وانتهت زهراء إلى أنها لا ترقد في غرفة النوم المشتركة التي تعودت أن تنام فيها مع أختيها عائشة وسعدية وأخيهم الصغير يوسف. فسالت أختها في لهفة : - أين أنا ؟ولم تنتظر الإجابة والتفتت في حركة آلية ذات اليمين وذات الشمال لتشاهد اطفال آخرین يرقدون في أسرة بيضاء، لم تعد تذكر الآن إلا تلك السيارة السوداء التي توقفت في الجهة المقابلة من الطريق ليشتري ركابها خير المطلوع منها، وفي طرفة عين شاهدت تلك السيارة وهي مقبلة كالسهم وقد أشعلت أضواءها، ثم سمعت صوت عجلاتها وهي تفرمل بقوة وتحتك بإسفلت الطريق وكأنها تتمزق تمزقا فظيعا، قالت لها أختها التي كانت تجلس إلى جانب سريرها : احمدي الله يا عزيزتي انك لم تموتي ولم تفقدي أحد أعضائك في الحادثة، وبعض المعلمات والمعلمين إلى وضمانتها عائشة : لا تقلقي فقد أخبرنا إدارة المدرسة بالحادث وقد تأليم الجميع ليلة الحادثة وصباح اليوم للاطمئنان عليك. أما سعدية فهي في الثانوية وقد حالت ظروف الامتحان دون حضورها وقد طمأنتها بأنك بخير. لكنني أريد أن أرى أخي وأختي عندما تخرجين من المستشفى، فهي تشير إلى الزيارة الأسبوعية التي تعودن عليها مع أخيهن لقبر أمهم وأبيهم صباح كل جمعة وأوشكت دموعها أن تفضحها امام اختها، وساد الصمت - بينهما من جديد وانشغلت كلتاهما بالنظر مرة أخرى إلى ما حولهما من الأطفال ضحايا حوادث الطرق ، آبائهم ومعبرا عنه بدموع الأمهات التي تراها تنزل في صمت على فلذات أكبادهن، وزارها أيضا وفد من جمعية أولياء التلاميذ وأهدوها عكازين طبيين تستند عليهما بإبطيها عند المشي، وقال لها رئيس الجمعية وهو يسلمها العكازين: «هكذا تستطيعين الذهاب إلى المدرسة ولا تفوتك دروسك ». وبفضل العكازين تمكنت من زيارة قبري والديها يوم الجمعة كما تمكنت من الالتحاق يوم السبت بمدرستها.