سقوط الجمهورية الرومانية: دراسة في مراحل **أولاً: يوليوس قيصر وإصلاحاته:** ولد قيصر في روما عام 102 ق.م، وتزوج كورنيليا بعمر السابعة عشر، معلناً تمسكه بالعامة. رفض طلاقها رغم ضغط سولا، ففر إلى الشرق. بعد وفاة سولا عام 78 ق.م، عاد قيصر إلى روما وبرز بفصاحته، متهماً دولابيلا بالابتزاز في مقدونيا. توفيت كورنيليا وجوليا (عمته) عام 68 ق.م، فاستغلّ قيصر جنازة عمته لكسب شعبية، معرّضاً صور ماريوس متحدياً مجلس الشيوخ. أشاد في خطابه بأصل عمته، رابطاً أسرته بالملك أنكوس والإلهة فينوس، مُبرّزاً نقاء سلالته وميوله الشعبية. ثمّ توجه إلى إسبانيا. انتخب قيصر كاهناً، وتعاون مع كراسوس ضدّ بومبي، مُقاماً احتفالات ضخمة. أعاد نصب تذكارات انتصارات ماريوس، وتولى أمانة الأبنية. اقترح كراسوس تحويل مصر لولاية رومانية تحت قيادة قيصر، لكنّ النبلاء، وشيشرون خصوصاً، عارضوا ذلك. أصبح قيصر كاهناً أكبر عام 63 ق.م، وانتخب برايتوراً عام 62 ق.م. رشّح نفسه قنصلاً عام 59 ق.م، مُعارضاً النبلاء، وطالب بإخضاع مصر، لكنّ المجلس رفض. تحالف مع كراسوس وبومبي في "الحلف الثلاثي"، حيث كان قيصر العقل المدبر، مُضللاً بومبي بأنه الرئيس. أصدر قيصر قوانين: قانون الأراضي (توزيع أراضٍ لجنود بومبي)، وقانون أرض كمبانيا، وتنظيمات بومبي في الشرق، وخفض ضرائب آسيا، والاعتراف ببطليموس الثاني عشر ملكاً على مصر، وإسناد ولاية غاليا لقيصر لخمس سنوات بثلاث فرق عسكرية. خلال ثماني سنوات، خضّع قيصر غاليا، صدّ الجرمان، وجعل الراين حدوداً لولايته، وغزا بريطانيا حتى نهر التايمز، مُضيفاً فرنسا وبلجيكا للإمبراطورية. مدّدت ولايته لخمس سنوات أخرى عام 55 ق.م. توفيت جوليا (زوجة بومبي) عام 54 ق.م، وقتل كراسوس عام 53 ق.م، مُحوّلاً الحلف الثلاثي لحلف ثنائي مع بومبي. عام 52 ق.م، رشّح نفسه للقنصلية وهو غائب، مُستخدماً استثناءً من بومبي. خشي مجلس الشيوخ من عودة قيصر، فمال لبومبي، مُبدئاً خلافاً بينهما. حاول قيصر المصالحة، لكنّ المجلس طلب تسريح جيشه. زحف قيصر على روما عام 49 ق.م، ففرّ بومبي وأعضاء مجلس الشيوخ. سيطر قيصر على إسبانيا بسرعة عام 49 ق.م، دون قتال. **ثانياً: سقوط الجمهورية الرومانية:** **الحرب الأهلية الثانية:** استعدّ بومبي للعودة لإيطاليا، لكن قيصر عاد من برنديزي إلى إبيروس، مُباغتاً خصومه. دارت معركة فارسالوس عام 48 ق.م، مُهزماً بومبي. فرّ بومبي لمصر وقتل هناك. وجد قيصر كليوباترا وبطليموس الثالث عشر مُتنازعين. انتصر قيصر في معركة الأسكندرية عام 48 ق.م، وأقرّ كليوباترا ملكةً مع بطليموس الرابع عشر. غزا بونطوس، مُنتصراً على ميثراداتيس، قائلاً "جئت، رأيت، غلبت". عاد لروما، ثمّ حارب سكيبيو في أفريقيا، مُهزماً إياه عند تابسوس. حارب من تبقى من أتباع بومبي في إسبانيا عام 45 ق.م، مُنتصراً في موندا. أصبح قيصر دكتاتوراً لمدة 11 يوماً فقط، ثمّ تخلى عن المنصب. انتخب قنصلاً للمرة الثانية عام 48 ق.م، ثمّ دكتاتوراً لمدة عشر سنوات عام 46 ق.م، وقنصلاً للمرة الرابعة عام 45 ق.م. أصبح تريبوناً، ولبس الأثواب الأرجوانية، وأقيمت له تماثيل. رفض لقب ملك، لكنّ عُيّن دكتاتوراً مدى الحياة عام 44 ق.م. لم ينتقم من أعدائه، لكنّ سلطته أثارت المخاوف، فقتلوه في الخامس عشر من مارس عام 44 ق.م. كانت إصلاحاته عظيمة: تصحيح التقويم، والحد من البذخ، وتشديد العقوبات، ومنح حقوق للمدرسين والأطباء الأجانب، وحل مشكلة الديون، وفرض المكوس، وزيادة عدد الحكام، وزيادة أعضاء مجلس الشيوخ، وإقامة منشآت عمرانية في روما، وتجفيف المستنقعات، وشق الطرق، وإنشاء مستعمرات، ومنع الابتزاز في الولايات. **الحرب الأهلية الثالثة:** أعقب اغتيال قيصر فوضى، وظهور أنطونيوس وأوكتافيوس. **أولاً: أنطونيوس:** فرّ أعضاء مجلس الشيوخ بعد مقتل قيصر. اجتمع أنطونيوس والقتلة، وطالب البعض بمكافأة القتلة، بينما حذّر أنطونيوس من إلغاء أحكام قيصر. نصح شيشرون بالاعتدال. امتنع مجلس الشيوخ عن محاكمة القتلة، لكنّهم أقرّوا بأحكام قيصر. تبنى قيصر أوكتافيوس، فانهارت آمال أنطونيوس. استغلّ الحوادث، وصالح القتلة، وتقرب لأتباع قيصر، وحافظ على النظام الجمهوري. سعى للحصول على جيش بتولي ولاية. طالب الشعب بإعدام القتلة في جنازة قيصر. هرب بروتوس وكاسيوس. حصل أنطونيوس على القنصلية، وأرضي مجلس الشيوخ بمنحه حكومة مقدونية ودولابيلا ولاية سوريا. وزّع أنطونيوس أراضٍ على جنود قيصر، ومنح الصقليين حقوق مواطنة، وأعطى ديوتاروس حكم أرمينيا الصغرى، وأدخل أنصاره لمجلس الشيوخ. شكّ مجلس الشيوخ في أنطونيوس. **ثانياً: أوكتافيوس:** هو ابن آتيا (ابنة جوليا أخت قيصر) وجابيوس أوكتافيوس. اتخذ اسم جايوس يوليوس قيصر أوكتافيوس. عاش في أبولونيا، وعاد لروما بعد مقتل قيصر. أعلن اسمه الجديد، وطالب بحقه كوارث. عرقل أنطونيوس مساعيه، لكن أوكتافيوس لم ينتظر الموافقة. استخف أنطونيوس بأوكتافيوس. استمال أوكتافيوس جنود قيصر في كمبانيا، وانضمّ إليهم نصف جنود مقدونيا. حارب أنطونيوس ديكيموس بروتوس في موتينا. ساعد مجلس الشيوخ أوكتافيوس ضدّ أنطونيوس. أعطى مجلس الشيوخ أوكتافيوس السلطة المطلقة. انتصر أوكتافيوس على أنطونيوس عند الفوروم جالورم. تمرد جنود ديكيموس وانضموا لأوكتافيوس. طالب جنود أوكتافيوس بانتخابه قنصلاً. وافق مجلس الشيوخ على ذلك، وانتخب لبيدوس قنصلاً عام 43 ق.م. **حكم الثلاثة:** تفاهم أنطونيوس مع لبيدوس وبلانكوس. قتل ديكيموس بروتوس. قرّر أنطونيوس القضاء على بروتوس وكاسيوس. تفاهم أوكتافيوس مع أنطونيوس ولبيدوس في بونونيا، مُشكّلين حكومة ثلاثية. **قيام الائتلاف الثلاثي الثاني عام 43 ق.م:** أملت الجيوش إرادتها على السناتوس. كانت المعارك قليلة بسبب عزوف الجنود ورغبتهم في المصالحة. ظهر ذلك بعد مقتل قيصر. ابتعد الجنود عن القتال بين جنرالات قيصر. تكرّر ذلك عندما واجه جنود قيصر بعضهم بعضاً. أجبروا زعمائهم على المصالحة. انضمّت جيوش أسبانيا وغالّيا للاتحاد الجديد. التقت الجيوش الثلاثة في بونونيا لتكوين تحالف ثلاثي لإعادة بناء الجمهورية لخمس سنوات. أصدر أحد الترابنة قانوناً يجعل الائتلاف شرعياً. منح الائتلاف سلطة الأمبريوم، وحق ترشيح القناصل. قسّم القادة ولايات أوروبا الغربية. استقال أوكتافيوس من منصب القنصل. حاربوا بقايا الجيوش الجمهورية في فيليبي بمقدونيا عام 42 ق.م. هُزم بروتوس وكاسيوس، وانتحرا. **بروتوس:** كان بروتوس آخر سيناتور جمهوري، مخلصاً لحزبه، مُعتزاً بأصوله الإرستقراطية. رفض المصالحة مع أنطونيوس رغم أنه كان ينحدر من سلالة عريقة. ضغط على الفقراء في آسيا الصغرى للحصول على أموال. كان يقرض أمواله بفائدة عالية. **انهيار التحالف الثلاثي الثاني:** **بداية التحرش السياسي بين أنطونيوس وأوكتافيوس:** انتهت مدة التحالف عام 33 ق.م. طلب أنطونيوس تقسيمات في الشرق، وعرض التنازل عن سلطاته. رفض القنصلان الإفصاح عن رسالته. قام أوكتافيوس بحملات ضدّ القبائل الأليرية. غضب أوكتافيوس من أنطونيوس لإساءته لأخته أوكتافيا، ومن إغداقه على أبناء كليوباترا. طلب أنطونيوس قوات وأراضٍ، لكن أوكتافيوس لم يرد. اندلعت الحرب الدعائية بينهما. شوهت دعاية أوكتافيوس صورة أنطونيوس. أثار عرض أنطونيوس بالتنازل عن سلطاته مجلس الشيوخ. هاجم أحد القنصلين أوكتافيوس. استخدم أوكتافيوس حق الاعتراض. اقتحم أوكتافيوس مجلس الشيوخ بقواته، وهدّد بالويل. أفهمهم أنه سيستخدم سلطات أخرى. اقتحم معبد فيستا، وسرق وصية أنطونيوس، ونشرها. ردّ أنطونيوس بطلاق أوكتافيا. استخدمت دعاية أوكتافيوس وصية أنطونيوس لتشويه صورته. فتح أنطونيوس أبواب معسكره للسياسيين الفارين. ركزت دعاية أوكتافيوس على كليوباترا. أمن أوكتافيوس جبهته الداخلية بتوحيد الشعب. ألغى الأحزاب، ووزّع مندوبيه في أجهزة الدولة. أقسم الناس له يمين الطاعة. جرد أوكتافيوس أنطونيوس من سلطة الأمبريوم. أعلن أوكتافيوس الحرب على كليوباترا وليس أنطونيوس. **المواجهة النهائية:** عبأ أنطونيوس وكليوباترا الجيوش في إفيسوس. نصح مستشارو أنطونيوس بعدم ظهور كليوباترا، لكنها ممولة للحرب. أبحر أنطونيوس عبر البحر الإيجي. عبر أوكتافيوس البحر الأدرياتيكي عام 31 ق.م. واجه الجيشان بعضهما عند أكتيوم. قطع أجريبا طرق الإمداد عن أنطونيوس. انسحبت سفن كليوباترا فجأة. لحق أنطونيوس بالسفن المصرية. استسلم جيش أنطونيوس. أبحر أوكتافيوس لمصر عام 30 ق.م. دافع أنطونيوس عن مصر، ثمّ مات. انتحرت كليوباترا. ذبح أوكتافيوس قيصرون. نهب أوكتافيوس خزائن مصر. وزّع هبات على جنوده. أعاد النظر في تعديلات أنطونيوس. أقيم له مهرجان نصر كبير. أصبح أوكتافيوس بلا منافس. انتهى العصر الجمهوري، وبدأ عصر الإمبراطورية عام 27 ق.م.