ومن أخذ كالماً حسناً إن غريه فتكلم به يف موضعه وعلى وجهه، فال ترين عليه يف ذلك ضؤولة. فإن من أعني على حفظِ كالمٍ املصيبني، فإمنا إحياء العقل الذي يتم به وستحكم خصالٌ سبع:اإليثار باحملبةِ، أما احملبة فإا تبلغ املرء مبلغَ الفضلِ يف كل شيء من أمرِ الدنيا واآلخرة حني يؤثر مبحبته. فال يكون شيءٌ أمرأ وال أحلى عنده منه. فإن الناس ال يغنيهم حبهم ما حيبون وهو أهم ما يهوون عن طلبه وابتغائه. وال تدرك هلم بغيتهم ونفاستها يف أنفسهم، فإن الطلب ال ينفع إال معه وبه. فكم من طالب رشدٍ وجده والغي معاً، فإذا كان الطالب حيوي غري ما يريد، فما أحقه بشدةِ التبينيِ وحسنِ االبتغاء!وأما اعتقاد الشيء بعد استبانته، فهو ما يطلب من إحراز الفضل بعد معرفته. ألن اإلنسان موكل به النسيانُ والغفلةُ:فال بد له، فإمنا تصري املنافع كلها إىل وضعِ األشياء مواضعها، وبنا إىل هذا كله حاجةٌ شديدةٌ. فإنا مل نوضع يف الدنيا موضع غىن وخفضِ ولكن مبوضعِ فاقةٍ وكدٍ، وليس غذاءُ الطعامِ بأسرع يف نباتِ اجلسدِ من غداء األبدٍ يف نباتِ العقلِ. ولسنا بالكد يف طلبِ املتاعِ الذي يلتمس بهِ دفع الضررِ والغلبةُ بأحق منا بالكد يف طلبِ العلمِ الذي يلتمس بهِ صالح الدينِ والدنيا.