شهر رمضان فكم ممن يتطلع ويتمنى بلوغ شهر رمضان لم يحصل له ذلك اخترته المنية قبل حلوله فشكروا الله على بلوغه واغتنموه فيما ينفعكم عند الله سبحانه وتعالى فإنه لا يفرح بطول الحياة لجمع المالي ونيل الشهوات وإنما يفرح بطول العمر لأدراك هذه المواسم واستغللها بالخيرات والطاعات هذا الشهر العظيم خصه الله بخصائص لا توجد من غيره في الشهور قال سبحانه وتعالى:( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) فاخصه الله وذكر تخصيصه في هذه الآية بميزتين عظيمتين: الميزة الأولى: أن الله انزل فيه القرآن فهو شهر القرآن وكفى بذلك فضلاً عظيما (الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ) ومعنى ذلك أنه بُدا نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر العظيم كما قال سبحانه:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) فابتدأ فيه إنزال القرآن تشريفاً له وتنبيهاً على فضله ولهذا كان صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه يكثرون من تلاوة القرآن في هذا الشهر العظيم ويتفرغون لمدارسته وتلاوته لأن تلاوة القرآن في هذا الشهر أفضل من تلاوة القرآن في غيره. وصوم رمضان، حج بيت الله الحرام فهو الركن الرابع من أركان الإسلام، ومن فضائل هذا الشهر أن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لنا قيام لياليه في صلاة التراويح والتهجد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه يمتاز هذا الشهر تمتاز لياليه على غيرها من الليالي لأنها يستحب ويتأكد قيامها بصلاة التراويح وما يزيد على ذلك من صلاة التهجد في آخر الليل فهو شهر القيام والصيام وتلاوة القرآن، ومن فضائل هذا الشهر أنه فيه تضاعف الحسنات أكثر من غيره لفضل الزمان وشرف الزمان فالحسنات تضاعف عند الله في هذا الشهر وقد قال صلى الله عليه وسلم: ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثاله إلا سبعمائة ضعف إلا الصيام قال الله تعال: الصوم لي وانا أجزي به ، ومن فضائل هذا الشهر العظيم أن الله خصه بليلة هي خير من ألف شهر كما قال سبحانه:( بسم الله الرحمن الرحيم*إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) قال سبحانه:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) فهي ليلة عظيمة قيامها خير من قيام ألف شهر وهذا دهر طويل مما يدل على ان الحسنات تضاعف في هذا الشهر أكثر من غيره وهذه الليلة أخفها الله في هذا الشهر فلا يدرى في أي ليلة من لياليه من أجل أن يجتهد المسلم في كل ليالي رمضان من أوله إلى آخره حتى يضمن انه أدرك ليلة القدر أما من اهتم ببعض الليالي من رمضان دون بعض فلا يضمن انه أدرك ليلة القدر فلعلها تكون من الليالي التي لم يجتهد فيها، من فضائل هذا الشهر أن الله سبحانه وتعالى يضاعف فيه الصدقات والإحسان وإطعام الطعام قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم هذا الشهر فيقول: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك قد أظلكم أي: حل بكم ونزل بكم شهر عظيم وصفه بالعظمة مبارك وصفه بالبركة مما يدل على عظم هذا الشهر فليحمد الله كل مسلم منَّ الله عليه ببلوغ هذا الشهر فيغتنمه في طاعة الله سبحانه وتعالى وبأنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقات وتلاوة للقرآن العظيم تسبيح وتهليل وتكبير فيغتنم أوقاته كلها إلا ما يستريح فيه يغتنمها كلها في طاعة الله سبحانه وتعالى قائماً وقاعداً وعلى جنب ومضطجعا وعلى جنب في كل أحواله لا يغفل عن ذكر الله في هذا الشهر ولا يضيع ساعةً من ساعاته إلا ويغتنمها في طاعة الله إما أن يجتهد فيها بالطاعة وإما أن يعزم عندما يستريح وينام يريد بذلك التوقي على صيامه وعلى قيامه فيكون له الأجر حتى في نومه إذا نوى هذه النية المباركة،