانتقالية وقانون حقوق الإنسان. • رحب باحثون مثل إدوارد سعيد بأعمال المؤرخين الجدد، مع دعوات للتفاعل بشكل أعمق مع التجربة الفلسطينية المعاشة. أصبحت أعمالهم مرجعًا أساسيًا في أي منهج دراسي يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث تمثل إطارًا جديدًا لفهم القضايا المعقدة في هذا السياق. • بالإضافة إلى تأثيرهم الأكاديمي، كان لأبحاثهم دور في التأثير على الصحفيين، الخاتمة: بين التنقيحية والاعتراف • لعب المؤرخون الجدد دورًا محوريًا في إعادة تشكيل فهمنا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. تمكنوا من فتح المجال التاريخي للاعتراف بالسردية الفلسطينية، بل كقصة تستند إلى أدلة تجريبية. لا تزال أعمالهم محل جدل سياسي شديد. بينما تُستقبل بين الفلسطينيين باحترام حذر. حفّز المؤرخون الجدد نماذج جديدة للبحث التاريخي. • القيمة طويلة الأمد لأعمالهم لا تكمن في حل النزاعات التاريخية بقدر ما تكمن في تمهيد الطريق نحو محاسبة صادقة للماضي، وهو أمر أساسي من أجل تحقيق سلام دائم وعادل.