بدأت الرعاية الاجتماعية الحديثة في مصر بنشاط أهلّي من مصلحين للحد من ظروف الفساد الاستعماري، واستغلال الثروات والفقر. ساهمت الحكومات المتعاقبة في تحمل مسؤوليتها، مرتبطةً بمصالح الشعب، حتى أصبحت الدولة مسؤولةً عن الجزء الأكبر. مر تطور الرعاية الاجتماعية بمصر بأربع مراحل: الأولى (الوعي) من القرن التاسع عشر حتى 1939، والثانية من الاحتلال البريطاني حتى إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1939، والثالثة من 1939 حتى ثورة يوليو 1952، والرابعة من 1952 حتى الآن. في المرحلة الأولى، أحدثت الحملة الفرنسية وعياً بمآسي الحكم العثماني: ركود، فقر، غياب الصناعة، زيادة الضرائب، انتشار الأمراض، الجهل، والانحراف. ظهرت جهود أهلية تعليمية وإيوائية، وقوانين فرنسية للقبض على المتسولين وإنشاء دور رعاية. في عهد محمد علي، رغم التقدم العسكري والاقتصادي، ساءت الأحوال الاجتماعية بسبب احتكاره للحاصلات الزراعية وزيادة الضرائب. أنشأ مدارس، لكن التعليم لم ينتشر. أصدر أول تشريع حكومي للبر من خلال وزارة الأوقاف عام 1835، كما اهتم بالمؤسسات الإيوائية. في عهدي عباس وسعيد، تدهورت الأحوال، وعادت الملكية العقارية، وظهرت الارساليات التبشيرية. في عهد إسماعيل، زاد الانحلال والديون. ظهرت جمعيات أهلية في نهاية القرن التاسع عشر، ارتبطت بالدين، وتركزت على التعليم والإحسان، مواجهةً تقصير الحكومة. في المرحلة الثانية (الانتشار)، تأثرت الرعاية الاجتماعية بالشعور القومي، وعودة مبعوثين من الخارج، والأزمات الاقتصادية. مارستها مؤسسات أهلية وحكومية، خاصة في التعليم والصحة. اهتمت الحكومة بالحداث المنحرفين، من خلال إنشاء مؤسسات وقوانين، ومحاكم خاصة، لكنها لم تحقق أهدافها. اهتمت البيئات الأهلية بالأيتام، من خلال الملاجئ، لكنها عانت من ضعف الرقابة والفساد. اهتمت الحكومة بالنساء والأطفال العاملين، من خلال قوانين تنظم عملهم. أثرت الأزمة الاقتصادية عام 1939، فتدّخلت الحكومة بإنشاء مطاعم شعبية، لكنها لم تكن حلاً فعالاً. ظهرت حركة المراكز الاجتماعية في مصر، على غرار الدول الغربية، لتنمية الشباب.