إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد : فلما كان من شأن المسلم أن يتعبد الله تعالى طبق ما شرعه تعالى في كتابه وبما جاء في سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وما تفرع عنهما من أحكام وكان الوصول لمعرفة تلك الأحكام غير متيسر لكل إنسان فقد امتن الله تعالى على هذه الأمة بعلماء أجلاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، تفقهوا في دين الله وتعمقوا في فهم النصوص الواردة في كتاب الله وسنة رسوله، حتى أوضحوا للناس معالم الطريق على هدى وبصيرة، فرضى الله عنهم أجمعين بقدر ما اجتهدوا وبذلوا. ولقد كان من الطبيعي أن تختلف بعض أقوالهم، وتتعدد فتاواهم في المسألة الواحدة لأسباب بينها المؤلف في هذه الرسالة، فلم يوجد ما يوجب أو يبيح طعن بعضهم ببعض، وإنما أخذ كل مسلم القول الذي رآه مع الدليل و عمل به. ومن جهل الدليل استفتى من يثق به في علمه وتقواه، فأخذ بقوله وعمل بمقتضاه، ثم جاء من بعد ذلك من تعصب لبعض الأقوال ووالى أصحابها، ونسب لهم من صفات المدح ونعوت الكمال ماهم - بفضلهم وتقواهم وعلمهم - بغنى عنه، ونسب لغيرهم من النقائص ما هم بما أكرمهم الله به منزهون عنه وقد استغل هذا الخلاف أعداء هذا الدين، فراحوا يثيرون الخلاف بغية مآربهم الخبيثة، ويضاعفون الشقة بين المسلمين لأغراضهم الدفينة فكان من نتيجة ذلك أن تفرقت الأمة شيعاً وأحزاباً، فعند ذلك طمع فينا من كان يهابنا، فنكبت البلاد الإسلامية بالصليبيين زمناً، وبالتتار ومن بعدهم ثم أخيراً التحالف الشيوعي، والصهيوني كما هو حال المسلمين اليوم . ! وقد تنبه إلى هذه الأخطاء عدد من العلماء المفكرين فقام كل في مكانه وزمانه يبذل الجهد في جمع الشتات وإعادة الناس إلى الأصل الذي ينبغي أن يفتخر بالانتساب إليه، ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فيهما تتوحد صفوفهم، وتزول خلافاتهم، ولقد كان من أعظم هؤلاء الذين ساهموا في تنقية الفكر الإسلامي من التفرق والاختلاف شيخ الإسلام ابن تيمية (1) رحمه الله. فقد فقد رحمه الله في مؤلفاته القيمة جميع المحاولات التي كان يثيرها الأعداء حول الإسلام، وكان مع هذا من أبرز القواد الذين شاركوا في تطهير ديار المسلمين من الغزاة الشتر) ومن أبرز أعماله في جمع الناس على الكتاب والسنة قيامه بتأليف هذه الرسالة القيمة في بابها، ! فإنه - رحمه الله - بين فيها ما يجب على كل مسلم. وخاصة العلماء الذين هم قدوة السلف الصالح، فذكر رحمه الله أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة يتعمد مخالفة الرسول (1) هو الإمام المفسر، المجتهد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن ولد في ربيع الأول بحران سنة ١٦١، وقدم مع والده وأهله إلى دمشق وهو صغير، وثغره وامتحن وأودي في سبيل الله مرات، وحبس بقلعة القاهرة والإسكندرية، وبها توفي وهو سجين في ذي القعدة سنة ٧٢٨هـ 3.الدرر الكامنة لابن حجر 111/1 وأنهم جميعاً متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع ماصح من النصوص وسلم من المعارضة، وأنه لا يجوز تقديم قول أحدهم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد بسط الأسباب التي دعت المجتهد إلى عدم الأخذ بالنص، ثم ذكر أن عذر الإمام ليس عذراً للمقلد إن تبين له الحق. كما ذكر حال العامي الجاهل الذي لا يستطيع، وأن عليه التقليد مادام جاهلاً وهذا كله للجاهل الذي لا يفرق، وأما من أدرك من العلم شيئاً فعليه العمل به، ولا يجوز لأحد التعصب مهما كانت دواعيه. وهذه الرسالة على صغر حجمها تدل على ورع هذا الإمام، وكمال فقهه في احترام أقوال العلماء السابقين، وأئمة المذاهب الأربعة فرحم الله امرءاً عرف قدر هذا الإمام وغيره من أئمة الإسلام، وأنزلهم في المنزلة التي يليقون بها . وقد سبق لهذه الرسالة أن طبعت عدة مرات، وكان آخرها الطبعة البيروتية في الشام بتحقيق الشيخ زهير الشاويش، إلا أن هذه الطبعة مع ما تتميز به من الزيادات كتخريج بعض الأحاديث - كثرت فيها الأخطاء الإملائية، بعد أن قمنا بمراجعتها ، وتصحيح الأخطاء الإملائية، إضافة إلى ترجمة المؤلف. هذا ورئاسة إدارات البحوث العلمية. وهي حاملة لواء الدعوة في هذه البلاد المقدسة - إذ تقدم هذه الرسالة القيمة في طبعتها الجديدة ليسرها أن توزعها مجاناً على طلبة العلم، راجية من الله تعالى أن ينفع بها المسلمين في كل مكان إنه نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الناشر الحمد لله على آلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في أرضه ولا في سمائه. وسلم تسليماً. خصوصاً العلماء، الذين هم ورثة الأنبياء الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم ، يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر (1). وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم. إذ كل أمة - قبل مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - فعلماؤها شرارها، إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم، و به قاموا ، وبهم نطق الكتاب و به نطقوا. وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة ـ المقبولين عند الأمة دقيق ولا جليل. فإنهم متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن إذا وجد لواحد منهم قول، قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلا بدله من عذر في تركه، وجميع الأعذار ثلاثة أصناف: أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. الثاني : عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول. والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ. ومن لم يبلغه الحديث، لم يكلف أن يكون عالماً بموجبه، أو بموجب قياس، ويخالفه أخرى. السلف، أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل الشيء فيسمعه أو يراه من يكون حاضراً، ويبلغه أولئك - أو بعضهم - لمن يبلغونه، أو بقضي، ماليس عند هؤلاء، بكثرة العلم، أو جودته. وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتبر ذلك بالخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - الذين هم أعلم الأمة بأمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، وأحواله، يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم حضراً ولا سفراً، بل كان يكون معه في غالب الأوقات، حتى إنه يَسْمر عنده بالليل في أمور المسلمين. وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يقول: «دخلت أنا وأبو بكر وعمر و خرجت أنا وأبو بكر وعمر». فسألهم. فقام المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة - رضي الله عنها - فشهدا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس» (1) وقد بلغ هذه السنة عمران بن حصين . رضي الله عنه ـ أيضاً . وليس هؤلاء الثلاثة مثل أبي بكر وغيره من الخلفاء . رضي الله عنهم - ثم قد اختصوا بعلم هذه السنة التي قد اتفقت الأمة على العمل بها . وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكن يعلم سنة الاستئذان، حتى أخبره بها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه واستشهد بالأنصار (۲). وعمر رضي الله عنه أعلم ممن حدثه بهذه السنة. ولم يكن عمر - رضي الله عنه ـ أيضاً يعلم أن المرأة ترث من دية زوجها بل يرى أن الدية للعاقلة، حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان الكلابي - رضي الله عنه وهو أمير الرسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض البوادي - يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث امرأة أشيم الضبابي - رضي الله عنه ـ من دية زوجها» (۱) فترك رأيه لذلك. وقال: «لو لم نسمع بهذا القضينا بخلافه . ولم يكن يعلم حكم المجوس في الجزية، حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) . (۲) ولما قدم عمر رضي الله عنه، فأشار كل عليه بما رأى، ولم يخبره أحد بسنة، حتى قدم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأخبره بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون، وأنه قال: «إذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فراراً منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه) (۱) . وتذاكر هو وابن عباس رضي الله عنهم، أمر الذي يشك في صلاته، فلم يكن قد بلغته السنة في ذلك، و يبني على ما استيقن)) (۲) . وكان مرة في السفر، فهاجت ريح فجعل يقول: «من يحدثنا عن الريح ؟ قال أبوهريرة رضي الله عنه: فبلغني وأنا في أخريات الناس. فقضى فيها، مثل ما قضى في دية الأصابع: أنها مختلفة بحسب منافعها، و ابن عباس رضي الله عنهم - وهما دونه بكثير في العلم - علم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذه وهذه سواء » يعني الإبهام والخنصر (۱) فبلغت هذه السنة معاوية - رضي الله عنه في إمارته، فقضى بها، ولم يجد المسلمون بدأ من اتباع ذلك. ولم يكن ذلك الحديث عيباً في حق عمر رضي الله عنه - حيث لم يبلغه الحديث. وكذلك كان - رضي الله عنه ـ ينهى المحرم عن التطيب قبل الإحرام، وقبل الإفاضة إلى مكة بعد رمي جمرة العقبة، هو وابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنها - وغيرهما من أهل الفضل، ولم يبلغهم حديث عائشة رضي الله عنها : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحرامه قبل أن يُحرم، والحله قبل أن يطوف» (٢) . وكان يأمر لابس الخف أن : يمسح عليه إلى أن يخلعه، من غير توقيت واتبعه على ذلك طائفة من السلف، وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة صحيحة (1) وكذلك عثمان - رضي الله عنه ـ لم يكن عنده علم بأن المتوفى عنها زوجها تَعْتَدُّ في بيت الموت . حتى حدثته الفريعة بنت مالك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله» (۲) فأخذ به عثمان - رضي الله عنه - والهدتي له مرة صيد كان قد صيد لأجله، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر وذكر حديث صلاة التوبة المشهور (۲). وأفتى هو وابن عباس - رضي الله عنهما - وغيرهما بأن المتوفى عنها إذا كانت حاملاً تعتد أبعد الأجلين ولم تكن قد بلغتهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيعة الأسلمية - رضي الله عنها ـ وقد توفي عنها زوجها سعد بن خولة، وهذا باب واسع يبلغ المنقول منه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً كثيراً جداً. فإنه ألوف . وأتقاها وأفضلها فمن بعدهم أنقص، فخفاء بعض السنة عليهم أولى، فن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الأئمة، أو إماماً معيناً، فهو مخطىء خطأ فاحشاً قبيحاً. ولا يقولن قائل : إن الأحاديث قد دونت وجمعت فخفاؤها - والحال هذه بعيد، إنما جمعت بعد انقراض الأئمة المتبوعين رحمهم الله . ومع هذا، فلا يجوز أن يدعى انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة. فليس كل ما في الكتب بعلمه العالم . بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة، يبلغنا بالكلية. صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين، وهذا أمر لا يشك فيه من علم القضية. فيما يتعلق بالأحكام، فليس في الأمة على هذا مجتهد، وإنما غاية العالم: أن يعلم جمهور ذلك ومعظمه، إما لأن محدثه، أو لم يضبط لفظ الحديث، مع أن ذلك الحديث، قد رواه الثقات لغيره بإسناد متصل؛ أو يكون قد رواه غير أولئك المجروحين عنده، أو قد اتصل من غير الجهة المنقطعة، وهذا أيضاً كثير جداً، أكثر من العصر الأول. وأكثر من القسم الأول. فإن الأحاديث كانت قد انتشرت واشتهرت، وقد بلغت غيرهم من طرق صحيحة غير تلك الطرق، فتكون حجة من هذا الوجه، ولهذا وجد في كلام غير واحد من الأئمة تعليق القول بموجب الحديث على صحته. فهو قولي». السبب الثالث اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره، سواء كان الصواب معه، أو معهما عند من يقول: «كل مجتهد مصيب». ويعتقده الآخر ثقة. ومعرفة الرجال علم واسع. قد يكون المصيب من يعتقد ضعفه، لاطلاعه على سبب جارح. أو لأنه كان له فيه عذر يمنع الجرح. وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف، ومنها : أن لا يعتقد أن المحدث سمع الحديث ممن حدث عنه، وغيره يعتقد أنه سمعه، ومنها : أن يكون للمحدث حالان: حال استقامة وحال اضطراب مثل أن يختلط، أو تحترق كتبه، وما حدث به في حال الاضطراب ضعيف. فلا يدرى، ذلك الحديث من أي النوعين ؟ وقد علم غيره: أنه مما حدث به في حال الاستقامة. أو أنكر أن يكون حدث به، ويرى غيره: أن هذا مما يصح الاستدلال به، والمسألة معروفة. ومنها : أن كثيراً من الحجاز بين يرون أن لا يحتج بحديث عراقي أو شامي إن لم يكن له أصل بالحجاز، حتى قال قائلهم : نزلوا أحاديث أهل العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب. وقيل لآخر : سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود حجة؟ قال: إن لم يكن له أصل بالحجاز فلا. وهذا لاعتقادهم أن أهل الحجاز ضبطوا السنة، فلم يشذ عنهم منها شيء . وأن أحاديث العراقيين قد وقع فيها اضطراب أوجب التوقف فيها. و بعض العراقيين: يرى أن لا يحتج بحديث الشاميين، أو شامياً، أو غير ذلك. والكوفة، إلى أسباب أخر غير هذه. السبب الرابع اشتراطه في خبر الواحد العدل الحافظ : شروطاً يخالفه فيها غيره مثل اشتراط بعضهم عرض الحديث على الكتاب والسنة. مما هو معروف في مواضعه. لكن نسيه. وهذا يرد في الكتاب والسنة. مثل: الحديث المشهور عن عمر - رضي الله عنه ـ أنه سئل عن الرجل يجنب في السفر، فقال له عمار بن ياسر - رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل، فأما أنا فتمرغت كما تمرغ الدابة، وأما أنت: فلم تصل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما يكفيك هكذا» - وضرب بيديه الأرض، عمر: اتق الله يا عمار. فقال: إن شئت لم أحدث به، فقال: «بل نوليك من ذلك ما تولیت». وهو لم يكذب عماراً، بل أمره أن يحدث به. وأبلغ من هذا: أنه خطب الناس فقال: «لايز يد رجل على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته إلا رددته فقالت له امرأة: «يا أمير المؤمنين لم تحرمنا شيئاً أعطانا الله إياه؟ ثم قرأت» . وثانيها: اعتراض المرأة على عمر، واتيتم إحداهن قنطاراً . فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية . وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وزيادة الصداق ونقصانه تابع إلى يسر الزوج وإعساره، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سلمة عبد الرحمن أنه قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشأ، قالت: أتدري ما النش؟ قال: قالت: نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه. وقد روى مسلم في صحيحه أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «على كم تزوجتها ؟ قال: على أربع أواق - أي من فضة . وهذا لا خلاف فيه. وأما قصة رد. فقد رواها أبو يعلى وفي سندها مجالد بن سعيد، وقد تغير في آخر عمره، واستشهاد المرأة بالآية ليس في محله، وعدم طاقتكم الصبر على معاشرتها بالمعروف، وقد آتيتم من قبل إحداهن قنطاراً من المال، سواء أخذنه وحزنه في أيديهن، فلا تأخذوا منه شيئاً، بل يجب أن يكون كله لصاحبته، لأنكم إنما تستبدلون غيرها بها لأجل هواكم وتمتعكم بغير ذنب شرعي منها يبيح لكم أخذ شيء منه، وقد كان حافظاً للآية، وكذلك ما روي أن علياً ذكر الزبير يوم الجمل شيئاً عهده إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، السبب السادس عدم معرفته بدلالة الحديث. تارة لكون اللفظ الذي في الحديث غريباً عنده، مثل لفظ «المزابنة»و«المخابرة»و«المحاقلة))و ومن يخالفه لا يعرف هذا التفسير. غير معناه في لغة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحمله على ما يفهمه في بناء على أن الأصل بقاء اللغة. كما سمع بعضهم آثاراً في الرخصة في «النبيذ» فظنوه بعض أنواع المسكر، لأنه لغتهم، وإنما هو ما ينبذ لتحلية الماء قبل أن يشتد، فإنه جاء مفسراً في أحاديث كثيرة صحيحة. وسمعوا لفظ «الخمر» في الكتاب والسنة، بناء على أنه كذلك في اللغة، أو متردداً بين حقيقة ومجاز، فيحمله على الأقرب عنده، وإن كان المراد هو الآخر. كما حمل جماعة من الصحابة في أول الأمر الخيط الأبيض والخيط الأسود» على الحبل وتارة : لكون الدلالة من النص خفية. فإن جهات دلالات الأقوال متسعة جداً، يتفاوت الناس في إدراكها،