العلاقة بين الوظيفة الدينية وحياة المدن علاقة قديمة وثيقة ، قالدين بطبيعته عملية جماعية ، ولابد من المتركز النووى . ولهذا كان - المدين عاملا أساسيا في نشأة كثير من المدن . وكلما ضربنا أبعد في التاريخ ، كلما اشتدت هذه العلاقة . فعند السومريين كما يرى البعض - لم تؤسس المدن لا للحكم ولا للتبادل وانما للعبادة . كذلك فللمدن صبغة دينية عند الأشوريين والمصريين ففى مصر كانت تسمى بأسماء الآلهة : مثلا بوصير ، برمانتو Permantou ) بيت أوزيس ، بيت منتو على الترتيب ) ونوت أمون ( مدينة أمون ) . وحين أتى الاغريق لم يفعلوا سوى أن أحلوا أسماء الآلهة الاغريقية : أبولينوبوليس ، وفي اليونان نفسها بدأت أثينا كمعبد للالهة أثينا وفي العصور الوسطى في أوربا لم تفلت مدينة تقريبا من الأصل الديني ، وكانت المدن مراكز اشعاع ونشر المسيحية في الموسط الموثني ، فكانت المدن تقابل بالريف كنقيضين دينيين . من هنا كانت urbani هي المدن التي اعتنقت المسيحية ، بينما paiens pagani ومنها pays الريف ) هي الريف الذي لم يزل وثنيا . بل ان المذى حفظ تقليد المدن لأوربا خلال فترة المعصور الوسطى المظلمة وأعاد بناءها بعدها هي الكنيسة ، اذ لم يستثن انحدار الحضارة واندثار المدن الا النوايا الكنسية التي ظلت تجمع بعض السكان حولها حتى عادت الى النمو بعد النهضة . ومن هنا كلمة مدينة في الملغات الأوربية : cité Stadt ، city ، فالأولى ما كانت مركزا الأسقفية وبها كاتدرائية، والثانية ما ليست . هذا وقد كان لكل مدينة قديسها الحامي .