العلاقة بين النظام والقانون المقدمة الحمد لله الذي نور بالعلم قلوب المؤمنين، وفقه من أحـب مـن عبـاده في الدين، وجعلهم من ورثة الأنبياء والمرسلين، نبينا أما بعد: فإنه الأحكام الاجتهادية التي تراعى فيها أصول الاستنباط الشرعي ؛ وهذه القضية قد يبدو لأول بالتشريع الإسلامي، والذي يحظى باعتزاز المسلمين؛ لكونه أحد مرتكزات هويتهم الإسلامية، ولما للتسمية من تبعات ذهبت طائفة . مصطلح (القانون) على الأحكام الاجتهادية التي روعي فيها ضوابط الاجتهاد الشرعي؛ اشتهر إطلاق القانون على ما كان من وضع البشر دون مراعاة لسيادة الشريعة؛ فينبغي تخصيص ما روعيت فيه سيادة الشريعة بمصطلح يخصه، ومن أنسب المصطلحات له: النظام. وخالفهم في ذلك آخرون ؛ لاتساع دائرة الاصطلاح. الأقوال؟ وما الراجح؟ وقبل ذلك ما حقيقة النظام والقانون؟ وما واقع الحال في تسمية القسم الأكاديمي المختص بمسماهما المملكة؟ إذ عنوانه: العلاقة بين النظام وتم تقسيمه إلى أربعة مباحث بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة: المقدمة. هي المبحث الثالث: واقعُ الحال في تسمية القسم الأكاديمي المختص في المملكة؛ بين النظام العلاقة بين النظام والقانون الخاتمة: وفيها نتائج البحث. ومن جهـة نـوع العمليات العقلية: المنهجان الاستقرائي، والاستنباطي ؛ إذ البحث «يعتمـد علـى تجميـع يحصل بها استنباط الحكم الشرعي، أو بيان التوصيف الراجح لكل عنصر من عناصر البحث، الطريق الأول: استقراء ما أمكن من الجزئيات ذات الصلة بعنصر البحث للوصول إلى وهذا المنهج الاستقرائي). الطريق الثاني: تتبع الأدلة الشرعية والدراسات ذات الصلة بعناصر البحث، ومن ثم استنباط النتائج المناسبة لعنصر البحث (وهذا ثانيا: منهج صياغة البحث وإجراءاته: مع بيان اسم السورة ورقم الآية في صلب البحث بين اكتفيت خرجته من أهم المصادر الأخرى المعتمدة، قاله أهل الحديث فيه. 3. فيما يتعلق بالخلافات الفقهية: حرصت على المنهج الآتي: ج. الترجيح، مع بیان سببه. أبجديات البحث في العلوم الشرعية ل د. فريد الأنصاري، ص 61 والنص المذكور للأول، العلاقة بين النظام والقانون ولم أعز بالواسطة بذكر اسمه والجزء والصفحة، وفي حالة النقل بالمعنى تكون الإحالة بذكر ذلك مسبوقا بكلمة : . وإذا تعددت المصادر في الإحالة الواحدة وكانت على درجة متقاربة في توثيق المعلومة فإن كانت لمؤلفين متقدمين رتبتها على حسب وفاة المؤلف، معاصرين لم أراع فيها ترتيبًا معينًا. حيث لم أقف على قانون للشيخ بشار المفدى. في مجلة القضائية، 1434هـ. 2 مقال: (بين إشكالية القانون ودستورية النظام للدكتور سعد بن مطر العتيبي. وهو مقال من جزئين منشورين في جريدة المدينة في 11 و 18/ 5 /2012م. ومن بين هذه الجوانب: (واقع تسميته؛ ولعل سبب ذلك أنهما يهدفان إلى بيان خلاصة الموضوع، حيث إن بينما المقال بجزئيه: يقعان – تقديرا – في أربع وفي ختام هذه المقدمة أحمد الله تعالى وأشكره كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه كما لا يفوتني أن أشكر كل من أسدى لي معروفا، هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم العلاقة بين النظام والقانون المبحث الأول: حقيقة النظام. المطلب الأول: معنى النظام لغة: والنُّونُ وَالطَّاءُ وَالْمِيمُ كما قال ابن فارس ت 395هـ): «أَصْلٌ يَدُلُّ عَلى تأليف شَيْءٍ وتكثيفه»(1). وجَمَعَهُ في سِلْكٍ، تَقُولُ: لَيْسَ لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ نِظَامٍ؛ وأَيْضا: السِّيرَةُ والهَدْيُ والعَادَةُ، أَي عَادَةٍ، وأيضا جاء في (المعجم الوسيط ) : «النظامُ . الترتيب والاتِّسَاقُ »(4). والسيرة والهدي والعادة، المطلب الثاني: معنى النظام اصطلاحا: لفظ (النظام) يرد كثيرا في عبارات الفقهاء المتقدمين، اصطلاحيًّا له، ص1034. مادة «نظم»، ص1162. 497/33. 4) المعجم الوسيط مادة «نظم»، حيث قال علي لأبي بكر رضي الله عنهما : ((أَقُولُ لَكَ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ أُصِيبَ فِيكَ لَا يَكُونُ لِلْإِسْلَامِ وَأَمْضَى الْجَيْسَ))(2). 2. ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ((الْقَدَرُ : نِظَامُ التَّوْحِيدِ، وَحْدَ اللَّهَ تَعَالَى وَآمَنَ بِالْقَدَرِ، فَهِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا، فَإِنَّ تَكْذِيبَهُ بِالْقَدَرِ نَقْضَ لِلتَّوْحِيدِ)) (3) . 3. قول محمد بن الحسن (ت 189هـ) : «إن في (الكسب) نظام العالم، والله تعالى وفي تركه تخريب نظامه، وذلك ممنوع منه»(4). 4. وقول الغزالي (ت 505هـ): «. فإن قيل : فتوظيف الخراج من المصالح فهل إليه أما إذا خلت الأيدي من ولم يكن من مال المصالح ما يفي بخراجات العسكر ، ولو تفرق العسكر واشتغلوا أو خيف ثوران الفتنة من أهل العرامنة (5) بلاد الإسلام فيجوز للإمام أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند، ثم إن رأى في طريق أنه إذا تعارض شرّان أو ضرران قَصَدَ الشرعُ دفع أشدّ الضررين وأعظم الشرين وما يؤديه كل واحد منهم قليل بالإضافة إلى ما يخاطر به 3) أخرجه الآجري (بهذا اللفظ ) في الشريعة، ص 160، ولم يأت بالحديث غيره»؛ 742/4، ح1224. غريبة، المقاييس في اللغة، ص 597. ص 438. العلاقة بين النظام والقانون نفسه وماله لو خلت خطة الإسلام عن ذي شوكة، 5. وقول القرافي (ت684هـ) : ( إن المحكوم عليه إنما حُرّمت عليه المخالفة؛ من مفسدة مشاقَةِ الحاكم ، وتشويش نفوذ المصالح»(2). بل هي شريعة مؤتلمة النظام، مبرأة من كل نقص مطهرة من كل دنس مسلمة لا شية فيها، مؤسسة على العدل والحكمة والمصلحة والرحمة؛ قواعدها ومبانيها»(3). 7. ومن الاستعمالات الأخرى وجوده في أسماء بعض الكتب؛ كتب أصول الفقه بـ (بديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والإحكام)، أما في العصر الحاضر فقد اشتهر إطلاقه على معنيين: اشتهر في بعض الدول والهيئات الدولية (4) التعبير بمصطلح (النظام) عوضا عن 3) أعلام الموقعين عن رب العالمين، التاج والإكليل لمختصر خليل، كشاف القناع الاقناع ، حاشية ابن عابدين 305/8؛ تكملة المجموع شرح المهذب، الجواد في كتابه أصول القانون مقارنة بأصول الفقه، وأحال إلى جملة من مؤلفاته، الوصول إلى أي منها لمعرفة التفاصيل. كما قد يستعمل في بعض العربية السعودية، انظر الرابطين الآتيين: us/FEbJp us/7IFBr المملكة مواد، لأي شأن من شؤون الناس بمقتضى المصلحة الشرعية، أو حتى عند إعادة صياغة صنف من الأحكام الشرعية الاجتهادية على شكل مواد على منوال القانون الوضعي، والذي أن الدافع الرئيس لذلك هو التحرز من توهم الناس أن هذه الصياغة لم تراع فيها أحكام الشريعة باعتبار أن القانون الوضعي هو المتبادر للذهن عند سماع مصطلح (القانون). حيث تُسمى قوانينها أنظمةً؛ كتسمية قانونها الدستوري بالنظام الأساسي للحكم، وتسمية قانوني المرافعات والإجراءات التجاري (أو نظام المحكمة التجارية، وهكذا: نظام الشركات، إلخ (1)، بل إن جل الأنظمة والقوانين المشتركة بين المملكة ودول الخليج عندما يرد فيها مصطلح النظام يقترن به مباشرة مصطلح (القانون)، لما قبله (2). والذي يعنينا في هذا السياق التعريف الاصطلاحي للنظام، فمن اختاروا التعبير به لهم 26، 46. 45 . 42. 31. 30 بل إنه في الموقع الشبكي للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ بذلك تفسير أحد المصطلحين بالآخر . us/qWOH واستعمال لفظ مرادف للقانون ليس خاصا بالنظام، مثل المجلة