المبحث الأول: مفاهيم أساسية حول الجباية والبيئة:نظرا للتزايد المستمر للنشاط الاقتصادي والتلوث الناجم عنه، ولكون الجباية جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الاقتصادية، وللمحافظة على البيئة والحد من التلوث، أصبح من الضروري فرض ضرائب ورسوم بيئية على المتسببين في إلحاق الضرر بالبيئة، كتعويض وبالمقابل تشجيعهم على الاهتمام بالبيئة لضمان مستقبل الاجيال القادمة.المطلب الأول: ماهية الجباية تلعب الجباية دورا أساسيا في تمويل مشاريع الدولة، وتستخدم أحيانا كوسيلة لتحقيق الاهداف، مما يجعلها من المواضيعذات الأهميةالكبيرة والتأثير الواسع. هناك من عرفها بأنها" مجموع الاقتطاعات الإجبارية المفروضة من طرف الدولة والتي تضم الضرائب، الإتاوات والمساهمات الاجتماعية ".وعرفتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (O.C.D.E) بأنها: " مجموع الاقتطاعات النقدية الإجبارية لصالح الهيئات العمومية ". إذن الجباية هي "إحدى وسائل تمويل الدولة لتوفير الإيرادات العامة، وتعتبر نظاما اقتصاديا يتضمن فرض الضرائب والرسوم والاتاوات والغرامات على المواطنين والشركات وكذا المؤسسات". وتتمثل هذه الاقتطاعات الجبائية في الأشكال التالية: 1- الضريبة: تعتبر من أهم الإيرادات العامة للدولة، ومن أبرز الاقتطاعات الجبائية وذلك للدور الذي تلعبه في تحقيق العديد من الأهداف المسطرة من قبل الدولة وفي مختلف المجالات، فتعرف على أنها: " اقتطاع مالي إلزامي تفرضه الدولة وفق قانون أو تشريع معين، وتحصل من المكلفين دون مقابل مباشر لتتمكن الدولة من القيام بالخدمات العامة لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها. دون أن يكون هناك حتما تكافئ بين قيمة الرسم والتكلفة الحقيقية للخدمة المؤدة، كرسوم التسجيل بالجامعة، الرسوم القضائية، رسوم الرخص للمهن، رسوم استخراج بعض الوثائق. ومبلغ الرسم اختياري لأنه يتوقف على إدارة الشخص في الاستفادة من الخدمة الخاضعة للرسم، كما أن إجراءات تحصيله تتم بسهولة.3-الأتاوة: تعبر عن المبلغ النقدي الذي تتقاضاه الدولة جبرا من مالكي العقارات، عمل أرصفة أو إقامة سد يؤثر على قيمة الأراضي المجاورة والإتاوة،4-الغرامة: تتقاضاها الدولة جبرا من المكلف، نتيجة ارتكابه مخالفة قانونية أو قيامه بعمل مخالف للتعليمات الصادرة من الدولة أو إحدى مؤسساتها، فالغرامة لها طابع ردعي. ومنه نستخلص أن الجباية هي" مجموع الاقتطاعات الاجبارية من: ضريبة، اتاوة وغرامة التي تفرضها الدولة على الافراد أو الشركات بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهي وسيلة لتحفيز الافراد والشركات على الامتثال للقوانين واللوائح المعتمدة، وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال توجيه التدفقات المالية بشكل فعال.ثانيا- أهداف الجباية تسعى الجباية لتحقيق جملة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:1-الأهداف الاقتصادية: الهدف المالي كان ومازال للوقت الحاضر يعتبر من الأهداف الرئيسية للجباية من خلال ما تحققه من إيرادات مالية للدولة لتغطية نفقاتها المختلفة، لكن حجم وطبيعة الخدمات التي تقدمها الدولة ازداد لذلك أصبحت الدولة إلى جانب تحقيق الهدف المالي تسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف الاقتصادية نلخصها فيما يلي:  تشجيع وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات محددة من خلال الإعفاء الكامل لها من الضريبة أو تخفيض نسبة الضريبة المفروضة عليها، وهو يؤدي إلى تحفيز الاستثمار بهذه القطاعات. الوصول إلى حالة الاستقرار الاقتصادي غير المصحوب بالتضخم أو الانكماش، ففي حالة التضخم يمكن أن توجه الضريبة لامتصاص الفائض من القدرة الشرائية، ومثل هذا الاستخدام للجباية في محاربة التضخم يسجل في إطار السياسة الجبائية الظرفية.أما في حالة الانكماش فإن الدولة تلجأ إلى تخفيض نسبة الضريبة والتي تعمل بدورها على زيادة السيولة وزيادة الإنفاق. زيادة تنافسية المؤسسات من خلال فرض الضريبة التي لها تأثير على عوامل الإنتاج، فانخفاض الضرائب يساعد من جهة على زيادة الإنتاج ومنه الاستفادة من مزايا الحجم الكبير، ومن جهة ثانية يعمل على تخفيض أسعار الإنتاج مما يعمل في النهاية على خفض التكاليف الكلية للإنتاج. محاربة الغش والتهرب الجبائي ضمانا لمبدأ العدالة في الخضوع للضريبة وتحقيقا لشروط المنافسة.2-الأهداف الاجتماعية: إن الأهداف الاجتماعية مكملة للأهداف الاقتصادية لها، بحيث ينعكس أثرها بشكل إيجابي ومباشر على المجتمع إذ تم تطبيقها بفعالية، ومن بين هذه الأهداف نذكر ما يلي:  الحد من التفاوت بين الأفراد وذلك بفرض ضريبة تصاعدية على الدخل مع إعفاء الدخول الضعيفة من تلك الضريبة وذلك لهدف تحقيق العدالة الاجتماعية. الحد من استهلاك بعض السلع التي ينتج عنها أضرار صحية كالمشروبات الكحولية والتبغ من خلال فرض ضرائب مرتفعة المعدل. التخفيض من حدة بعض الأزمات الاجتماعية كأزمة السكن عن طريق المزايا الجبائية الممنوحة كالمداخيل الإيجارية أو عمليات شراء الأراضي الموجهة لإقامة السكنات الاجتماعية.3- الأهداف البيئية:إن دوافع التدهور البيئي من تلوث الهواء، اتساع ثقب طبقة الأوزون، ارتفاع درجة حرارة الأرض، دفعت إلى ضرورة العمل على حماية البيئة والحد من التلوث،وهذا ما اصطلح عليه بالجباية البيئية أو الجباية الخضراء، ومن الأهداف البيئية التي فرضها التدهور البيئي نجد:  الحد من التلوث البيئي بفرض ضرائب على كل من يؤدي إلى حدوث تلوث ومشاكل بيئية. تشجيع الصناعات الخضراء، ويقصد بها الصناعات غير الملوثة للبيئة، التي تستخدم في إنتاجها أساليب غير مضرة بالبيئة. تحسين الأداء البيئي للمؤسسة.ثالثا- القواعد العامة للجباية:هي عبارة عن مجموعة القواعد والمبادئ واللوائح التي تفرض كيفية فرض الرسوم والضرائب على المواطن والشركة من قبل الدولة، ويمكن تلخيص أهم هذه القواعد في:1-قاعدة العدالة: يقصد بها عدالة توزيع العبء المالي إذا يجب أن يساهم أفراد الدولة في النفقات الحكومية وفقا لمقدرتهم، وبالتالي فالعدالة لا تعني أن المكلفين يدفعون نفس المبلغ من الضريبة، إنما تعني مشاركة كل مكلف سواء كان شخص معنوي أو طبيعي في الأعباء العامة للدولة، وذلك حسب القدرة التكليفية، وقد أوجد المفكرون الماليون في الضريبة التصاعدية، الأداة المثلى لتحقيق مبدأ العدالة والحد من التفاوت في توزيع الدخول.2-قاعدة اليقين والوضوح: هي القاعدة الثانية التي قدمها " آدم سميث"، ويقصد بها ان تكون الضريبة محددة بصورة قاطعة دون أي غموض، وذلك لتيقن المكلف بمدى التزامه بأدائها بصورة واضحة لا لبس فيها، أي الشفافية التامة في تحديد قيمة الضريبة وفقا للقانون، لذا يجب على الدولة العمل على تحديد قانون يوضح قيمة الضريبة وكيفية احتسابها وتحديد مواعيد تسديدها وجزاءات عدم التسديد.3-الملائمة في الدفع: يقصد بهذه القاعدة ضرورة تنظيم قواعد الضريبة بصورة تلائم ظروف المكلفين بها وتسهيل قواعد الضريبة بصورة تلائم ظروف المكلفين بها وتسهيل دفعها وخاصة فيما يتعلق بموعد التحصيل وطريقة إجراءاته.4-قاعدة الاقتصاد في النفقة: تقوم هذه القاعدة على أن متحصلات الضريبة يجب أن تكون أكبر من النفقات التي تتحملها الدولة في عملية فرض الضريبة وتحصيلها، ومراعاة هذه القاعدة يضمن للجباية فعاليتها كمورد هام تعتمد عليه الدولة.المطلب الثاني: مفهوم البيئة والتلوث البيئي وتأثيرها على الكائنات الحية وتطويرها، سنتناول في هذا المطلب التعريف اللغوي والاصطلاحي حسب مقررات المؤتمر العالمي للبيئة استكهولم، البيئة في التشريع الجزائري، البيئة في الفكر الإسلامي.أولا - التعريف اللغوي والاصطلاحي:1-التعريف اللغوي:اتفقت معاجم اللغة العربية على أن لفظ البيئة مشتق من الجذر الثلاثي (بوأ) الذي أخذ من الفعل (باء) كما نستخلص التعريف اللغوي للبيئة على أنها المكان أو الوسط أو المنزل الحسن المهيأ للنزول والإقامة.أما المعجم الفرنسي الذي لا يختلف عن المعجم الإنجليزي في تعريفه لكلمة البيئة أي "environnement "على أنها كل ما يحيط بالكائن الحي وما يجاوره من عناصر فيزيائية أو كيميائية أو بيولوجية طبيعية أو اصطناعية.2-التعريف الاصطلاحي:إن مصطلح"environnement" هو المصطلح الذي استخدمه العالم الفرنسي " سانت هيلر" "st. heliere" سنة 1835 دلالة به على المحيط الذي تعيش فيه الكائنات الحية مبينا تلك الرابطة القوية بين الكائنات الحية والمحيط الذي تعيش فيه، ليصبح مصطلح البيئة يعني " مجموع الظروف والمؤثرات الخارجية التي لها تأثير في حياة الكائنات بما فيها الإنسان.أما كلمة إيكولوجيا "Ecologie" تعود إلى العالم " هنري ثورو" عام 1858، إلا أنه لم يتطرق إلى تحديد معناها وأبعادها.أما العالم الألماني المتخصص في علم الحياة أرنست هيكل فقد وضع كلمة إيكولوجي بدمج كلمتين يونانيتين هما " Eco"بمعنى" المنزل أو المكان" و " logie" بمعنى " الوجود أو العلم ". وتعرف البيئة بأنها المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان، بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة والطبيعة الجغرافية والمناخية المحيطة بالإنسان، والمحيطة بالمساحات التي يقطنها والتي تحدد نشاط الإنسان واتجاهاته، وتؤثر في سلوكه ونظام حياته.ثانيا- التعريف حسب مقررات المؤتمر العالمي للبيئة "استكهولم":-عرف المؤتمر العالمي للبيئة بإستكهولم لسنة 1972 بأن البيئة هي: "كل شيء يحيط بالإنسان " كما عرفت تفصيلا على أنها:" الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى، بالإضافة الى ذلك بمناسبة الذكرى العشرين لمؤتمر استكهولم عقد مؤتمر الأمم المتحدة في البرازيل سنة 1992، والمعروف باسم " قمة الأرض" الذي يهدف الى مناقشة واتخاذ إجراءات لمعالجة قضايا البيئة والتنمية المستدامة على مستوى العالم.ثالثا- البيئة في التشريع الجزائري: بما في ذلك التلوث الوراثي، وأشكال التفاعل بينهذه الموارد وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية.رابعا- البيئة في الفكر الإسلامي:كل شيء في الحياة مسخر لخدمة الانسان،﴿وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء كُلَ شيء حَي﴾ [الإنسان: 30]﴿ألم لَمْ تَر أن الله سَخَرَ لَكُمْ مَا في الأرْضِ والْفُلك تَجري في الْبَحْرِ بْأمره ويُمْسْكُ السْمَاءَ أنِ تَقَعَ عَلى الأرْض إلا بْإذْنْه﴾ [الحج 65]2. من الأحاديث الشريفة نجد:قول رسول الله صل الله عليه وسلم: "إذا قامت الساعة وبيدي أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل" وفي الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرسا ويزرع زرعا فيأكل منه طير أو انسان أو بهيمة الا كان له به صدقة " . يولي الإسلام اهتماما بالغا بالمياه والبيئة، ويعتبر الحفاظ عليهما من القيم الأساسية التي يحث المسلمين التمسك بها. الماء، التربة، الحيوان والكائنات الحية الأخرى،خامسا- مفهوم التلوث البيئي:التلوث لغة: يعرف التلوث لغة على أنه التلطيخ والتكدير بمعنى تغيير الحالة الطبيعية للأشياء بخلطها بما ليس من ماهيتها، أي بعناصر غريبة عنها، فيغيرها ويعيقها عن أداء ووظيفتها أو مهمتها المعدة لها.التلوث اصطلاحا: يعرف التلوث البيئي بأنه:" إفساد مكونات البيئة حيث تتحول هذه المكونات من عناصر مفيدة إلى عناصر ضارة (ملوثات) أي بعبارة أخرى وجود كميات كبيرة من المواد غير الطبيعية في البيئة، أو هو اختلاف في توزيع نسبة وطبيعة مكونات الغلاف الجوي (الهواء، الماء، التربة). يمكن أن تعرض صحة الإنسان للخطر أو تمس المواد البيولوجية أو الأنظمة البيئية على نحو يؤدي إلى تأثير ضار على أوجه الاستخدام المشروع للبيئة.2) التلوث حسب التشريع الجزائري: منه نستخلص أن الثلوث هو احداث أي تغيير غير مرغوب في البيئة نتيجة ادخال مواد ضارة أو غير طبيعية اليها، ويمكن ان يكون الثلوث البيئي ناتجا عن أنشطة الانسان، مما يؤثر سلبا على الحياة البيولوجية، ومن المهم اتخاذ التدابير اللازمة للحد من التلوث وتحسين البيئة.المصدر: محمد السيد أرناؤوط، الدار المصرية اللبنانية، طبعة6، القاهرة، سنة 2006، ص 35. نجد من خلال الشكل رقم (1-1) عدة أشكال من الثلوث البيئي نذكر منها ما يلي: تلوث الهواء: ينتج عن انبعاث الغازات الضارة من مصادر مثل المركبات النفطية، والمؤسسات الصناعية، وحرق الوقود الاحفوري، مما يسبب مشاكل صحية وبيئية. ثلوث المياه: يحدث بسبب تصريف المواد الكيميائية والملوثات العضوية من المصانع والمزارع والمدن الى المياه السطحية والجوفية، مما يؤثر على توازن النظم البيئية المائية، تلوث التربة: يحدث بفعل التصريف السام من المبيدات الحشرية والمبيدات الزراعية، والملوثات العضوية الثقيلة، مما يؤثر على جودة التربة ويضعف خصوبتها ويقلل من إمكانية نمو النباتات. تلوث الضوضاء: ناتج عن الأصوات الصناعية والمرورية (حركة النقل) وورشات البناء، ويمكن ان يؤثر على البيئة وصحة الانسان والحيوانات ويسبب اضطرابات في النظام البيئي. تلوث الضوء: يحدث بسبب اضاءة الشوارع والمباني في الليل بشكل مفرط، مما يؤثر على دورة الحياة الطبيعية للكائنات الحية ويضر بالفلورا والفانا الليلية.ومنه نستنتج أن تلوث البيئة يشكل تحديا كبيرا للحفاظ على صحة الانسان والبيئة، وتعزيز الوعي واتخاذ إجراءات للحد منه أمر ضروري لضمان استدامة البيئة وصحة المجتمعات.البيئة والجباية هذان المصطلحين وبصرف النظر إن كان هذان المفهومين متماثلين أم مختلفين أم متجانسين، فإن استخدامهما معا أمر ملفت ويثير الفضول، كما يتطلب الكثير من المناقشة والتحليل خاصة في ظل مشكلة التلوث البيئي بشتى أنواعه، وهو ما يجعل هذه الدول بحاجة ماسة إلى خلق الوعي البيئي والثقافة والتربية البيئية لدى المواطنين.حتى تصبح من السلوك الإنساني العادي للمواطن، فهذا يعد عاملا لنجاح السياسات البيئية التي لا تحقق إلا إذا كانت هناك سلوكيات بيئة سليمة ، فيمكن أن ترصد الآليات الاقتصاديةو القانونية لإصلاح هذه السلوكيات ، وهذا من شأنه أن ييسر التقيد و الانضباط بالقوانين التي تنظم الحفاظ علىالمكونات والموارد الطبيعية و البشرية ، والاستخدام الأمثل و العقلاني للموارد المتجددة وغير المتجددة لضمان نصيب الأجيال القادمة، ولكن رغبة الإنسان في تحقيق الرفاهية و في ظل التطور التقني و التكنولوجي المتسارع شكل عائقا حقيقيا لخلق هذه السلوكيات السليمة خاصة لدى المنتجين و المصنعين ، و بمرور الوقت أصبحت البشرية تواجه تحديا حقيقيا ، ولأجلهذا الغرض أقترن مصطلح الجباية بالبيئة وصار لدينا " الجباية البيئية " كوسيلة لحماية البيئة وتعديل السلوكيات السلبية اتجاهها.المطلب الأول: مفهوم الجباية البيئية مع تفاقم ظاهرة التلوث التي أصبحت تشكل خطرا كبيرا على الانسان والبيئة، تدخلت الدولة للتأثير على الوضع البيئي، والحد من التلوث غالبا ما يتم، التي تلوث البيئة أو تتسبب في تدهورها و تقدر بناءا على الضرر و تعرف تلك الضريبة باسم " الضريبة بيغوفيان" و التي أصبحت تعرف باسم الرسوم التلوث أو ضريبة التلوث " هي الضرائب تفرض على الأنشطة التي تلوث البيئة و بما أن التكلفة الاجتماعية للتلوث تفوق التكلفة الخاصة للملوث، فينبغي على الحكومة أن تدخل الضريبة فتجعل الملوث أكثر تكلفة للملوث، فإذا صار إنتاج التلوث أكثر تكلفة فإن المنتج سيقوم بنشاطه بنقل تلوث و في حال غياب الجباية البيئية أو أي أداة أخرى لضبط التلوث فإن النشاطات المضرة بالبيئة سوف تتنامى و عليه فإن الجباية البيئية مصطلح شامل لكافة الضرائب المصممة لتصحيح عدم كفاءة نظام الأسعار بسبب و جود آثار خارجية سلبية".- وفي تعريف آخر فإن الجباية البيئية تعرف على "أنها مجموعة الإجراءات الجبائية التي لها تأثير على البيئة وهذه الإجراءات تتضمن: ضرائب ورسوم إتاوات، إجراءات ضريبية تحفيزية".-وحسب تعريف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (O.C.D.E)"بأنها نفقات إجبارية بدون مقابل بل يتم تحصيلها لحساب الخزينة العامة ويكون فرضها بسبب ارتباط وعائها بالبيئة (تجهيزات، خدمات، منتجات، انبعاثات).-كما أن الإتحاد الأوروبي وفي إحدى نشراته الإعلامية يؤكد على أنالاقتطاع الجبائي يعتبر بيئيا إذا كان الوعاء الخاضع لهذا الاقتطاع له أثار سلبية على البيئة كما أن إيرادات هذا الأخير توجه مباشرة إلى ميزانية العامة أو يتم تخصيصها لوجهات محددة.وحسب نفس النشرة الإعلامية فإن هناك نوعين من الاقتطاعات البيئية:  تلك التي تحتوي على انبعاثات الملوثات رسوم على تلويث المياه، على انبعاثات الرنانة في مجال الطيران. تلك التي تمس بالمواد (الرسوم على المبيدات، البنزين، ..الجباية البيئية هي مزيج يحتوي على مجموعة من الضرائب والرسوم التي تفرضها الدولة على المؤسسات التي تسبب تلوثا للبيئة، بهدف تشجيعها على اتخاذ إجراءات بيئية إيجابية والحد من التلوث.ثانيا - خصائص الجباية البيئية:تتميز الجباية البيئية بعدة خصائص وهي:• جباية موجهه: تعد الجباية بصفة عامة جباية غير موجه، اقتطاعاتها محصلة لصالح الخزينة العامة للدولة غير أن الجباية البيئية اقتطاعات نقدية تفرض على الأشخاص لقاء ما قاموا به من نشاطات ملوثة للبيئة وتخصص حصيلتها لفائدة الصندوق الوطني لإزالة التلوث (سابقا) وعوض بالصندوق الوطني للبيئة والساحل، والصناديق المتعلقة بحماية البيئة، وهذا الاستثناء على قاعدة عدم التخصيص في المالية العامة للدولة التي تقتضي بأنه لا يجوز أن يخصص إيراد معين لنفقة معينة.• جباية متدخلة: يقتضي حماية البيئة تدخل المشرع من خلال فرض بعض الجبايات ردعا (ضرائب) أو تحفيزا (رسوم) لتوجيه النشاط الاقتصادي والاجتماعي على نحو يضمن حماية البيئة بزيادة عبئ الضريبة أو إنقاصه من خلال توجيه الأفراد إلى نشاط معين دون آخر، كما تعمل على منع تخزين النفايات وذلك باستعمال أسلوب تصاعدي ترفع بحسب الضريبة كلما زاد حجم المخزون، وهنا يبرز دور المشرع في تعديل سلوكيات الأفراد نحو المحافظة على الموارد الطبيعية والمناخ الذي يعيشون فيه. فلا تحتاج إلى إجراءات لرفع دعوى قضائية للحصول على التعويض أو تحديد المسؤول ولكن يكفي تفعيله بمقتضى تلك لرسوم والضرائب التي تحمل أعباء مالية بصورة موضوعية على مجموع النشاطات الملوثة، ثم تحصيلها لإصلاح الضرر وتعويض الخسائر. جباية متدخلة، وتعويضية.المطلب الثاني: تصنيف وأهداف الجباية البيئيةتعد الجباية البيئية واحدة من الوسائل التي تساهم في تحسين البيئة وتوفير موارد طبيعية مستدامة تشمل أنواع الجباية البيئية الضرائب والرسوم والحوافز تهدف هذه الأدوات الى تعزيز الوعي البيئي.أولا- أنواع الجباية البيئية:تتمثل في الضرائب والرسوم والحوافز وسوف نتطرق إلى شرحها بالتفصيل فيما يلي:1. الضرائب البيئية: ويطلق عليها عدة مسميات مثل الضريبة أو ضريبة التصحيح أو ضريبة التلوث، واستخدامهم تقنيات إنتاجية مضرة بالبيئة وهي إلزام الممول جبرا وبصفة نهائية ودونمقابل بدفع مبلغ نقدي محدد لخزينة الدولة بقصد حماية البيئة، أي أنها عبارة عن اقتطاع إجباري يدفعه الفرد إسهاما منه في التكاليف والأعباء العامة، ذلك ان حماية البيئة يندرج ضمن الأعباء العامة، وتفرض الضريبة البيئية لتعزيز مبدأ الملوث، يدفع لدمج تكاليف إصلاح الأضرار في سعر المنتجوخلق الحافز لكل المنتجين بتغيير النشاطات المؤثرة سلبا على البيئة وتحقيق سيطرة أكبر على التلوث.2. الرسوم البيئية:هي اقتطاع نقدي يدفعه المستفيد عن الخدمة بيئية معينة للدولة يترتب على هذه الخدمة نفع الخاص.وتعرف الرسوم البيئية أيضا أنها: " مبالغ مالية تفرضها الدولة على المستفيدين من خدمات خاصة تستخدم فيها تقنيات التطهير والسلامة البيئية هذه الرسوم لا تظهر إلا عند استفادة المباشرة من خدماتها مثل: رسم التطهير والنظافة ورسم الاستفادة من المياه الصالحة للشرب. إلخ".3. الحوافز والإعفاءات الجبائية: ولأن فرض الضرائب والرسوم قد يواجه لتهرب والغش الضريبي، في حين التحفيز والإعفاء سوف يحظى بالاستجابة التلقائية واعتماد تكنولوجيا وتقنيات محافظة للبيئة علما أن الإعفاء أو التحفيز قد يأخذ الأشكال التالية: • الإعفاء الدائم: يكون الإعفاء المستمر من الضرائب والرسوم التي تفرض على مختلف النشاطات الاقتصادية بغية التفريق بين الأنشطة الملوثة للبيئة وتلك الصديقة لها.• الإعفاء المؤقت: يكون لمدة محددة كإعفاء المؤسسات المعنية في الخمس السنوات الأولى من مزاولة نشاطها تحفيزا لها، تعويضا لاكتسابها التكنولوجيا، مكلفة صديقة للبيئة بإضافة إلى مساعدتها بشكل غير مباشر في إنتاج سلع أكثر تنافسية مقارنة بالسلع التي تستخدم تكنولوجيا ملوثة.• الحوافز الجبائية: تتم من خلال إعفاء التجهيزات والمعدات المستوردة غير الملوثة للبيئة من دفع الضرائب والرسوم الجمركية، ومختلف الضرائب الأخرى، وهو ما يساهم في توسيع دائرة النشاطات الاقتصادية التي لا تضر بالبيئة. ونستنتج مما سبق ان الجباية البيئية هي مجموعة من الضرائب والرسوم والحوافز والإعفاءات الجبائية التي تفرضها الدولة بهدف حماية البيئة وتحفيز السلوكيات الصديقة للبيئة.ثانيا- أهداف الجباية البيئية:تسعى الجباية إلى تحقيق جملة من الأهداف نذكر منها ما يلي:  المساهمة في إزالة التلوث من خلال ما تضمنه من إجراءات ردعية سواء كانت من ضرائب رسوم أو غرامات مالية أو ما تضمنه من إجراءات تحفيزية. توعية المجتمعات وفرض ثقافة بيئية صحية. ضمان سلامة البيئة والصحة لكل أفراد المجتمع كما تقرر التشريعات والقوانين الدولية. التحفيز والتشجيع على التخلص من النفايات الخطيرة بطريقة مناسبة. البحث عن مصادر مالية جديدة تساهم في إزالة النفايات والحد من التلوث البيئي والانبعاثات المتسببة للاحتباس الحراري. تحقيق التنمية المستدامة. الحد من الأنشطة الخطيرة الملوثة للبيئة باعتبارها أصبحت مكلفة كثيرا لميزانية الدولة وهذا بحكم المصاريف الباهظة التي تدفع للتقليل من آثار هذه الأنشطة. تشجيع التطوير التكنولوجي والبحث العلمي فيما يخص آليات ووسائل للحد من التلوث وخاصة في المنشآت الصناعية الأكثر تلويثا للبيئة. إن المبالغ المالية التي تقوم الدولة بتحصيلها عن طريق فرض الضرائب والرسوم من طرف الملوث مما يرفع من إيرادات الدولة من أجل حماية البيئة،كما تمثل الجباية البيئية دورا هاما في حماية البيئة وذلك من خلال فرضها على المتسبب في التلوث بحيث تساهم في تشجيعه على إيجاد طرق وسبل لحد من التلوث، بحيث تخلق لديه حافزا قويا للبحث على الوسائل التكنولوجية الأقل تلويثا، فلولا وجود هذه الضريبة لما قام المتسبب في التلوث بنشاطات أو مجهودا للحد من تلويثه خاصة إذا كانت الضريبة مرتفعة، وذلك بالتقليل من مستويات التلوث، ومن خلال هذه الضريبة المفروضة على الملوثين فهي تحقق ربح مزدوج للدولة، فهي تستفيد من تزايد الإيرادات من ناحية ومن ناحية أخرى تحصل الدولة على بيئة سليمة وصحية وخالية من التلوث. تلعب الجباية البيئية دورا ا هاما في تمويل ميزانية البلدية من خلال جمع الإيرادات من الأنشطة البيئية ضمن حدود البلدية، تهدف هذه الجباية الى تحصيل رسوم على الأنشطة التي تسبب ضرار بيئيا في البلدية، كما تعتبر الجباية البيئية وسيلة فعالة لتحفيز الافراد والشركات على اتخاذ إجراءات أكثر استدامة وصديقة للبيئة، بالإضافة الى ذلك فان هذه الجباية تعزز التوازن بين الاقتصاد والبيئة في البلدية، وتعزز الوعي البيئي والمسؤولية الاجتماعية وبالتالي يمكن القول ان دور الجباية البيئية في تمويل ميزانية البلدية يساهم في تعزيز البنية التحتية البيئية، كما أنها تعتبر جزءا أساسيا من استراتيجيات إدارة البيئة على المستوى المحلي.يساهم في مكافحة التلوث وضمان بيئة صحية لكل شخص في المجتمع والعالم وهذا ما نصت عليه مختلف الاتفاقيات والقوانين والشرائع، عن طريق الحد من الأنشطة الخطيرة والملوثة للبيئة، ومن ثم القضاء على المصادر الصغيرة للتلوث والحد من التلوث، وهذا ما يترتب عليه تحقيق تنمية سريعة قائمة على بيئة نظيفة مما ينتج عنه تحسين ظروف المعيشةوالعمل على ضمان مكونات البيئة وتخفيف الأثار السلبية التي تسبب فيها المنشآت الصناعية.2- تمويل الخزينة العمومية: تسمح الضرائب والرسوم البيئية بزيادة إيرادات الخزينة العامة للدولة وذلك عن طريق إيجاد مصادر مالية جديدة، والمساهمة في تغطية النفقات البيئية،المطلب الثالث: أشكال الجباية البيئيةيوجد العديد من الأشكال الجباية البيئية التي تهدف في مجملها إلى حماية البيئة وسوف نذكر منها كما يوضحه الجدول رقم (1-1) ما يلي: جدول رقم (1-1) مختلف الضرائب المعتمدة على مستوى العالميالضرائب الهادفة للحد من الانبعاثات الملوثة الضرائب المحفزة لإعادة التدوير ضرائب لحماية الموارد الطبيعية ضرائب اخرى-الضرائب على الكربون واستهلاك الطاقة.-الضرائب على الأنشطة للمياه - نفايات البطاريات.-ضرائب العبوات والتغليف. -ضرائب التنقيب عن المياه (حفر الابار).-ضرائب على صيد الأسماك والحيوانات. - الضرائب البيئية السياحية.-حوافز للاستثمار في الطاقة المتجددة.-ضرائب الضوضاء.-ضرائب النقل.المصدر: حمدي أحمد علي الهنداوي، الضرائب البيئية كمدخل معاصر لتطوير النظام الضريبي المصري، لمجلة العلمية للدراسات والبحوث المالية والتجارية المجلد03، العدد02، الجزء04، سنة 2022، ص107.أولا- الضرائب على انبعاثات الملوثة: هذا النوع من الضرائب البيئية هو عبارة عن اقتطاع نقدي يتناسب مع حجم الانبعاثات الفعلية والمقدرة التي يتم صرفها في الماء أو الهواء أو الأرض وللاعتماد على هذا النوع من الضرائب في حالة إذا كانت مصادر الانبعاثات ثابتة وهذا لتسهيل عمليات المراقبة والتسيير. وتكون هذه الاقتطاعات الضريبية غالبا متناسبة مع مستويات هذه الانبعاثات بحيث كلما زاد حجم هذه الأخيرة زاد مستوى الاقتطاع الضريبي والعكس صحيح، الأمر الذي يحفز الملوثين لتخفيض انبعاثاتهم من نسب الضرائب المدفوعة.ولفرض هذا النوع من الضرائب لابد من توفر إمكانيات تقنية وتكنولوجية متطورة، بإضافة إلى وجود الخبرات والكفاءات البشرية المخصصة في مجال التحديد النوعي والقياس الكمي للتلوث وهذا ما جعل الدول النامية في موقف ضعيف تجاه فرض هذا النوع من الضرائب الذي يطال الانبعاثات الملوثة مباشرة، ومن أمثلة الضرائب على الانبعاثات الملوثة ما يلي:  الضرائب على ملوثات الهواء (CFC,CO,NOX, إلخ) والتي تفرض بالتناسب مع حجم انبعاث هذه الملوثات ومع حجم الأضرار الناشئة عنها.هذا ونشير إلى أن هناك من يفضل تسمية الضرائب على الانبعاثات الملوثة بالضرائب البيغوفية نسبة إلى العالم PIGOU الذي يعد أول من تكلم عن إدخال الآثار الخارجية وتصحيح فشل السوق بنجاعة.ثانيا -الضرائب على استغلال الموارد الطبيعية: نجد الموارد الطبيعية العديد من المواد الأولية التي تستخدم في مختلف الأنشطة، وهي غالبا ما تكون مملوكة من طرف الدولة التي تعطي حقوق الاستغلال أو عقود الامتياز للشركات عامة أو خاصة تقوم بالاستغلال التجاري لهذه الموارد التي قد تشمل الموارد المتجددة كالغابات والثروة السمكية أو الموارد المتجددة كالبترول والمعادن.إن التسيير الأمثل لهذه الموارد يعتبر عامل مهم للنمو الاقتصادي المستدام الذي يراعي جانب حماية البيئة، لهذا يمكن على تكييف الضرائب على الاستغلال التجاري للموارد الطبيعيةلتحقيق أهداف بيئية إلى جانب الأهداف الاقتصادية، كأن يتم فرض ضرائب كبيرة على الطرق الاستغلالية للموارد الطبيعية الأكثر تلويثا، وهذا بغية تحفيز الشركات المستغلة نحو تبني طرق إنتاج أو استغلال أقل تلويث.ثالثا -الضرائب على المنتجات: إذا كان إنتاج بعض المنتجات أو التخلص منها ينتج عنها أضرار بالغة على الصحة أو النفايات وملوثات فإن هذه المنتجات يمكن التقليل منها عبر فرض رسم عليها، وتحل الضرائب على المنتجات محل الضرائب على الانبعاثات الملوثة، إذ تعذر فرض هذه الأخيرة مباشرة. كما أن الضرائب البيئية على المنتوج تستعمل بشكل أكبر لتصحيح الأثار الخارجية أكثر من استعمالها للحد من التلوث، والممكن أن تستهدف هذه الرسوم بعض أنواع المنتجات التي تضم عناصر ملوثة وسامة كمايمكن أنتفرض في شكل رسوم على استهلاك منتجات معينة وهذا بغية تقليل من استهلاك هذه المنتجات أو للتحفيز نحو استهلاك منتجات بديلة.وإلى جانب الحد من استهلاك المنتجات الملوثة، تؤدي إلى الضرائب البيئية من هذا النوع إلى توفير إيرادات ضريبية، يرتبط حجمها بدرجة المرونة السعرية المتعلقة بهذه المنتجات محل فرض الضريبة بحيث إذا كان الطلب على هذه المنتجات غير مرن فإن الضرائب على المنتوج يمكن أن تحصل إيرادات مالية معتبرة إلا أن تأثيرها على البيئة يكون أقل، أما إذا كان العكس فأنه سيؤدي لا محالة إلى تقليل من استعمال هذه المنتجات بعد فرض الضريبة البيئية ما يعني تحقيق فعالية بيئية أكبر وحجم إيرادات أقل.ومن أمثلة الضرائب على المنتجات ما يلي: الضريبة على المحتوى الكربوني، لمختلف الوقود الأحفوري (ضريبة الكربون). الضريبة على الأسمدة والمبيدات الكيمياوية التي تستهدف محتوى هذه الأخيرة من الفوسفات أو النترات.الضريبة على الزيوت التدفئة أو بأخرى على محتواها من الكبريت الذي يؤدي عند اشتعاله إلى توليد غاز أكسيد الكبريت الضار. رابعا- الرسوم على الخدمات المؤدة: تمثل الإتاوات أو حقوق الاستعمال مقابل النقدي للاستفادة من خدمات بيئية معينة، مثل التوصيل بشبكة المياه الصالحة للشرب، الصرف الصحي، جمع النفايات والتخلص منها معالجة مياه الصرف الصناعي.من حيث المبدأ، فإن عائدات إتاوات أو حقوق الاستعمال لا تدخل ضمن الميزانية العامة للدولة، ذلك لأنها تهدف في المقام الأول إلى تغطية التكاليف الحقيقية لأداء هذه الخدمات بالموازاة مع ضمان حماية للبيئة بشكل أفضل، لهذا فعاليا ما يتم تخصيص هذه الإيرادات لصالح الهيئات والمؤسسات المقدمة لهذه الخدمات. فتسعير مناسب على سبيل المثال المياه الصالحة للشرب أو الكهرباء، يؤدي إلى ترشيد الاستغلال وتجنب التبذير.وتعد الإتاوة على جمع ومعالجة النفايات الأكثر تطبيقا في العديد من الدول وهي تتطلب حتى تكون فعالة الأخذ بعين الاعتبار للحجم الفعلي للنفايات وكذا لبعض العوامل النوعية كثر حيز المواد السامة التي تتواجد ضمن هذه النفايات.المبحث الثالث: التنظيم الفني للجباية البيئيةمن أجل تحقيق الجباية البيئية أهدافها المخططة لها لا بد من توفر مكوناتها والتنسيق فيما بينها بدأ من تحديد وعاء فرض الضرائب البيئية والتحديد الدقيق للمكلف بهذه الضرائب والرسوم والمتسبب في إلحاق الضرر أو تلوث بالبيئة.المطلب الأول: المكلف بالضرائب والرسوم البيئيةيتم تحديد المكلف بالضرائب والرسوم البيئية، وفقا للتشريعات والأنظمة المعمول بها في كل دولة، فهو المتسبب في احداث التلوث البيئي، تدفعنا حداثة مبدأ ملوث الدافع الى بيان مفهومه أولا، ونظرا تأخر المشرع الجزائري في اعتماد نظام تحفيزي المالي البيئي، وجب استعراض هذا التبلور ثانيا. ان المكلف بتحمل أعباء حدوث التلوث البيئي، هو من تسبب في احداثه (أي الملوث)، والذي تم صياغته في المبدأ الشهير الملوث يدفع (principale polluer poyeurle) الذي طرح لأول مرة سنة 1972 من طرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتدخل حيز التطبيق في 14 نوفمبر 1974 ليصبح مبدأ مقترن بكل قوانين البيئية في العالم.وقد تناول المشرع الجزائري لمبدأ الملوث الدافع في المادة 03 فقرة 07 من قانون 10-03 المتعلق بحماية البيئة التي نصت على " أن يتحمل بمقتضاه كل شخص يتسبب نشاطه أو يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة نفقات كل التدابير الوقائية من التلوث والتقليص منه وإعادة وبيئتها إلى حالتها الأصلية ".إن فرض ضريبة بيئية على نشاط المؤسسات الملوثة يؤدي إلى إحداث أثار متعددة على تخصيص الموارد الاقتصادية للمتعاملين الاقتصادين ويصاحب عملية التأثير في السلوك الاقتصادي تفاعل واستجابة الأطراف المعنية (النشاطات الملوثة) بالسياسة الضريبية البيئية والتي تترجم في إحدى الخيارات التالية: 1-نقل العبء الضريبي: في كثير من الأحيان تفرض الضريبة على شخص معين تتوفر فيه الخضوع لها، ويسمى المكلف القانوني، ولا يلبث هذا الأخير أن يعمل جاهدا على التخلص من عبء الضريبة بنقلها إلى شخص أخر تحمله بصفة نهائية ويسمى المكلف الاقتصادي أو الفعلي.وعليه وفقا لمبدأ الملوث يدفع " يكون الملوث هو المكلف المباشر بالضريبة ولكن لا يحول دون أن يستقر عبء الضريبة في نهاية المطاف على غيره" إذ قد يتمكن دافع الضريبة أو المكلف القانوني بها إلى نقل ما دفعه كله أو بعضه إلى الغير ويتوقف ذلك على مرونة عرض وطلب السلعة وبتوفير ظروف معينة على التفصيل التالي: في حالة ما إذا كان الطلب على السلعة مرنا وعرضها غير مرن فتتحمل المنشأة في هذه الحالة الجزء الأكبر من عبء الضريبة ويتحمل المستهلكون الجزء الأقل. أما في حالة ما إذا كان الطلب على السلعة غير مرن وعرضها مرنا فيتحمل المستهلكون هذه الحالة الجزء الأكبر من عبء الضريبة المنشأة الجزء الأقل. فإن عبء الضريبة يتوزع بين المنشأة والمستهلكين بالتساوي تقريبا.