على أن هذه المقاربة العقلية تتجاوز الموقف والغاية لتحلّ في أسلوب الكتابة ووسائل المنافحة على جملة هذه المواقف. فاين يبرز ذلك؟ * إن أول مظهر لهذه النزعة العقلية في الكتابة يبدو في عدول التوحيدي عن الصنعةالأدبية وميله إلى الخطاب الحجاجي وهو ما يبرز في نداء النصوص على خطة حجاجية تتدرج من الأطروحة المدعومة إلى سيرورة الحجاج وصولاً إلى استناج أو خلاصة أو عبرة ومثال ذلك ما سار عليه عند تناول مسألة الفلسفة والشريعة. كما قد يعمد أحيانا الى الانطلاق من أطروحة مدحوضة يتولى في مسار الحجاج بيان وجوه البلاغة تهافتها لنتهي الى إثبات أطروحة بديلة وكذا فعل في مناظريّة مع «ابن عبيد» حول والحساب».وللنزعة العقلية حضور في قيام النصوص على بنية حوارية اقتضتها طبيعة المسامرات في «الامتناع» و «المحاورات والمقاسات» فشاعت الأسئلة من جنس ما النفس وما الحسد؟ و «حدثوني لم احتاجت الطبيعة إلى الصناعة؟» أو «سئل ابن سوار» عن «روح أبي حيان التساؤلية التي تعشق الجدل ولا تكف عن اثارة السؤال تلو السؤال». وليس الاستفهام وحده ما ميّز لغة صاحبنا إذ تكثر في نصوصه التراكيب الشرطية وتتعدد دلالاتها بين الإمكان والافتراض والاستنتاج والمقابلة .الوظيفة الإفهامية والإقناعية. مما يخدم أما جملة التوحيدي فينشرها فواصل قصار متناسية الطول يكثر فيها الإزدواج والتوازن التركيبي وهي لاشك أشد أثرًا في النفس وأغلق بالذهن وأيسر في الحفظ.