يتصف البحث العلمي بمجموعة من الخصائص التي لا بد من توافرها لتحقيق أهداف البحث العلمي وهي : 1) الموضوعية : وليس شخصي متحيز . ويحتم هذا الأمر على الباحثين أن لا يتركوا مشاعرهم وآرائهم الشخصية توثر على النتائج التي يمكن التوصل إليها بعـد تنفيذ مختلف المـراحل أو الخطـوات المقررة للبحث العلمي . والموضوعية عكس الذاتية والتي يسعى الباحث خلالها إلى توجيه بحثه إلى نتائج وخلاصات مخطط لها سلفا ً وهذا يتناقض مع صفات البحث العلمي الجيد . كما أن العلم ليس ملكا ً لأحد بل مرجعا ً للجميع , ولذلك لا بد وأن يكون مصوغا بلغة يفهمها كل عالم , وهي لغة لا تعكس الأهواء أو الميول أو القيم الاجتماعية وإنما تكرس الحقيقة , ولذلك تصاغ القضايا العلمية بلغة اصطلاحية ورموز متعارف عليها عند المتعاملين بموضوع علمي معين , مما يتيح لكل واحد منهم أن يختبر صدقها بنفسه ويراجعها قبل أن يدخلها في عداد مسلماته . 2) الاختبارية والدقة : وتعني هذه الخاصية بأن تكون الظاهرة أو المشكلة موضع البحث قابلة للاختبار أو الفحص , فهناك بعض الظواهر التي يصعب إخضاعها للبحث أو الاختبار نظرا ً لصعوبة ذلك أو لسرية المعلومات المتعلقة بها . كما تعني هذه الخاصية بضرورة جمع ذلك الكم والنوعية من المعلومـات الدقيقة التـي يمكن أن يوثق بها . والتي تساعد الباحثين من اختبارها إحصائيا ً وتحليل نتائجها ومضمونها بطريقة علمية منطقية وذلك للتأكد من مدى صحة أو عدم صحة الفرضيات أو الأبعاد التي وضعها للاختبار والهادفة للتعرف على مختلف أبعاد وأسباب مشكلة البحث الذي يجري تنفيذه وصولا ً لبعض الاقتراحات أو التوصيات التي تساعد في حل المشكلة موضوع الاهتمام , وقد تعبر هذه الخاصية عن المصداقية . 3) إمكانية تكرار النتائج : وتعني هذه الخاصية أنه يمكن الحصول على نفس النتائج تقريبا ً إذا تم إتباع نفس المنهجية العلمية وخطوات البحث مرة أخرى وفي شروط وظروف موضوعية وشكلية مشابهة . ذلك أن الحصول على نفس النتائج يعمق الثقة في دقة الإجراءات التي تم اتخاذها لتحديد مشكلة البحث وأهدافه من جهة , ومنهجية الأسس والمراحل المطبقة من جهة أخرى . كما تثبت هذه الخاصية أيضا ً صحة ومشروعية البناء النظري والتطبيقي للبحث موضوع الاهتمام . وقد تعبر هذه الخاصية عن الموثوقية . 4) التبسيط والاختصار : يقال في الأدبيات المنشورة حول أساليب البحث العلمي أن ذروة الابتكار والتجديد في مجال العلم هو التبسيط المنطقي في المعالجة والتناول المتسلسل للأهم ثم الأقل أهمية بالنسبة للظواهر موضوع الاهتمام , ذلك أنه من المعروف أن إجراء البحوث – أيا ً كان نوعها – يتطلب الكثير من الوقت والجهد والتكلفة الأمر الذي يحتم على الخبراء في مجال البحث العلمي السعي إلى التبسيط والاختصار في الإجراءات والمراحل بحيث لا يؤثر ذلك على دقة ونتائج البحث وإمكانية تعميمها وتكرارها . وهذا يتطلب من الباحث التركيز في بحثه على متغيرات محدودة لأن اشتمال البحث على العديد من المتغيرات قد تضعف من درجة التعمق والتغطية للظاهرة أو المشكــلـة موضـوع البحـث . لهذه الأسبــاب يلجـأ الباحثـون إلى تحديـد أكثر العوامل تأثيراً وارتباطا ً بالمشكلة موضوع الدراسة وبما يحقق الأهداف الموضوعة . 5) أن يكون للبحث العلمي غاية أو هدف : فلا يوجد بحث علمي لا غاية ولا هدف من وراء إجراءه . وتحديد الهدف بشكل واضح ودقيق هو عامل أساسي يساعد في تسهيل الكثير من خطوات البحث العلمي كما أنه يساعد في سرعة الإنجاز والحصول على البيانات الملائمة ويعزز من النتائج التي يمكن الحصول عليها بحيث تكون ملبية للمطلوب . 6) استخدام نتائج البحث لاحقا ً في التنبؤ بحالات ومواقف مشابهة : نتائج البحث العلمي قد لا تقتصر مجالات الاستفادة منها واستخدامها على معالجة مشكلة آنية بل قد تمتد إلى التنبؤ بالعديد من الحالات والظواهر قبل وقوعها . فنلاحظ القدرة العالية في الوقت الحاضر على التنبؤ بالحالة الجوية لفترات قادمة والتنبؤ بالعديد من الظواهر الطبيعية الأخرى مثل الكسوف . وقد امتدت إمكانية استخدام نتائج البحث العلمي في التنبؤ بحدوث العديد من الظواهر مستقبلا ً إلى الدراسات الاجتماعية , وذلك بفضل استخدام العديد من الأساليب الإحصائية والتي أصبح يعبر فيها عن الظاهرة بشكل رقمي أو إحصائي . وهناك من يضيف الخصائص التالية : 7) الاعتمادية : البحث يجب أن ينطلق من المعلوم إلى المجهول بطريقة استنباطية ليتمكن من استقراء حقائق علمية جديدة بحيث يكون هنـاك تواصـل منطـقي وعلمـي في خطوات البحث ترتكز كل خطوة على سابقتها بأسلوب مقنع ومثبت وهذا التدرج لا بد أن يكون في اتساق ونسق فيه أولويات أو أفضليـات متعاقبـة . والباحث لا يستطيع أن يسعى لجمع المعلومات والبيانات قبل أن يحدد مجتمع الدراسة ويختار العينة ولا يمكن أن يضع النتائج ويصل إلى القرار قبل تصنيفه للمعلومات وتحليله لها . 8) التراكمية و الثبات النسبي : لقد تراكمت المعارف العلمية عبر القرون , واستفاد منها اللاحق من جهد السابق , واستكمل الطالب عمل الأستاذ حتى غدونا نعيش في عصر العلم . والمتتبع لتاريخ العلم يجد بذور المعارف العلمية تمتد إلى أيام الحضارات الأولى , ومما يلفت الانتباه ذلك الفارق الواضح بين جهود العلماء النظامية المتكاملة وجهود الفلاسفة والأدباء والفنانين التي غالبا ً ما يمثل كل منها نسيج لوحده يعبر عن تصور فردي , نادرا ً ما يقبل الاندماج مع التصورات الأخرى . 9) التنظيم : إن الحقائق العلمية ليست متباعدة مبعثرة بل تتكامل على صورة منظومات, فموضوعات العلم الواحد تكون مترابطة بعضها مع بعض بعلاقات حتى لا يبدو أن كل قانون إنما يدخل في إطار قانون عام , وهذا القانون العام يدخل في إطار قانون أكثر عمومية وهكذا . والتنظيم في العلم يظهر كذلك في طرق البحث , حيث نجد كل عالم يسير بخطوات منظمة ابتداءً من الشعور بالمشكلة فتحديدها فوضع الفروض فجمع المعلومات لاختبار صحة الفروض فتصنيف المعلومات بشكل يساعد على فحصها والاستنتاج منها . 10) الكشف عن الأسباب وتقييم النتائج : إن العالم لا يعتبر أن قضية ما أو ظاهرة يمكن أن تصبح مفهومة قبل أن يتبين العوامل المؤثرة عليهـا والمتأثـرة بهـا , وقبل أن يوضح طبيعـة التأثيـر المتبادل واتجاهه ومقداره . وغالبا ً ما يصوغ تفسيراته على صورة شرطية " إذا حدث كذا ينتج كذا " في نطاق تحديدات معينة يشير إليها . ونجد أن هذه التفسيرات والتعليلات غالبا ً ما تكون معممة بمقدار ما تسمح به المعطيات بحيث تكون المعارف المحصلة تخدم توسيع نطاق التفسير ليشمل كل الظواهر التي تقع ضمن إطار معين . 11) الشمولية والتعميم : إن المعرفة بالجزئيات ليست علما ً , فالعلم يسعى للكشف عن الصورة الإجمالية التي تربط بين الجزئيات , بمعنى أنه يسعى للكشف عن القوانين التي تعبر عما هو مطرد , إن العلم يحاول أن يصل إلى معلومات عامة تفسر أكثر من ظاهرة في آن واحد . ويهتم العالم بأن يكون تفسيره كافيا ً لأن يشمل كل الظواهر المترابطة في ظل ظروف متغيرة . 12) دقة الصياغات واللجوء للتجريد: إن الرجل العادي يدرك الأشياء بكيفيتها أي بالصورة التي تقع فيها على الحواس مباشرة , أما العلماء فيتجاوزون الجزئيات إلى الكليات والمفاهيم العامة , إن العالم حين يدرس ظاهرة معينة يحاول أن يدرس العلاقات بين أجزاء الظاهرة , والعلاقات بين الظاهرة وبين غيرها من الظواهر . ترتبط أهمية البحث العلمي إلى حد كبير بتحديد مقوماته الأولية ومنها : 1) تحديد مشكلة البحث : تعني مشكلة البحث : موضوعات , ومشكلات , يساهم تحديدها في بلورة وتوضيح أهمية البحث . والافتراضات التي يستند إليها . والبيانات , والوسائل , والتجارب , وأنواع المناهج العلمية التي يستند إليها في إعداد البحث . 2) الجدة والابتكار : أي أن يكون جديدا ً ومبتكرا ً , فلا يكون منقولا ً , أو تقليديا ً , أو ترجمة , ولا تعني جدة البحث أن لا يكون مطروقا ً من قبل , ولكن يجب أن تتناول الدراسة جزئية علمية , أو فكرة , 3) أهمية البحث : فأصالة البحث تنبع من أهميته , وكذلك قيمـة هذه المشكلات بالنسبة للمجتمع , ومدى حماسه له . وفي أصالة واستقلالية الأفكار التي ينبني عليها البحث . فالبحث الأصيل يستند إلى أفكار جديدة , وآراء مستحدثة , وفي قوالب جديدة . والتعليقات المتصلة بموضوع معين , والاستنتاجات المنبثقة عنها في تكوين الأفكار الخاصة به , وصياغة الافتراضات العلمية , والإتيان بالبراهين , والأدلة , والبيانات التي تدعم أفكـاره , ووجهـات نظره . 5) إمكانية البحث : وتعني عدم الخوض في موضوعات معقدة , وغامضة , ومتشعبة , وكذلك قدراته على البحث , والتقصي , وهذا عنصر أخلاقي يبرز مدى تقيد الباحث بقواعد الموضوعية العلمية , وقواعد السلوك الأدبي في الإعداد . 1) يجب أن يتصف الباحث العلمي بالشجاعة الخفية , فقد يواجه أثناء بحثه صعوبات مفاجئة , فإذا لم يكن متحليا ً بهذه الشجاعة فقد يستبد بــه اليأس ,