لقد سلك المسلمون في سبيل نشر هذه الرسالة ثلاثة طرق رئيسية هي: ١- طريق جيوش الفتح الإسلامي التي استطاعت القضاء ومنذ البداية على دولتي فارس والروم، (١). ٢- طريق التجار الذين وصلوا بواسطة البر والبحر إلى العديد من المناطق في كل من آسيا وأفريقيا، ونتيجة للتعامل الطيب والخلق الحسن الذي تحلى به التجار المسلمين فقد تأثر سكان تلك المناطق بهم فاعتنقوا الإسلام وأصبحوا جنداً من جنوده. ٣- كما انتشر الإسلام عن طريق موجات الهجرة التي خرجت من شبه الجزيرة العربية في بداية الدعوة الإسلامية بسبب شح الموارد الغذائية والمائية ، وبسبب صعوبة الأحوال المناخية، إلى مناطق امتازت بالثراء وتوفر الماء والغذاء. وقد حمل هؤلاء المهاجرين على عاتقهم أمانة نشر الإسلام وتبليغه لكل من صادفهم أو التقى بهم. واستمرت حركة الهجرة للمسلمين في العصر الحديث إلى العديد من دول أوروبا وأمريكا وأستراليا طلباً للعلم أو العمل أو التجارة أو كممثلين لبلدانهم، وقد أثر هؤلاء على سكان تلك البلاد فاعتنق بعضهم الإسلام وأصبحوا من دعاته، وهكذا ظهرت الأقليات المسلمة خارج إطار العالم الإسلامي. العوامل الجغرافية التي ساعدت على انتشار الإسلام هناك جملة من العوامل الجغرافية التي كان لها تأثير واضح على كيفية وتتمثل هذه العوامل فيما يلي: 1- الموقع الجغرافي: وحدود فرنسا غرباً، ومعظم المناطق الشمالية والشرقية لأفريقيا، وذلك بفضل الموقع المتوسط لشبه الجزيرة العربية بين قارات العالم القديم ا، كما تتصل قارة آسيا بأفريقيا براً عبر صحراء سيناء، وذلك قبل حفر قناة السويس عام ١٨٦٩م)، بالإضافة إلى وجود علاقات تجارية قديمة بين سكان شبه الجزيرة العربية وأفريقيا، كل ذلك أسهم في سرعة انتشار الإسلام في هذه القارة قبل غيرها. 2- المناخ انتشر الإسلام بشكل سريع في المناطق ذات المناخ المشابه لمناخ شبه الجزيرة العربية، فالانتشار الجغرافي للإسلام امتد من الشرق إلى الغرب بمسافة تزيد على (١٥) ألف كم أكثر من امتداده من الشمال إلى الجنوب، وذلك لأن امتداده من الشرق إلى الغرب ارتبط بدوائر عرض معينة متشابهة، والامتداد جنوباً اصطدم بارتفاع درجات الحرارة وبالتضاريس الاستوائية الصعبة. ولذلك نجد أن من أسباب هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء) جنوب فرنسا هو الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة وتعقيدات المرتفعات الجبلية. كما كان السبب نفسه في فشل المسلمين أكثر من مرة في محاولاتهم فتح القسطنطينية، إلى أن تم فتحها على يد العثمانيين". كما ساعدت الرياح الموسمية - التي تهب بانتظام على المحيط الهندي - في تنظيم الرحلات التجارية البحرية بين سكان شواطئ شبه الجزيرة العربية وسكان شرقي أفريقيا. فهبوب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية خلال الصيف تدفع السفن الشراعية من الساحل الأفريقي إلى سواحل بلاد العرب وبلاد الهند. وهبوب الرياح الموسمية الشمالية الشرقية خلال فصل الشتاء يدفع بالسفن من شواطئ الهند إلى سواحل شبه الجزيرة العربية وسواحل شرق أفريقيا. 3- التضاريس: لا شك في أن للتضاريس أثراً كبيراً في انتشار الإسلام، فالمناطق السهلية المكشوفة ساعدت على انتشار الإسلام بها أكثر من المناطق الجبلية. ولذلك وجدنا أن جيوش الفتح الإسلامي كانت تتجنب المناطق الجبلية كما هو الحال في هذسبة الحبشة بأفريقيا التي كانت تمثل حاجزاً طبيعياً يعوق ويمنع اتصال الساحل الشرقي للقارة الأفريقية بداخلها. وتشمل هذه العوامل ما يلي: 1- طبيعة الشعوب المسلمة : معظم الشعوب التي حملت رسالة الإسلام وقامت بتبليغها كانت شعوب رعوية أو شبه رعوية، وقبائل الصومال والعفر والبجة وقد 2- سماحة الإسلام : لقد احترم الإسلام عقائد الشعوب وكان. فالإسلام يسع الناس جميعاً ويدعو إلى أخوّة البشر فلا عنصرية في الإسلام ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ولم تكن هذه المبادئ مجرد شعارات، ولكنها كانت واقعاً عاشه المسلمون فترابطت الأمة الإسلامية، وصارت الأخوة الإسلامية أوثق وأسمى من الروابط الأخرى. كل ذلك أسهم في اعتناق الشعوب الأخرى هذا الدين الذي يساوي بين الناس على اختلاف أصولهم ومنابتهم. 3- فساد أحوال سكان البلاد المفتوحة عندما جاء الإسلام كانت معظم الشعوب تعاني من الظلم والحرمان والاستبداد من حكامها، فدخل الناس في دين الله أفواجاً بعدما وجدوا فيه العدل والمساواة، وما يلبي حاجات الناس العقلية والقلبية والروحية 4- الهجرات العربية