## صهاريج الإمبراطورية البيزنطية: مُحركات التنمية المائية كان للصهاريج دورًا رئيسيًا في توزيع المياه نحو مدن الإمبراطورية البيزنطية، حيث تم تغذيتها من قنوات المياه بصورة مباشرة، أو من صهاريج أكبر. مشتقة كلمة "صهريج" من "Cisterna" اللاتينية، ومعناها "الصهريج الجوفى للمياه". تم بناء هذه الصهاريج لتوفير المياه لسكان المدن، سواء كانت مبنية من الحجارة على سطح الأرض، أو مغمورة تحت الأرض، ومغطاة أو مكشوفة. في العصر الروماني، كانت صهاريج المنازل صغيرة الحجم، تُستخدم لجمع مياه الأمطار. بينما ارتقت الصهاريج في العصر البيزنطي لتصبح آية من فنون العمارة العامة، وتم التوسع في إقامتها لتجميع مياه الأمطار، لتصبح بديلًا عن أنظمة تغذية المياه القديمة. لم يكن هناك مثيل لصهاريج القسطنطينية من حيث الحجم والعدد، فاستمدت الصهاريج الكبرى مياهها من قنوات فالنز وهادريان، بينما استمدت الصهاريج الصغرى مياهها من الأمطار. بعد صهريج فيلوكسينوس، أحد أكبر الصهاريج البيزنطية المغطاة، والذي يعود لسيناتور بيزنطي في عهد قنسطنطين العظيم، تم بناء صهاريج أخرى، مثل صهريج ثيودوسيوس، وصهريج بولكيريا أوغسطا، وصهريج إتيوس. كان صهريج أسبار، الذي أقامه القائد العسكري أسبار، مثالًا آخر للصهاريج الكبرى في الهواء الطلق بالقسطنطينية. من ناحية أخرى، يقع صهريج هيبدمون، أو "قبة الفيل"، على بعد 1.5 كم من ساحل بحر مرمرة، وقد تم تشييده لتغذية قصرين كبيرين. يعد صهريج القديس موكيوس، من صهاريج الهواء الطلق بالقسطنطينية، وهو الذي كان يغذي كنيسة القديس موكيوس. بعد ترميم قناة هادريان، قام جستنيان بتشييد صهريجًا كبيرًا لكنيسة إيلوس في عام 528م. مع افتقار مدينة القسطنطينية للمياه في فصل الصيف، قام جستنيان ببناء صهريج البازيليك، والذي يعد من أكبر الصهاريج المدفونة تحت الأرض في أسطنبول، وقد استمد هذا الصهريج الجوفى اسمه من اسم ساحة عامة كبيرة مقرها التل الأول بالقسطنطينية، وهى بازيليكا (كنيسة) ستوا. في عهد الإمبراطور موريس، قام أريستوماكوس ببناء خزان من البرونز بمدينة القسطنطينية. اهتم الإمبراطور أناستاسيوس بتزويد مدينة دارا بالمياه، وأقام صهاريج لتخزين المياه داخل المدينة. خوفًا من الإستيلاء على قلعة سيسورينم، بادر جستنيان ببناء صهريجين وخزانات للمياه بها. شهد عهد جستنيان طفرة حقيقية في بناء الصهاريج في مدينة بيت لحم في فلسطين، فبنيت صهاريج بدير القديس صموئيل، ودير أفيلبوس، ودير القديس يوحنا بجوار نهر الأردن. تم بناء صهريج كبير داخل برج الحراسة في منطقة خارج حدود مدينة أفاميا. في مدينة بصرى، تم إعادة بناء الصهريج الكبير في العصر البيزنطي. تم بناء الصهريج الكبير لمدينة الأكروبوليس في القرن السادس الميلادى. في كنيسة سرجيوس ببلاد الفرات، قام جستنيان بإقامة عدة خزانات لتوفير الاحتياجات المائية للسكان. في مدينة أثيرا، قام الإمبراطور جستنيان بإشاء صهريج لتخزين فائض المياه بها. في أنطاكية، قام جستنيان بإنشاء عدة صهاريج داخل جدران أسوار المدينة في عام 528م. حددت بعض القوانين إستهلاك حصص المياه من الخزانات المائية، ففي دافني لوحظ تضاؤل كم المياه في القناة المغذية للقصر الإمبراطوري، بسبب إستيلاء بعض الأفراد على حصص مائية أكبر من الحصة التي أقرتها الدولة. توصلت هذه الدراسة إلى نتائج مهمة، منها حسن إستغلال عوامل الطبيعة (ينابيع – أنهار – سيول) والتخطيط الجيد للإستفادة القصوى منها، ومعرفة الرومان الهندسية الممتازة لسبل إمدادات المياه، والتأثير الأمني وحماية المدن البيزنطية، ودور خط هادريان المائي في تزويد القسطنطينية بالمياه، واستغلال الينابيع القريبة من المدن البيزنطية، وإعتماد صهريج دارا على تجميع مياه الأمطار. شكلت صهاريج القسطنطينية نظام تخزين وتوزيع فريد من نوعه ميزها عن صهاريج المدن الأخرى في الإمبراطورية البيزنطية، وتنوعت الصهاريج ما بين المدفونة تحت الأرض والمفتوحة، وكانت طاقة إستيعابها تختلف بحسب حجمها أو الغرض المقامة له. أعيدت بعض القنوات التي كانت خارج الخدمة لتستغل كرابط مائي، كما فعل الإمبراطور جستنيان في قناة الإسكندرية. تم تشريع قوانين تبين حصة الأفراد من المياه، والتي يقررها حاكم المدينة العام بسلطة لا تلغيها أية سلطة حتى الأمر الإمبراطوري، وتدون في سجلات خاصة.