لا يكفي لقيام الدولة استقرار مجموعة من الأفراد على إقليم معين ، وتعبيرا عن أهمية دور السلطة في الدولة ، ذهب جانب من الفقه إلى تعريف الدولة بالسلطة ، إذ أن السلطة ظهرت قبل الدولة ، من كونها وسيلة الدولة لأنجاز مهامها وواجباتها الداخلية والخارجية ، ذهب الاتجاه الأول إلى أن ركن السلطة يتحقق وتنهض الدولة بمجرد انقسام المجتمع إلى حاكم ومحكوم ، فالرضا ليس ركن من أركان الدولة ، لقيام الدولة وتحقق ركن السلطة ، وهذا ما يتعارض ومفهوم الدولة بالمعنى الحديث . أصحاب المذهب الكلاسيكي الذين يرون إن الاعتراف إجراء سياسي لا يمكن بدونه قيام الدولة كشخص قانوني لها كيانها المستقل وساد هذا الرأي في فقه القانون الدولي والدستوري حتى أواخر القرن التاسع عشر . أما الاتجاه الثاني فيرى أن الاعتراف إجراء قانوني لاحق لنشأت الدولة ولا علاقة له بتكوينها كحدث قانوني جديد وبالتالي فهي تظهر بمجرد توافر الأركان الثلاثة ( الشعب - الإقليم - السلطة على ذلك يعد الاعتراف حسب هذا الاتجاه ذا صفة إقراريه لا إنشائية يترتب عليه فقط إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المعترفة والمعترف بها . والاعتراف إجراء تمليه في أغلب الأحيان عوامل سياسية واقتصادية وأيديولوجية باعتبار أن عدم الاعتراف بالدولة الجديدة أمر من شأنه الأضرار بالعلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية لاسيما إذاحصلت الدولة الجديدة على اعتراف باقي الدول واستقرت كشخص قانوني مستقل الفصل الثاني أشكال الدول تقسم الدول إلى عدة أقسام ، وحسب المعيار الذي يجري اعتماده في التقسيم ، فتقسم الدول من حيث التكوين ، إلى دول موحدة واتحادية ، وتقسم من حيث الرئيس الأعلى للدولة ، إلى ملكية وجمهورية ، إلى دول قانونية واستبدادية ، ومن حيث مصدر السيادة والسلطة تقسم ، ومن حيث السيادة تقسم ، إلى دول كاملة السيادة وأخرى ناقصة السيادة . المبحث الأول أشكال الدول من حيث التكوين الدولة الموحدة والاتحادية 11:37 ص (Etats Simple OU Unitaires Etat Compose) تقسم الدول من حيث التكوين إلى دول موحدة أو بسيطة ، المطلب الأول الدول الموحدة أو البسيطة (Etats Simple) الدولة البسيطة ، هي الدولة التي تكون فيها السيادة موحدة ، وتبدو الدولة وكأنها وحدة واحدة متجانسة مندمجة اندماجا كليا ، وتجتمع السلطة السياسية في هذه الدولة في يد حكومة واحدة ، ويترتب على ذلك إن وحدة الدولة السياسية ليست مقسمة ولا تتأثر بالتقسيم الإداري اللامركزي ، لأن القائمين على تلك الإدارات مجرد أدوات لتنفيذ القوانين والتعليمات الصادرة عن الحكومة المركزية ، وبمعنى آخر أن انعدام الوحدة الإدارية لايؤثر بشكل من الأشكال على وحدة الدولة السياسية ، بل أن الاتجاه العام يذهب إلى تقسيم السلطات بين الحكومة المركزية والوحدات المحلية ، بفعل توسع الدولة وازدياد عدد سكانها وتضخم حجم المهام الملقاة على عاتقها نتيجة للخروج من دور الدولة الحارسة والدخول في دور الدولة التدخلية ، اهتدت بعض الدول إلى أنظمة أخرى في إدارة أقاليمها ومقاطعاتها ، نظام المقاطعات السياسية الذي يمنح مقاطعات الدولة الموحدة سلطة التنظيم الذاتي لهيئاتها الحكومية والتشريعية المستمدة من الدستور . وأخذ بهذا النظام الدستور الأسباني لسنة ۱۹۳۱ ، والدستور الايطالي لسنة ١٩٤٧. وتبنى الدستور البلجيكي نظام المقاطعات المختلفة ، حيث قسم بلجيكيا سياسيا إلى ثلاث مقاطعات هي ( والون وفلامند بروكسل ، وبصفة عامة تتسم الدولة الموحدة بالخصائص التالية :- 1. . وحدة الإقليم . وحدة الدستور . وحدة الشخصية الدولية . هي الدولة التي اتحدت مع غيرها لتحقيق أهداف مشتركة تعجز كل منها عن تحقيقها بمفردها ، وتقسم الدول الاتحادية إلى أربعة أنواع وعلى التفصيل التالي :-الفرع الأول الاتحاد الشخصي (Personal Union) 11:37 ص الاتحاد الشخصي هو اتحاد بين دولتين أو أكثر مع تمتع كل منها بسيادتها الداخلية والخارجية، ولا يجمع بين دول هذا الاتحاد إلا مصادفة اجتماع العرش في يد شخص واحد أو أسرة واحدة كأن تؤدي قوانين توارث العرش في دولتين أو أكثر إلى أيلولة عرش الدولتين إلى شخص واحد ، أو أن يكون على عرش إحدى الدولتين ملك ، وعلى عرش الدولة الأخرى ملكة ويتزوج الاثنان ويتولى أحدهما رئاسة الدولتين . والاتحاد الشخصي ليس حكرا على الأنظمة الملكية حيث ليس هناك ما يمنع من الناحية القانونية والمادية أن يقوم هذا الاتحاد بين دول ذات أنظمة جمهورية ، ويعد الاتحاد اللتواني البولندي (۱۳۸۵) - ١٥٦٩) أول اتحاد شخصي ظهر في العالم ، وفي سنة ۱۹۳۹ احتلت إيطاليا ألبانيا وفرضت عليها اتحادا شخصيا تحت رئاسة ملك إيطاليا وانتهى هذا الاتحاد بهزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية . وحدة شخصية رئيس الدولة . . تحتفظ كل دولة بوحدة إقليمها . ازدواج الجنسية ) تحتفظ كل دولة بجنسيتها ) . ازدواج الشخصية الدولية ) تحتفظ كل دولة بشخصيتها الدولية ). ه تعد الحرب بين دول الاتحاد حرب دولية . . دخول إحدى دول الاتحاد في حرب لا تلزم الدول الأخرى الاشتراك فيها . احتفاظ كل دولة بسيادتها الداخلية ) احتفاظ كل دولة بسلطاتها الثلاث. احتفاظ كل دولة بدستورها . استقلال كل دولة بمواردها الاقتصاديةصفحة 55 11:37 ص ۱۰. عدم التزام دول الاتحاد بالمعاهدات التي تعقدها إحدى دول الاتحاد . ۱۱ احتفاظ كل دولة بنظامها الدستوري ( ملكي - جمهوري). يخضع هذا الاتحاد في تنظيمه للقانون الدولي يعقد بموجب معاهدة دولية). يمكن الأخذ بهذا الاتحاد في النظامين الملكي والجمهوري . فهو وضع دستوري مؤقت فرضته ظروف طارئة تمثلت في اجتماع عرش عدة دول في يد شخص واحد ومال هذا الاتحاد التفكك والانهيار بمجرد أيلولة عرش الدولتين إلى أشخاص مختلفين، من هنا نرى أن هذا الاتحاد هو اتحاد شكلي أكثر منه فعلي كونه لا يحمل أيا من خصائص الاتحاد سوى وحدة الرئيس الأعلى للدولة . اندماج دولتين أو أكثر في اتحاد تفنى أثر قيامه الشخصية الدولية لدول الاتحاد ، هي دولة الاتحاد التي تنفرد بمباشرة مظاهر السيادة الخارجية الجميع الدول الأعضاء في الاتحاد . وتعد سائر الدول المنظمة للاتحاد ، بمثابة دولة واحدة من الناحية القانونية ، من هنا لا يكون لأي منها ممارسة مظاهر السيادة الخارجية ، منتمثيل دبلوماسي أو إعلان حرب أو عقد معاهدة أو اتفاقية دولية ، والجدير بالذكر أن كل دولة من دول الاتحاد الحقيقي تبقى محتفظة بسيادتها الداخلية ، ويعد الاتحاد السويسري النرويجي سنة ١٨٥١ أول اتحاد حقيقي عرفه التاريخ ، ومن قبيل هذا الاتحاد أيضا الاتحاد المصري السوداني سنة ۱٩٥١ ، بشأن إدارة السودان ثم قامت بتعديل بعض نصوص الدستور وتقرير وضع جديد للسودان وإعلان الملك فاروق الأول ملكا على مصر والسودان . وحدة شخصية رئيس الدولة . فناء الشخصية الدولية لدول الاتحاد وظهور شخصية دولية جديدة . احتفاظ كل دولة بسيادتها الداخلية. احتفاظ كل دولة بوحدتها الإقليمية . ه احتفاظ كل دولة بدستورها . احتفاظ كل دولة بجنسيتها . احتفاظ كل دولة بسلطاتها العامة ( التشريعية - التنفيذية - القضائية). استقلال كل دولة بمواردها الاقتصادية . الحرب بين دول الاتحاد حرب أهلية . ۱۰ دخول أيا من دول الاتحاد في حرب يعني دخول الدول الأخرى فيها تلقائيا. تسري آثار المعاهدة التي يبرمها الاتحاد في مواجهة كافة دول الاتحاد. يخضع الاتحاد في تنظيمه لأحكام القانون الدولي ( تنظمه المعاهدات الدولية). الفرع الثالث الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي - الكونفيدرالي) (Confederation d Etats) (Confederation Union) ينشأ هذا الاتحاد عن انضمام دولتين كاملتي السيادة أو أكثر إلى اتحاد تنظمه معاهدة تبرم بين دول الاتحاد بقصد تحقيق غايات مشتركة ، بين الولايات الأمريكية الثلاث عشرة المستقلة عن بريطانيا ، والاتحاد السويسري سنة ١٨٤٨ ، ويعد الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي - الكونفيدرالي) صورة وسط بين الاتحاد الشخصي (Personal Union) الذي تحتفظ فيه كل دولة بشخصيتها وسيادتها الداخلية والخارجية ، والاتحاد الحقيقي Real ) (Union الذي يسلب الدول المنظمة إليه شخصيتها الدولية ويستبدلها بشخصية دولية جديدة ، هي دولة الاتحاد الفعلي . وليس لهيئات الاتحاد تعديل الاختصاصات الموكلة لها ضيقا وأتساعا ، إلا إذا جرى تعديل المعاهدة أو صك الاتحاد بموافقة جميع أعضاء الاتحاد ، فإذا اعترضت إحدى دول الاتحاد على التعديل ، استقلال كل دولة برئيسها عدم سريان المعاهدة التي تعقدها إحدى دول الاتحاد في مواجهة باقي الدول احتفاظ دول الاتحاد بشخصيتها الدولية. ه ليس للاتحاد سلطة مباشرة على رعايا دول الاتحاد . . تعد الحرب بين دول الاتحاد حرب دولية . دخول إحدى دول الاتحاد في حرب لا تلزم باقي الدول الاشتراك فيها . احتفاظ كل دولة بسيادتها الداخلية . ۱۰ احتفاظ كل دولة بجنسيتها ۱۱. احتفاظ كل دولة بدستورها . ۱۲ احتفاظ كل دولة بمواردها الاقتصادية . ۱۳ احتفاظ كل دولة بوحدة إقليمها . احتفاظ كل دولة بنظامها الدستوري . يخضع تنظيم هذا الاتحاد لأحكام القانون الدولي ( تنظمه المعاهدات الدولية ). ۱۷ لدول الاتحاد إعلان انسحابها منه متى شاءت ، وتفكك اتحاد الدول العربية الذي جمع اليمن والجمهورية العربية المتحدة سنة ١٩٥٨ بقرار من رئيس الجمهورية العربية المتحدة لتنصل اليمن عن التزاماتها الواردة في ميثاق الاتحاد. الثاني : تحول هذا الاتحاد إلى نوع آخر من أنواع الاتحادات وغالبا ما يتحول هذا الاتحاد إلى اتحاد فيدرالي كتحول الاتحاد الكونفدرالي بين الولايات الأمريكية الثلاث عشرة إلى اتحاد فيدرالي سنة ۱۷۸۷ وتحول الاتحاد الكونفدرالي السويسري إلى اتحاد فيدرالي سنة ١٨٧٤ . الفرع الرابع الاتحاد الفيدرالي ( المركزي) ينشأ عن هذا الاتحاد من اندماج وانصهار عدة دول في دولة واحدة ، بحيث تفقد الدول الأعضاء شخصيتها الدولية وتغدو بعد قيام الاتحاد مجرد ولايات أو دويلات تابعة للاتحاد وينشأ عن الاتحاد شخصية دولية جديدة ، هي شخصية دولة الاتحاد الفيدرالي التي تتمتع وحدها بكافة مظاهر السيادة الخارجية وبجزء من السيادة الداخلية . فهذا النوع من الاتحادات أخرها ظهورا وأقواها رابطة ، في الولايات المتحدة الأمريكية سنة ۱۷۸۷ ، وباستثناء الاتحاد الفيدرالي ، فإن سائر أنواع الاتحادات الأخرى لا تتعدى كونها مجرد معاهدات دولية تحتفظ فيها الدول الأعضاء بشخصيتها الدولية كاملة وتخضع علاقاتها لأحكام القانون الدولي ، في حين ينظم القانون الدستوري علاقة الولايات الداخلة في الاتحاد . وربما تسيدها على العالم ، كما في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق . ومع نجاح هذا النظام في بعض الدول فشل في دول أخرى ، وعلى حد سواء مع الاتحادات الأخرى ، فهذا الاتحاد وسيلة لتقوية الروابط التي توجدها الاتحادات الأخرى ، ومن خلال الاتحاد الفيدرالي تم دمج الشعوب الناطقة بلغات متعددة في دولة واحدة ، إن الفيدرالية هي الوسيلة المثلى لعيش شعوبها الناطقة بلغات متعددة في إطار دولة واحدة . وفي الهند جع النظام الفيدرالي بين المسلمين والهندوس والسيخ والبوذيين في دولة واحدة ، حيث وحد الاتحاد الفيدرالي بين البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس وجمعهم في دولة واحدة وكأنهم دولة موحدة . وقد يكون الاتحاد الفيدرالى وسيلة لإدارة الدولة ذات الرقعة الجغرافية الواسعة ، فقد لا تتمكن السلطة المركزية في الدولة الموحدة من إدارة شؤونها على أكمل وجه فتتخذ من الإدارة الفيدرالية وسيلة لضمان وحدة الدولة من ناحية وهيمنة السلطة المركزية من ناحية أخرى ، فالسهل الروسي لا يمتد إلى جبال الأوراس حسب ، وللنظام الفيدرالي يعود الفضل في توحيد شقي الباكستان الشرقي والغربي في دولة واحدة تفصل بينهما مساحات شاسعة من الأراضي الهندية . وربما كان عنصر القوة والرغبة في توحيد الجهود لمواجهة الخطر الخارجي ، العامل الأقوى لنشأت الاتحاد الفيدرالي ، فلهذا السبب يعود نشأت الاتحاد الفيدرالي أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية ، ظلت هذه الدول ترتبط باتحاد كونفيدرالي مفكك وبلغ ضعف حكوماتها حد هدد بقاءها وكوسيلة لإثبات جدارتها بحكم نفسها وضمانا لمواجهة التحديات الخارجية لاسيما البريطانية منها ، اتجهت هذه الدول لإقامة رباط أكثر قوةووجدت هذه الدول أن الاتحاد الفيدرالي هو النظام الأمثل الذي يحقق لها ما تصبوا إليه من القوة والرفعة . ويبدو أن الاعتقاد بان الاتحاد الفيدرالي يرسخ أمن الدولة داخليا ويقويها خارجيا اعتقاد قد ترسخ لدى الكثير من الدول التي تبنت النظام الفيدرالي ، توحيد جهودهم في إطار دولة واحدة تذوب فيها الشخصية الدولية لسائر الدولة المؤلفة لها ويخضع فيها سائر الأعضاء السلطة مركزية واحدة ، وتكمن أسباب هذه الهزائم في التأخر الحربي وتفككها وعدم توحيد جهودها في إطار دولة واحدة ). أولا - نشأت الاتحاد الفيدرالي :- ينشأ الاتحاد الفيدرالي ( المركزي) (Federation ) بإحدى طريقتين :-الطريقة الأولى : اندماج عدة دول مستقلة في دولة الاتحاد وهي الطريقة الأكثر انتشارا في نشأت الاتحاد الفيدرالي . وعادة ما يكون دافع الدول إلى هذا الاتحاد تقارب شعوبها من الناحية التاريخية والحضارية والثقافية أو شعور هذه الدول بحاجتها إلى الاتحاد لصد العدوان . ومن الدول الاتحادية التي قامت بهذه الطريقة ، الطريقة الثانية :- أن تكون الدولة في الأصل موحدة ، فتتحول إلى دولة فيدرالية يجمع بينها مركزية القرار السياسي ولا مركزية القرار الإداري ومن الدول الفيدرالية التي نشأت بهذه الطريقة الاتحاد السوفيتي السابق والبرازيل والأرجنتين والمكسيك وفنزويلا والعراق في ظل دستور ۲۰۰۵ ثانيا - توزيع الصلاحيات والاختصاصات في الاتحاد الفيدرالي :- إن الاتحاد الفيدرالي ينشئ دولة واحدة فوق الولايات المكونة له ، ولدولة الاتحاد وعلى حد سواء مع الدولة الموحدة ، هيأتها العامة التي تمارس الاختصاصات التي ينص عليها الدستور في التشريع والتنفيذوالقضاء ، واتجهت الدول الفيدرالية في ذلك إلى عدة اتجاهات ، وقبل الخوض في هذه الاتجاهات لابد من الإشارة إلى أن الاتجاه نحو توسيع أو تقليص صلاحيات الاتحاد أو الولايات يعتمد على الطريقة التي ينشأ بها الاتحاد . فإذا نشأ الاتحاد عن طريق اندماج عدة دول موحدة في دولة اتحادية واحدة اتجه الدستور نحو توسيع اختصاص الولايات على حساب الاتحاد تشجيعا لها على الدخول في الاتحاد . وإذا نشأ الاتحاد عن طريق تفكك دولة واحدة إلى دويلات مع رغبتها في الاحتفاظ بروابط معينة كوسيلة لتقويتها ، يلجأ الدستور إلى تقوية الاتحاد على حساب الولايات . ويمكن تحديد ثلاث اتجاهات في توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات في دولة الاتحاد الفيدرالي :- الاتجاه الأول : يذهب هذا الاتجاه إلى تحديد صلاحيات الاتحاد على سبيل الحصر ويترك ما لا يدخل في اختصاص الاتحاد للدويلات ، وهذا الاتجاهيرمي إلى توسيع اختصاصات الولايات ، لأن المشرع مهما وسع من صلاحيات الاتحاد ، سوف تدخل ضمن اختصاص الولايات غير المحدد أصلا وذهب بهذا الاتجاه كل من الدستور السويسري والأمريكي والمكسيكي والأوسترالي والسوفيتي الملغي . وتبنى هذا الاتجاه كل من الدستور الكندي والفنزويلي . وهذا الاتجاه منتقد لأن المشرع الدستوري مهما كان واسع الخيال في تحديد الاختصاصات وتقسيمها بين المركز والولايات ، وبالتالي سوف تنار مسألة الجهة المختصة بها ، واخذ الدستور الهندي بهذا الأسلوب في توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات . اتجهت الدساتير إلى ثلاثة اتجاهات ، وذهب الاتجاه الثاني إلى معالجة هذه المسألة من خلال اشتراك الاتحاد والولايات فيها ، أما الاتجاه الثالث فيقدم المركز على الولايات في ممارسة هذه الاختصاصات فيجعلها من اختصاص الاتحاد أصلا وللولايات تنظيمها إذا امتنع المركز عن معالجتها خلال مدة معينة . المطلب الأول توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات في الولايات المتحدة الأمريكية من الناحية النظرية وسع الدستور الأمريكي من اختصاص الولايات على حساب الاتحاد ، فقد نص التعديل العاشر للدستور الصادر عام ۱۷۹۱ ، على ( إن السلطات التي لم يفوضها الدستور للولايات المتحدة ، والتي لم تكن ممنوعة على الدول ، هي محفوظة لكل من الدول أو الشعب ). فهذا النص يشير إلى أن اختصاص المركز محدد على سبيل الحصر وهذا ما يستنتج من تعبير ( السلطات التي لم يفوضها الدستور للولايات المتحدة ) وكذلك يستنتج هذا الأمر من تعبير ( ما لم تكن ممنوعة على الدول ) . على ذلك تختص الولايات في كل ما لا يدخل في اختصاص الاتحاد حصرا وفي كل ما لا يحظر عليه صراحة ، وذهب بهذا الاتجاه المحددالدستور البرازيلي لعام ١٩٦٧ المعدل ، حيث حدد اختصاصات الاتحاد في المادة الثامنة منه ، وكل ما لا يرد في هذه المادة تختص الولايات بتنظيمه ، واخذ الدستور الأرجنتيني بذات المبدأ ، حيث منح الولايات سائر الاختصاصات غير المنصوص عليها في المادة (٦٧) من الدستور . لكن تعابير النصوص المنظمة لاختصاص الاتحاد في الولايات المتحدة وواقع التطبيق العملي لهذه النصوص يشيران إلى اتساع اختصاص الاتحاد على حساب الولايات ، وهي: - الاختصاص المالي : خص الدستور الأمريكي مجلس النواب ، فمن الملاحظ أن الدستور الأمريكي لم يكتف بحصر هذا الاختصاص بالاتحاد بل منح حق الاقتراح لمجلس النواب على اعتبار أن هذا المجلس ممثل للولايات وحسب عدد سكانها ، وتحقيقا للمساواة بين جميع الولايات اشترط الدستور أن تكون الغرامات والمكوس والرسوم واحدة في جميع أنحاء الولايات . وحصر الدستور الأمريكي صلاحيات الاقتراض بالكونغرس ، فالتعبير الذي أشار إليه الدستور يعني حصول الولايات المتحدة على القرض من الأفراد والدول ، وربما كان السبب الذي يقفوراء حصر هذا الاختصاص بالاتحاد ، فمن اخطر هذه الآثار التبعية السياسية والاقتصادية للدولة المقترضة وربما المساس باستقلال الدولة وسيادتها ، وإلى جانب ذلك نرى إن واضعي الدستور الأمريكي وجدوا في البرلمان الاتحادي الجهة الأقدر على تحديد الحاجة للقرض ، هو ضمان وحدة قيمة العملة الأمريكية ووحدة سعر صرفها بالنسبة للعملات الأجنبية . وضمانا لقواعد موحدة لمنح الجنسية في جميع الولايات ، قد لا تتوانى ولاية أخرى عن منح الجنسية بشروط يسيرة وبالتالي ربما يتجه الأفراد للإقامة في ولاية معينة لحين كسب الجنسية وبالتالي مغادرتها لولاية أخرى . وليست مسألة تنظيم العلاقة بين الولايات وبعضها أو بينها وبين دول أخرى . هو أن تنظيم مسألة الاستيطان بالنسبة للهنود لم تحسم حين وضع الدستور ، " ولضمان قواعد موحدة تنظم العلاقة بينالاتحاد والهنود من جانب والولايات والهنود من جانب آخر ، " وله تعديل نظام المحاكم الفيدرالية كلما اقتضت الحاجة ذلك ليناسب المتغيرات التي تحدث في البلاد . ويختص البرلمان الاتحادي بفرض العقوبات على تزييف الأوراق المالية والسندات والعملة المتداولة في الولايات المتحدة ، العلاقات الخارجية : من خصائص الاتحاد الفيدرالي وحدة الشخصية الدولية ، وفناء الشخصية الدولية للولايات المؤلفة للاتحاد ، وهذا الأمر يفضي بالضرورة إلى عدم قدرتها على التمثيل الخارجي المستقل أو على عقد المعاهدات الدولية ، اسند الدستور الأمريكي مهمة إدارة العلاقات الخارجية للاتحاد ، وحظر على الولايات الدخول في أي معاهدة أو تحالف أو تعاهد سياسي فيما بينها أو بينها وبين الدول الأجنبية ، فالدولة الاتحادية دون الولايات لها شخصية دولية ، والاتحاد هو الممثل الرسمي للدولة ، الفرع الثاني الاختصاصات المشتركة بين الحكومة المركزية والولايات حدد الدستور الأمريكي جملة من الاختصاصات التي تمارسها الحكومة المركزية على وجه الاشتراك مع الولايات ويمكن إجمال هذه الاختصاصات فيما يلي : الاختصاص المالي : أشرك الدستور الاتحاد والولايات في فرض الضرائب ، وبموافقة الاتحاد ، على ذلك فرق الدستور الأمريكي بين حالتين في المحاكمة عن الجرائم ، تلك القدرة التي تأتي من توافر الأدلة عن الجريمة في مكان وقوعها ، في هذه الحالة يعين الكونغرس المكان الأصلح لأجراء المحاكمة وحسب سلطته التقديرية . اقتراح تعديل الدستور : ساوى الدستور بين الحكومة المركزية ( الكونغرس والولايات في حق اقتراح تعديل الدستور ، الحق في اقتراح تعديل الدستور ، الحق في اقتراح تعديل الدستور أيضا . " وذهب رأي في الفقه إلى أن منح هذا الحق للاتحاد والولايات أمر يفرضه المنطق والعقل فهو يعطي الحكومة المركزية فرصة لإصلاح ما تراه من تعثر في نظام الدولة وتعطي للولايات ذات الفرصة . وعلى الرغم من أن الدستور حدد صلاحيات الاتحاد على وجه الحصر ، ويمكن إبراز ذلك فيما يلي : 1- يذهب الدستور إلى أن الشعب الأمريكي يشكل أمة فيدرالية ، تحتل المرتبة الأسمى التي تجعلها فوق الدول الأعضاء . ۲ أشار الدستور الأمريكي إلى ( تضمن الولايات المتحدة لكل ولاية في هذا الاتحاد نظاما جمهوريا للحكومة وتحمي كل منها من الاعتداء . فالاتحاد الذي يقوم على النظام الجمهوري يلزم سائر الولايات بهذا النظام ولا يجيز لأي منها أن تتخذ من الملكية أسلوبا للحكم فيها ، تيسر السير نحو الاتحاد والبقاء فيه . أشارت الفقرة الثانية من المادة السادسة من الدستور إلى أن ( هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة التي ستوضع وفقا له وكل المعاهدات التي عقدتها الولايات المتحدة ، تكون القانون الأعلى للبلاد وتكون ملزمة لكل القضاة في كل ولاية . فهذا النص الدستوري يشير بشكل صريح إلى أعلوية القوانين الاتحادية والمعاهدات التي يعقدها الاتحاد على قوانين الولايات ، ونرى إن هذه الأعلوية لقوانين الاتحاد لم تأت إلا نتيجة لسمو الاتحاد على الولايات . إن الدستور قيد في بعض الأحيان الصلاحيات الممنوحة للولايات بشرط الحصول على موافقة الاتحاد ، يعني تمتع الاتحاد بالسمو والأعلوية على الولايات . ه تركت المادة الأولى من الدستور للهيئة التشريعية في الولاية ، ولكن هذه المادة أجازت للكونغرس وفي أي وقت أن يصدر قانونا اتحاديا يعدل هذه النظم ، ولابد من الإشارة إلى أن الاختصاصات الواسعة التي تمتع بها الاتحاد انعكست بشكل واضح على الصلاحيات التي تمتع بها رئيس الدولة ، فرئيس الدولة يشارك البرلمان الاتحادي في العديد من الاختصاصات ، ولرئيس الجمهورية حق الاعتراض التوقيفي على التشريعات التي يناقشها الكونغرس وتنال تأييده . ورئيس الدولة هو القائد العام للقوات المسلحة الاتحادية، ويتمتع الرئيس الاتحادي بصلاحيات دولية واسعة ، ويعين رئيس الجمهورية الوزراء والسفراء والقناصل وقضاة المحكمة العليا مستعينا بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ . تلك الصلاحيات وغيرها التي سنبحثها لاحقا وبشكل مفصل تشير إلى المكانة الدستورية المتميزة لرئيس الدولة والتي انعكست حتى على الولايات ، وعلى سبيل المثال منح التعديل الرابع عشر للدستور ،