## العولمة: واقع أم إٌدٌولوجٌا؟ في السنوات الأخيرة، وصف نوربرت إلٌاس بِحماس ما نُطلِق عليه الٌوم "العولمة": "من الوالعً تما ًما التحدث الٌوم عن البشرٌة باعتبارها الوحدة العلٌا للبماء. ولكن عادات الأفراد وتماهٌهم مع مجموعات محدودة – وخاصة مع الدول المومٌة – لا تزال متأخرة عن هذه الحمٌمة" (إلٌاس، 1991: 333). كان ٌرى فٌها "المرحلة الأخٌرة من عملٌة تطور اجتماعً طوٌلة ج ًدا وؼٌر مبرمجة، كانت تؤدي دائ ًما وبشكل منهجً […] من وحدات اجتماعٌة أصؽر ًٌد وألل تماٌ ًزا، إلى وحدات اجتماعٌة أكبر وأكثر تماٌ ًزا وتعم ا" (إلٌاس، 1991: 221). خلبل العمدٌن الماضٌٌن، ارتبطت هذه العولمة بسلسلة من العملٌات التً حولت حٌاة سكان الكوكب بشكل عمٌك، مثل انتشار تمنٌات الاتصال الجدٌدة، والتطور السرٌع للتجارة الحرة والتموٌل الدول،ً والهجرة، وتؽٌر المناخ، وبروز الصٌن والهند والبرازٌل كموى عظمى. تتطلب هذه التحولات إعادة تشكٌل على مستوى الأفراد والمجتمعات والمؤسسات (دي مونن، 1999). انخرط علماء الاجتماع فً النماش حول "العولمة" منذ أوائل التسعٌنٌات. كان هذا المصطلح ٌستخدم فً الممام الأول فً العلوم الالتصادٌة لبل ذلن. وخلبل مؤتمر جمعٌة السوسٌولوجٌا الدولٌة عام 1993فً مدرٌد، ُو ّزع الكتاب الجماعً "العولمة، المعرفة والمجتمع" (ألبرو/كٌنػ، 1993) على 4333مشارن. رؼم أن العولمة ذُكرت فً العدٌد من ممالات RS&A1 لم ٌخصص أي عدد بالكامل لها، ولم تٌناقش إلا للٌل من الممالات النماش المفاهٌمً لهذا المصطلح. فً العلوم الاجتماعٌة الناطمة بالإنجلٌزٌة، أصبح مصطلح "العالمً" واسع الاستخدام إلى درجة لد ٌتساءل البعض إن كان لد فمد جاذبٌته الاستكشافٌة. كان الأمر مشاب ًها إلى حد كبٌر بالنسبة لمصطلح "العولمة". ذهب أنتونً جٌدنز (1999) إلى حد تعرٌفه بأنه "الطرٌمة التً نعٌش بها الٌوم، …[] الطرٌمة التً ٌتم بها تنظٌم الحٌاة الاجتماعٌة فً المكان والزمان". ٌرى أنصار العولمة أن العولمة لد ؼٌرت حٌاة سكان الكوكب بسرعة لا ٌوجد لها مثٌل فً التارٌخ. أدى سموط جدار برلٌن إلى إضفاء طابع مسرحً على هذه الحمبة الجدٌدة. شهدت تكنولوجٌا المعلومات والاتصالات تطو ًرا هائ ًلب، خاصة مع الإنترنت والهواتؾ المحمولة التً كانت شبه ؼٌر معروفة فً أوائل التسعٌنٌات. تمٌز العمد التالً أٌ ًضا باتفالٌات التجارة الحرة وفتح الحدود التجارٌة، مما بلػ ذروته بدخول الصٌن إلى منظمة التجارة العالمٌة (WTO) فً .2331 عام على العكس، ٌملل "المشككون" من أهمٌة هذه العولمة. سنستعرض تبا ًعا ثلبثة حجج طرحها من ّظرون ٌمكن ربطهم بهذا التٌار "المشكن "Sceptique فً دراسات العولمة، حتى وإن لم ٌُشٌروا إلٌها بشكل صرٌح. تأتً كل حجة من هذه الحجج لتوازن بعض الإفراط فً نظرٌات وتصورات "العالمٌٌن". ٌُعد أخذ حجج "المشككٌن" و"المؤٌدٌن" بعٌن الاعتبار، دون الاستسلبم للئفراط فً كلب الموالفٌن، خطوة نحو منهجٌة تجعل من العولمة إطا ًرا محف ًزا للتفكٌر فً عالم الٌوم. ## من هٌمنة الشمولً إلى تمفصل المستوٌات ٌدعو مٌشٌل فٌفٌوركا (2008) علماء الاجتماع إلى المٌام بـ"لفزة تحلٌلٌة كبٌرة" من خلبل تركٌز تحلٌلبتهم على مستوٌٌن ٌكتسبان أهمٌة متزاٌدة: الفرد والجوانب العالمٌة. ٌواصل بذلن تطوٌر منظور أنتونً جٌدنز (1991) الذي أشار إلى أن إحدى "الخصائص الممٌزة للحداثة 2بمعنى كونٌة4 وهً الترابط المتزاٌد بٌن “طرفً” الامتداد والمصد: تأثٌرات العولمة من جهة، والنزعات الشخصٌة من جهة أخرى" (جٌدنز، 1991: 1). لربط هذٌن المطبٌن، ٌضع كٌفن ماكدونالد (2006, 2007) مفهومً "الحركات العالمٌة" و"الذاتٌة" فً صلب تحلٌله، بٌنما ٌعتمد ج. جورٌس (2007) بدرجة أكبر على مفهوم "الشبكات"، وهً أشكال تنظٌمٌة مرنة وأفمٌة مستوحاة من أعمال مانوٌل كاستٌلز (1998). ضد نماذج التجرٌد والعمومٌات التً هٌمنت لفترة على علم اجتماع العولمة، أصبح من الضروري عدم نسٌان السٌاق المحلً للظواهر أو الفاعلٌن الذٌن لدٌهم بُعد دولً، وهذا ٌتكرر كتٌمة فً ممالات وأبحاث RS&A حٌث تُظهر دراسات الحالة التً أجراها أ. م. فٌلٌمنوت فً أوزبكستان (2006) وؾ. داسٌتو وب. ج. لوران فً بوركٌنا فاسو (2006) تنوع الإسلبم وتتنالض مع النظرٌات التً تختزله إلى كتلة ثمافٌة متجانسة (هانتٌنؽتون، 1999) أو التً تربط بٌن العولمة والتجانس الثمافً بسرعة كبٌرة. وكما ٌرى جون أوري (2003)، نبؽً استكشاؾ العولمة كعالم متعدد ومعمد (فرٌدمان/راندرٌنا، 2004) فالمجتمع الأكثر "عولمة" لا ٌعنً أنه "منزوع المحلٌة". تبرز معظم الأبحاث، حتى تلن التً تركز على تنفٌذ برامج دولٌة، أهمٌة الخصوصٌات المحلٌة والوطنٌة ودٌنامٌاتها المرتبطة بتلن الإطارات. تُظهر الملفات المخصصة لإدارة الأعمال فً ظل العولمة (2009، تحت إشراؾ ج. ل. مٌتزؼر) أن العولمة تؤدي بالفعل إلى تؽٌٌر بعض الممارسات، مثل فرض معاٌٌر محاسبٌة دولٌة والانفتاح التجاري. ومع ذلن، ٌبمى السٌاق المحلً مهٌمناً وٌؤثر فً كٌفٌة تطبٌك المعاٌٌر الدولٌة (لونؽوٌنٌس، 2009). ل ّدم أولرٌش بٌن (1997، 2006) حج ًجا لوٌة ضد "النزعة الوطنٌة المنهجٌة Le ,"Nationalisme méthodologique أي اعتبار الدول الإطار الرئٌسً للتحلٌل فً العلوم الاجتماعٌة، وهو ما لم ٌعد ٌتماشى مع والع أصبح أكثر عولمة ومحلٌة. لكن بٌن وجهة نظر إٌمانوٌل والرشتاٌن (1999: 19) الذي ٌرى أن "فً المرحلة الانتمالٌة الحالٌة، ٌمكن العمل على المستوٌٌن المحلً والعالمً، ولكن من ؼٌر المجدي نسبًٌا العمل على مستوى الدول"، وف وجهة نظر العلماء السٌاسٌٌن الذٌن ٌحللون حتى أكثر الفاعلٌن عالمًٌة فً إطار وطنً (أؼرٌكولٌانسكً/فٌلٌوٌل/ماٌر، 2005)، فإن نه ًجا مثٌ ًرا للبهتمام ٌكمن فً اعتبار أن المستوى الوطنً ضروري لفهم الوالع المعاصر، بشرط أن لا ٌمتصر التحلٌل علٌه بل أن ٌُدمج فً سٌاق تداخل مع مستوٌات أخرى. بدلاً من التركٌز على منظور دلٌك (مٌكرو) أو واسع (ماكرو)، محلً أو عالم،ً تدعو هذه الأبحاث إلى ربط المستوٌات المختلفة. "التفاعل بٌن الحمائك المحلٌة وعملٌات العولمة" هو الخٌط الرئٌسً فً العدد الخاص بالإسلبم فً مجلة Recherches Sociologiques et Anthropologiques (داسٌتو، 2006: 1). تشكل أعمال ب. مارشال حول جماعة الإخوان المسلمٌن فً أوروبا (2006) مثالاً ممتا ًزا على ذلن. فً أوروبا، تمتلن هذه الجماعة أبعا ًدا متعددة عبر الحدود؛ فهً نشأت من الشتات وتظل متأثرة بعمك بهوٌة إسلبمٌة عالمٌة مرتبطة بمفهوم الأمة. ومع ذلن، لم ٌمنعها ذلن من تطوٌر جذور محلٌة عمٌمة، حٌث توجهها التضامنات والاحتٌاجات المحلٌة. لمد تم التفكٌر فً المستوٌات المحلٌة والوطنٌة والدولٌة لفترة طوٌلة على أنها متعارضة، بٌنما فً الحمٌمة أن تكاملها وتفاعلها هو ما ٌفتح آفالًا مشجعة لفهم أفضل للوالع المعاصر (ساسٌن، 2007؛ فرٌدمان، 2005). ## واقع جدٌد أم دٌنامٌكٌة عمرها قرون؟ على عكس "المؤٌدٌن" الذٌن ٌرون أن العولمة المعاصرة ظاهرة خاصة بزمننا الحالً، ٌعتبر "المشككون" أنها لٌست سوى امتداد لعملٌة تمتد عبر لرون. لا ٌخفً إٌمانوٌل والرشتاٌن تشككه فً الأهمٌة الاستكشافٌة لمفهوم العولمة الذي ٌعتبره "مفهو ًما تحلٌلًٌا ؼٌر مفٌد" (والرشتاٌن، 2003: 28). ٌرى أن التطورات المعاصرة هً مجرد تكثٌؾ للروابط والتبادلات والآلٌات النظامٌة للبلتصاد العالمً التً تعمل منذ نصؾ لرن. ٌضع الكتاب التارٌخً الأخٌر لإٌمانوٌل والرشتاٌن (2011) فً منظور شامل تطورات كبٌرة عبر المرون، وأٌ ًضا استمرار بعض الآلٌات الهٌكلٌة لعمل الالتصادٌات العالمٌة التً أبرزها فً تحلٌله للنظام العالمً فً المرنٌن السادس عشر والسابع عشر. من بٌن هذه الآلٌات تمسٌم العمل بٌن مناطك العالم المختلفة، وعدم تطابك الوحدات السٌاسٌة والالتصادٌة، والنزعات الحمائٌة فً بعض مراحل النمو الالتصادي لدولة معٌنة. لا تصمد النظرٌات الالتصادٌة التً تجعل من الانفتاح التجاري والتبادل الحر محور سٌاسات التنمٌة فً البلدان الألل تطو ًرا أمام هذا التحلٌل التارٌخً. على العكس، فمد كان اعتماد تدابٌر حمائٌة فً المرحلة الأولى من التطور الصناعً أحد العوامل التً ساهمت فً النجاح الالتصادي للنمور الآسٌوٌة خلبل العمود الأخٌرة من المرن العشرٌن، ومؤخ ًرا، الصٌن. تُظهر التحلٌلبت التارٌخٌة لإٌمانوٌل والرشتاٌن (2011) وإرٌن هوبزباوم (1997) أٌ ًضا أن التجارة الحرة لا تدوم عندما تصبح عمبة أمام استمرار الهٌمنة. توضح أعمال والرشتاٌن ثراء تحلٌل العولمة المعاصرة على ضوء تارٌخ التصادي ٌمتد لعدة لرون. ولكن، هل ٌعنً ذلن إنكار بعض الخصائص الممٌزة للتحولات المعاصرة؟ هل ٌمكن اختزال التطورات مثل تكنولوجٌا المعلومات والاتصالات الجدٌدة، والمضاٌا البٌئٌة المتعلمة بتؽٌر المناخ وا ستنزاؾ الموارد، أو صعود الصٌن كموة عظمى إلى مجرد امتداد لاتجاهات وآلٌات تعود لعدة لرون؟ ## العولمة: واقع أم إٌدٌولوجٌا؟ انتمد بعض المحللٌن الطابع الأٌدٌولوجً للخطابات والدراسات المتعلمة بالعولمة، مستندٌن إلى حججتٌن ؼالبًا ما تكونان متشابكتٌن. ٌرى الأول أن العولمة هً أٌدٌولوجٌا تروج لرسالة النخبة العابرة للحدود، التً توصؾ أحٌانًا بـ "الكوزموبولٌتٌة" (فرٌدمان، 1999). أما الحجة الثانٌة فترفض فرض رؤٌة للعالم مهٌمنة على أساس متطلبات العولمة الالتصادٌة النٌولٌبرالٌة. فً ممابل الأنثروبولوجٌا الشمولٌة لأرجون أبادوراي (2000) التً تضع الفاعلٌن المتنملٌن والثمافات العابرة للحدود فً الصدارة وتفصل الهوٌات عن الأراضً لتحولها إلى "مناطك اثنٌة ٌ ،"ethnoscapes نتمد ج. فرٌدمان (2005) العولمة باعتبارها خطابًا ٌروج للرسالة الأٌدٌولوجٌة لنخبة عابرة للحدود تملن الموة الالتصادٌة وتنتمص من لٌمة الارتباط بالمحلً. ) أٌ ًضا 2003( ، ٌشٌر ج. ل. مٌتزجر و ب. بٌٌر فً مجلة Recherches Sociologiques إلى دور هذه النخب العابرة للحدود التً لا ٌمكن تجاهلها عند تحلٌل العولمة المعاصرة. بعض مكونات هذه النخب الكوزموبولٌتٌة استفادت من التروٌج لهذه الرؤٌة للعالم، سواء لفرض لواعد التجارة الدولٌة التً كانت تصب فً مصلحتها (اتفالٌات التجارة الحرة، المنافسة بٌن العمال، تفكٌن دولة الرفاه الاجتماع،ً إلخ) أو للتهرب من المٌود التً تفرضها الجهات الفاعلة الوطنٌة، وخاصة فً المجال الضرٌبً (كوهونٌن/مٌستروم، 2003). ربط بعض الباحثٌن العولمة بفرض سٌاسات التصادٌة نٌولٌبرالٌة وبهٌمنة "اتفاق واشنطن" (هٌلد، 2007). ٌتمثل التحدي فً علم الاجتماع فً تجاوز هذه الأٌدٌولوجٌات للكشؾ عن الصراعات بٌن الفاعلٌن أو الحركات الاجتماعٌة حول تعرٌؾ وتطبٌك مشروع تحدٌثً ج ّسدته العولمة. لا ٌمكن تجاهل تأثٌر الأٌدٌولوجٌات والخطابات التً تروج لها بعض الجهات الفاعلة العابرة للحدود على مسار العولمة. لكن هل العولمة مجرد خطاب وهٌمنة؟ من الصعب إنكار الوالع الموضوعً لبعض التحولات التً أحدثتها. ٌجمع البُعد الموضوعً للعولمة معظم الدٌنامٌكٌات التً ٌجمعها ؾ. داسٌتو (2006: 4) تحت مصطلح "الكوكبٌة :"planétarisation زٌادة التبادلات العالمٌة، تنمل الأشخاص، التمنٌات الجدٌدة، التحولات فً الحكم العالمً وتشابكاته المؤسسٌة، التؽٌرات فً عالم الإنتاج الذي أصبح ٌكتسً طابع "الما بعد فوردٌة" (كاستٌلز، 1998) أو الأهمٌة المتزاٌدة للبلتصاد ؼٌر المادي (كوهٌن، 2004). والع العولمة ذاتً أٌ ًضا. إنها رؤٌة للعالم) ، (Weltanschauung تتسم بتؽٌٌر جذري فً تصورنا للزمان والمكان (هارفً، 1993) لمد ؼٌرت التكنولوجٌا الحدٌثة طرٌمتنا فً رؤٌة العالم. "عالمنا" الٌوم هو الأرض. إنه بالطبع أكثر اتسا ًعا من العالم الذي عاش فٌه أسلبفنا، ولكنه أٌ ًضا ولأول مرة، عالم محدود. وٌساهم ظهور الأخطار العالمٌة (النووٌة، تؽٌر المناخ) فً تعزٌز الوعً بمصٌر مشترن للبشرٌة (ألبرو، 1996). ٌسمح هذا التمٌٌز الاستكشافً بٌن الأبعاد الموضوعٌة والذاتٌة للعولمة بتسلٌط الضوء على مجالٌن من البحث والنماشات الفكرٌة. أولاً، إذا كانت العولمة رؤٌة للعالم، فإن هذه الأخٌرة تمثل ساحة صراعات بٌن فاعلٌن اجتماعٌٌن مختلفٌن ٌسعون لفرض رؤٌتهم للعولمة على المجتمع بأسره. تمدم الفجوات بٌن الأبعاد الموضوعٌة والذاتٌة للعولمة مجا ًلا آخر ٌل ؼنًٌا للؽاٌة. ففً بعض الحالات، تبدو رؤى العالم أكثر عولمةً من الوالع الفعلً. كما ٌشٌر روبرت راٌش (1993، نملبً عن مٌتزجر/بٌٌر، 2003: 113) فإن هذا لد ٌؤدي إلى سوء فهم للآلٌات المعنٌة وإلى رؤٌة متمادمة للتوازنات. ونتٌجة لذلن، ٌتملص تأثٌر هؤلاء الفاعلٌن ولدرتهم على الفعل الاجتماعً (بلبٌرز، 2013). لذا، تُعزى إحدى المهام إلى العلوم الاجتماعٌة، والمثمفٌن، وفاعلٌن اجتماعٌٌن مثل حركة مناهضة العولمة، وهً المساهمة فً تعزٌز الوعً بـ"الوضع العالمً" (ألبرو، 1996) للفاعلٌن الاجتماعٌٌن، بهدؾ تعزٌز لدرتهم على التأثٌر وتمكٌنهم من التأثٌر على المرارات التً ستؤثر على حٌاتهم (هٌلد، 2007). ## عولمة بدون فاعلٌن؟ "الخطابات التً تؤكد أن العولمة هً ظاهرة التصادٌة بالدرجة الأولى، أو حتى الوحٌدة، ترتبط عمو ًما بتأكٌد حتمٌتها: فالدول، وبالأحرى المواطنون، لٌس لدٌهم خٌار سوى التكٌؾ مع لواعد الالتصاد العالمً والانخراط فً منافسة دولٌة فً محاولة للبستفادة منها بأفضل شكل. كما لالت السٌدة تاتشر: "لا ٌوجد بدٌل". فهل العولمة لدر لا مفر منه، عملٌة حتمٌة لا ٌستطٌع الفعل الإنسانً التأثٌر علٌها بشكل كبٌر، وٌبدو أنها تتطلب انفتا ًحا تجارًٌا وتعزٌز هٌمنة الأسواق؟" "ٌؤدي هذا الخطاب إلى التملٌل من شأن إمكانٌات تنظٌم الحكومات واتخاذها إجراءات (ثومبسون، 1999؛ ساسن، 2006؛ راندٌرٌا، 2007). تُظهر س. ساسن بوضوح أن العولمة لٌست مجرد إلؽاء للتنظٌم. بل هً، على العكس، تُنتج وتُضبط بمجموعة كبٌرة من المعاٌٌر والمواعد المعتمدة على المستوى الوطنً." لمد فمدت بعض الأسس التً اعتمد علٌها الفاعلون الاجتماعٌون لتحمٌك التؽٌٌر الاجتماعً خلبل المرن العشرٌن فعالٌتها (رؼم أنها لم تخت ِؾ تما ًما). وهذا هو الحال، على سبٌل المثال، بالنسبة للئجراءات التً كانت تستهدؾ الحكومات الوطنٌة. فلب تزال هاته الحكومات تتممص دور اللبعبٌن المؤثرٌن، لكنهم لم ٌعودوا وحدهم فً مركز اللعبة. بع ا عن كونها "نظا ًما بلب فاعلٌن"، تؤدي العولمة إلى إعادة تشكٌل عمٌمة لمدرات الفعل. "تمثل العولمة تحدًٌا للفاعلٌن الالتصادٌٌن والسٌاسٌٌن والاجتماعٌٌن، ولكنها تمدم أٌ ًضا فر ًصا جدٌدة." ## خلاصة: "تؤدي العولمة إلى إعادة النظر فً مسألة التؽٌٌر الاجتماعً ولدرة الفاعلٌن الاجتماعٌٌن على الفعل." "لمد أدى النجاح الكبٌر الذي حممه مفهوم العولمة فً العلوم الاجتماعٌة إلى ظهور موالؾ متطرفة ومبالػ فٌها فً كثٌر من الأحٌان، سواء من لبل أنصارها أو منتمدٌها، وأثار نماشات مشحونة بالأٌدٌولوجٌا. لمد تم استخدامه على نطاق واسع ولّد الكثٌر من العواطؾ والنماشات لدرجة أنه فمد فً بعض الأحٌان كل لٌمته الاستكشافٌة." "لا ٌمكن لعلم اجتماع دلٌك أن ٌكون مع أو ضد العولمة". إن عدم الانجراؾ وراء مبالؽات المؤٌدٌن للعولمة أو المتشككٌن فٌها ٌسمح بوضع الأسس لمنهج ٌجعل من العولمة إطا ًرا محف ًزا للتفكٌر فً تحدٌات العالم المعاصر وفاعلٌه.