لقد بدأ بزوغ مدرسة النظر العقلي في الفكر الفلسفي عامة والأخلاقي خاصة منذ منتصف القرن الثالث الهجري، وقد كانت إسهامات هؤلاء ذات قيمة عالية في المجال الأخلاقي وكان دورهم واضحا في أمرين: الأول: أنهم استوعبوا الثقافة اليونانية وعدلوا فيها وأضافوا إليها كثيرا من الفكر الأخلاقي عند المسلمين. - يعقوب بن إسحاق الكندي (ت ٢٦٠هـ)، وله في الأخلاق «القول في النفس». ومن مؤلفاته في الأخلاق «كتاب الذوق» ويتضمن الفرق بين المداراة والمداهنة، ومن مؤلفاته في الأخلاق «آراد - أهل المدينة الفاضلة»، ومن أشهر مؤلفاته في الأخلاق، كتاب «تهذيب الأخلاق» في التربية. إن هؤلاء جميعا وإن تأثروا بالفلسفة اليونانية، وانطلاقا مما سبق فإن أبرز من كتب في التربية من هؤلاء الفارابي (٢٦٠-٣٣٩هـ)، وابن سينا (۳۷۰-٤۲۸) (هـ) وابن مسكويه ت ٤٢١ هـ)، وفيه يوفق ابن رشد بين الدين وبين الفلسفة وينفي التعارض بينهما. وفي التربية السياسية نجد في القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي" الكندي من مشاهير الفلسفة الإسلامية وكذلك نرى أبو النصر الفارابي يؤلف "المدينة الفاضلة" عبر فيها عن أهم آرائه وهي: 2- غرض الدولة في نظره أخلاقي بحث هو أن تضمن للمواطنين حكومة كاملة في الدنيا وسعادة أبدية بعد الموت. 3- يجب أن يقوم بإدارة المدينة الفاضلة أو المثالية رئيس على درجة عالية من الذكاء والفهم والطلاقة. أفلاطون إلى حكومة من الحكماء أو الجمهورية الأرستقراطية". وكذلك في اختلاف الحيوانات والنباتات والمعادن. كما يرون أن لكل مكان خاصية ليست لآخر. فينبت فيه أنواع معينة من النبات، فقد شغل المكان ومنع أن يكتب فيه شيء آخر، ويصعب قلعها ومحوها كما قال القائل: أثاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبي فارغاً فتمكنا إن من الباحثين من يرى أن إخوان الصفا هم رواد التنوير في الفكر الإسلامي، ويستدل على ذلك ان دعوا في رسائلهم إلى استخدام العقل ورفض التعصب الديني والمذهبي، بل ذهب بعضهم إلى أن فكر ابن خلدون من جوهره - منقول عن إخوان الصفا، وأن ابن النفيس اقتبس أو نقل- عنهم كثيرا من أفكاره". وكذلك في بناء منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي تنظم سلوكه، وتحدد الدور الذي يتعين عليه القيام به لتأسيس الجماعية الإنسانية الحقيقية التي يتوق إلى تحقيقها وترسخ تيار العقل الإنساني مع أبي العلاء وأبي حيان المجيدي. فكان القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ذروة التيار الإنساني في الفكر العربي الإسلامي". وفي العصور الوسطى نحل الغرب من فلاسفة العالم الإسلامي في شتى الميادين. كان تأثير الفلاسفة العرب مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد على الفلسفة الغربية قويا بشكل خاص في الفلسفة الطبيعية وعلم س والميتافيزيقا، كما أنه امتد أيضا إلى علمي المنطق والأخلاق. غدت كتابات ابن رشد ذات سلطة في الجامعات في الجامعات الغربية وكانت فلسفته الجاذبة تناقش مسائل وجودية من منظور أرسطو. وفي العموم ترك فلاسفتنا مجموعة كتب تعد من أفضل الكتابات العالمية الخالدة التي غيرت مسار الإنسانية".