كان لأعضاء بلاط سيف الدولة من كتاب وشعراء ولغويين الأثر البالغ في تربية أبي فراس وتهذيبه، فنشأ قائدا يدافع عن إمارة ابن عمه ضد الروم وهجمات جيش قائدها الدمستق.وقع أسيرا في أيدي الروم مرتين، كانت أولاهما في أعقاب معركة مغارة الكحل سنة 347هـ – 959م، حين أصيب بسهم بقي نصله في فخذه، فأُسر وحُمل إلى قلعة خرشنة الواقعة على الفرات وسجن بها ليخرج منها بعد سنوات بطريقة اختلف المؤرخون فيها، فقيل إنه هرب وقيل افتداه سيف الدولة.وكانت نقطة التحوّل في حياة أبي فراس حين ولّاه سيف الدولة على منبج وما حولها من القلاع بعد خروجه من السجن، لِمَا عُرف عنه من الذكاء والفطنة والنجابة وتحمل المسؤولية. ويكره القعود عن منازلة الروم، ويقاتل جنبًا إلى جنب مع سيف الدولة، وكان حريصًا على حضور المعارك،وبعد هدنة بين الروم والحمدانيين، عاد القتال بعنف فحاصر الروم أبا فراس في منبج حتى سقطت قلعته وأُسر ثانية سنة 350هـ -962م ثم نقلوه إلى القسطنطينية وأقام في سجونها سنوات، وقد عبر بالشعر والنثر عن عتبه على ابن عمه وتذمره من مماطلته في تخليصه من أيدي العدو.ولم يكن أبو فراس حينها يدرك الصعوبات التي حلّت بالإمارة والمصاعب التي أحاطت بالدولة الحمدانية، والتي اضطرت سيف الدولة إلى الانسحاب مؤقتا من محيط عاصمته حلب لاستعادة أنفاسه وترتيب أوراقه حتى يعيد الكرة على الروم من جديد وينتصر عليهم سنة 354هـ- 966م، مستعيدا عاصمته حلب وآسرا أعدادا من الروم قايض بهم بعض أسراه وافتدى البقية ومن بينهم ابن عمه أبو فراس، إلا أن أمد سيف الدولة لم يطل بعد هذا الانتصار، فتوفي بعده بسنة واحدة عام 355هـ- 967م.وقد تأخر سيف الدولة في فدائه، وقيل في هذا الأمر الكثير قديمًا وحديثًا، فقد أرجعه البعض لعدم تمكنه من دفع الفدية لأنها كانت كبيرة، وقال آخرون إن السبب هو تخوفه من انقلاب أبي فراس عليه، وأرجع آخرون ذلك إلى شرط سيف الدولة أن يكون الفداء عامًا يشمل جميع الأسرى.وبعد وفاة سيف الدولة نشأ خلاف بين وريثه أبي المعالي وبين أبي فراس، انتهى إلى استقلال أبي فراس بحمص عن سلطة إمارة حلب، فأرسل إليه أبو المعالي جيشا لإجباره على الاستسلام، وكان ذلك برأي من مولاه فرغويه،