أولا /المقصود بمبدأ سنوية الميزانية: يقصد بسنوية الميزانية أن تتم التوقعات والأجازة للميزانية العامة بصورة دورية كل عام، وينطوي على ذلك على شقين، شق التقديرات أو التوقعات الحكومية بشأن إيرادات الدولة ونفقاتها كل اثني عشر شهرا والشق الثاني متعلق باعتماد البرلمان، أي أن يعتمد البرلمان توقعات الحكومة تلك كل سنة. ثانيا/ أسباب العمل بمبدأ سنوية الموازنة: هناك عدة مبررات وراء الأخذ بمبدأ سنوية الموازنة تشمل اعتبارات سياسية واعتبارات اقتصادية ومالية واعتبارات إجرائية: 1- الاعتبارات السياسية: علمنا ان البرلمان يقوم باعتماد الموازنة العامة وذلك بهدف إيجاد نوع من الرقابة من السلطة التشريعية على نظام عمل السلطة التنفيذية، ومدى تطبيقها لخطط الدولة طويلة وقصيرة المدى، والمبرر هنا في جعل الموازنة سنوية هو ضمان مراقبة البرلمان السلطة التنفيذية بصورة دورية خلال فترة قصيرة نسبيا، فمتي كانت مدة عمل الميزانية العامة طويلة أو متوسطة مثلا خمس سنوات، فإن قدرة البرلمان علي الرقابة ستكون أضعف؛ نظرا لطول المدة حيث يصعب عليه الإحاطة بمتغيرات الانفاق السنوية والبيانات الكبيرة والكثيرة في الميزانية والتي تشمل خمس سنوات، واذا كانت مدة الميزانية العامة أقل من سنة فسوف يشكل ذلك عبئا علي البرلمان حيث يكون بحاجة لمراجعة والتصديق علي الميزانية العامة أكثر من مرة في السنة، وقد يسهم ذلك في تقييد الحكومة في ممارسة مهامها، 2- الاعتبارات المالية: تتضمن الميزانية العامة تقديرات لنفقات الدولة وإيراداتها عن فترة مقبلة، ومتى كانت هذه الفترة المقبلة طويلة، فإن تقديرات الحكومة بشأن النفقات والايرادات لن تكون دقيقة، ومن الوارد ان يكون هناك سوء تقدير أو حتي خطأ في التقدير نظرا لطول الفترة الزمنية، فلو تصورنا ان الحكومة تتوقع نفقات الدولة وإيراداتها خلال ثلاث سنوات مثلا أو خمس، ويتغير عدد السكان، وتتغير عوامل تحديد الدخل فقد تزيد الأنشطة بصورة غير متوقعة، أو تقل بصورة غير متوقعة فمثل تلك التغيرات من شأنها أن تؤثر علي قدرة الدولة على جباية وتحصيل الإيرادات، وكذلك سوف تؤثر علي قدرة الدولة على الانفاق ولن يكون تقدير الحكومة دقيق في الفترة الطويلة. تعد الضرائب أهم مصدر للإيرادات العامة في أغلب دول العالم اليوم، وتفرض الدولة الضرائب علي الدخل أو الأرباح بصورة دورية علي أساس الربح السنوي للمنشاة او الدخل السنوي للعامل، ويتحدد بناء عليه نسبة الدخل المعفي من الضريبة، ومتي كانت الموازنة العامة تتم وفقا لتقديرات لمدة أطول من سنة، فلا شك أن خللا ما سيحدث في تلك التقديرات، نظرا لأن الدخل والأرباح ذي طبيعة متغيرة من عام لآخر علي حسب النشاط الاقتصادي والدخل القومي وعدد الافراد العملين والكثير من العوامل الأخرى. وعلي جانب آخر هناك بعض الانشطة التي تتم بشكل موسمي، وهناك ایرادات موسمية للدولة، ويبدوا الأمر أكثر وضوحاً في النشاط الزراعي، والذي يعتمد في قيامه على التغيرات المناخية وعلى دخول العاملين في النشاط الزراعية المتغيرة بتغير نمط الزراعة، الذي يعتمد علي طبيعة المناخ وتغير الفصول، فالسنة بها فصول أربعة وحتى يتحقق الدخل قد نحتاج لمرور الفصول الاربعة لتوقع دقيق لكامل الايرادات وكامل النفقات التي يمكن أن تقوم بها الدولة فقد تزدهر بعض الصناعات في بعض فصول السنة، وخاصة الصناعات الغذائية التي تعتمد علي النشاط الزراعي في مدخلات الانتاج، وبالتالي تباطؤ للدخول، وحتي يمكن تحديد دخول المجتمع أو الدولة بصورة عامة بشكل دقيق ينبغي أن تمر الفصول الاربعة أي سنة علي الاقل، واذا ما كانت التقديرات لمدة طويلة فمن شأن ذلك أن يكون هناك خلل فقد تنتهي الفترة في أحد فصول السنة غير التي بدأت فيه. ومتي ما كانت الفترة الاطول عن سنة كبيرة لا تناسب عملية تقدير النفقات وايرادات الدولة فإن الفترة القصيرة او الاقل عن السنة أيضا لن تكون مناسبة ذلك أنه سوف يكون هناك بعض الانشطة لم تحصل علي دخولها بعد أو انها لم تكمل دورتها السنوية وبالتالي قد تكون هناك ايرادات لم يحل ميعاد تحصلها ونفقات صارت واجبه فسيكون هناك عجز في الموازنة غير حقيقي ومتي كان توقيت اصدار الموازنة واعتمادها في وقت تم فيه تحصيل ايرادات ولكن هناك نفقات لم يحل موعدها من قبل الدولة ففي هذه الحالة سيكون توقعات الموازنة بوجود فائض كبير علي غير الحقيقة . 3- اعتبارات اجرائية: تحتاج الموازنة لوقت لاستكمال اجراءاتها حيث تتم عملية اعدادها من خلال وزارة المالية التي تتلقها بياناتها من مختلف الجهات الحكومية، وتقوم بعد ذلك بتجميعها في قوائم علي شكل نفقات وايرادات للدولة، ويتم عرضها بعد ذلك علي البرلمان والجهات الرقابية، وبعد أن يقرها البرلمان ترفع لرئيس الدولة لاعتمادها، كل هذه الاجراءات تحتاج لوقت طويل، وقد حاولت القوانين في مختلف الدول أن تضع لها مواعيد للقيام بها حتي تكون الموازنة مكتملة في الموعد المحدد قبل بداية السنة المالية، وفي الغالب تستغرق الموازنة ستة أشهر لاعدادها تقريبا، ومتي كانت الموازنة مطلوب اتمامها في مدة أقل من سنة، فسوف يمثل ذلك ارهاقاً كبيراً للجهات والقائمين علي اعداد الموازنة العامة، وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل، فضلا عن أنه أحيانا لا تستطيع الحكومة إعداد الموازنة في الفترة المحددة، فيتم اقرار الصرف والانفاق وتحصي الايرادات بصورة طبيعية ولفترة مؤقته لحين اقرار الموازنة، فماذا لو كانت الميزانية تصدر في فترة أقل من سنة؟ 4- اعتبارات قائمة علي الخطط التنموية: تضع الدولة خطط متوسطة وقصيرة وطويلة الأجل، من خلال تحديد الايرادات والنفقات التي ستقوم بها الدولة، ويستتبع ذلك ضرورة أن تكون الموازنة العامة لمدة قصيرة، وذلك لأن تحقيق الأهداف التنموية يكون له نتائج وتأثيرات، ينبغي أن تؤخذ في الحسبان، ويكون هناك في الغالب لدي الدولة طرق لمراجعة خططها خاصة طويلة الاجل وتقويمها، ومتي كانت الموازنة العامة تتبع في طريقتها التغيرات الحادثة في خطط الدولة ونتائجها، فينبغي أن لا تكون مدتها طويلة حتى يمكن تدارك الخطأ في التخطيط واجراء التعديلات في الوقت المناسب. بداية وختام السنة المالية: ا - بداية السنة المالية: تختلف بداية السنة المالية من دولة لأخرى، فقد اعتمدت بعض الدول السنة الميلادية، وجعلت السنة المالية تبدأ وتنتهي معها، ولم يذكر النظام الاساسي في سلطنة عمان كون الموازنة العامة سنوية ولم يُحل للقانون لتحديد بدايتها ونهايتها وقد يكون ذلك نظرا لأن مسألة سنوية الموازنة صارت أمراً بديهياً لم يعد هناك حاجة للتأكيد عليه في دستور الدولة، وإن كان قانون المالية العامة العماني تعرض لسنوية الموازنة في المادة 3 من الفصل الأول الخاص بالاحكام العامة ، حيث أشارت المادة الي أن تبدأ السنة المالية في أول شهر يناير وتنتهي في الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر من كل عام ". وأشار الدستور المصري في المادة 24 منه إلى أن القانون هو من يتولي تحديد السنة المالية وبالرجوع لقانون المالية العامة الموحد المصري نجده قد نص على أن " تصدر الموازنة العامة للدولة عن سنة مقبلة " وعرف القانون السنة المالية في المادة 1 منه بأنها سنة ميلادية تبدأ من اول يوليو وتنتهي في آخر يونيو من كل سنة. ب - ختام السنة المالية: بعد إقرار الموازنة العامة تقوم الحكومة بجباية الايرادات والانفاق طوال السنة المالية، ولكنه قد يحدث أن تنتهي السنة المالية بالرغم من أن بعض الايرادات العامة لم يتم تحصيلها أو أن بعض النفقات العامة لم يتم انفاقها، ويرجع ذلك لظروف السوق، فقد يتخلف البعض عن سداد الضريبة أو يتهرب من السداد، وقد لا يكون الوقت موات لقيام الدولة بالانفاق لأسباب مختلفة، كعدم القدرة علي اتمام بعض الانشاءات لضيق الوقت أو لتعثر الاعمال، 1 - أسلوب حساب القطع حساب الخزانة": ويعتمد أسلوب حساب القطع علي وقت التنفيذ الفعلي، أي وقت الانفاق الفعلي للأموال ووقت تحصيل الايراد كمعيار لتسجيل الانفاق أو جاية الاموال فما ينفق من أموال خلال السنة المالية يسجل بها وما يتم تحصيله من ايرادات حتي آخر يوم من السنة المالية يسجل خلالها ، ووفا لذلك تسجل الايرادات والنفقات التي لم تحصل أو تنفق خلال السنة في وقت جبايتها أو انفاقها، فما تم تحصيله في السنة اللاحقة من ايرادات يسجل في السنة المالية اللاحقة، حتي لو كان تم اقراره من خلال الميزانية أو السنة المالية السابقة عليها، ولا يلتزم هذا الاسلوب بالوقت الذي تم اقرار فيه النفقات أو الايرادات ولكن بالوقت الذي تم فيه فعلا التنفيذ . ويتميز أسلوب القطع بتطبيقه لمبدأ سنوية الموازنة بالمعني الحرفي، وكذلك بسهولة تطبيقه ويعمل على تحقق المعرفة الحاسمة لبداية السنة المالية ونهايتها، وفصل السنوات المالية عن بعضها البعض، فانتهاء آخر يوم في السنة المالية معناه انتهاء تسجيل أي ايراد أو نفقة، فلا يكون هناك اختلاط أو تداخل بين السنوات المالية، من ناحية وقت اقرار حق التحصيل للايراد ووقت حصول الدولة عليه، أو وقت الموافقة علي الصرف من خلال البرلمان، ووقت الصرف الفعلي، ويدعم ذلك سهولة الرقابة والمتابعة من خلال البرلمان على نشاط الحكومة المالي، ولكن بالرغم من ذلك فإن هذا الاسلوب في حساب السنة المالية يسهل علي الحكومة اظهار توازن الموازنة غير الحقيقي، حيث يمكن للحكومة متي رأت أن الايرادات لن تكون متساوية مع النفقات أن توقف الانفاق حتى نهاية السنة المالية حتى يتساوى مع حجم الايرادات التي تم تحصيلها فيظهر توازن أو تساوي غير طبيعي بين الايرادات والنفقات. تدخل كل تلك الايرادات والنفقات داخل السنة المالية، حتى لو تم تحصيل تلك الايرادات خلال السنة المقبلة، أو أن جانب من تلك النفقات تم انفقاه خلال السنة اللاحقة، فالمعيار هنا وقت إقرار الايراد أو النفقة. فقد تقر السلطات ايرادات مالية بمقدار معين، ولكن قد لا تنجح الحكومة في تحصيل تلك الايرادات خلال السنة المالية، ويترتب علي ذلك أن تظل حسابات المالية العامة مفتوحة لحين تحصيل الايرادات التي لم تحصل، أو انفاق النفقات التي لم تنفق، وهذا معناه امتداد السنة المالية لأكثر من اثني عشر شهرا، أي لأكثر من الوقت المحدد لها من خلال القانون أو الدستور، ويختلف تسجيل النفقات عن الايرادات في السنة المالية وفقا لأسلوب حساب الاتمام كالتالي: بالنسبة للإيرادات : فتسجل في نفس السنة المالية جميع الايرادات التي تم اقرارها وتحقق العمل اللازم لها خلال السنة المالية، فحدوث الواقعة المنشئة للضريبة خلال السنة المالية يجعل الضريبة تسجل ضمن السنة المالية تلك، حتي لو تم تحصيل الضريبة في السنة المالية اللاحقة، فوقت التنفيذ الفعلي أو الحصول علي الايراد ليس معيار ، ولكن المعيار هو وقت نشأة حق الدولة في الحصول علي المال. بالنسبة للنفقات : تمر النفقات العامة بأربع مراحل هي : عقد النفقة ، وتصفية النفقة ، والأمر بالصرف ، ودفع النفقة، ومتي صدر أمر الصرف بالنسبة للنفقة تسجل في السنة المالية التي صدر أمر الصرف خلالها، حتي لو تم الانفاق الفعلي خلال السنة المالية اللاحقة، أما اذا لم يصدر أمر الصرف فتخصص اعتمادات جديدة لتلك النفقة في موازنة السنة المالية اللاحقة وتسجل خلالها. ويتميز حساب الاتمام بأنه لا يظهر توازن ظاهري للموازنة، فالأمر معقود لما تم اقراره من نفقات وصدور أمر بالصرف بشأنه، وما حدث من وقائع تنشي حق الدولة في الحصول علي الايراد، ويجعل تسجيل النفقة والايراد وفقا لهذا المعيار مجال الرقابة المالية من خلال البرلمان أسهل نوعا ما، وذلك لأن هذا الاسلوب لا يحدث تداخل بين السنوات المالية، وبالرغم من ذلك يعيب هذا الأسلوب أنه يشجع الحكومة علي الاسراف في الانفاق في نهاية السنة المالية، وذلك بهدف انجاز كافة النفقات الصادر بشأنها أمر صرف، حتي لو لم يكن هناك حاجة للانفاق، وبالاضافة لذلك يؤخر ظهور الحساب الختامي، نظراً لأن التنفيذ الفعلي واللازم للرصد في الحساب الختامي قد يتم خلال الفترة المتممة وبعد انقضاء السنة المالية بمدة. وقد يحدث أن يتم اقرار الميزانية العامة لأقل من سنة أشهر بصورة استثنائية قليلة الحدوث، وذلك في حال قررت الدولة تعديل وقت بداية السنة المالية بعد العمل بها لفترة وجيزة،