ثم على أولادهم وأولاد أولادهم فهل يعتبر في فريق أولاد الأولاد ما اعتبر في فريق الأولاد الطيبين من تفضيل الذكر على الأنثى في القسمة أم لا، بل يقتصر فيه على أولاد الصلب وتكون القسمة بين الفريق الآخر بالتسوية والزياح في بيان الجواب من الأول، أما كون ذلك القول في المعطوف عليه بالمعنى الذي تقرر فأوضح في أن يبين ولا يقدح في أصل نيته استقلاله إذ لم يأخذوا عدم الاستقلال قيل في القيد، كيف والأصوليون كافة على تسمية المستقل مخصص العام بل مشهور طريقة أصحابنا قصر مخصصه عليه ولا توقف في أن مخصص العام قيد وما يقال من أنه لا عام معنا حتى يكون القول المذكور مخصصه فيكون قيدا إذ هو في الحقيقة قيد لعامل المعطوف عليه ومن جنس الذي هو فعل، وقد نقل في الآيات البينات عن ابن قدامة أن الفعل مطلق ليس بعام وصرح أصحابنا بنفي عمومه حتى قالوا لا تصح نية التخصيص فيه كما هو مذكور في فصل مسائل الأمر (==) الفصول العمادية مرفوع بحل المحلي قول جامع الجوامع المطلق والمقيد كالعام والخاص بقوله فما جاز تخصيص العام به يجوز تقييد المطلق به لأنك قد عرفت الإجماع على تخصيص العام بالمستقل فيجوز في الفعل إذ كان مطلقا تقييده به، وأمّا كون قيد المعطوف عليه يعتبر في المعطوف فمذكور في غير واحد من كتب أصولنا من ذلك ما في شرح البديع للسراج الهندي في الجواب عن استدلال الشافعية على أن المطلق يحمل على المقيد في كلامه تعالى مع اختلاف الحادثة من غير جامع لوحدة كلامه جل وعلا، فيكون الثابت في صورة ثابتا في غيره كما من غيره دليل خارج كما في قوله تعالى (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات) إذ قال وإنما حمل والذاكرات على الذاكرين فلا نسلم أنه من غير دليل بل العطف وعدم استقلاله بنفسه أوجب المشاركة ليتم بما يتم به، ولو لم يقتل بمسلم على ما قال الحنفية المعطوف جملة ناقصة فيقرر رجم الأول فيما تجوزا به عن المتعلقات فنحو ضربت زيدا يوم الجمعة وعمرا يلزم تقييد عمر به ظاهرا، ووجهه أن العطف لتشريك الثاني في المتعلق وهو عدم قتله بكافر وإن شركه النحاة في العامل ولم يأخذوا القيد فيه لاكن هذا حق وهو لازمهم فإن العامل مقيد بالفرض فشركته فيه توجب تقييده مثله انتهى موضع الحاجة منه، وفي أحكام القرآن للرازي في الكلام على قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) معناه "فافطر" فعدة من أيام ويدل على أن ذلك مضر فيه، وقد ظهر من كلامهم أنّ موضوع إجراءهم قيد المعطوف عليه في المعطوف أمر (===) كون العقب عطف المفردات، لأنهم علاوة بعدم استقلال المعطوف بنفسه وكونه جملة ناقصة محتاجة لتتميم ما تم به الأول، واقتضاء العطف التّشريك في عامل المعطوف عليه وكل ذلك لا يجري في عطف الجمل لكونها بالضر من ذلك كلهّ نَعَمَ المراد بالمفرد ما هو أعم مما هو بالفعل أو بالقوة كالجمل التي لها محل من الإعراب لتصريحهم من فرعها موقع المفرد فإن زيد قام أبوه في قوة زيد قائم الأب، وجاء الذي أطعمته يوم الجمعة وكسوته يلزم تقييد الكسوة بالضرف كالإطْعام وبالجملة كل جملة خرجت عن التّمام حكمها حكم المفرد كان لها محل أم لا فلا يبقى خارجا عن موضوع المسألة سوى عطف الجمل المستقلة وبهذا يظهر أن لا مناجاة بين أطيافهم في الأصول على إجراء قيد المعطوف عليه في المعطوف، وإجماعهم في الفروع على إجزاء تكفير المُظاهر بالإطعام بعد المسيس المبني على قصر التّقييد في الآية: ب(مِن قبل أن يتماسا) على المعطوف عليه وهو التكفير بالعتق والصيام وعدم إجراءه في المعطوف الذي هو التكفير بالإطعام لكون العطف فيهما من عطف الجمل المستقلة فلم يبق طريق لتقييد التكفير بالإطعام فذلك القيد حمل المطلق على المقيد لو يتم لكان لا تمام له على قواعدنا شروطه وهو اتجاه الحادثة لأن حادثة الاطْلاق التّكفير بالإطعام وحادثتي التّقييد التكفير بالعتق والصيام اذ حمل المطْلق على المقيد لا يرتكب عندنا إلّا لضرورة دفع التّناقض وأي تناقض بيْن أجزاء الأول إذا وقع بعد المسيس وعدم أجزاء الاخرين إذا وقعا كذلك، والأمر الثاني كون القيد قيد عامل المعطوب عليه لتوجيه صاحب التّحرير ذلك بقوله: 'فإن العامل مقيد بالفرض مع التمثيل بنحو ضربت زيدا يوم الجمعة وعمرا إذ لا شبهة في أن الضّرب قيد لنفس الضرب إذ هو مضر وبه دون زيد وعمر وفي أنفسهما وكونه قيد الضر بهما أو ضربت أحد مما لا يخرجه عن كونه قيد عاملهما ثم هو وإن مثل بالقيد المتوسط بين المتعاطفين فلم يرد به التّخصيص بديل اللفظ يدل على رجوع المتوسط للثّاني بعبارة النص وغيره بدلالته أما المتقدم على المتعاطفين دون العامل نحو ضربت يوْم الْجمعة زيدا وعمراً ووقفت (للذكر مثل حظ الأنثيين) على أولادي وأولادهم أو عليهما وعليه كيوم الجمعة ضربت زيدا وعمراً أو على الفريضة الشرعية وقفت على أولادي وأولادهم عيالا (===) إذ تقييد العامل فيهما وقع ابتداء فما تسلط على شيء من المعمول المقيد وأما المتأخر عن الكل كضربت زيدا وعمرا يوم الجمعة ووقفت على أولادي وأولادهم (للذكر مثل حظ الأنثيين) فبالمساوات فيما يظهر لأنّه بالتّأخر لا يخرج عن كونه قيدا للعامل وإذا كان كذلك والعامل واحد في المتعاطفين يجيئ فيه قاصر ولا يلزم تبعية الأول للثاني في التقييد حتى يخرج فيه بتضمنه صيرورة المتبوع تابعا والتابع متبوعاً لأنّهما إنّما تلزم لو اعتبر الترتيب بينهما في التقييد بحيث يلاحظ التّسلط على الثاني أولا ثم يتبعه الأول فيه وليس كذلك بل هو ملاحظ في العامل بعد تسلطه عليهما بغاية ما يلزم تقارنهما في التقييد ولا ضير فيه ولا يقاس هذا بالصفة المتأخرة حيث لم ترجع للجميع عندنا بل هي مختصّة بالأخير كما نصّ عليه في التحرير إذ قال في الوصف وفي تعقبه متجردا كتميم وقريش الطوال كالاسْتثناء والاوْجه الاقْتصار لأنّها ليست من قيود العامل بل المعمول لأنّه موْصوفها وإن لزم من ذلك تقْييد الْعامل ضمنا لأن الاعتبار عندهم بالقصديات لا الضمنيات، وأيضاً لو لم تقصر عليْه للزم محذور قلب الْموضوع إذ لا محيص حيث كانت قيدا للمعمول عن أن يقيد به الثاني لقربه فإذا قيل يجرها للأول أيْضا لم يكن ذلك إلا ما له بتبعيته للثاني وهو القلب بعينه وغير خافٍ أن قصرها على المعطوف حتّى لا يكون حكم الأول مقيدا بها إنّما هو في عطف أمر المتباينين على الآخر إما في عطف العام على الخاص فما يتضمن اندراج الأول تحت الثّاني كوقفت على أولادي وذريتي الذكور يلزم تقييد استحقاق الطيبين بوصف الذكورية لأنّه وإن لم يرجع الوصف إلّا للذرية إلا أن مذلول ذلك اللّفظ لما كان من مشمولاته الطيبون تقيدوا بتقييده فما جاءهم التقييد من العنوان عنهم بالأولاد أولا بل من العنوان بالذرية ثانيا لا يُقال لفظ الذرية وإن كان صادقا على الطيبين بأصل الوضع لاكن المراد به بعد عطفه على الأولاد من عداهم لاقتضاء العطف المغايرة لأنّا نقول ممنوع بل المراد معناه وإلا لما كان من عطف العام على الخاص والمغايرة حاصلة بالعموم والخصوص، قلت: أما الأولى فلي فيها تردد إذ لم أقف على الكلام عليْها في كتب أصولنا، نعم أفاد السبكي في جمع الجوامع أن المختار رجوعها للكل كالمتأخرة والاستثناء، إذ في الاستيعاب ولو قال على إناث ولدي وولد ولدي يكون للإناث من ولده دون ذكورهم، وللإناث من ولد ولد الذكور والإناث فإنه حرم ذكور ولد الولد، ولو قال على الذكور من ولدي وعلى أولادهم بمعنى الذكور من ولده لصلبه ولولد الذكور إناثا كانوا أو ذكورا دون بنات الصلب فلا تعطى البنت الصلبية وتعطى بنت أخيها إذْ لو لم يكن طريق تقييد المعطوف بقيد الأنوثة في الصورة الأولى هو العطف على المضاف اليه بل إجراء قيد المعطوف عليه في المعطوف يجري قيد الذكورة في المعطوف في هذه أيْضا وحرمت بنت الأخ كالصلبية ومع هذا فلقائل أن يقول عدم أجره إجرائه هنا لعارض وهو إعادة كلمة على في المعطوف فإنه لا فائدة لها سوى الإشارة الى نوع استقلال للثّاني وعدم كمال تبعيته للأول فلا يلزم تقييده بما تقيد الأول به فتجاذب هذه الاحتمالات هو ثمار التردد، وظاهر نقل التحرير عن الحنفية أن العطف يقتضي مشاركة المعطوف للمعطوف عليْه في المتعلق يعطي أن رأيهم فيها مقابل ما هو مختار جمع الجوامع لكون الصفة من متعلقات الموصوف لا كنك عرفت أن مقتضى توجيه صاحب التّحرير قصر ذلك على ما هو متعلق العامل والصفة ليست كذلك فيكون رأيهم فيها مختار ابن السبكي من اختصاص بما وليتْه ولعل ذلك منشأ وَهْم صاحب الخيرية إذ أجاب في نظير نازلتنا فما القيد فيه قيد للْعامل وهو وقف على أولاده فلان وفلان وفلانة على الفْريضة الشّرعية ثمّ على أولادهم الخ بقسمته بين أولاد الأولاد بالتّساو في ذكورهم وإناثهم معللا فإن قيد التفاضل إنما ذكر في الأعيان فلا يجر به فيمن عطف عليْهم من أولادهم وقد علمت أنه خلاف قوْل الحنفية بأسرهم فلا ينبغي الالتفات إليه.