وأشاروا خلال تصورهم للمكان أنه فراغ، ورأوا أن وجود فراغ مطلق فكرة مستحيلة الوجود فالفراغ الكوني في رؤية "طاليس" الفلسفية مليئاً بالأنفس والقوى. ورآه "أناكيمنز " ملئ بمادة أولية غير محددة الشكل أو الكيف أو الكم. ورأى أن الفراغ ممتلئا بالهواء ولا يوجد مكان يخلو من القوى. أما "أفلاطون فقد رأى المكان هو المسافة الممتدة والحاوية للأشياء وأنه يتشكل من مادة غير متعينة "هيولي" وكان تصور "فيثاغورث" المكان تصوراً رياضياً، والكون مكان متصل لا يوجد به فراغ فالمادة والقوى تعملان في كل الأنحاء، والرؤية الرياضية للفراغ عند فيثاغورث قامت على اعتباره جزء حاسم من الكون مثل المادة ولو كان غير مرئي كالهواء، وقام بتقسيم الفراغ إلى أربعة مثلثات تحمل معنى الحركة والتغير من خلال دورانها حول مربع ساكن تشير إلى الجهات الأصلية الأربع مما أكسب الفراغ شكلاً دينامياً ومعنى كونياً، مضيفاً بهذا تفسيراً هندسياً للفراغ يجسد معنى الدوران بشكل غير تقديري كما هو الحال في التفسيرات المستندة إلى الدائرة، وفي نفس الوقت يجسد شكلياً ميل الإغريق تنجمع بين الحركة والثبات. وأن الفكرة الفيثاغورثية لتحليل الفراغ بإشارتها إلى الجهات الأصلية الأربع تعكس تصوراً كونياً للفراغ تأثر فيها فيثاغورث باهتمام المصري القديم بالجهات الأربع كدلالة شكلية للكون.