ته�دف ه�ذه الدراسة إلى استعراض محاور مشروع تطوير النظام الصحي الس��عودي المق��ترح وم��ن أج��ل ه��ذا س��يتم ف��ي بداي��ة ه��ذه الدراس��ة محاول��ة لتقي�يم بع�ض عناص�ر ال�نظام الص�حي الس�عودي والص�عوبات التي تواجهه آم�ا س�يتم اس�تعراض لبعض�ًا م�ن الم�بادئ الأساس�ية الت�ي تحك�م آث�يرًا من الأنظمة الصحية المتقدمة في العالم . مقدمة : ي�تفق آث�ير م�ن خ�براء الأنظم�ة الص�حية ف�ي الع�الم أن النظام الصحي لأي بل��د ه��و الأط��ار ال��ذي م��ن خلال��ه ي��تم ال��تعرف عل��ى احت��ياجات الس��كان م��ن الخدم���ات الص���حية والعم���ل عل���ى توف���ير ه���ذه الخدم���ات م���ن خ���لال إيج���اد الم��وارد اللازم��ة وادارته��ا عل��ى أس��س ص��حيحة ت��ؤدي ف��ي ال��نهاية إل��ى المحافظ�ة عل�ى ص�حة المواط�ن وتعزي�زها . وتقوي�م ه�ذه الخدمة بطريقة شاملة ومتكاملة للسكان وبتكلفة معقولة وبطريقة ميسرة . إن الأنظم�ة الص�حية ف�ي الع�الم م�تعددة ولا يوجد نظام صحي مثالي إلا أن ال���نظام الص���حي لأي بل���د إنم���ا يعك���س ال���رؤية السياس���ية الس���ائدة ح���ول الخدم�ات الص�حية لذل�ك ال�بلد واله�دف م�نها ولك�ن م�ن الواضح أن القاسم المش�ترك لأفض�ل الأنظم�ة الص�حية ف�ي الع�الم ه�و م�دى تحقيقها للأهداف التالية : 1- التغطية الشاملة الكاملة لكل المواطنين . 3- أن تكون هذه التغطية ذات تكلفة معقولة للدولة والمواطن . وق�د ُخ ِّص� َص تقري�ر م�نظمة الص�حة العالم�ية الأخير لعام 2000م لمحاولة تقي��يم م��دى انج��از وفعال��ية الأنظم��ة الص��حية ف��ي الع��الم ف��ي تحق��يقها له��ذه ه�ذا وعل�ى م�دى الخمس�ين س�نة الماض�ية م�نذ إنشاء وزارة الصحة تطور ال��نظام الص��حي ف��ي المملك��ة بش��كل متنام��ي م��ثل بق��ية الخدم��ات الأخ��رى آالتعل�يم وال�زراعة والاتص�الات وغطت المملكة بشبكة آبيرة من الخدمات الصحية بدأ من خدمات الرعاية الأولية إلى المرجعية وتقدم هذه الخدمات الص�حية م�ن خ�لال ع�دة أجهزة حكومية تصل إلى أحد عشر جهة حكومية بجان�ب القط�اع الخ�اص وتض�طلع وزارة الص�حة بم�ا ي�وازي 70% تقريبًا م��ن حج��م ه��ذه الخدم��ات أم��ا القط��اع الخ��اص ف��يقدم حوال��ي 20% وأم��ا النس��بة المتبق��ية ف��تقدم م��ن خ��لال الخدم��ات الص��حية ف��ي آ��ل م��ن الح��رس الوطن��ي ووزارة الدف��اع والط��يران ووزارة الداخل��ية وذل��ك لمنس��وبيها ف��ي وبعض��ها ي��تعلق بإص��ابات الح��وادث ، وال��بعض ي��تعلق بم��ا ح�ول ال�ولادة ) 16 في المائة من حالات الوفاة لكل وفيات تحدث حول ال�����ولادة ( وال�����بعض ي�����تعلق بالمض�����اعفات ال�����ناتجة م�����ن ع�����دوى 3 س��رير لك��ل أل��ف م��ن الس��كان ، اع�تمادات الصيانة من جهة أخرى مصدر شكوى متكررة من العاملين والمراجعين . ان أي تفك�ير ف�ي تطوي�ر ال�نظام الص�حي يج�ب أن ي�تم من خلال حوار بين ثلاث رؤى : الأولى : الرؤية السياسية الثانية : الرؤية الإدارية الثالثة : الرؤية المهنية آذلك فأن عملية تطوير الأنظمة الصحية لايمكن وضع وصفات مسبقة لها ب��ل أنه��ا ف��ي الم��رحلة النهائ��ية ه��ي نت��يجة تواف��ق بي��ن سياس��ات متعارض��ة وق�يم ورؤى مخ�تلفة وتخض�ع عملية التطوير وتتأثر آثيرًا لعملية التطبيق وله�ذا يم�يل آثير من خبراء تطوير الخدمات الصحية إلى أن يكون مخطط أو مق���ترح ال���تطوير عام���ًا وت���ترك التفاص���يل لي���تفق عل���يها أث���ناء عمل���ية التطب�يق وأسوأ عملية تطوير هي التي تفرض من أعلى بدون أخذ اعتبار للعاملين في الحقل وآرائهم ومشاآلهم . آم��ا أن حص��يلة تج��ارب ال��تطوير ف��ي دول الع��الم تظه��ر أن أآ��ثر ال��تجارب ال��ناجحة ه��ي تل��ك الت��ي تت��بع أس��لوب ال��تطوير الم��تدرج . والت��ي تخض��ع ال��نظام للم��راجعة المس��تمرة م��ن جم��يع الأط��راف المش��ارآين ف��ي عمل��ية ونصت المادة الحادية والثلاثون على ما يلي : " تعنى الدولة بالصحة العامة ، إن عنص��ري ال��تمويل والإدارة م��ن أه��م عناص��ر أي نظ��ام ص��حي ب��ل إن ال�نظام الص�حي ف�ي أي بل�د يع�رف بأسلوب تمويله وادارته ولذلك لابد من ذآ��ر خص��ائص هذي��ن العنص��رين ف��ي ال��نظام الص��حي الس��عودي الحال��ي 2- حج��م الاع��تمادات المال��ية المخصص��ة للقط��اع الص��حي لا ي��تلاءم م��ع ال�زيادة المط��ردة ف��ي ع��دد الس��كان حي�ث تع��د نس��بة زي��ادة الس��كان ف��ي المملك��ة العرب��ية الس��عودية م��ن أعل��ى النس��ب ف��ي الع��الم ) 3. من ناحية ثان��ية فق��د انخف��ض مع��دل الأس��رة للس��كان م��ن 3. الاقتص��اد العالم��ي مم��ا يتطل��ب مع��ه أن تك��ون ه��ناك زي��ادات مط��ردة ت��توافق ونس��بة التض��خم ف��ي جم��يع ب��نود الميزان��ية ، وعل���ى س���بيل الم���ثال ظل���ت الاع���تمادات الوظيف���ية ل���وزارة الص��حة ب��دون زي��ادة تذآ��ر خ��لال الف��ترة م��ن 1409ه��ـ ح��تى 1419ه��ـ ورغ��م دع��م الق��وى العامل��ة بمق��دار 20% ع��ن ط��ريق عق��ود التش��غيل الطب��ي ف��إن خف��ض اع��تمادات ه��ذه العق��ود خ��لال نف��س الف��ترة قل��ل م��ن 5- وصلت الديون المتراآمة على وزارة الصحة إلى أآثر من 50% من الميزان�ية المخصصة لها في عام 1417/1416هـ مما أضطر الوزارة إل���ى تخص���يص م���بالغ آب���يرة م���ن الميزان���ية ف���ي الس���نوات الخم���س 6- ع�دم وج�ود أس�س واض�حة المع�الم ل�تحديد موازن�ات القط�اع الصحي ت���أخذ ف���ي الاعت���بار الاحت���ياجات الص���حية الفعل���ية للس���كان وال���برامج المطلوبة لتغطية هذه الاحتياجات للقطاع الصحي إذ يتم إعداد ميزانية القط��اع الص��حي بإس��لوب تقل��يدي يتم��ثل ف��ي احس��ن الأح��وال بإض��افة نس�بة معي�نة إل�ى بع�ض بنود الميزانية زيادة عما آانت عليه في العام أما خصائص الإدارة الصحية في المملكة فهي آما يلي : 1- نظ�رًا لأن تمويل الخدمات الصحية يأتي ضمن موازنة الدولة المرآزية ف��إن إدارة الخدم��ات الص��حية ت��بعًا له��ذا مف��رطة ف��ي المرآ��زية وق��د قس��مت 5- ض��عف نظ��ام الحواف��ز المال��ية والوظيف��ية والمع��نوية للك��وادر الفن��ية وم��ن المع��روف أن آلف��ة تقدي��م الخدم��ات الص��حية ف��ي الع��الم ف��ي ت��زايد مس��تمر ، فعل��ى س��بيل الم��ثال ف��إن م��ا يص��رف عل��ى الخدم��ات الص��حية م��ن ال��ناتج المحل��ي ق��د بل��غ ع��ام 1995م حوال��ي 15% ف��ي الولاي��ات الم��تحدة الأمريكية ) آانت النسبة 5% عام 1960م ( ، وحي��ث أن م��بدأ أحادي��ة الص��رف عل��ى القط��اع الص��حي أي وج��ود مص��در واح��د يع��تمد عل��يه ف��ي توف��ير الم��وارد المال��ية اللازم��ة ل��ه تأث��يرات س��لبية م�تعددة حي�ث إن�ه ف�ي حال�ة ع�دم قدرة هذا المصدر الوحيد على الاستجابة لمتطل�بات خدم�ات ال�رعاية الص�حية المتزايدة والمتغيرة فإن هذا يقود إلى عجز في تقديم هذه الخدمة ومن ثم تدني مستواها ولهذا فقد تبنت معظم ال��دول م��بدأ ال��تعدد ف��ي مص��ادر تموي��ل القط��اع الص��حي وتش��غيله بحي��ث تش�ترك الحكوم�ة والقط�اع الخ�اص ف�ي تموي�ل القطاع الصحي ) والقطاع الخ�اص ه�نا يعن�ي ش�رآات التأمي�ن والأف�راد . ذل�ك أنه في بعض ال��دول تق��وم الدول��ة ع��ن ط��ريق الض��رائب أو اش��تراآات التأمي��ن ب��تمويل الخدم�ات بنس�بة آب�يرة ت�تراوح بي�ن 70-95% آم�ا ه�و الح�ال ف�ي اليابان وهول��ندا وآ��ندا وفرنس��ا وألمان��يا وإيطال��يا ونيوزل��ندا وبريطان��يا والس��ويد مع ملاحظة أن التمويل هنا لا يعني الإدارة المباشرة لمرافق الرعاية الصحية وإنم�ا يعن�ي أن الدولة تدفع تكاليف العلاج لطرف آخر يقوم بتقديم خدمات أم��ا الم��ادة الثال��ثة م��ن ه��ذا المش��روع فه��ي التأآ��يد عل��ى أن الدول��ة مه��تمة ب�المحددات المهم�ة للص�حة الت�ي ل�يس له�ا دخل مباشر بالخدمات الصحية وه�ي س�لامة م�ياه الش�رب وص�لاحيتها وسلامة الصرف الصحي وتنظيمه وضمان سلامة الأغذية المتداولة وآذا الأدوية والعقاقير . وحماي�ة المجتمع من آثار أخطار المخدرات والمسكرات وحماية البلاد من الأوب��ئة وحماي��ة البي��ئة م��ن أخط��ار ال��تلوث ووض��ع الاش��تراطات الص��حية لاستعمال الأماآن العامة ونشر التوعية الصحية بين السكان . آ�ل م�اورد ف�ي ه�ذه المادة هو تأآيد لما أتفق عليه من قبل خبراء الأنظمة الص���حية أن أآ���ثر مح���ددات للص���حة العام���ة للمواط���ن تق���ع خ���ارج نط���اق الخدمات الصحية . إن م�ارود ف�ي ه�ذه الم�ادة يعني التزام الدولة بالحد الأساسي من الخدمات الصحية التي وجد أنها تؤثر آثيرًا في مؤشرات صحة المواطن وتقود إلى تعزي��ز الص��حة أو أنه��ا مكلف��ة بحي��ث لايمك��ن بس��هولة أن تق��وم ش��رآات التأمي��ن بتغطي��تها أوالقط��اع الخ��اص ب��تقديمها بالس��عر المناس��ب للمواط��ن وقد حددت هذه المادة أيضًا أنه ليس بالضرورة أن تقدمها الدولة . وآم��ا يتض��ح م��ن س��ياق الم��واد ال��ثلاث الأول��ى ف��ي ه��ذا ال��نظام فه��ي تح��دد الدور المطلوب من الدولة تجاه الصحة العامة والخدمات الصحية . وإن آ��ان يعط��ى له��ا دور مق��دم الخدم��ات الص��حية . ف��ي بع��ض الم��ناطق ولبعض الخدمات التي لايمكن لغيرها من القيام به . م�ن المع�روف آم�ا ذآر سابقًا أن الإدارة بجانب التمويل من أهم خصائص ونصت على مايلي : 1- ش��مولية تقدي��م الخدم��ات لجم��يع م��ناطق المملك��ة ب��ناء عل��ى مقاي��يس 3- تحدي��د إج��راءات الإحال��ة م��ن خدم��ات ال��رعاية الأول��ية إل��ى ال��رعاية الصحية الثنائية أو المرجعية . 5- تبن��ي أس��لوب الإدارة ف��ي المستش��فيات الحكوم��ية عل��ى أس��س الإدارة الإقتصادية ومعايير الأداء والجودة . ساسية التنسيق بين الخدمات الصحية المختلفة م��ع وج��ود أح��د عش��رة جه��ة تق��وم ب��تقديم الخدم��ات الص��حية ف��ي المملك��ة العرب��ية الس��عودية آ��ان لاب��د م��ن أن يع��الج ه��ذا ال��نظام المق��ترح عمل��ية ومادام�ت الدول�ة قد حددت دورها بما ورد في مواد النظام الأساسي للحكم ث�م أق�رت نظ�ام التأمي�ن التعاون�ي آخ�يار ل�تمويل الخدم�ات الص�حية ومادام مجل��س الش��ورى ق��د أق��ر اط��ارًا م��تكام ًلا للخدم��ات الص��حية وه��و ال��نظام الص��حي وال��ذي ح��دد دور الدول��ة ودور وزارة الص��حة وأس��لوب ال��تمويل والإدارة والتش����غيل والتعل����يم والتدري����ب والتخط����يط والتقي����يم ف����إن أه����م الخط�وات ل�تطوير ال�نظام الص�حي الس�عودي يج�ب أن تبدأ بتطوير أسلوب التمويل والإدارة بشكل مدروس ومتدرج بحيث : 1- يح���ل التأمي���ن التعاون���ي مح���ل ميزان���ية الدول���ة ف���ي تموي���ل الخدم���ات 3- تحوي��ل دور وزارة الص��حة وف��روعها ف��ي الم��ناطق إل��ى دور المخط��ط والمش��رف والمراق��ب لأداء الخدم��ات الص��حية عل��ى أن تح��تفظ لنفس��ها 5- الإس��راع بإص��دار نظ��ام مراق��بة أعم��ال التأمي��ن ال��ذي س��يقود لإنش��اء ش�رآات تأمين تطبق نظام التأمين التعاوني إلى جانب الشرآة الوحيدة 7- عل�ى أن�ه م�ن المه�م بمك�ان إيج�اد مجموع�ة م�ن الخ�براء الباحثي�ن في ادارة واقتص��اديات الص��حة ل��يقوموا بعم��ل الدراس��ات اللازم��ة وتقدي��م المش�ورة للمجل�س الص�حي وآ�ذا مجل�س الض�مان الص�حي ح�تى يمكن الاطمئ��نان إل��ى أن تطوي��ر ال��نظام الص��حي الس��عودي يخض��ع لمعاي��ير علم���ية وم���ن الأفض���ل أن يك��� َّون ه���ؤلاء الخ���براء ف���ريق عم���ل علم���ي