مفهوم الثقافة الإسلامية[1] نشأ مصطلح الثقافة الإسلامية في العصر الحديث، ومر بتطورات فرضت واقعها على المفهوم. هذا الواقع أنتج اتجاهات؛ كل واحد منها صاغ مفهوما يعكس تصوره للثقافة الإسلامية. ومن أوائل من كتب في هذا الموضوع د. رجب سعيد شهوان في كتاب بعنوان "دراسات في الثقافة الإسلامية"، وقد حاول هو ومن شاركه في التأليف التنظير لمفهوم الثقافة الإسلامية بطريقة أقرب إلى التجريدية منها إلى الواقعية من الناحية الإجرائية التي انطلقوا منها في تعريف الثقافة الإسلامية، فعلى سبيل المثال قاموا باستنباط ثلاثة اتجاهات لواقع الثقافة الإسلامية وهذا شيء جيد، ولكن يلحظ أن تعريف الثقافة الإسلامية لكل اتجاه لم يصدر عن أصحاب الاتجاه نفسه، وتضع له تعريفا، والملم بأبعاده وموضوعاته. الخ؛ حتى يخرج التعريف جامعا مانعا؛ لذا أجد أن بعض التعريفات لم ترق إلى المستوى الذي يعرف بالاتجاه تعريفاً دقيقاً. ذكر د. وتاريخ، وحضارة، وقيم، وأهداف مشتركة". وقد عرفت الثقافة الإسلامية على هذا الأساس بأنها: "معرفة مقومات الدين الإسلامي، الاتجاه الثالث: يرى أن الثقافة الإسلامية مصطلح يعبر عن علم جديد، والأمة الإسلامية، وقد عرفت الثقافة الإسلامية على هذا الأساس بأنها: "معرفة التحديات المعاصرة، وإنما حاول تمثلها من اشترك في تأليف الكتاب الذي وردت فيه. ظهرت دراستان أكثر جدية وموضوعية، اهتمتا بمصطلح الثقافة الإسلامية، قديم موضوعا وتأليفا، هاتان الدراستان حاولتا جاهدين التنظير للعلم تعريفا وتقسيما على أساس أن الثقافة الإسلامية علم معياري مثله مثل علمي العقيدة والفقه. في نظم الحياة كلها، وقد حلل التعريف؛ بذكر محترزاته، الدراسة الثانية هي نتاج عمل جماعي، لمجموعة من الأساتذة المختصين في علم الثقافة الإسلامية، بقسم الثقافة الإسلامية، في كلية الشريعة، عرفت الثقافة الإسلامية فيه بأنها: "العلم بمنهاج الإسلام الشمولي في القيم والنظم والفكر ونقد التراث الإنساني فيها"[4]، فخرج المفهوم منضبطا ودقيقا، وأجمع من سابقه؛ الذي تحدد فيه وظائف العلم؛ بينما الثاني اشتمل على الجانب التأصيلي، والنقدي للتراث الإنساني. حاولت جاهدة، أن تربط مفهوم الثقافة الإسلامية بوصفها علما، والفن، والقانون، وبالتحقيق في الدراسة؛ وفقا لتصور أ. إنما بني على تصور جزئي لمفهوم الثقافة في الفكر الغربي، وأقرب تعريف للتصور الذي خرج به، وبنى عليه؛ هو تعريف إدوارد تيلور للثقافة بوصفها أسلوب حياة، وليس علما، حيث قال: الثقافة هي: "ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعرف والعادة وكل المقومات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع"[7]. د. عبد الرحمن الزنيدي الذي بنى عليه تعريف علم الثقافة الإسلامية، وبين تعريف علم الثقافة في الفكر الغربي؛ حيث بدا جليا، د. عبد الرحمن الزنيدي لعلم الثقافة؛ ولم يقل بذلك أحد ممن سبقه لا في الفكر الغربي - الذي سبق في التنظير لعلم الثقافة - ولا في الفكر الإسلامي. ومن الممكن عزو هذا التصور لدى أ. د. عبد الرحمن الزنيدي إلى عدد من الأسباب؛ منها: 2- تأثره بمفهوم الأيدولوجيا في الفكر الغربي حيث عرفت على أنها: "الأصول العامة في الوجود والإنسان ونظم الحياة المختلفة سواء كانت عقدية أو سلوك أو اجتماعية" الذي اعتبرها أ. د. عبد الرحمن الزنيدي مصطلحا على أقل تقدير يتقاطع تقاطعا كبيرا، إن لم يتماثل مع مصطلح الثقافة بوصفها علما، وفق تعريفه هو، وبين مصطلح علم الثقافة في الفكر الغربي من حيث التعريفين السابقين نلحظ البون الشاسع بينهما. المطبق في قسم الثقافة الإسلامية، منذ تأسيسه بكلية الشريعة، وقيما؛ بصورة كلية شمولية، فإن مفهوم علم الثقافة الإسلامية- كما عرف سابقا-؛ في بداية صراعها مع القوميات والنزعات التحررية -وبقي هذا المفهوم مراوحا مكانه-، والأفهام تختلف باختلاف المجتمعات وبيئاتها، بل مجتمعات، تنوعت أفهمها؛ بناء على تنوع مذاهبها العقدية، والفقهية؛ وبناء على ذلك تنوعت ثقافاتها التي هي انعكاس لأساليب حياتها الفكرية والاجتماعية، وإن توحدت على ثوابت معينة، فإنها تختلف فيما بينها في تفسير كثير من النصوص التي تبنى عليه أسلوب حياتها؛ وبناء على ما سبق؛ أقترح تطوير مفهوم علم الثقافة الإسلامية، بحيث يتحول من كونه علما معياريا-الذي أوقعه في كثير من الإشكاليات مع بعض التخصصات الشرعية والإنسانية-، إلى كونه علما تفسيريا، وفق التعريف الغربي السابق، وبهذا يتحرر من إشكالية الالتباس بغيره من التخصصات المشار إليها أولا، وكذلك يختص بدراسة الظواهر الثقافية العامة والخاصة، بسبب الإفراط والتفريط (التعصب والتساهل)، متخصصة، وقس على ذلك الظواهر الثقافية الخاصة بكل مجتمع من المجتمعات الإسلامية.