يتناول هذا المقال خزانات وبرك المياه الكائنة على طريق الحج بين الكوفة ومكة والمعروف باسم "درب زبيده" . وتمثل هذه البرك جانبا من التسهيلات والمرافق التي أقامها العباسيون على الطرق القديمة. ولعلني لست بحاجة هنا إلى القول بأن الدولة العباسية قد أعقبت الخلافة الأموية في عام ١٣٢ هـ (٧٤٩م) متخذة من بغداد بالعراق مقرا للحكم . وقد كانت هناك مدينتان كبيرتان على حدود الجزيرة العربية هما الكوفة والبصرة قبل زمن العباسيين بوقت طويل ، في وقت سابق على ظهور بغداد . وكان يربطهما بمكة والمدينة عدد من الطرق التي سلكها الحجاج . وقد تمتعت هذه الطرق أثناء الحكم العباسي - وخاصة تلك التي تربط ما بين الكوفة ومكة ، وما بين البصرة ومكة - بشيء من الصيانة والمنافع ليفيد منها مختلف من سلكوا هذه الطرق من الحجيج والتجار والجيوش . وإلى جانب هذه الطرق في العالم الإسلامي حينئذ ، كانت هناك طرق أخرى للحج تؤدي إلى الأماكن الإسلامية المقدسة من مصر وسوريا واليمن. وسوف نقصر حديثنا على طريق الكوفة - مكة الذي يعرف في العربية باسم "درب زبيدة" . وبالرغم مما يشاع من أن هذا الطريق عباسي النشأة ، إلا أنه في الحقيقة كان يستخدم من قبل ، وفي وقت سابق على العصر الإسلامي. ومع ذلك فيمكن اعتباره عباسيا بسبب التحسينات العظيمة والتجديدات التي أدخلت عليه في عصر الخلافة العباسية . ولقد كان الخليفة العباسي "السفاح (١٣٢ - ١٣٦هـ الموافق ٧٤٩-٧٥٤م أول من بدأ هذه التحسينات عندما أمر بإقامة العلامات الميلية والمنارات على طول الطريق . ومن أهمها : المحطات والاستراحات والآبار والبرك وبعض الحصون والاستحكامات التي كانت تشغلها الحاميات العسكرية وموظفو الدولة الرسميون .