إلى التركيز أكثر على دراسة المعتقدات الدينية والممارسات المرتبطة بها كمفتاح لفهم النظام الاجتماعي والنظام المجتمعي ككل بالمغرب. وذلك من خلال المقارنة بين أعمال كل من غيرتز وأيكلمان[i]. فإننا نعتقد أن القراءة المتفحصة لدراستي كل من غيرتز وأيكلمان، وعلى مستوى الاستنتاجات العامة التي توصلا إليها. وباعثا في الوقت نفسه صورا عن هذا النظام الكوني فوق مستوى الوجود البشري. والأكثر قابلية لتوظيفه في بلورة المتغيرات السوسيولوجية في شكل مفاهيم إجرائية»[viii]. على الطرح الڤيبري الذي يرى أنه لا تستقيم دراسة الهوية الدينية سوى بتناولها ضمن النسق الديني التي تشكل جزءً منه، بالإضافة إلى السياق الاجتماعي التي تندرج داخله. بمعنى وضعه داخل سياقه التاريخي. فإننا سوف نحاول فيما سيأتي من هذه الفقرة الوقوف على الاستعمال العملي التطبيقي لهذا المنحى المنهجي عند غيرتز وأيكلمان من خلال متنيهما السابقي الذكر. ويرى كل من غيرتز وأيكلمان أن الحضارة الإسلامية بالمغرب قد تشكلت بالأساس عن طريق القبائل المتحركة التي كانت تمثل مركز الثقل الثقافي. ويرى غيرتز أن الإسلام لعب دورا هاما في الحفاظ على الذات والشخصية الاجتماعية أثناء مرحلة الاستعمار، بل حتى غيرتز نفسه في بعض التفاصيل الدقيقة من تاريخ المغرب. إذ يخيل للقارئ أحيانا أن أيكلمان يتفادى التعبير عن مواطن الاختلاف بشكل مباشر وواضح مع غيرتز، اتخذ المنظور التاريخي عند أيكلمان بعدا أكثر إجرائية بالمقارنة مع غيرتز، بيد أن كليهما أثبتا بأن عملية فهم الحاضر تبقى مرتبطة بمعرفة الماضي، الإسلام بالمغرب من منظور غيرتز وأيكلمان معظم دينامية التاريخ الثقافي المغربي. ويستشهد أيكلمان بـِغيرتز قائلا: « فكما جاء عند كليفورد غيرتز بهذا الصدد: تشكل الرموز الدينية قاعدة مشتركة منسجمة بين أسلوب الحياة وميتافيزيقا خاصة (غالبا ما تكون مضمرة)، وقد بيَّن أيكلمان كيف أن المغاربة يعطون قيمة كبرى لخصوصية تنظيمهم الاجتماعي وحسهم المشترك اللذين يتميزان بنوع من الواقعية والمرونة الاجتماعيين. غيرتز وأيكلمان: مواطن الائتلاف والاختلاف بيد أن هذا لا يعني أيضا أن إحداهما هي إعادة صياغة للأخرى (وبالأخص أطروحة أيكلمان المتأخرة زمنيا على أطروحة غيرتز). نجملها فيما يلي: حيث إن غيلنر وهارت وكل الباحثين الذين حذوا حذوهما عمدوا إلى اختيار مناطق قبلية معزولة وبعيدة عن كل أشكال التأثير الخارجي، ليست “ميدل ثاون المغرب” على حد تعبير أيكلمان نفسه – أي مدنا تجمع كافة خصائص المدينة المغربية – فإنهما ، – أهمية وحجم دور السلطة المركزية في إعادة إنتاج الأفكار والتنظيمات الدينية وتوجيه الحماس الديني للمغاربة. وهنري منسون جينيور – ينعتون دراساته حول الدين بأنها تعاني من “التفاوت الكبير بين التنظير والتطبيق”[xix].