منذ بداية جائحة كورونا والمملكة تحقق نجاحات نوعية في التعامل مع أزمة كورونا، فأصبح النموذج السعودي مثالاً يُشاد به في التصدي لجائحة «كوفيد- 19» في قطاعات الدولة كافة وعلى الأصعدة كافة. عشنا جميعًا قصة نجاح وطن أثناء حضورنا للقاء الإعلامي الخامس الذي تقيمه وزارة التعليم بشكل دوري وبإشراف عالي المستوى مع عدد من النخب الثقافية والمجتمعية والتعليمية حول التعليم عن بعد في المدرسة الافتراضية برعاية كريمة من معالي وزير التعليم.وبالرغم من التحديات النفسية والاجتماعية والتقنية لتأثير جائحة كورونا، إلاّ أن وزارة التعليم استطاعت أن تقدم حلاً، بينما دول أخرى من هذا العالم ما زالت تبحث عنه. حيث اختارت حلاً ليس سهلاً وقدمت منصة «مدرستي» كنموذج سعودي تفاعلي حقيقي في قيادة رحلة التعليم عن بعد، تم إنجاز هذه المنصة الوطنية في وقت قياسي بكفاءات وطنية وسعت إلى التعامل مع كل الخيارات الممكنة والنماذج التشغيلية ليصل التعليم للجميع؛ حيث فضَّلت أن يكون تفاعلياً متزامناً من خلال منصة «مدرستي» التي تخدم أكثر من (ستة) ملايين طالب وطالبة وأولياء أمورهم، و525 ألفاً من شاغلي الوظائف التعليمية وغير متزامن من خلال دروس «عين» في 24 قناة من قنوات «عين» التعليمية الفضائية تبث بشكل مستمر، وعلى فترات متكررة خلال اليوم؛ من خلال تخصيص قناة خاصة لكل صف دراسي، لدعم استمرار العملية التعليمية دون انقطاع بما تم توفيره من بدائل تعليمية متاحة.وكما تم تخصيص ثلاث محطات فضائية من قنوات «عين» لطلاب التربية الخاصة، إضافة لحضور لغة الإشارة في منصات التعليم، والتكامل مع الجهات ذات العلاقة، وتوقيع اتفاقية مع الجمعية السعودية لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه «إشراق». والقيام بعمليات المتابعة والتقييم المستمر للتعليم عن بعد، وقياس الممارسات التعليمية وتقديم التغذية الراجعة والحلول والأدوات التطويرية، وتطبيق المعايير العالمية لتحسين نواتج التعلم وتجويد التعليم عن بعد. وإثراء المحتوى الرقمي بالقصص والتجارب في التعليم عن بُعد بإعلانها عن «مسابقة مدرستي»، والطلاب والطالبات، وهي فرصة لتعزيز المشاركة المجتمعية.نعم التحديات كبيرة والمخاطر متعددة ولكن يظل الرهان الكبير على نجاح رحلة التعليم عن بعد من خلال الدور العظيم الذي يقدمه القيادات التعليمية والمعلمون والمعلمات وأولياء أمور والطلاب في هذه الرحلة، وذلك للمواءمة في الفجوة ما بين العالم المكاني والافتراضي في البيئة المدرسية، الاستثمار في البنية التحتية الرقمية في المملكة وفق رؤية المملكة 2030، مكّن المملكة من التعامل الأمثل مع الواقع الجديد الذي فرضته جائحة كورونا من خلال الاعتماد على التقنية، والشراكة والتكامل مع مؤسسات المجتمع كافة، كالشراكة مع النيابة العامة في توفير الحماية الجنائية لمنصات التعليم عن بعد، والحفاظ على خصوصية المعلِّم والمعلِّمة والطالب والطالبة، وتعزيز السلوك الرقمي الإيجابي، والشراكة مع مؤسسة موهبة في دعم الموهوبين، من خلال تدشين منصة التسجيل الموحدة للبرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين في المملكة، والتي تجاوز عدد المرشحين فيها أكثر من 75 ألف طالب وطالبة.والأرقام التي تسجلها منصة «مدرستي» دخول 92 % من الطلاب والطالبات في المنصة، وتدريب أكثر من (389) ألف متدرب ومتدربة من شاغلي الوظائف التعليمية على منصة «مدرستي»، من خلال (2500) برنامج تدريبي تعكس حجم الإنجاز الذي تحقق خلال فترة وجيزة، وتؤكد أن الوطن أمام مسيرة نجاح بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله.كما إن المنظمات والجهات التعليمية العالمية تنظر باهتمام وتقدير للنموذج السعودي في التعليم عن بعد، والتي كان من ضمنها ما أعلن عنه المركز الوطني للتعليم الإلكتروني عن مشاركة 6 منظمات وجهات عالمية في دراستين عن تجربة المملكة في التعليم الإلكتروني، وتشيد بجهود المملكة نحو سرعة الاستجابة للمتغيِّرات والتحديات، وتعدد الخيارات الممكنة للتعليم عن بعد أمام الطلاب والطالبات، والتحسين المستمر للمنصات التقنية لتجويد الخدمات للمستفيدين، وأظهرت الدراستان تقدم المملكة في 13 مؤشرًا من أصل 16 مؤشرًا على مستوى 37 دولة.وما زالت جهود الوزارة حثيثة ومستمرة بقيادة معالي وزير التعليم حمد آل الشيخ نحو تطوير أدوات التعليم عن بُعد وتنمية مهارات المعلم والمتعلم في التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، وسيصبح تفاعلهم مع منصات التعليم الإلكتروني جزءاً من تقييمهم ومهاراتهم في المستقبل. فإن المستقبل الذي ينتظرنا في التعليم عن بُعد كبير جداً، ومسؤوليتنا أن نخطط لذلك المستقبل برؤية مختلفة ومستدامة، وبمشاركة الجميع لصناعة التغيير في ثقافة المجتمع تجاه التعليم عن بُعد،