شروط مسئولية حارس البناء لا يسال مالك البناء أو الحارس إلا عن الضرر الناشئ عن انهياره كلياً أو جزئياً فالمسئول هو الحارس. ولا تتحققمسئولية حارس البناء إلا إذا توافر شرطان : أن نكون بصدد بناء وأن يترتب ضرر على انهيار هذا البناء كلياً أو جزئياً أولا : حراسة البناء : فالحراسة تعني السيطرة الفعلية على الشيء محل الحراسة في الرقابة والإدارة والتوجيه أيًا كان مصدر هذه السلطة سواء كان مشروعًا أم لا . البناء وهو عقار فلا يتصور وجوده بدون مالك. يظل مالك البناء مسئولاً عن التعويض الضرر الناشئ عن تهدمه ما لم يثبت أن الحراسة قد انتقلت إلى شخص آخر ، فيكون هذا الأخير مسئولاً باعتباره حارسا. اذا كانت ملكية العقار لا تنتقل على خلاف المنقول إلا بالتسجيل لكنه ليس هناك أرتباط حتمي بين الحراسة وانتقال الملكية فقد يكون الحارس ليس مالكًا، كما يكون المالك ليس حارسا. فالعبرة في الحراسة باستجماع عناصر السلطة الفعلية على البناء. فبائع البناء يظل حارسا له قبل تسليمه تسليما فعليها للمشتري ولو كان هذا الأخير قد أتم إجراءات التسجيل. يظل المقاول الذي قام بتشييد البناء حارسا له إلى أن يقوم بتسليمه لمالكه أو من يمثله. ثانيا : المقصود بالبناء : المقصود بالبناء بأنه على ما شيدته يد الانسان ويتصل بعقار اتصال قرار ١/ أن يتصل البناء بعقار آخر اتصال قرار: البناء عقار ؛ والعقار هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف أو تغيير هيئة. إذا كان يمكن نقله من مكان لآخر دون تلف فهو منقول ، يكون البناء على سطح الأرض كالمنازل والمصانع والجسور والمدارس والمستشفيات مثلاً، أو في جوفها كالأنفاق والسدود وحمامات السباحة وغيرها. ٢ / أن يكون من تشييد يد الإنسان لا يدخل في مفهوم البناء الصخور التي تتراكم بفعل عوامل التعرية والجبال و الحاجز الذي يتكون نتيجة العوامل الجيولوجية رغم كونه يتصل بالأرض اتصال قرار. يترتب على انهيار جبل أو صخرة أو حاجز تراكم بفعل عوامل الطبيعة لا يرتب تطبيق أحكام مسئولية حارس البناء وليس للمضرور أن يطالب بتعويض عن الضرر الذي أصابه إلا إذا كان هناك شخص تسبب بخطئه في انهيارها. فيكون مسئولا طبقاً للقواعد العامة للمسئولية عن الخطأ الشخصي واجب الإثبات. ذهب البعض إلى أن البناء لا يشمل ما تم تشييده بصفة مؤقته دون أن يتصل بالأرض على وجه الدوام . فكل ما يشيد ويحتفظ بطبيعته المنقولة فلا يعتبر بناء ما دام أنه لم يثبت في الأرض أو في عقار بصفة دائمة. والحقيقة _ فيما نرى _ أن هذا الرأي محل نظر. فليست العبرة - في كون الشيء عقاراً ومن ثم بناء - بالاتصال بالأرض بصفة مؤقته أو دائمة ، وانما بكون الشيء قد اتصل بعقار بطبيعته اتصال قرار بحيث يتعذر نقله دون تلف أو تغيير في هيئته. فإن كان المبنى قد اتصل بالأرض أو بعقار آخر اتصال قرار فهو بناء في مفهوم نص المادة ٩١٨ / ١ معاملات المدنية ، وصالات العرض التي تقام على أرض أحد المعارض للانتفاع بها طوال مدة العرض تعتبر - فيما نرى - بناء في مفهوم نص المادة ٩١٨ / ١ السابقة - حتى ولو كانت نية من أقامها قد انصرفت إلى إزالتها بعد انتهاء المعرض - ما دامت قد اتصلت بالأرض اتصال قرار. وبالتالي تنعقد المسئولية على رأس الحارس إذا انهارات إحدى الصالات على رواد المعرض. أما الحواجز الخشبية أو الحديدية التي توضع حول الأرض التي يجري التشييد عليها، فلا تعتبر بناء في هذا المجال لانها لا تتصل بالأرض اتصال قرار بصفة دائمة ولا مؤقتة. وقد ثار التساؤل حول حكم العقارات بالتخصيص مثل المصاعد والنوافذ و الأبواب وأنابيب الغاز والمياه وأسلاك الكهرباء. فهل تطبق عليها - هنا أيضا - ذات الحكم وتعتبر جزءا من المبنى الأصلي ؟ تتوقف الإجابه على ما إذا كان يجب النظر إلى البناء باعتباره وحدة واحدة متكاملة ، إذ تعامل - عندئذ - معاملة، يجب - فيما نرى . والعقارات بالتخصيص التي تحتفظ باستقلالها وذاتيتها ، عالمصاعد والنوافذ و الأبواب، فتعتبر الأولى جزءا من المبنى ، بينما تعتبر لا الثانية جزء منه ، ومن ثم لا تأخذ - عند سقوطها - حكمه. وقد ذهب البعض إلى أن كل ما شيد في باطن الأرض بعد بناء كأنابيب المياه والغاز. والواقع أنه يصعب اعتبار مد أنابيب الغاز والمياه بناء فهي - من ناحية - ليست تشييدا باي حال. فإذا ما توافرات الشروط السابقة كنا بصدد بناء في مفهوم مسئولية حارس البناء ولا أهمية - بعد ذلك - لطبيعة المواد المستخدمة في البناء، وسواء كان للسكنى أم للتجارة أو الصناعة أو الزراعة أو لممارسة مهنة معينة كما لو كان مدرسة أو مستشفى أو مكتب أو عيادة وغير ذلك. بل قد يكون البناء مجرد سد لحجز المياه، أو حاجز بين جارين مثلاً. أو تطاير أجزاء منها، أو سقوط أشجار، وكذلك أبواب ونوافذ المبنى. ثالثا / انهيار البناء كليا أو جزئيا : لا يسال الحارس عن كافة الاضرار الناشئة عن البناء آيا كان سببها، بل بسال - فقط عن الأضرار الناتجة عن انهيار البناء. وقد عبرت المادة ١٩٨ / ا معاملات مدنية عن ذلك صراحة بقولها : ١ / الضرر الذي يحدثه انهيار البناء كله أو بعضه يضمنه مالك البناء أو المتولي عليه . ويترتب على ذلك أن مالك البناء أو الحارسة لايسال عن الضرر الناتج عن غير طريق الانهيار طبقًا لنص المادة ١٨٩/ ١ معاملات مدنية. لكنه قد يسال - بطبيعة الحال - عن التعويض على أساس نص قانوني آخر. ولكن نص المادة ١٩٨ / ١ معاملات مدنية لا يطبق في مثل هذه الحالة. كما لو سقط شخص من على سطح منزل أو انزلق على السلم أو سقط عليه جسم صلب من إحدى النوافذ. ومن هنا تبدو فائدة وأهمية تحديد المقصود بانهيار أو الانعدام بحسبانه الواقعة المنشئة لمسئوليه الحارس متى ما أدت إلى الاضرار بالغير. ويقصد بالانهيار أو التهدم- في هذا الصدد - تفكك البناء وانفصال العناصر المكونة له عن الأرض الذي يتصل بها اتصال قرار. ولا ريب في أن أول ما يميز الانهيار بهذا المعنى أنه لا إرادي يحدث رغما عن إرادة حارس البناء. أم الهدم الإرادي الذي يقوم به مالك البناء ، فلا تسري عليه أحكام المادة ١٩٨ / ١ المعاملات المدنية. فإذا سقطت طوبة مثلاً خلال عملية الهدم بعد انفصالها على أحد الأشخاص، فلا تطبق - إذا توافرت الشروط - المسئولية عن الخطأ الشخصي أو عن الأشياء التي تحتاج إلى عناية خاصة. أما اذا توافرت الشروط - المسئولية عن الخطأ الشخصي أو عن الأشياء التي تحتاج إلى عناية خاصة. أما إذا انهارت جزء آخر من ذات المبنى خلاف الجزء الذي يقوم المالك بهدمه أو ترميمه، تحققت مسئولية الحارس على أساس المادة ١٩٨ /١ معاملات المدنية. إذ نكون بصدد تهدم مستقل عن أعمال الهدم أو الترميم ويجب - من ناحية أخرى - أن يقع الانهيار بالفعل فلا يعتد المشرع - هنا - إلا بالانهيار الذي يقع فعلاً. ومن ثم لا يكفي - لكي تتحقق مسئولية الحارس - أن يكون البناء على وشك السقوط و الانهيار. إذ أن " خشية " الانهيار لا تجيز - كما سبق أن رأينا - لمن يتهدده الضرر إلا بمطالبة مالك البناء باتخاذ ما يلزم من تدابير للحيلولة دون وقوع الضرر. فقد يكون عيبا أصلياً في البناء ، كما يستوي أن يكون البناء قديما أو جديدا ، مسكونا أو مهجورا، انهار كليًا أم جزئيا كما لو سقط "سور السطح أو شرفه المنزل، أو "السطح" المبنى مثلا كما يستوي أن يكون هناك اتصال 'مادي" بين الانهيار والضرر أم لا. كما لو ترتب على تهدم البناء حدوث ماس كهربائي ادى إلى إحداث ضرر للغير في شخصه او مال. إذ يعزى الضرر - في مثل هذه الحاله - إلى إنهيار البناء، فالانهيار - هنا- وليس الماس الكهربائي هو سبب الضرر رغم عدم وجود اتصال مادي بين التهدم والضرر. ويترتب على ذلك انه لا يعتبر تهدماً ما سقط من أعلى احد المنازل ، كما لا يعتبر تهدم- سقوط جزء من البناء هو في الاصل منقول ثم اصبح عقاراً بالتخصيص، كالنوافذ والابواب والمصاعد مثلاً وأخيراً لا يعتبر الحريق تهدما إذ لا يعتبر في ذاته تفكيكاً لعناصر البناء. ومن ثم، لو امتد الحريق إلى منازل أخرى فلا يسال مالك البناء الذي بدا منه الحريق على اساس مسؤوليةحارس البناء. فإذا ترتب على الحريق انهدام البناءالذي شب فيه الحريق، واعتبروا التهدم الاخير هو الذي يركب مسئولية الحارس دون التهدم الأول ولو كان التهدم يرجع في جذوره إلى الحريق. من ناحية لانه لا عبرة بسبب التهدم وما إذا كان الحريق ام المفرقعات ام غيره. حقا إن سبب الانهيار قد يعد إذا توافرت الشروط سببا أجنبيا بدرأ مسئولية حارس البناء. لكن ذلك لاينفي أننا نكون - بداءة - بصدد تهدم للمبنى. فمتى يعتبر أن التهدم قد وقع بعد الحريق بمدة طويلة حتى نكون بصدد تهدم بالمعنى المقصود في هذا الصدد؟ هل يكفي شهر أم شهرين أم أكثر أم أقل ؟ وإذا كان التهدم الذي يعقب الحريق مباشرة لا يعتبر تهدما بينما التهدم الذي يحدث بعد الحريق بمدة طويلة تهدما فما هو الحل إذن بالنسبة للتهدم الذي يحدث بعد الحريق بمدة قصيرة؟ وإذا كان التهدم الذي يحدث - من ناحية ثالثة - بعد الحريق بمدة طويلة يعتبر تهدما بالمعنى المقصود هنا إذا كان يرتد بجذوره إلى الحريق ، فلماذا الانتظار هذه المدة الطويلة مادام أن التهدم يرجع إلى الحريق سواء وقع بعده مباشرة أم بعده بمدة طويلة؟ لذلك نرى أن التهدم الذي يرتد إلى الحريق يعتبر تهدماً بالمعنى المقصود في هذا الصدد سواء وقع بعد الحريق مباشرة أم بعده بمدة قصيرة أم طويلة. الفرع الثالث : أساس مسئولية حارس البناء وكيفية دفعها إذا توافرت الشروط السابقة بأن أثبت المضرور بأن الضرر الذي أصابة ناشئا عن تهدم بناء بالمعنى السابق ، وأن المدعى عليه هو الحارس انعقدت المسئولية على رأس هذا الأخير. وتتوقف الوسائل التي يملكها المدعى عليه لدرء المسئولية عن نفسه على طبيعة أساس مسئوليته من الناحية القانونية. وهو تعدي واجب الإثبات، وليس مفترضاً يقع عبء إثباته على عاتق المضرور. فإذا فشل هذا الأخير في إثبات عنصر التعدي، فقد أقام المشرع هذا النوع من المسئولية على أساس الخطأ المفترض افتراضًا يقبل إثبات العكس، فحارس البناء مسئول - بصريح نص المادة ١٩٨ / ١ معاملات مدنية - عن الضرر الذي يحدثه تهدم البناء إلا إذا اثبت عدم تعدية أو تقصيره. يكفى أن يثبت المضرور أن الضرر ناتج عن تهدم البناء حتى يفترض أن التهدم يرجع إلى تقصير الحارس وإهماله في قيامه بالصيانة و الإصلاح والتجديد. أي أننا نفترض خطأ الحارس أو تعدية بمجرد ثبوت أن الضرر يرجع إلى انهيار البناء. ويترتب على ذلك، أن المدعي عليه يستطيع أن يدفع المسئولية عن نفسه بإثبات أنه لم يتعد و لم يقصر في القيام بواجب الحراسة من حيث صيانه البناء و تجديده وإصلاحه، أو أن التهدم يرجع إلى عيب خفي في البناء لا يسال عنه ولم يكن على علم به. عندئذ يرجع المضرور على المسئول عن مثل هذا العيب. إذ لا يعتبر الحارس - في مثل هذا الغرض - قد قصر أو تعدى. كما يستطيع الحارس أنه ينفي الخطأ عن نفسه بإثبات أن التهدم يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كزلزال أو فيضان مثلاً. أي أن يثبت نفي علاقة السببية بين التهدم والضرر،