إ ّن َّالله ا ْص َط ف ى آ َد م َو ُن و ح ا ً َو آ َل إ ْب ر ا ِه ي م َو آ َل ِع ْم ر ا َن َع ل َ ى ا ْل ع ا ل َ ِم ي َن ) 3 3 ( ُذ ِّر َّي ًة َب ْع ُض ه ا ِم ْن َب ْع ٍض َو َّالله َس ِمي ٌع َعلِي ٌم )34(1 والإصطفاء اي الإختيار الإلهي لهؤلاء وتمييزهم عن البقية ، نعم ليس كل ذريته بل خصوص الطاهرين المصطفين منهم ، فهؤلاء فضلهم الله بشيء على سائر العالمين ، والخليفة الأول ل تعالى على الارض ، الدين ، ويبقى أن نشير الى أ ّنه تعالى ذكر هنا مجموعة من الأنبياء اللذين اصطفاهم على سائر البشر بصفات وميزات خاصة تتلائم مع صفاتهم وطهارتهم من جهة ومع دورهم وتكليفهم تجاه البشرية عامة من جهة ثانية ، فالأنبياء مصطفون جميعا من الله تعالى لما وجد فيهم من عبودية حقة ، وهؤلاء F2 َََََْْ َ 1 ثالثاً : استخلاف ادم على الأرض وسجود الملائكة له والكلام في هذا الأمر في نلخصه في أربع محطات أساسية4 : أ- معنى الإستخلاف وجواب الملائكة عليه : وهنا أول سؤال أنه خليفة لمن ؟ وما معنى الخلافة ؟ الخلافة هو النيابة عن الشخص ، اما خليفة لمن ، والقول الآخر بأنه خليفة الله ، وهو الأظهر طبعا بحسب فهمنا للآيات القرآنية ويدل عليه جواب الملائكة الُموحيأنهمأحقبالإستخلافمنآدمبقولهم)َوَنْحُنُنَس ِّبُحِبَحْمِدَكَوُنَق ِّد ُسلََك(فإنهلامعنىلهذاالكلامإن كان الاستخلاف للنوع البشري او الجن ، وما ورد من الملائكة لا يظهر منه أنهم في موقع الاعتراض على القرار الإلهي وحاشى لملائكة الله من أن يخالفوا أمره ، إنما الذي يظهر أنهم لم يعلموا وجه أحقية آدم هذا المخلوق الجديد في أن يكون خليفة ل مع كونه مخلوقا ماديا ذا شهوات ورغبات وإعتبارهم أ ّن مقام الخلافة يليق بمن يعبد الله ويطيعه وليس له رغبات مادية فهو يستحق الاستخلاف الإلهي 2 واما سياق الحوار وتوضيحه فإ ّن الملائكة قد قدمت مسألتين في مقام جوابها على القرار الإلهي ، أولهما أ ّن هذا المخلوق الإنساني الجديد المراد له الخلافة سيفسد في الأرض وأنه أيضا سيسفك فيها الدماء ، وثانيهما أنها اي الملائكة تسبح بحمد الله وتقدس له ومعنى التسبيح والحمد هو تمام اظهار العبودية والخضوع ودوام الانقطاع ل تعالى ومعنى التقديس هو تنزيه الله تعالى عن كل شيء لاعلاقة له بالربوبية . إذن فمعنى الخلافة هو خلافة الله تعالى حيث أنه عز وجل سخر للإنسان جميع ما في الارض وأعطاه القابليات والعلم الذي يتميز به عما سواه من مخلوقات ، يبقى أن نجيب عن بعض النقاط الضرورية هنا أولها أنه كيف علمت الملائكة بأ ّن المخلوق الجديد مفسد في الأرض ؟ ونجيب بأ ّن هذا لازم من طبيعة خلق الإنسان المادية من الارض ، فإ ّن الطبع المادي موجود فيه بما يشمل من غرائز وميول وحاجات تدفعه لسدها ولو باللجوء الى سفك الدم والفساد ، بل عن تكاثر وتعاظم لنسله ، وهذه الكثرة مع وجود رغبات مادية لدى الإنسان ستخلق صراعا فيما بينهم من أجل الاستحصال على قدر أكبر من الفوائد المادية بما يؤدي الى اقتتالهم فيما بينهم وسف الدماء ووقوع الفساد والظلم منهم ، فأي استخلاف هذا الذي يؤدي الى هذا هو ما اثار استغراب الملائكة بطبيعة الحال . وقد يقال بأنه سبق للملائكة أن شاهدت تصرف مخلوقات إنسانية او غيرهم من الجن قبل آدم عليه السلام ثانيها : أ ّن الرد الإلهي على هذا الجزء من كلام الملائكة لم يكن بنفي وقوع الفساد وسفك الدم ، بل إ ّن ما قالته الملائكة حول إفساد النوع البشري نظرا لطبيعته المادية وطبيعة الارض المادية هو كلام صحيح بالنظرة الأولية منهم ، حيث أ ّن قابلية الروح لحمل هذه الأمانة الإلهية وتطبيقها عالية جدا وهي تظهر في عباد الله المؤمنين المقربين المطيعين ل