وهوَ الهَدَفُ المُرتَقَبُ لِكُلِّ الجَماعاتِ بِلاَ استِثناءٍ، إِنَّهُ نِداءُ كَافّةِ النَّاسِ لِلصِّلَةِ الوَثِيقَةِ بَيْنَهُ وبَيْنَ تَحقِيقِ السَّعادَةِ والهَناءِ، ولِكَافّةِ أَشْكَالِ الأُنْسِ والسَّكَنِ والازْدِهَارِ، فَالأَمْنُ يَبْدأُ مِنَ الأُسْرَةِ بِمعناها المَحدودِ فِي البَيْتِ بِأُصُولِهِ وفُروعِهِ، هُناكَ حَيْثُ تَأْمَنُ النَّفْسُ وتَسْكَنُ الرُّوحُ ويَطْمَئنُّ البَالُ ويَنْشَرِحُ الصَّدْرُ، فَتُكَوِّنُ فَرْداً قَويّاً فِي جِسْمِهِ، قَالَ تَعالَى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (5) ، إِنَّهُ دَعْوَةُ الأَنبِياءِ والمُرسَلِينَ، والأَمْنُ الأُسَرِيُّ ثَمَرَةٌ لِقيامِ كُلِّ فَرْدٍ فِي الأُسرَةِ بِواجِباتِهِ، وحِينَما سُئِلَتْ أُمُّ المُؤمِنينَ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- عَنْ طَبِيعَةِ تَعامُلِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ أَهْلِهِ قَالَتْ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- : ((كَانَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، ويَعْمَلُ فِي بَيتِهِ مَا يَعْمَلُ أَحَدُكُم فِي بَيتِهِ، والأَمْنُ فِي الأُسرَةِ يُنْتِجُ أَفراداً صَالِحينَ آمنِينَ مُؤمِنينَ، يُصْلِحونَ فِي مُجتَمَعِهم ولاَ يُفْسِدونَ، ويَبتَعِدونَ عَنْ كُلِّ مَا يُخِلُّ بِأَمْنِ المُجتَمَعِ واستِقرارِهِ وتَرابُطِ أَفْرادِهِ مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ، فَلاَ يَقْرَبونَ الغِيبَةَ لأَنَّها تُوغِرُ الصُّدورَ، ويَبتَعِدونُ عَنِ النَّمِيمَةِ لأَنَّها تَبْعَثُ عَلَى الفُرقَةِ والشُّرورِ، فَيَهنأُ بِذلِكَ المُجتَمعُ ويَنْعَمُ بِالاستِقرارِ،