وضوح الأسلوب شرط لجودته : لأن الكلام الذي يعجز عن أداء معناه في وضوح ، واللغة تكون واضحة كل الوضوح إذا تألفت من ألفاظ دارجة ، وتكون واضحة نبيلة بعيدة عن الابتذال إذا استعملت ألفاظاً غير مألوفة فى الاستعمال الدارج "، واستعمال الكلمات الغامضة لأنها مشتركة بين معان كثيرة - وسيلة يلجأ إليها السوفسطائيون لتضليل سامعيهم. واستعمال الكلمات الغربية والأسماء المركبة والصفات المبالغ فيها أليق بمقام الانفعال ، دقة الأسلوب : هي أن يتجنب فيه ما لا مبرر له من ابتذال أو سمو . ولغة الشعر يجب أن تكون بريئة من كل ابتذال ، وعلى الشاعر أن يعمد إلى الألفاظ غير الشائعة ، وفي كل هذا إثارة لمشاعر ليست مما تجرى به العادة . يتعلق بالمواقف في الشعر ، فبعض مواقف الشعر لا يلائمه إلا اللغة العادية. فلا يصح للشاعر أن يضع لغة سامية على لسان رقيق ، في مثل هذه المواضع يجب أن يهبط الشاعر بأسلوبه الشعري ، ولكن في أغلب الأحيان يجب أن يسمو به . والمعنى المراد به ، بدلا من أن تكون نبيلة مختارة وذلك مثل عبارات اليسداماس. فعلى الكاتب ، بحيث يشعر المرء أنه يتكلم عن طبيعة لا عن تكلف . والكلام الطبيعى فيه مقنع ، وذلك كما في أصوات الممثلين على المسرح ، فمن المستطاع - إذن - أن يسلك الكاتب منهج البارعين في الفن ، فتبدو لغته عادية مألوفة لا تكلف فيها. وموجز القول أن اللغة دقيقة إذا دلت على الانفعال والخلق المراد ، وموافقتها للموضوع معناه أنها لا تكون مبتذلة فى الموضوعات السامية ، وألا تضاف إليها صفات تخرجها إلى التكلف والصنعة. ولكي تدل اللغة على الانفعال يجب أن تستخدم لغة الغضب في الإهانة ، وهذه القدرة اللغوية مما يحمل الناس على الاعتقاد فيما يقول المتكلم ، لاستنتاجهم من لهجته أن ما يقوله حق ، حتى لو كان غير صادق في الواقع ونفس الأمر ، هذا إلى أن المتكلم بلهجة انفعالية ينجح في إثارة شعور سامعيه ، ولهذا يلجأ بعض الخطباء إلى أن يغمر سامعيه بصوته الجهوري دون أن تحوي عباراته شيئاً ذا بال وإذا استعمل المتكلم العبارات الملائمة لموقفه وطبقته ( من ريفي أو مدني ، فإنه يدل مها في الوقت نفسه على خلقه ، وهذا مما يوحي بصدقة إلى الجمهور).