وبهذا الاكتشاف كان العلـم قـد تـجـاوز إنتاج الأدوات التي تخفف من عيد العمل العضلي إلى أدوات تمارس عمليات ذهنية ماهلة يصل البعض منها إلى إنجاز ملايين الحسابات المعقدة في أقل من ثانية، وامتـاز التطور العلمي والتكنولوجي المعاصـر أيضا بظهور فروع علمية جديدة خلال الثلث الأخير من القرن الماضي نتيجة لاتساع نطاق المعرفة النظرية وتشعب مجالاتها وتعدد فروعها وزيادة مدة التخصص العلمي وتطبيق مجاله بسبب التقـدم الهائل الذي حصل للرياضيات العالية والعلوم الطبيعية والأساسية الأخرى حتى منتصف القرن الماضي، فالفترة الزمنية ما بين اكتشاف الورق إلى تحقيقه قد استغرقت زهاء ( سة فيما استعرق تعليق مبادئ التصوير الفوتوغرافي في الصناعة حوالی (12) سنة بین اکتشاف تلك المبادئ نظريا في عام ( 1727 ) وبين استخداماتها التقنية في العادة عام 1839) في الوقت الذي أصبحت هذه الفترة بالنسبة للآلة البخارية لا تتعدى تسعين سنة، باعتبارها إحدى الأدوات الفعالة في الإنتاج والتأثير على إطار وشكل الـمـواد وتغييرهـا الأمر الذي نجم عـن إمكانية العلم الجديد في تجاوز كشف الحواص الخارجية للمادة إلى التغلغل بعيدا في أعماق المادة ( الجامدة والحية ) كجزئيات الذرة والحوامض النووية ومسبر أغوارها وكشف أسرارها عن طريق تطور علوم الفيزياء النووية والفضـاء الـكـونـي والفلـك الراديوي والأحياء الجزيئي، أنه لا يعتمد على جهود فردية عود لفئة ضيفة بل أصبح يعتمد على تعاون مجاميع متعددة من العلماء ومعاونيهم من ذوي الاختصاصات المختلفة الذين قد ينتمون لمختلف الأقطار أحيانا، وأصبحت الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث التجريبي الوطنية ومحطـات الأبحاث الدولية والمعامل وكل المراكز التي يرتبط عملها بالانتاج، وازدادت أعـداد شغيلة العلم لتصبح مئات الألوف من الناس في جميع أنحاء العالم يعملون في البحث العلمي بدلا من اقتصاره على أقلية من المتخصصين و المتفرغين. لـمـا تـسـاهم به في الإسراع في رفع وتاثر النمو الاقتصادي والاجتماعي سواء عن طريـق نـقـل المعرفة النظرية والتكنولوجيـة أو التعاون الثقافي والعلمي وتركيز الجهود المشتركة لـحـل بعض المشكلات،