: التجديد في الأوزان والقوافي بدأ التطور في موسيقى الشعر منذ وقت مبكر إبان انتشار الغناء في الحجاز وانتقاء المغنيين لكثير من شعر العزل؛ إذ أدى هذا إلى أن يضع الشاعر في تقديره الجماهير المستمعة لهذا الغناء، وترتب على ذلك أن يكون القالب الموسيقي بالغ الرقة، وغدت قوالب موسيقية مألوفة تتسع لكثير من التجارب الفنية . ويمكن أولاً رصد الملامح الآتية في شعر العصر العباسي: ٢- الابتعاد عن الأوزان الطويلة ، ولكن استعمالها كان قليلاً أيضاً . ومن ذلك قول رزين العروضي الشاعر يمدح الحسن بن سهل (١): خلفوك ثم مضوا مدلجين منفرداً بهمك ما ودعوك تزدهي كواسطة في النظام فوق نحر جارية تستبيك : بابن سادة زهر كالنجوم والعباد ما لكما من شريك أنتما إن أقحط العالمون منتهى الغياث ومأوى الضريك وفي الوغى إذا اضطرب الفكيك ما لمن ألح عليه الزمان مفزع لغيرك يا بن الملوك لا ولا وراءك للراغبين وهي من عكس المنسرح ( مفعولات مستعلن فاعلن ) وقال أبو العتاهية(1): والقوما ) ونعرض لها بشكل موجز. المواليا : قالوا في أصله أقوالاً أشهرها عند الأدباء أن الرشيد أمر بعد نكبة البرامكة أن لا يرثيهم أحد بشعر ، فرثت إحدى جواريهم جعفراً بهذا النوع الذي يدخله اللحن ولا يجري على أوزان الشعر، لتتقي بذلك نقمة الرشيد، وجعلت تقول بعد كل شطر: يا مواليا! فعرف هذا النوع به وتناقله الناس، أين ملوك الأرض أينَ الفرسْ أينَ الذي قد حموها بالقنا والتُّرسْ قالتْ: تراهمُ رِمَمْ تحتَ الأراضي درسْ سكوتَ بعدَ الفصاحةِ السنتهمْ خرسْ وقيل إن أهل واسط اخترعوه وتغزلوا به ومدحوا وهجوا والجميع معرب ، حتى عرف بهم دون مخترعيه ، وللمواليا وزن واحد وأربع قواف ، وحرف المصريون هذه الكلمة إلى (موال) وأهل الصعيد منهم أشهر الناس بهذه المواويل ، ويقسمونه على نوعين: أحمر، وأخضر وهو ما دخل في الغزل والنسيب وما إليهما من الأنواع الرقيقة ، ظفرت ليلة بليلى ظفرة المجنون وقلت وافى لحظي طالع ميمون من يسهره يغتنم عندي عظيم الأجر وليلة الوصل يزجرها التفرق زجر من قبل ما تذن المغرب يلوح الفجر ثم أخذ الشعراء يهتمون بالجناس في قوافيه مثل قول بعضهم (٢) : قد أوعدونا الغضابا أننا نخلو في ظل بستان حافف بالتمر نخلو والطل من فوقنا قد بلنا نخلو ومن كلام الأعادي قط ما نخلو ثم تعددت أشطاره كما هو مألوف في الشعر العامي في العراق ومصر وغيرها . الدوبيت : ومعناه : بيتان ؛ وبيت عربية معروفة . وهو وزن جديد ظهر في أواخر القرن الثالث الهجري في الفارسية والعربية بشكل متزامن أو أنه ظهر في الفارسية ونقل إلى العربية إبان ظهوره هناك في الأدب الفارسي وخصوصاً مع استعماله في الرباعيات (٣)، فَعْلُنْ مُتَفَاعِلُنْ فعُولُنْ فَعِلُنْ فَعْلُنْ مُتَفَاعِلُنْ فعُولُنْ فَعِلُنْ وهو من أوزان الشعر الفصيح ولم يستعمل ملحوناً ، ولعل من أوائل النصوص لتي وردت في العصر العباسي على هذا الوزن ما ورد في شعر الحلاج في قوله(٤): كَم يَنشُرُني الهوى وَكَم يَطويني يا مالِك دُنيايَ وَمَولى ديني إن دامَ عَلَيَّ هَجرُكُم يُعييني ومن ذلك قول العماد (٢) : الدهر ببيننا كثيرُ الولعِ مغرى بشتات شملنا المجتمع قد سدَّ عليَّ فيك باب الطمعِ بَتْ سحَراً فهيَّجتْ وَسْواسي نشوى خطرت عليلة الأنفاسِ أهدت أرج الرجاء بعد الياسِ ما أحسن بعد وحشتي إيناسي القَوْما : وهو وزن شعري اخترعه البغداديون للسحور في رمضان وسمي بهذا الاسم لأنه مأخوذ من قول بعضهم لبعض : وتفعيلاته : مستفعلن فعلان مستفعلن فعلان ويغلب عليه اللحن والخروج على قواعد اللغة ؛ وقال ابن حجة (٣): (( وقيل: إن أول من اخترعه ابن نقطة برسم الخليفة الناصر. والصحيح أنه مخترع من قبله، وكان لابن نقطة ولد صغير ماهر في نظم القوما والغناء به، وأراد أن يعرف الخليفة بموت والده ليجريه على مفروضه، فلما وصل إلى القوما: الكان وكان : قال عنه ابن حجة(١): (( وله وزن واحد وقافية واحدة، ولكن الشطر الأول من البيت أطول من الشطر الثاني، ولا تكون قافيته إلا مردوفة قبل حرف الروي بأحد حروف العلة، فنظموا فيه المواعظ والرقايق والزهديات والمواعظ فيه أكثر منها ابن الجوزي نور اللّٰه ضريحه وحلت بهذا الألباب ولكن البغاددة لم يقصدوا غير تسيير الأمثال وكثرة المماجنة والخلاعة ، فمن ذلك قول القائل منه : لنا بغمز الحواجب كلام تفسيرو منو وأم الأخرس تعرف بلغوة الخرسان لا شي بلاشي تأخذ أما مظاهر التجديد في القافية فكانت في ظهور المزدوج والمسمطات والرباعيات : والمزاوجة بين قافية شطري البيت الواحد أو كل بيتين على حدة . وإنما دفع إليه رقي الحياة العقلية في هذا العصر، فكان أن لجأ الشعراء أو النظامون إلى نظم بعض القصص المعروفة، فضلاً عن المواعظ التي ركزوها في حكم منظومة يسهل تداولها على اللسان واستقرارها في الذاكرة . هذا كتاب الصوم وهو جامعُ فضلاً على من كان ذا بيان ومنه ما جاء عن النبيَّ من عهده المتَّبع المرضيّ صلَّى الإله وعليه سلَّما كما هدى اللّٰه به وعلَّما ب-الرباعيات : وهي أن يأتي الشاعر بأربعة أشطار يلتزم في الشطر الأول والثاني والرابع بقافية واحدة ويتحرر منها في الشطر الثالث ، وقد تأتي الأشطار كلها مقفاة وهو قليل . وهو : أن يتحرر الشاعر من القافية الواحدة في القصيدة ، أو خمسة فهي مخمسة وهكذا ، يلتزم فيها بقافية واحدة في الأشطار الثلاثة الأولى ، ويتحرر منها في الشطر الرابع الذي يلتزم فيه بقافية واحدة في كل القصيدة وتسمى هذه القافية المكررة في الشطر الرابع بعمود المسمطة ،