إن موجات الهجرة والنزوح شهدتها المجتمعات البشرية منذ القدم، وقد كانت القوة وشريعة الغاب هي السمة المميزة لتلك المجتمعات البدائية، حيث كانت القوة هي التي توجد الحقوق وهي التي تحافظ عليها وقد كان ارتكاب الجرائم يعتبر بحد ذاته اعتداء على الإلهة ويوجب إيقاع أقسى أنواع العقوبات على مرتكب الجريمة، وكانت العقوبات تتميز بالقسوة وكان الانتقام الفردي هو السائد في تلك المجتمعات. وأيضا لحماية المظلومين وإنصافهم. وفي تلك الفترة كانت فكرة اللجوء الديني، حيث كانوا يؤمنون بقدسية دور العبادة والآلهة ويخشون غضبها، أي أنه خرج من نطاق السلطة الدنيوية، وعليه فان أصل نشوء اللجوء هو الدين، ولذلك سمي هذا النوع من اللجوء باسم باللجوء الديني). وكانت دور العبادة تحظى بحق حماية من يلجأ إليها من الأفراد حيث كانوا يأمنون على أرواحهم وكان الناس يخشون غضب وانتقام الآلهة بحق من يحاول الاعتداء على هذه الأماكن ونتيجة هذا الاعتقاد التزموا بعدم الاعتداء على دور العبادة وأماكن الإلهة ومن يلجأ إليها بقصد 2 ففيما يتعلق بحضارة مصر القديمة، اتضح من خلال النقوش على المعابد كمعبد هيرون، وايزيس كيف كانوا يمنحون حق اللجوء لمن يلجأ إلى هذه الأماكن . وأما اليهود فقد عرفوا الملجأ الديني أيضا، حيث كانوا يأخذون معهم نموذج لهيكل سليمان (عليه إلا أن هذا النظام لم يكن يشمل جميع أفراد المجتمع اليهودي في ذلك الوقت، حيث كانوا وهذا ينطبق أيضا على الرقيق المملوك ليهودي وكذلك كان الملجأ الديني عند اليهود لا يشمل مقترفي الجرائم السياسية كما يطلق عليها في الوقت الحاضر حيث أنهم كانوا يعتقدون بأن احترام الملجأ هو جزء من إيمانهم بالقضاء والقدر وان المساس به يعرضهم إلى الانتقام الإلهي، وكان اللجوء الديني عندهم يشمل الجميع دون تمييز بين مجرم أو برئ أو غير ذلك. وأما عن الدين المسيحي، فقد كان لظهوره الأثر الكبير، الذي كان بمقتضاه يسمح لرجال الدين بالشفاعة لدى الحاكم عن مرتكب الجريمة أو غيره، الذين يلجئون إلى الكنيسة من أجل الحصول على الحماية، وأصبحت الكنائس في ذلك الوقت هي المكان الذي يلجأ إليه من يرتكب وقد كانت الاستجابة من قبل الحاكم رهينة وحسب ما تملية علية مصالحة. 2 ولكن مع كل ذلك لا تزال مظاهر اللجوء الديني، فقد اجتاحت فرنسا مظاهرات عديدة بسبب دخول السلطات الفرنسية إلى داخل كنيسة القديس برنار 199٦ وأما عن الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، فقد كانت الأعراف والتقاليد العربية في زمن الجاهلية تشكل أساساً راسخاً من أجل حماية البشرية، حيث عرف العرب حق الملجأ وكانوا يطلقون علية عدة تسميات مثل الإجارة والاستجارة والإيواء وغيرها من التسميات التي كانت تعبيرا واضحا عن فكرة الحماية التي تمثل اليوم جوهر عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، وذلك بسبب طبيعة حياتهم القاسية في الصحراء، ولهذا كان الشخص الذي يلجأ إليهم يحظى بالاهتمام والكرم ويقدمون له الطعام والمسكن، وكانوا يعتقدون