التجارة كما أسهمت الدولة العباسية في دفع النشاط التجاري قدما إلى الأمام فعملت على توطيد النظام الداخلي وكبح الثورات والتصدي للمشكلات الدولية مما كان له الأثر في نهضة التجارة الداخلية والخارجية. وكان للسياسة الخارجية أثر هام على توجيه النشاط التجاري في العصر العباسي الأول فعلي الجهة البيزنطية، كل ذلك وغيره جعل الموقف العباسي تجاه البيزنطيين موقفا دفاعيا، كذلك انتشار المناطق الأثرية على طول الحدود العباسية البيزنطية وكان هذا الشريط الثغرى عباره عطني أربطة أو قلاع حصينة يقيم فيها المرابطون من المقاتلة والنساك بشكل دائم، أثبت لكن الخليفة المنصور استطاع أن يستردها في العام التالي وتبودلت الأسرى بين الجانبين، ويبدو أن الضغط قد ازداد على الجبهة البيزنطية بعد ذلك، فوجدنا حرص شديد أثناء توليه الخلافة عام 181هـ / 797م على المسير إلى آسيا الصغرى حتى يحقق الهدوء والأمن على الحدود البيزنطية، حتى قاد المأمون حملة بنفسه عام 218هـ/833م توجه بها إلى عمورية لكن وفاته المفاجأة أخرت هذه الحملة إلى عهد المعتصم الذي ازداد الصراع في عصره أثناء انشغال المعتصم بثورة بابك الخرعي فأغار البيزنطيون علي مدينة زبطرة وأحرقها فثار المعتصم وسار حتى وصل إلى عمورية وضرب حولها الحصار وتغنى الشعراء بهذا الانتصار، ومع الواثق تم تبادل الأسري إيذانا بعهد جديد من السلام فضلا عن دور الأغالبة في صقلية وجنوب ايطاليا وسيادتهم البحرية في وسط البحر المتوسط حتى انتهى الأمر بطرد البيزنطيين نهائيا من صقليه بعد ما يقرب من سبعين عاما وبذلك فقدوا أعظم معاقلهم في البحر المتوسط، كما استولى الأغالبة على مالطة وسردينا وانسابوا نحو جنوب إيطاليا ودانت للأغالبة مدنا كثيرة في الجنوب الإيطالي منها نابلي وسالون ومونت كاسينو، هذا فضلا عن دور أهل الأندلس في غرب البحر المتوسط والربطات المنتشرة على ساحل البحر لتطهيره من الوجود البيزنطي والعلاقات الدبلوماسية بين الخلافة العباسية وإمبراطورية شارلمان، أما من ناحية الصين، فمن المعلوم أن الخطر الصيني لم يكن يتطلع إلى مكاسب سياسية بقدر ما كان يطمع في السيطرة على الطرق التجارية في آسيا الوسطى التي كانت تسلكها القوافل إلى الشرق الأدنى وأوروبا، لذلك كان الصراع بين الصين والمسلمين من أجل السيطرة على التركستان التي كان عليه أن يختار لأي الدولتين ينحاز، ومعلوما أن فتح بلاد ما وراء النهر قد تم فتحها خلال خلافة الوليد بن عبد الملك عام 93هـ/711م عندما تمكن القائد قتيبة بن مسلم اللاعبين من فتح بخاري وسائر مدن خورازم و سمرقند وبعدها توجه قتيبة في عام 714/096م إلى حدود الصين، لكنه انسحب بعد ذلك ولم يتمكن من التوغل داخل الحدود الصينية، فان وقوفه على أبواب الصين جعل أباطرة الصين يعملون على تأمين حدودهم الغربية واستولوا على مواطن الأتراك الشرقيين ضد المسلمين في بلاد ما وراء النهر وكثيرا ما تحالف هؤلاء مع أمراء الأتراك الغربيين للثورة على الحكم الإسلامي في محاولات لطرد المسلمين من البلاد، وبذل المسلمون في سبيل تأكيد وجودهم الكثير وأنقذوا جيوشا متوالية حتى استردوا مدينة بخاري . ومع سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية، بدأ الصينيون يستفيدون من انشغال الدولة الإسلامية لكن سرعان ما انحسر الخطر الصيني عن بلاد التركستان الشرقية، وفرغانة ويرجع السبب في ذلك إلى الهزيمة التي منى بها إمبراطور الصين علي يد القائد العربي زياد بن صالح الخزاعي عام 133هـ/ 750م وأدى هذا النصر إلى التقليل من حدة المطامع الصينية مما دفع الأسرة الحاكمة في الصين إلى مسالمة العباسيين . كما أن جيش الخلافة العباسية أسهم بدور فعال في تثبيت مكانة البيت الحاكم في الصين ضد المحاولات التي جرت لاغتصاب الحكم من الإمبراطور القائم، وبدأت الخلافة العباسية بعد ذلك تقيم الثغور في حدود إقليم التركستان كما أخمدت الجيوش العباسية الثورات التي قامت بها وأرغمتها على الخضوع . كما استمر العباسيون في إرسال الحملات لاستكمال فتح الهند التي تم فتحها مع الأمويين في عهد الأمويين خلال خلافة الوليد حيث تم فتح الأراضي الواقعة بين كابل والملتان والتوغل في حوض السند وتمكن محمد بن القاسم من تثبيت النفوذ الإسلامي في تلك الأنحاء، وبذلك أصبح العباسيون يهيمنون على البحار الشرقية إلى الخليج الفارسي والمحيط الهندي نظرا لدورهم الفعال في هذه المنطقة، ناهيك عن العلاقات الدبلوماسية بين الخليفة الرشيد والإمبراطور شارلمان فتبودلت السفارات بيت الجانبين، فظلت في عهد نمو التجارة الدولية في ظل الاسلام : وطريق آخر شمالي بغداد ويتجه الموصل سنجار نصيبين الرقة طبرية الرملة القاهرة الاسكندرية وطريق ثالث يبدأ من غرب أوربا الاندلس طنجة المغرب مصر الشام ويصل في النهاية إلى العراق. أما الطرق البحرية يبدأ من غرب أوربا إلى المشرق مارا بمصر وقام بهذا الدور التجار اليهود الذين يطلق عليهم الرهدانية، فيحملون من الغرب الخدم والجواري والجلود، كما وصلت التجارة الإسلامية اسكنديناوة والسويد وتم العثور على نقود إسلامية، كما عرف نظام السمسرة والوكلاء في البيع والشراء. فالتجارة القادمة من الهند والصين ما يؤكد عليها العشر، لان من يدخل عدن بألف درهم يخرج بألف دينار .